46/05/21
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 1): الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتية (1) إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآله، وأما في الأولتين من الجهرية، فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأولى الإنصات وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتى الهمهمة جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع [1]
حكم قراءة المأموم في الجماعة
1- كان الكلام في صحيحة سليمان بن خالد المستدل بها على الجواز في محل الكلام وقلنا بأنّ الاستدلال بها يتوقف على أمرين
الاول: أن نفسر عبارة (وهو لا يعلم أنّه قرأ) بعدم سماعه قراءة الامام حتى تشمل محل الكلام، والا فلو ابقيناها على ظاهرها من الشك في كون الامام قرأ أو لا، فهي تدل على الجواز في صورة الشك ولا ملازمة بين الالتزام بجواز القراءة في صورة الشك في قراءة الامام وبين الالتزام به في محل الكلام
الثاني: البناء على ظهور لفظة (لا ينبغي) في الجواز مع الكراهة
وكل منهما محل كلام، فقد استشكل في الأمر الأول بأنّه خلاف ظاهر العبارة، وحاول المستدلون بالرواية دفعه بوجوه:
الوجه الاول: إنّه لا يمكن حمل الرواية على ظاهرها لمنافاته لعدالة الامام، فلا بد من حمل الرواية على عدم السماع
وأجيب أولاً بأنّه يمكن تصور الشك في قراءة الامام بنحو لا يلزم سلب التدين والعدالة عن الامام بحمل الرواية على الشخص الذي دخل الجماعة مع عدم علمه بأنّ الامام في الركعة الاولى والثانية أو أنّه في الثالثة والرابعة فيجوز أن يقال أنّه شكّ في قراءة الامام من دون أن يلزم الطعن على إمام الجماعة
وثانياً بأنّ الرواية ظاهرة في المفروغية عن قراءة الامام لظهور قوله ((يكله الى الامام)) في ذلك، قال في المستمسك[2] إنّ المراد منه الاجتزاء بقراءة الامام لا مجرد إيكال أمر القراءة اليه وإن لم يقرأ، ووافقه ذكر السيد الخوئي[3] (قده) على ذلك، فلا شك في قراءة الامام، فنحملها على نفي العلم عن طريق السماع بقراءة الامام
وقد يقال كيف يصار الى التفسير الذي يتوقف عليه الاستدلال بالرواية مع عدم وجود قرينة عليه ومع الاعتراف بأنّه على خلاف ظاهر الرواية
وجوابه إنّ القرينة هي ما ذكره العلمان (قدهما) من أنّ قوله ((يكله الى الامام)) ظاهر في الفراغ عن قراءة الامام وأنّ المأموم يجتزي بقراءته
الاشكال الثاني: المنع من ظهور لفظة (لا ينبغي) في الكراهة، فذكر السيد الخوئي[4] (قده) انه لا ظهور لها في الكراهة بحسب المعنى اللغوي بل هي ظاهرة في التحريم فهي تساوق المنع لأنّ المعنى اللغوي لها هو لا يتيسر ومنه قوله تعالى ﴿لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ فجعل الرواية من أدلة التحريم متعين
وقد كرر هذا في أكثر من مورد
وتقدم منّا أنّ الظاهر من موارد استعمال هذه الكلمة في الكتاب الكريم أنّ معناها مساوق للفظة يناسب ولا يناسب أو يصلح ولا يصلح بمعني الشأنية وعدم الشأنية، لا بمعنى يتيسر ولا يتيسر
كما في قوله تعالى ﴿و ما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ أي ليس من شأنه أن يتخذ ولداً
وقوله تعالى ﴿وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ أي لا يناسبه قول الشعر وهو النبي المرسل (صلى الله عليه واله) لا بمعنى سلب القدرة عليه
وقوله تعالى ﴿قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ﴾ أي ليس من شأننا أن نتخذ من دونك أولياء، فهو ليس أمراً غير ممكن وغير متيسر
وأمّا قوله تعالى ﴿لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾[5] فقد يفهم منها عدم التيسر ولكن الظاهر أنّ ذلك لا يتنافى مع ما ذكرناه من المعنى، فيمكن ارجاعه الى المعنى الذي ذكرناه بأنّ يراد أنّ الشمس ليس من شأنها أن تدرك القمر بحسب الوضع التي هي فيه بالنسبة الى القمر
فمعنى لفظة لا ينبغي هو لا يناسب كما ذكرناه، خصوصاً اذا التفتنا الى كلمات بعض اللغويين
كما في مجمع البحرين (يقال: " ما ينبغي لك أن تفعل كذا " أي ما يصلح لك ذلك. وفي المصباح: حكي عن الكسائي انه سمع من العرب: " وما ينبغي أن يكون كذا " اي ما يستقيم وما يحسن)[6]
وفي تاج العروس نقل عن الزجاج انه قال( انْبَغَى لفلانٍ أَنْ يَفْعَل، أَي صَلَحَ له أَنْ يَفْعَل كذا)[7] وحينئذ يكون معنى لا ينبغي له أن يقرأ خلفه أي لا يناسبه ولا يصلح له ذلك، والظاهر أنّ هذا أعم من الكراهة والتحريم لأنّ كلاً منهما لا يناسب الانسان المؤمن، فليس من شأن الانسان المؤمن أن يفعل ما يبغضه المولى وإن كان عدم كونه مناسباً له في الحرام أوضح منه في المكروه
وبناء على هذا ليس في العبارة ظهور في التحريم أو الكراهة، وإثبات أيّ منهما بحاجة الى قرينة
ومن هنا قد يقال بأنّ قوله (عليه السلام) بعد ذلك ((يكله الى الامام)) دليل على التحريم ولزوم إيكال أمر القراءة الى الامام، فاذا استفدنا منها وجوب إيكال القراءة إلى الإمام تكون الصحيحة ظاهرة في التحريم
وعلى كل حال فالصحيحة ليست من أدلة الجواز
الرواية الثانية: رواية إبراهيم بن علي المرافقي وعمرو بن الربيع البصري ، عن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، أنّه سئل عن القراءة خلف الإِمام فقال : ((إذا كنت خلف الإِمام تولاّه وتثق به فإنّه يجزيك قراءته ، وإن أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما تخافت فيه ، فإذا جهر فأنصت ، قال الله تعالى : ﴿وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾))[8] وفيها ظهور في الجواز ولكنها غير تامة سنداً في جملة ممن ذكر في سندها
الرواية الثالثة: صحيحة علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإِمام ، أيقرأ فيهما بالحمد ، وهو إمام يقتدى به ؟ فقال : ((إن قرأت فلا بأس ، وإن سكت فلا بأس))[9]