« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

46/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 إذا شك في حدوث البعد في الأثناء/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ إذا شك في حدوث البعد في الأثناء

(مسألة 23): إذا شك في حدوث البعد في الأثناء بنى على عدمه (1)، وإن شك في تحققه من الأول وجب إحراز عدمه إلا أن يكون مسبوقا بالقرب، كما إذا كان قريبا من الإمام الذي يريد أن يأتم به فشك في أنه تقدم عن مكانه أم لا [1]

1-الفرع الاول: إذا شك في حدوث البعد في الأثناء، يجري استصحاب العدم المفروض تحققه في المقام باعتبار أنّ الشك في حدوث البعد في اثناء الصلاة فيجري استصحاب عدم البعد، أو استصحاب بقاء الاتصال بين الصفوف

الفرع الثاني: إن شكّ في تحقق البعد من الأول

ويمكن تفسير عبارة الماتن بتفسيرين

الاول: انّه شكّ في الاثناء بتحققه من الأول فيكون هذا في قبال الفرع الاول وهو ما اذا كان الشك في تحققه في الاثناء

الثاني: اذا شك من الأول بتحقق البعد، فيكون الشك موجوداً قبل دخوله في الصلاة

والتفسير الاول هو الانسب بعبارة المصنف، واذا كان غير مسبوق بعدم البعد فإنّه لا يجوز له الدخول في الصلاة الّا بعد احراز عدمه

والظاهر أنّه لا بد من احراز عدم البعد لأنّه شرط في صحة الجماعة، وكذا على القول بأنّ البعد مانع من صحة الجماعة

فإنّه في مقام الامتثال لا بد من احراز وقوع صلاة الجماعة مع شرطها أو مع عدم مانعها والا فلا يقين بفراغ الذمة عما اشتغلت به، فكما يجب في مقام الامتثال احراز تحقق الشرط كذلك يجب احراز عدم المانع من الصحة، والاحراز اما أن يكون بعلم أو بعلمي أو بأصل كما اذا كان مسبوقاً بالقرب

وفرّق السيد الخوئي[2] (قده) بين الشرطية وبين المانعية، وذكر أنّ ما ذكره السيد الماتن (قده) من لزوم احراز عدم البعد انما يصح بناء على أنّ عدم البعد شرط في صحة الجماعة إذ يجب احراز الشرط في مقام الامتثال عملاً بقاعدة الاشتغال ولا يمكن احرازه بالاستصحاب لأنّ المفروض في المقام هو الجهل بالحالة السابقة، ولا يثبت تحقق الشرط أي وقوع الصلاة مع عدم البعد باستصحاب العدم الأزلي الّا على القول بالأصل المثبت

واما بناء على أنّ البعد مانع فلا يجب احرازه لجريان أصالة البراءة عن المانعية لما مرّ من أنّ المرجع في امثال المقام هو البراءة حتى في الشبهة الموضوعية لأنّ المانعية انحلالية بعدد موضوعاتها، فتقيّد الجماعة بعدم وقوعها مع هذه المسافة التي يشكّ في بلوغها ما لا يتخطّى زائداً على المقدار المتيقّن بلوغه ذاك الحدّ مشكوك من أوّل الأمر، فيرجع في نفيه إلى أصالة البراءة

وقد يقال في المقابل بأنّه لا فرق بين الشرط والمانع فكما يجب احراز الشرط في الجماعة في مقام الامتثال والّا كان الشك في تحقق الامتثال وهو مجرى لأصالة الاشتغال كذلك يجب احراز عدم المانع فيها

وكون الشرط أمر عدمي لا يمكن إحرازه بالاستصحاب لعدم الحالة السابقة، ولا بالأصل الازلي والّا كان مثبتاً وأنّ المانع يمكن احرازه بأصالة عدم المانع لا يصلح للتفريق بينهما

فإنّ مرجع أصالة عدم المانع الى الاستصحاب وليست أصلاً مستقلاً في قباله، فاذا منعنا الاستصحاب فلا بد من منع أصالة عدم المانع

نعم، ذكر السيد الخوئي (قده) إنّ الشك في المانعية بنحو الشبهة الموضوعية يدخل في الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين وهو مجرى للبراءة، فتجري البراءة لنفي مانعية المسافة التي يشك بلوغها الحدّ المانع

ولكن هذا الكلام اذا تم يجري على القول بأنّ عدم البعد شرط في الجماعة فإنّ الشك في تحقق الشرط بنحو الشبهة الموضوعية فيدخل في دوران الأمر بين الأقل والأكثر فإنّ الشرطية انحلالية كالمانعية والمفروض فيها أنّ الشبهة موضوعية فتدخل في كبرى دوران الأمر بين الأقل والأكثر، فالأمر يدور بين أن تكون صلاة الجماعة مشروطة بعدم البعد الذي يعلم بلوغه الحد المانع فقط أو أنّها مشروطة به وبعدم ما يشك في بلوغه هذا الحد، فتجري البراءة لرفع الزائد على القدر المتيقن

والحاصل إنّه لم يتضح وجه الفرق بين المانعية والشرطية من هذه الجهة، فاذا قلنا بأنّه على المانعية لا يصح كلام السيد الماتن (قده) أي لا يجب احراز عدم البعد لجريان البراءة، يجب أن نقول ذلك على الشرطية أيضاً

مضافاً الى أنّ ما ذكره مبني على افتراض أنّ الجماعة عدل للواجب التخييري وأنّ الواجب هو الجامع بين الصلاة الفرادى والجماعة، فنشك هل الجماعة مقيدة بأن لا تقع مع البعد الذي يشك في كونه مانعاً أو لا، بعد اليقين بأنّها مقيدة بعدم البعد الذي يعلم كونه مانعاً فتجري البراءة لنفي الزائد

وأمّا على القول بأنّ الجماعة مستحبة يسقط بها الواجب أي الصلاة مع القراءة فاذا شككنا في اعتبار شيء في الجماعة بنحو الشبهة الموضوعية أو الحكمية فمرجع الشكّ يكون دائماً الى الشك في المسقط، أي في تحقق الامتثال وهو مجرى أصالة الاشتغال

فالصحيح هو ما ذكره السيد الماتن (قده) من وجوب احراز عدم البعد في المقام سواء لوحظ عدم البعد على نحو الشرطية أو على نحو المانعية

نعم، اذا كان الشك في تحقق البعد قبل الدخول في الصلاة فلا يجوز الدخول الا بعد احرازه، أي يفحص الى أن يتيقن بعدم البعد

وأمّا لو كان الشك في الاثناء فلا بد من احرازه، بأن يتم صلاته رجاء ويفحص فإن أحرز عدم البعد صحت صلاته جماعة وإن أحرز البعد تبطل صلاته جماعة


logo