« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

46/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

/ اشتراط أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف/صلاة الجماعة

 

الموضوع: صلاة الجماعة/ اشتراط أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف/

 

الرابع: أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، فلو تقدم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته إن بقي على نية الائتمام(1) والأحوط تأخره عنه وإن كان الأقوى جواز المساواة ولا بأس بعد تقدم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في ركوعه وسجوده لطول قامته ونحوه، وإن كان الأحوط مراعاة عدم التقدم في جميع الأحوال حتى في الركوع والسجود والجلوس والمدار على الصدق العرفي[1] .

 

1-قلنا بأنّ المستفاد من بعض الأدلة أنّ الشرط هو عدم تقدم المأموم على الامام، ولذا عبر الفقهاء في المتون الفقهية عن الشرط بعدم تقدم المأموم على الامام كما هو الحال في المتن

وهناك طائفة أخرى يفهم منها أنّ الشرط هو تقدم الامام على المأمومين

ويقع الكلام في وجود تناف بين الطائفتين

ويمكن أن يقال بأنّه لا توجد منافاة بين الطائفتين باعتبار أنّ ما دلّ على اشتراط تقدم الامام على المأمومين مرجعه الى اشتراط عدم المساواة بينهما؛ لأنّ تقدم المأموم على الامام يعني تأخر الامام عن المأمومين فلا تتحقق الجماعة لأنّ قوامها بتقدم الامام، فلا يوجد تنافي بين الدليلين

نعم، اذا بقينا نحن وأدلة اشتراط عدم تقدم المأموم فقط يمكن القول بجواز المساواة حينئذ، باعتبار أنّ الدليل دلّ على اشتراط عدم تقدم المأموم على الامام ولا دليل على اشتراط عدم المساواة

ثم إنّ اشتراط تقدم الامام الراجع الى اشتراط عدم المساواة وإن كان يغني عن اشتراط عدم تقدم المأموم على الامام، الا أنّه لا يمنع من اشتراط عدم تقدم المأموم في أدلة أخرى خصوصاً اذا كان هذا هو محل النظر أو مورد السؤال في تلك الأدلة

فالصحيح هو اشتراط تقدم الامام بالمعنى الأعم من التقدم التام أو التقدم القريب

الفرع الثالث: ماذا يترتب على المخالفة؟

فاذا خالف المأموم وتقدم على الامام فهل يحكم ببطلان جماعته فقط أو يحكم ببطلان صلاته أيضاّ؟

وتارة نفترض أنّ المأموم المخالف كان ينوي الانفراد بهذا التقدم مع فرض جواز هذا الانفراد، وأخرى نفترض أنّه تقدم بنية البقاء على نية الائتمام

أمّا لو نوى الانفراد بتقدمه فلا بد أنّ نفترض أنّه كان عامداً في تقدمه إذ لا يتصور التقدم ساهياً مع نية الانفراد بتقدمه، وهنا تارة نفترض أنّه جاء بوظيفة المنفرد وأخرى نفترض أنّه أخلّ بوظيفة المنفرد

والفرض الأول كما اذا التحق بالجماعة والامام في الركعة الثالثة وقد أتى بالقراءة ثم تقدم بنية الانفراد ففي هذا الفرض تبطل جماعته وتصح صلاته

أمّا أنّه تبطل جماعته فلوضوح اشتراط عدم تقدم المأموم على الامام في صحة الجماعة، وأمّا صحة صلاته فلأنّه لا موجب لبطلان الصلاة لأنّ المفروض جواز الانفراد كما أنّ المفروض أنّه لم يخلّ بوظيفة المنفرد، فتصح صلاته وتبطل جماعته

وأمّا اذا أخلّ بوظيفة المنفرد كما اذا ترك القراءة عامداً فتبطل صلاته هنا لأنّه أخل بوظيفة المنفرد

فاطلاق الماتن بطلان صلاته غير واضح ففي فرض ما لو تقدم عامداً بنية الانفراد ولم يخل بوظيفة المنفرد يحكم بصحة صلاته

وأمّا لو تقدم مع البقاء على نية الائتمام فتارة نفترض أنّه تقدم عامداً وأخرى يتقدم ساهياً غير ملتفت الى التقدم

أمّا لو كان ملتفتاً الى التقدم فتارة نفترض أنّه أخلّ بوظيفة المنفرد كما اذا ترك القراءة عامداً فلا بد أن نحكم ببطلان جماعته وصلاته،

أمّا بطلان جماعته فواضح فإنّ التقدم مانع من صحة الجماعة، وأمّا بطلان صلاته فللإخلال بوظيفة المنفرد

وأمّا اذا لم يخلّ بوظيفة المنفرد، كمن التحق بالامام في الركعة الثالثة وأتى بالقراءة ثم تقدم عامداّ مع البقاء على نية الائتمام فهنا لا اشكال في بطلان جماعته ويقع الكلام في بطلان صلاته أو لا؟

فلو كان عالماً باشتراط عدم التقدم على الامام تبطل صلاته أيضاً وذلك من جهة التشريع

وإن كان جاهلاً بهذا الاشتراط فبطلان جماعته واضح، ولكن نقول بصحة صلاته اذا جاء بوظيفة المنفرد فلا موجب لبطلان صلاته، وبقاؤه على نية الائتمام لا يؤثر في بطلان صلاته لأنّه بقي على نية الائتمام جاهلاً معتقداً جواز ذلك له

وهذا يرتبط ببحث احتياج الصلاة الانفرادية الى نية الانفراد وعدمه

إذ لا اشكال في احتياج صلاة الجماعة الى نية الجماعة، وأمّا الصلاة الفرادى فهي لا تحتاج الى نية الانفراد فإنّ الصلاة بطبعها تقع فرادى، فاذا صلّى المكلف جماعة ثم أخلّ بما هو معتبر في صحة الجماعة وقعت صلاته فرادى، فاذا جاء بوظيفة المنفرد صحت صلاته ولا موجب لبطلانها

وأمّا الثاني وهو ما اذا تقدم ساهيًا وبقي على نية الائتمام فتارة نفترض أنّه أتى بما يوجب بطلان الصلاة حتى لو صدر سهواً كما لو زاد ركناً لأجل المتابعة فهنا يحكم ببطلان جماعته وصلاته

أمّا الاول فلأنّ اشتراط عدم تقدم المأموم على الامام من الشرائط الواقعية وليس من الشرائط العلمية في صلاة الجماعة فاذا أخلّ المكلف به ولو سهواً بطلت جماعته

وأمّا بطلان صلاته فلأنّه جاء بما يوجب بطلان الصلاة حتى في حال السهو

وأمّا لو جاء بما لا يبطل الصلاة لو صدر لا عن عمد كما لو ترك القراءة فنحكم بصحة صلاته لقاعدة لا تعاد، باعتبار أنّ المفروض أنّه ترك القراءة عن عذر باعتقاد أنّ صلاته جماعة


logo