الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه
45/11/27
بسم الله الرحمن الرحيم
اشتراط أن لا يتباعد المأموم عن الإمام/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة/ اشتراط أن لا يتباعد المأموم عن الإمام
الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة (1) إلا إذا كان في صف متصل بعضه ببعض، حتى ينتهي إلى القريب، أو كان في صف ليس بينه وبين الصف المتقدم البعد المزبور، وهكذا حتى ينتهي إلى القريب، والأحوط احتياطا لا يترك أن لا يكون بين موقف الإمام ومسجد المأموم أو بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من مقدار الخطوة التي تملأ الفرج، وأحوط من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة والأفضل بل الأحوط أيضا أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الإنسان إذا سجد، بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.
1- كان الكلام في ذكر القرائن على أنّ الحكم المذكور في صحيحة زرارة استحبابي ومناقشتها، وانتهى الكلام الى
المناقشة الثالثة: ما ادعي من أنّ أسم الموصول في ((ما لا يتخطى)) مردد بين البعد الذي لا يتخطى وبين العلو الذي لا يتخطى فلا يصح الاستدلال بها لاثبات مانعية البعد الذي لا يتخطى
وتقدمت الإشارة الى جوابها وأنّ لفظة (ما لا يتخطى) ظاهرة في البعد والمسافة، بل الظاهر أنّها لا تستعمل في العلو وانما يستعمل بدلها كلمة لا يعبر أو لا يتجاوز وأمثالهما
مضافاً الى وجود قرائن في نفس الصحيحة على ارادة البعد لا العلو
منها: قوله ((يكون قدر ذلك مسقط جسد انسان اذا سجد))
ومنها: ما ذكره في ذيل الرواية ((وأيّما امرأة صلّت خلف إمام وبينها وبينه ما لا يتخطّى فليس لها تلك بصلاة ، قال : قلت : فإن جاء إنسان يريد أن يصلّي ، كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل ؟ قال : يدخل بينها وبين الرجل ، وتنحدر هي شيئاً)) وواضح أنّ نظرها الى البعد
المناقشة الرابعة: أن يقال بأنّ التحديد بما لا يتخطى في الصحيحة إمّا أن يكون بالنسبة الى الموقفين موقف الصف المتقدم والصف المتأخر، أو يكون بالنسبة الى مسجد المتأخر مع موقف المتقدم
والأول لا يمكن الالتزام به لأنّ مقتضاه اعتبار أن يكون بينهما ما يتخطى ومعناه اعتبار اتصال مسجد المتأخر بموقف المتقدم، وهذا لا يمكن الالتزام به لما تقدم في بحث الحائل فقلنا أنّ هذا مما قامت السيرة على خلافه كما ذكروا
وهناك نصوص ذكرناها في بحث الحائل ظاهرة في عدم اعتبار هذا الاتصال
وأمّا الثاني فهو وإن كان يمكن الالتزام به الا أنّه خلاف ظاهر قوله (عليه السلام) ((ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى)) لأن المراد به ظاهراً موقف الصفين لأنّ الملحوظ في الصف مكان الوقوف فيرجع اشتراط ذلك ألى ما بين الموقفين
ولا يبعد كون هذا هو الباعث لبعض المشهور على عدم الأخذ بصحيحة زرارة، ولذا حملوها على الاستحباب كما نقلنا عبارة المحقق (قده) الذي استبعد مضمونها وحملها على الأفضل
وقد أجاب السيد الخوئي (قده) بأنّ موضوع الفقرة الاولى ((ينبغي للصفوف أن تكون تامّة متواصلة بعضها إلى بعض ، ولا يكون بين الصفّين ما لا يُتخطّى ، يكون قدر ذلك مسقط جسد إنسان إذا سجد)) غير موضوع الفقرات الاخرى فهذه الفقرة ناظرة الى تحديد المسافة بين الموقفين بينما الفقرات الاخرى ناظرة الى تحديد المسافة بين مسجد المتأخر وموقف المتقدم، فلا تنافي بينهما
فنحمل الفقرة الاولى على الاستحباب أي يستحب أن يكون الفاصل بين الموقفين ما يتخطى، وأمّا الواجب فهو أن لا تكون المسافة بين مسجد المتأخر وموقف المتقدم ما لا يتخطى
والقرينة على هذا الحمل هو أنّه ذكر التحديد بين الصفين في الفقرة الاولى دون غيرها من الفقرات فلم يذكر التحديد فيها بين الصفين
فلا بد أن يترك المكلف مجال لسجوده، فلا بد أن يكون الفاصل بين موقفه وموقف المتقدم ما يتخطى على الأقل