46/04/05
الصلاة بالمحشو بالقز والإبريسم/لباس المصلي/کتاب الصلاة
الموضوع: کتاب الصلاة/لباس المصلي/ الصلاة بالمحشو بالقز والإبريسم
حكم السيد اليزدي (رض) إذا كان الثوب فيه طرائق من حرير فلا تصح الصلاة فيه، وكذا استشكل السيد حكيم الفقهاء (رض) في ذلك ولكنه اشترط في شمول أدلة الحرمة أن يكون اللبس مستقلاً أما إذا لم يكن مستقلاً بل كان ملبوساً مع ضميمة الآخر فلا يصدق عليه اللبس.
وقد كررنا في خدمتكم أن اللبس لغة هو الستر والستر يختلف باختلاف الموارد، كما أن صدق المفهوم على المصداق لا يُرجع فيها إلى العرف، إلى حكم العقل ولذلك التزمنا بصحة الشكل الأول بأقسامه الأربعة مع أن الشرط فيه اتحاد الحد الأوسط وهو الصدق، فحين تقول زيد إنسان والإنسان يأكل فزيد يأكل مثلاً، فصدق الإنسان على زيد ليس بيد العرف.
فكلام السيد حكيم الفقهاء غير واضح، والحق مع اليزدي (رض) لكن تفصيله بين القسم الأعلى والقسم الأدنى غير واضح؛ لأن قلنا إن اللبس هو عبارة عن الستر والفرق بموارد اللبس في نسبة المستور، أما أن يكون نصف الثوب الأسفل أو النصف الأعلى أو الأيمن أو الأيسر أو الأمامي أو الخلفي فلا فرق بين الجميع فالكل حينئذٍ يصدق عليه اللبس بلا إشكال؛ لأن صدق الستر ومصداق الستر بيد العقل.
فإذن وقع الخلط من كلا العظيمين من السيد حكيم الفقهاء والسيد اليزدي (رض) ونفتي ـ والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم ـ بالحرمة مطلقاً سواء كان مستقلا كالدشداشة والعباية ونحو ذلك، أو لم يكن مستقلاً بأن يكون تابعاً لشيء آخر وكذلك إذا كان أعلى أو أسفل أو نحوهما.
وأما كلام اليزدي (رض) التعبير بالترقيع في مسألة ما إذا كان الثوب مرقعاً من حرير دون الكف، وقد أفتى (رض) بالجواز.
وما يفهم من كلام السيد الحكيم (رض) أنه لا يصدق اللبس هنا.
نحن نقول إن الترقيع يختلف باختلاف الموارد، فقد يكون الترقيع لا يصدق عليه اللبس بحكم العقل، وفي بعض الموارد يصدق فحينئذٍ ففتوى اليزدي (رض) مطلقاً في حالة ترقيع الثوب بالحرير أو الابريسم أو نحو ذلك ـ وإن لم يصرح بالإبريسم ـ فحينئذٍ حكم بالجواز مطلقاً غير واضح.
فحينئذٍ نحن نحكم بالتفصيل بحيث إن صدق اللبس فهو محرم وإلا فلا.
مسألة جديدة، جاء في كلام اليزدي (رض) أن الإبريسم إذا جُعل بين الظهر وبين البطن فما هو الحكم هل يجوز لبس ذلك أو لا؟
أما السيد الأعظم في هذا المورد فقد أفتى بالجواز؛ باعتبار أن محل الكلام هو اللبس وكون الثوب محشواً به ليس لبساً له، وهذا القول منه (رض) ليس واضحاً؛ إذ لا فرق بين الصورتين، فالمحشو سواء كان بالقطن أو بالحرير أو الإبريسم يصدق عليه اللبس في بعض الموارد وقد لا يصدق، فجعل ملاك الصحة هو التفريق بين الحشو وغيره في كلام سيدنا الأعظم جداً غير واضح!
وعوداً على كلام السيد حكيم الفقهاء: يقول (رض) إن الروايات الواردة في هذا وردت في القز والتعدي من مورد القز إلى الإبريسم في غير محله.
منها: الرواية الأولى من الباب السابع والأربعين من أبواب لباس المصلي، وهي صحيحة:
عن الحسين بن سعيد قال: قرأت في كتاب محمد بن إبراهيم إلى الرضا (عليه السلام) يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قز؟ فكتب إليه قرأته: لا بأس بالصلاة فيه.
فإذا كانت الصلاة تجوز فيه، فلبسه مطلقاً أيضاً يجوز.
وكذلك الرواية الثانية من نفس الباب:
معتبرة زيد بن أبي عمير عن ريان بن سلط أنه سأل الرضا (ع) عن أشياء فيها المحشو بالقز، قال: لا بأس بذلك.
وكذلك الروايتان الثالثة والرابعة من نفس الباب.
فإذن هذه الروايات الأربعة تمنعنا عن شيء محشو بالقز، والسيد الحكيم (رض) اعترض بأن التعدي من القز إلى الإبريسم لا وجه له.
وما أفاده واضح إن فرقنا بين حقيقة الإبريسم وحقيقة القز، فلا تكون هذه الروايات الأربعة المعتبرة دليلاً على جواز اللبس، وقد ناقش حكيم الفقهاء الرواية الرابعة من الباب الحادي عشر من أبواب لباس المصلي وهي الدالة على اتحاد القز والحرير وحكم بضعفها ـ وقد ناقشناها مفصلاً في الدروس السابقة ـ وعليه فالتعدي من كلمة القز الواردة في الروايات إلى الإبريسم محل إشكال عنده (رض).
والذي ينبغي أن يقال في المقام: إن القز والإبريسم إما تكون هذه الأشياء شيئاً واحداً أو لا، فإن قلنا بوحدتها فحينئذٍ الروايات الأربعة المعتبرة عن الأئمة (ع) فيها الجواب، فلا حق للسيد حكيم الفقهاء (رض) في التوقف في ذلك.
وإن قلنا إنها مختلفة فحينئذٍ كان على اليزدي أن يفرق بينها، فيأتي بمسألة واردة في القز وأخرى واردة في الإبريسم ثم يفتي بالجواز بالقز لأجل دلالة الرواية.
أما نحن فنلتزم بالحلية مطلقاً بالنسبة للقز والإبريسم سواء قلنا بوحدتهما أو باختلافهما، وعلى الأول فالروايات الواردة في القز شاملة للإبريسم أيضاً وعلى الثاني فالقز حليته ثابتة بالروايات، وأما الابريسم فحليته ثابتة بالأصل، بعدما فرقنا بين الحرير وبين الإبريسم وقلنا الروايات الواردة في الحرير مختصة بالحرير.
والعلم عند الله سبحانه وحده