46/08/04
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 7): لا يجوز أن يتقدم المأموم على الإمام في الأفعال، بل يجب متابعته (1) بمعنى مقارنته أو تأخره عنه تأخرا غير فاحش (2)، ولا يجوز التأخر الفاحش[1]
وجوب متابعة الامام
2- كان الكلام في جواز المقارنة في الافعال
وقلنا تارة نتكلم عن ذلك بلحاظ الأدلة العامة التي ورد فيها عنوان المتابعة والاقتداء والائتمام، وانتهينا بلحاظها الى أنّ التأخر ليس معنى هذه العناوين ولا التأخر مأخوذ فيها
فالمستفاد من الادلة التي تحكم باستحباب الجماعة أن يأتم الانسان بصلاة الامام ويقتدي به وقد فسّر بأن يربط صلاته بصلاته بحيث تكون إرادته الفعل تابعة لإرادة الامام الفعل فليس له إرادة مستقلة للفعل بقطع النظر عن إرادة إمامه له
من دون فرق بين أن يتأخر عنه أو أن يقارنه
مع الاخذ بالاعتبار ما ذكرناه انه لا دليل على تلبس الامام بالصلاة في اقتداء المأموم به
وأمّا بلحاظ الأدلة الخاصة فقد استدل بأدلة عمدتها
الدليل الاول: النبوي المتقدم ((انما جعل الامام اماماً ليؤتم به فاذا ركع فاركعوا واذا سجد فاسجدوا)) وفي بعض نسخه ((اذا كبر فكبروا)) ويستدل به على اعتبار التأخر وعدم جواز المقارنة بتقريبات
التقريب الاول: إنّ الفاء في قوله فاركعوا تدل على التعقيب والتأخر فيكون ركوعهم متأخراً عن ركوع الامام فلا يشمل حالة المقارنة
الثاني: إنّ الفعل الماضي ظاهر في النسبة التحققية وحينئذ يكون قوله في الحديث اذا ركع فاركعوا ظاهر في أنّ ركوع المأمومين يكون بعد ركوع الامام فبعد أن يتحقق ركوع الامام يجب عليكم الركوع
الثالث: ورد في بعض نسخ الحديث ((فاذا كبر فكبروا)) وحيث أنّ تأخر المأموم عن الإمام في تكبيرة الإحرام ثابت اجماعاً أو عند المشهور فلا بد من إرادة هذا المعنى أي التأخر في الفقرتين الأخريين إما بقرينة وحدة السياق، أو لأنّ الحديث ظاهر في تفريع الحكم بالتأخر في التكبير على الائتمام ويفهم من ذلك أنّ الائتمام يقتضي ذلك وحيث أنّ قوله ((فاذا ركع فاركعوا)) متفرع على الائتمام أيضاً فيجب التأخر في الركوع كذلك
وهذه التقريبات محل كلام
فقد لوحظ على التقريب الأول بأنّ ما يدعى كونه دالاً على التأخر الزماني هو الفاء العاطفة لا الجزائية كما في محل الكلام
فإنها تدل على مجرد الترتب بين الشرط والجزاء وأنّ هذا ناشيء من ذاك ولذا استعملت فيما يكون مقدماً على الشرط كما في قوله تعالى ﴿فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ﴾[2] وقوله تعالى ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾[3] نعم حتى تصلح هذه الأمثلة شاهداً في المقام لا بد من افتراض عدم العناية والتجوز في هذا الاستعمال، والربط بين الأمرين لا يقتضي التأخر الزماني بل معناه أن يكون سبب ركوعهم هو ركوع الامام
ولوحظ على التقريب الثاني بأنّ الفعل الماضي يدل على النسبة التحققية إذا استعمل في مقام الاخبار كما في قولنا (قام زيد) وامّا اذا استعمل في جملة انشائية كما في (اذا قام زيد فأكرمه) فلا دلالة فيه على النسبة التحققية في الزمان الماضي بل مفاد الجملة كلما تحقق القيام وجب الإكرام ولو في المستقبل
ويمكن التأمل في هذه الملاحظة بأنّ الفعل الماضي حينما يستعمل في تركيب من هذا القبيل صحيح إنّه ينسلخ عن دلالته على النسبة التحققية في الزمان الماضي ولكنّه لا ينسلخ عن دلالته على النسبة التحققية بلحاظ زمان الإكرام
فإنّ قيام زيد يدل على نسبة تحقيقة بالقياس إلى الإكرام فكلما تحقق القيام وجب الإكرام فدائما يكون القيام متحققاً قبل الإكرام، ومن هنا يمكن الخدشة في الملاحظة على هذا التقريب
ولوحظ على التقريب الثالث بأنّ هذه النسخة من الرواية غير ثابتة حتى لو صححنا النبوي باعتبار تعدد طرقه واشتهاره بين الاصحاب فإنّ هذا لا يثبت في الزيادة، مضافا الى ما سيأتي في (مسألة ١٣) من جواز المقارنة في تكبيرة الاحرام فينتفي ما ذكر من الدليل
مع أنّه لو ثبت وجوب التأخر في تكبيرة الاحرام وعدم جواز المقارنة فيها فهو لا يثبت بهذا النبوي وانما يثبت بدليل خارجي من قبيل ما تقدم من عدم معقولية انعقاد صلاة المأموم جماعة قبل انعقاد صلاة الامام، لما تقدم من احتمال أن يكون هذا الحديث في مقام بيان عدم جواز التقدم بالتكبير لا في مقام بيان وجوب التأخر عن تكبيرة الامام وذكرنا فيه احتمال أن يكون ناظراً الى التأخر الفاحش أيضاً
ومع هذه الاحتمالات لا يصلح أن يكون هذا الحديث هو الدليل على لزوم التأخر في تكبيرة الاحرام لو قلنا بلزوم التأخر فيها فلا بد أن يكون لزوم التأخر في التكبير مستفاد من أدلة خارجية
الدليل الثاني: أصالة الاشتغال بناء على ما تقدم من أنّ صلاة الجماعة على خلاف القواعد المستفادة من الأدلة العامة في باب الصلاة فلا بد أن يقتصر فيها على الموارد التي يقطع فيها بمشروعية الجماعة وأمّا مع الشك فلا يمكن ترتيب آثار الجماعة فلا بد من اجراء أصالة الاشتغال في المقام التي تقتضي أن يأتي المكلف بصلاة خالية من الاشكال، ولا يقين بالفراغ الا اذا صلى جماعة مع التأخر لاننا انما نقطع بالمشروعية اذا تأخر عن الامام في الافعال
وهذا الدليل بنفسه تام ولكن النوبة لا تصل إلى الأصول العملية في المقام إذ يكفي ما ذكرناه من الأدلة الدالة على جواز المقارنة وعدم وجوب التأخر
وتقدم عن السيد الخوئي (قده) أنّه يرى أنّ الأصل الجاري في المقام هو البراءة لا الاشتغال لأنّ الجماعة ليست مسقطة للوجوب وانما هي عدل للصلاة فرادى فلو شكّ في صلاته بامكانه أن يجري أصالة البراءة عن وجوب الاعادة
وتقدم الحديث عنه