1404/09/12
بسم الله الرحمن الرحیم
فی مطلوبیة تکثیر الموالید /فی تحدید النسل و تقلیل الموالید /مسائل مستحدثه
موضوع: مسائل مستحدثه/فی تحدید النسل و تقلیل الموالید /فی مطلوبیة تکثیر الموالید
ولا بأس بذکر آیة منها؛ قال الله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ[1] ﴾.
فالمُصَرَّح فیها أنّ هذه الأمور الخمسة من الأمور المهمة فی الحیاة الدنیا ومما یتفاخر بها الناس، وکانت زینةً فی دنیاهم، وقد ذُکر الأولاد فی جنب الأموال؛ فکما أنّ الأموال من الأمور المهمة للاقتدار والعزة والشوکة فی أعین الناس، فالأمر کذلک فی البنین.
والروایات فی هذا الباب کثیرة جداً وقد مرّ بعضها سابقاً، والمُستفاد من بعضها هو لزوم رفع الصوت فی المنزل لطلب کثرة الولد مع وجود الأمر لتکثیر الولد لقوله 9«أکثروا الولد؛ أُکَاثِرُ بکم الأمم غداً[2] ». والمُستفاد أنّ تکثیر الولد لیس مما یُحتاج إلیه فی الدنیا، بل یکون مما یُتفاخَرُ به یوم القیامة. وفی بعضها أنّ الأمر بالتزویج یکون مقدّمة لکثرة الولد، کما فی قوله 9: «تزوّجوا فإنی مُکاثر بکم الأمم[3] ».
والمُستفاد من بعضها لزوم تحقق أمرٍ لتحصیل أمرٍ آخر مطلوب، کرفع الصوت فی المنزل لطلب کثرة الولد.
وکذا الأمر بتکثیر الولد لقوله 9: «أُکَاثِرُ بکم غداً فی القیامة».
وکذا الروایات الأخرى. ومن الواضح أنّ فی کثرة الأولاد عنایاتٍ أُخَرَ، ولکن المصرح فی هذه الروایة هو أمرٌ أخرویٌّ بأنّ النبی9 یفتخر ویُباهی بکثرة الأولاد یوم القیامة؛ فالأمر بکثرة الأولاد لا ینحصر بالاقتدار والعزة فی الدنیا وإمکان الغلبة على الأعداء، بل له برکاتٌ فی الدنیا والآخرة.
ولایخفی علیك أنّ المُستفاد من بعض الآیات الشریفة لکان على نحو القضایا الخارجیة لا الحقیقیة؛ حتى یکون موجوداً فی عمود الزمان، بل یکون ناظراً إلى وضعٍ ومُشکلةٍ خاصّة.
وبعبارة أخرى: إنّ الحکم فیها ناظرٌ إلى وجود العنوان الثانوی.
کقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ[4] ﴾.
فکثرة الأولاد وإن کانت مقصودةً، ولکن الأقوام یتفاخرون بکثرة الأولاد کما یتفاخرون بکثرة الأموال، وإن کان المورد فی حق المترفین.
ومن البدیهی أنّ مورد الآیة الشریفة لکان فی موردٍ خاصٍّ من تفاخر المترفین وناظرٌ إلى الخارج، ومَن کان موجوداً خارجاً وکان من المترفین، مع أنّ هذه الحالة لا تکون موجودة فی عمود الزمان وفی جمیع الأزمنة والأمکنة.
وکذا قوله تعالى: ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا﴾[5] ﴾.
والظاهر منها أنّ الآیة الشریفة فی مقام تهدید المنافقین بأنّ الناس کلهم تحت قدرة الله تعالى، وأنه قادرٌ على ما یشاء؛ فإذا أراد أن یهلک قریةً فأمره نافذٌ فلا ناصر إلا هو. مضافاً إلى أنّ المُصَرَّح فیها هو أنّ کثرة الأموال والأولاد تکون من باب العزة والشوكة، ولکن اللازم إعمالهما فی طریق الحق.
والأمر کذلک فی سورة القصص مشیراً إلى قصة قارون المستکبر؛ فقال الله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا[6] ﴾.
ومفادها هو ما ذکرناه فی الآیة السابقة.
مضافاً إلى التأمل فی نکتة بأنّ کثرة الأولاد لا تکون فخراً فی عمود الزمان مع أی شرط ومانع؛ فربما تکون کثرة الأولاد لازمةً لقوم، بل تکون واجبةً، ولکن هذه الکثرة عند قومٍ آخر وفی زمانٍ آخر تکون سبباً للفتور والضعف فی الإتیان بما یحتاج إلیه، وإنّ الفقر کاد أن یکون کفراً.
وکذا قوله تعالى: (قد مرّ الکلام فیها) ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِه[7] ﴾.
مورد الآیة الشریفة یکون لِأمرٍ خاصٍّ وشرائط خاصة من کون المسلمین قلیلین وأنّهم مستضعفون فی الأرض و فی خوف أن یتخطفهم الناس.