< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تطبيقات للجمع العرفي

تطبيقات للجمع العرفي

هل يُرجع إلى عموم العام أم إلى المخصِّص في حالتَي الشبهة المصداقية ـ في مثال (أكرم العلماء) و (لا تكرم فسّاق العلماء) وكان زيد عالماً ، وشككنا في عدالته وفسقه ـ والشبهة المفهوميّة ـ كما لو شككنا في المثال السابق في معنى الفاسق ، هل هو خصوص مرتكب الكبائر أم يشمل مرتكب الصغائر أيضاً ـ أم لا ؟

الجواب : لا يمكن الرجوع إلى عموم العام في الحالتين المذكورتين ، وذلك لعدم الدليل على نزول المصداق ـ في الشبهة المصداقيّة ـ تحت حكم العام ، فلعلّه يكون نازلاً موضوعاً تحت الخاصّ ، أي لعلّه يكون فاسقاً ، وقد ذهب إلى ذلك السيد الشهيد الصدر ، ولذلك يجب أن تجري قاعدةُ البراءة من وجوب إكرامه ، وكذلك الأمر ـ عندنا ـ في الشبهة المفهوميّة ، فنحن لا ندري هل يجب إكرام زيد ـ مرتكب الصغائر ـ أم لا ، فتجري البراءة فيه أيضاً . مثال آخر تقريبي فقط : لو شَكّ العالِمُ في عدالة رجلين يرتكبان الصغائر ، وكان عنده شكٌّ في معنى (فاسق) فهو لن يطلّق أمامَهما للغوِيَّة طلاقه ح .

إذا وردت جملتان شرطيَّتان ، لكلٍّ منهما شرطٌ خاص ، ولهما جزاء واحد ، من قبيل (إذا خفي الأذان فقصِّرْ) و(إذا خفيت الجدارن فقصِّرْ) فإنّ العرف يجمع بينهما بالتخيير بوضوح ولا يرى أيّ تعارض بينهما ، بمعنى أنه إذا حصلت علّة واحدة لوجب التقصير حتى ولو لم تحصل العلّة الأخرى ، ولا ينظر إلى المفاهيم ، وذلك لأظهريّة المنطوق من المفهوم .

إذا وردت جملتان شرطيَّتان متَّحِدَتان جزاءً ومخـتلفتان شرطاً ، وثَبَتَ بالدليل اَنّ كُلاًّ مِنَ الشرطين عِلَّةٌ تامَّةٌ كما في (إذا أفطرتَ فأعتِقْ) و(إذا ظاهرت فأعْتِقْ) ، ووُجِدَ الشرطان معاً، فهل يتعدد الحكم أوْ لا ؟ الجواب : لا شكّ في تعدّد الحكم ، أي في وجوب إعتاقين ، وذلك لوضوح تحقّق علّتين مستقلّتين ، وهو المشهور ، وهذا ما يسمّى بـ أصالة عدم التداخل في المسبَّبات ، وهذا أمر بديهي .

إذا تعارض دليلٌ إلزامي ـ مثل أكرِمِ العلماءَ ـ ودليلٌ ترخيصي ـ مثل لا يجبُ إكرامُ الفقراءِ ـ بالعموم من وجهٍ قُدِّمَ ـ في منطقة الإلتقاء ، أي في العالِم الفقير ـ الدليلُ الإلزامي ، وقد يقرَّبُ ذلك بأنّ الدليل الترخيصي ليس مُفادُه عرفاً اِلاّ اَنّ العنوان المأخوذ فيه لا يقتضي الإلزام ، فإذا فرض عنوانٌ آخر ـ كعنوان العالِم ـ أعم منه من وجه دل الدليلُ الإلزامي على اقتضائه للإلزام اُخِذَ به ، بسبب كونه عالماً ، ولا تعارض بين الدليلين ، وهذا في الحقيقة ليس من الجمع العرفي ، لأنّ الجمع العرفي يفترض وجود التعارض بين الدليلين قبل التعديل ، والبيانُ المذكور يوضح عدم التعارض رأساً .

إذا تعارض عمومٌ شمولي ـ مثل (لا تُكْرِمْ أيّ مُتْرَفٍ) ـ وآخَرُ بَدَلِيٌّ ـ مثل (أكرِمْ عالِماً) ـ بالعموم من وجه ، فإن كان أحدُ الدليلين دالاًّ على الشمول بالوضع والأداة ، والآخر بقرينة الحكمة قُدِّمَ ما كان بالوضع ، سواء اتصل المطلق الشمولي بالمطلق البدلي أو انفصل عنه ، اَمّا في حالة الإتصال ـ كما إذا قال المولى (لا تُكْرِمْ أيّ مُتْرَفٍ وأكْرِمْ عالِماً) ـ فلأنّ الدمج يصير بينهما على مستوى الدلالة التصوّريّة ، بمعنى أنّ (أكرم عالماً) تـتصرّف بالعام على مستوى الدلالة التصوّريّة ، فمن الأصل لا ينعقد دلالة تصوّريّة في وجوب الإكرام إلاّ لعالِم واحد على أن لا يكون مُتْرَفاً ، فإن كان مترفاً فإنه يحرم إكرامه ... وأمّا في حالة الإنفصال فإنها تنعقد الدلالة التصوّريّة في الجملة الأولى ، كما لو ورد (لا تُكْرِمْ أيّ مُتْرَفٍ) و (أكرِمْ عالِماً) فسوف يكون مقتضى الجمع العرفي نفس الجمع السالف الذكر وهو (أكرم عالماً إلاّ أن يكون مترفاً ، فإن كان مترفاً فإنه يحرم إكرامه) .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo