< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : إستثناءً : تغسيل الشهيد

ذكرنا أمس شروطَ الشهيد الذي لا يغسَّلُ ، ونضيف الآن ما يلي :

روى العلامة في المنتهى[1] قال : رُوِيَ عن النبيّ (ص) أنّه قال يوم أحد : ( من ينظر ما فعل بسعد بن الربيع ؟ ) فقال رجل : أنا أنظر لك يا رسول الله ، فنظر فوجده جريحاً به رمق ، فقال له : إنّ رسول الله أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات ؟ فقال : أنا في الأموات فأبلغ رسول الله (ص) عني السلام ، قال : ثمَّ لم أبرح أن مات . ولم يأمر النبيُّ (ص) بتغسيل أحد منهم .

أقول : لا قيمة لهذه الرواية بعد إرسالها ، على أنها من طرق العامّة ، فمثلاً : روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال : ( قال محمد بن إسحاق : وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني ، أخو بني النجار ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله يومئذ : من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع ...) وذَكَرَها ، إضافةً إلى أنه لم يتّضح أنّ قوله ( ولم يأمر النبيُّ(ص) بتغسيل أحد منهم ) هل هو كلام الراوي أم كلام العلاّمة ، وإن كان الظاهر قوياً بقرينة ما في روايات العامّة أنها من كلام العلاّمة . نعم ، رواها محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم (المتوفى سنة 354 هـ‌ = 965 م) في كتابه (كتاب الثقات) ج 1 ص 233 قال : (... قال أنا في الأموات أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول جزاك الله عنا خير ما جُزِيَ نبيٌّ عن أمته ، وأبلغ قومك السلام وقل لهم إن سعداً يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف ، ثم مات فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره واحتمل الناس قتلاهم ، فأمر رسولُ الله أن يدفنوهم حيث صرعوا بدمائهم وأن لا يغسلوا ولا يصلى عليهم) (إنتهى) . لكن ـ كما قلنا ـ هذه الرواية مرسلة جداً . ثانياً : هي معارَضة بحَصْرِ مَن لم يُغسَّل في أُحُد بخصوص حمزة وحنظلة بن أبي عامر الراهب وفي صفّين بخصوص عمّار والمرقال وعُتْبَة ، وإلاّ ـ لو كان المناط في عدم التغسيل هو مجرّد قتل المجاهد في ساحة المعركة ـ لكان الاَولى من الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) أن يستدلّوا بأنّ رسول الله وأمير المؤمنين عليهما الصلاة السلام لم يغسّلوا كلّ الشهداء لأنهم قتلوا في أرض المعركة ، ولا معنى ح للحصر بخصوص هؤلاء . كلّّ هذا يعني أنهما عليهما الصلاة السلام قد أَمَروا (عليهما السلام) بغَسْلِ سائر الشهداء ما عدا هؤلاء .

ومن اللازم أن نذكّر بالروايات التي ذكرنا أسانيدها في الدروس السابقة :

1 ـ صحيحة أبي مريم الأنصاري عن الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( الشهيد إذا كان به رَمَقٌ غُسِّلَ وكُفِّنَ وحُنِّطَ وصُلِّيَ عليه ، وإن لم يكن به رَمَقٌ كُـفِّنَ في أثوابه )[2] .

2 ـ صحيحة إسماعيل بن جابر وزرارة عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال قلت له : كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه ؟ قال : ( نعم ، في ثيابه بدمائه ، ولا يحنط ولا يغسل ، ويدفن كما هو ) ، ثم قال : ( دَفَنَ رسولُ الله (عليهما السلام) عَمَّهُ حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها ، ورداه النبيُّ(ص) برداءٍ فقصر عن رجليه فدعا له بأذخر فطرحه عليه ، وصَلَّى عليه سبعين صلاةً ، وكَبَّرَ عليه سبعين تكبيرة )[3] .

3 ـ صحيحة أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذي يُقتل في سبيل الله ، أيغسَّلُ ويكفَّنُ ويحنط ؟ قال : ( يدفن كما هو في ثيابه ، إلا أن يكون به رمق (فإن كان به رمق) ثم مات فإنه يغسل ويكفن ويحنط ويصلَّى عليه ، لأنّ رسول الله (ص) صَلَّى على حمزة وكَفَّنَه ( وحَنَّطَه ) لأنه كان قد جُرِّدَ )[4] ، وصحيحته الأخرى قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ( الذي يقتَلُ في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل إلا أن يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد ، فإنه يغسل ويكفن ويحنط ، إنّ رسولَ الله (ص) كَفَّنَ حمزةَ في ثيابه ولم يُغَسِّلْه ، ولكنه صَلَّى عليه )[5] .

4 ـ ضعيفة أبي البختري وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) ( أن عليّاً (عليه السلام) لم يُغَسِّل عمار بنَ ياسر ولا عتبةَ يومَ صفين ودفنهما في ثيابهما وصَلَّى عليهما )[6] .

5 ـ موثّقة عمار عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) ( أن عليّاً (عليه السلام) لم يغسل عمار بن ياسر ولا هاشم بن عتبة وهو المرقال ، ودفنهما في ثيابهما ، ولم يُصَلِّ عليهما )[7] .

ــ وقال الصدوق في الفقيه : واستشهد حنظلة بن أبي عامر الراهب بأُحُدٍ فلم يأمر النبيُّ(ص) بغَسْلِه ، وقال : رأيتُ الملائكة بين السماء والأرض تغسل حنظلة بماء المزن في صحاف من فضة ، وكان يسمى غسيل الملائكة [8] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo