< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/12/29

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: نتيجة كلّ الأبحاث في حجيّة خبر الثقة
* مَن يتأمّل في الروايات العشرة من الطائفة الثانية يعلم علم اليقين بحجيّة أخبار مطلق الثقات، فلا محلّ للوسوسة في ذلك . وبعد ذلك نقول بلزوم أن نحمل روايات الطائفة الاُولى إمّا على موارد التعارض كما في (الحكمُ ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما )[1]، وأمّا قوله ( ثِقاتُنا )[2] و ( ثقتي من أهل بيتي ) فالنظر كان فيهما إلى لزوم التبرّؤ من أحمد بن هلال وأنّ مسلم بن عقيل هو ثقة الإمام الحسين وبطانته، ولا نظَرَ في الروايات إلى نفي الحجيّة عن أخبار الثقات .
وبتفصيل أكثر نقول : قولُه (عليه السلام) في ضعيفة علي بن سويد السائي قال : كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام) وهو في السجن : ( وأما ما ذكرت يا علِيّ ممن تأخذ معالمَ دينِك، لا تأخُذَنّ معالِمَ دينِك عن غير شيعتنا، فإنك إنْ تَعَدَّيْتَهُم اَخَذْتَ دِينَك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتِهم .. )[3] يُفيدنا ـ على فرض صدورها ـ لزومَ كونِ المرجع الذي يُرجع إليه في معالم الدين شيعياً إثني عشرياً، وهذا أمر واضح عقلاً ومتشرّعياً أيضاً، ولا تنفي حجيّةَ خبر الثقة الذي يأخذ به نفسُ المرجع الفقيه الذي يميّز بين الحقّ والباطل، وفرقٌ بين مرجع الاُمّة وبين الراوي .
ومثلُها تماماً ضعيفةُ أحمد بن حاتم بن ماهويه السالفة الذكر قال : كتبت إليه ـ يعني أبا الحسن الثالث (عليه السلام) ـ أسأله عمن آخذ معالم ديني، وكتب أخوه أيضاً بذلك، فكتب إليهما : ( فهمت ما ذكرتما، فاصمدا في دينكما على كل مُسِنٍّ في حُبِّنا، وكلِّ كثيرِ القَدَمِ في أمْرِنا .. )[4] .
أمّا مصحّحة عمر بن حنظلة السابقة قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَين أو ميراث فتحاكما .. إلى أن قال : فإن كان كل واحد اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرَين في حقهما واختلف فيهما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم ؟ فقال : ( الحكمُ ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يُلتفَت إلى ما يحكم به الآخر )قال فقلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على صاحبه ؟ قال فقال : ( يُنظَرُ إلى ما كان مِن روايتهما عنّا في ذلك الذي حَكَما به المجمعِ عليه عند أصحابك فيُؤخَذُ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه .. )[5] فناظرةٌ إلى حالة التعارض بين حكمَي الحاكمين، فلا بدّ من فضّ النزاع بين الحاكمين حينئذ، ومن إعمال ترجيحات، وهذه الترجيحات في هكذا تنازع يجب تحكيمها عقلاً وشرعاً، لفضّ النزاع بين الحاكمين وبين نفس الرجلين المتنازعين أيضاً، فهي لا تعارض روايات حجيّة خبر الثقة .
ومثلُها تماماً روايةُ موسى بن أكيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سُئِل عن رجل يكون بينه وبين أخٍ له منازعةٌ في حقّ، فيتفقان على رجلين يكونان بينهما، فحكما فاختلفا فيما حكما ؟ قال : ( وكيف يختلفان ؟ )
قال : حكم كل واحد منهما للذي اختاره الخصمان ! فقال : ( ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضى حكمه )[6] فإنه لا بدّ من فضّ النزاع، والطريق العقلي والشرعي هو أن يؤخذ بـ ( أعدلهما وأفقههما في دين الله ).
وأمّا التوقيع السالف الذكر عن القاسم بن العلا ( فإنه لا عُذْرَ لأحَدٍ مِن موالينا في التشكيك فيما يُؤَدّيه عنا ثِقاتُنا )[7] فاستعمالُ كلمة ( ثِقاتُنا) لا بدّ منه في لعن أحمد بن هلال الذي لا يمكن الإعتماد في إيصال اللعن فيه من ثقة عادي، ولا بدّ من عناية زائدة، وهي الإعتماد في إيصال اللعن فيه على بطانة الإمام (عج) وموضع أسراره، فح تعرف عدمَ نفيِ هكذا توقيع لحجيّة خبر الثقة .
ومثله التوقيع الآخر الوارد من الإمام الحسين في إبن عمّه مسلم بن عقيل (إني باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلمَ بن عقيل، فإنْ كَتَبَ إلَيَّ اَنّه قد اجتمع رأيُ ملائكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قَدِمَتْ به رُسُلُكُم وقرأتُ في كتبكم فإني اَقْدِمُ إليكم وشيكاً ) فإنه لا يمكن الإعتماد في هكذا اُمور خطيرة على الثقة العادي، وإنما يجب بعْثُ أوثقِ الناس من الإمام الحسين (عليه السلام) وبطانتِه ليصدّقه الناسُ ويتّبعوه ..
ولذلك نقول : لا بدّ من القول بحجيّة خبر الثقة، والحمد لله ربّ العالمين .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo