< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/05/12

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: بقية الكلام في السيرة

* ثم إنه من الطبيعي أنه قد يحصل تشكيك في بعض سيرتهم، أو يحصل تغيّرٌ فيها، نعطي على هذا أربعة أمثلة فقط :
1 ً ـ لم يمكن لنا أن نتمسّك بالسيرة العقلائية أو المتشرّعية على إثبات العمل بخبر الثقة لأننا رغم بحثنا في التاريخ لم يتّضح لنا سيرتهم في ذلك، فقد نُقِلَ الإجماعُ على العمل به ونقل الإجماع على عدم العمل به .
2 ً ـ قد يدّعي البعضُ عدم معرفته بسيرتهم في مسألة تجفيف مواضع المسح في الوضوء، وإن كان هناك قرائن تفيد أنهم ما كانوا يجفّفون رؤوسهم وأرجلهم قبل المسح عليها، حتى وإن كانت السيرة اليوم هي التجفيف، فقد بدأت سيرة التجفيف من أيام العلاّمة الحلّي، وليس قبل ذلك، وذلك حينما تردّد في صحّة المسح على الرجلين رطبتين، فقال : "ولو أخرج رجليه من الماء، ومسح عليهما رطبتين، ففي الإجزاء نظر" فهو أوّل مَن تَنَظّرَ في ذلك في العالمين، ومشى الفقهاء وراءَه، بعدما كانت السيرة جاريةً على عدم التجفيف من أيام رسول الله (ص). فلاحِظْ كيف تتغيّر السيرة بسبب فتاوى العلماء .
3 ً ـ كانت السيرة جارية في عصر المعصومين (عليهم السلام) على عدم وجوب الجهر والإخفات في الجهرية والإخفاتية، وإنما كانت جاريةً على استحباب ذلك، حتى جاءت بعض الفتاوى توجب ذلك .
لاحِظْ بعضَ الكلمات في ذلك :
ـ قال الشهيد السيد مصطفى الخميني ـ في كتابه الخلل في الصلاة / الشبهة الرابعة ـ : "ثم إنّ الظاهر قوياً أنّ المشهور قديماً إلى زمان الشيخ الطوسي كان استحبابَ الجهر في الجهرية" .
ـ وقال الشيخ الصدوق ـ في المقنع : ( وإذا أردت الأذان فارفع به صوتك .. ثم كبِّرْ تكبيرتين وقل .. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم اقرأ فاتحة الكتاب واقرأ أي سورة من القرآن شئت، فإذا ختمت السورة فكبِّرْ واحدة، تجهر بها إن أحببت، ثم اركع، فإذا ركعت فقل : اللهم لك ركعت وبك آمنت ..)ولم يتعرّض للجهر في القراءة أصلاً مع أنه حاول ذِكْرَ كلّ المستحبّات وأكثر جداً في ذِكْرِها .
ـ وقال علم الهدى : هو "من وكيد السنن حتى رُوِيَ أنّ مَن تركه عامداً أعاد" .
ـ وكذا قال ابن الجنيد مِنّا .
والظاهر من التتبّع في كلمات القدماء قبل زمان الشيخ الطوسي أنّ المشهور عندهم جداً كان القول باستحباب الجهر والإخفات، إلى أن جاء الشيخ الطوسي وأنكر ذلك، وحمل قوله عليه السلام ( السُنَّة في صلاة النهار بالإخفات، والسُنَّةُ في صلاة الليل بالإجهار ) على النافلة ! فتغيّرت السيرة بعد ذلك . على أنه لو كان الجهر والإخفات واجبين بنحو الإلزام فلماذا لم يتّضح ذلك للسابقِين ؟!!

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo