< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم


العنوان: الأصل عند الشكّ في حجيّة مشكوك الحجيّة هو عدم الحجيّة

الأمر الثالث : في أنّ الأصل عند الشكّ في حجيّة مشكوك الحجيّة هو عدم الحجيّة :
بعد أن قلنا في الأمرَين السابقين إمكان إعطاء الحجيّة للأحكام الظاهرية، إمكاناً ذاتياً وإمكاناً وقوعياً، نشرع الآن في هذا الأمر الثالث، وخلاصته هو أنّه حصل كلام بين العلماء في أنّ أصالة عدم الحجيّة ـ التي قلنا بها في عنوان هذا الأمر الثالث ـ هل هي مترتّبةٌ على عدم العلم بالحجيّة ـ كما يقول الشيخ الأعظم الأنصاري في فرائد اُصوله والأخوند الخراساني في كفايته وهو الصحيح ـ أم على عدم ورود التعبّد بها واقعاً ـ كما كان يقول الأخوند الخراساني في حاشيته على فرائد الاُصول قبل أن ينسحب ويقول بما قاله في الكفاية ـ فنضطرّ ح إلى استصحاب عدم الورود كي نُثْبِتَ (عدمَ جعل الحجية له واقعاً) .
أقول : لا فائدة من هذا البحث بعد وضوح إمكان جريان استصحاب عدم الحجيّة، سواء الإستصحاب العقلي ـ الذي هو أصالة العدم بحكم العقل ـ والأثرُ الشرعي هو حرمةُ العمل بالأمارة وعدم حجيّتها، أو الإستصحاب الشرعي ـ الذي هو قاعدة استصحاب العدم شرعاً ـ فنستصحب عدم ورود التعبّد بالحجيّة، فنُثْبِتُ عدم ورود التعبّد بحجيّة الأمارة . لا بل يكفينا عدمُ العلم بالحجيّة وعدم ثبوتها ـ كي نقول بعدم الحجية عقلاً بلا حاجة إلى الإستصحابات ـ وليس بالضرورة أن نقول بأنّ الأثر الشرعي يترتّب على عدم الواقع حتى نحتاج في إثبات حرمة العمل بمشكوك الإعتبار إلى إحراز موضوعه وإن كان لا مانع من الإستصحابات أيضاً ـ فنحن نقول بأصالة قبح العقاب بلا بيان، وما نحن فيه فرع من ذاك، والنتيجة أنّ هذه الأصالات العقلية والشرعية يؤكّد بعضها بعضاً .
وبتعبير آخر : يمكن عقلاً أن تقول ( إنّ الأثر الشرعي يترتّب على عدم العلم بحجية الأمارة ) ويصحّ أن تقول ( إنه يترتّب على عدم ورود التعبّد بها ) .
هذا، ولكن ثبت في الشرع أنّ موضوع البراءة هو عدم العلم ـ لا عدم ورود التعبّد بالحجيّة ـ تلاحظ ذلك من الآيات والروايات، من قبيل قوله تعالى [قُل لاَّ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً..][1] وقوله عزّ وجلّ[وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ..]([2]) وقوله تعالى [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً] ([3]) وقوله (ص) ( رُفِعَ عن اُمتي ما لا يعلمون )([4])، وكُلُّها تعتبرُ موضوعَ البراءةِ عدمَ العلم ممّا يشير بوضوح إلى أنّ موضوع الأحكام الظاهرية هو عدم العلم، أي أنك إن لم تعلم بحجيّة أمارةٍ معيّنة فاَجرِ البراءةَ العقلية وأصالة عدم حجيّتها .



BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo