< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : إنْ نَذَرَ أن يتوضّأ وضوءً رافعاً للحدث

مسألة 1 : إنْ نَذَرَ أن يتوضّأ وضوءً رافعاً للحدث الآن، مع أنه هو الآن متوضِّئٌ، بحيث يقتضي امتثالُ النذرِ أنْ يُـبْطِلَ وضوءَه، فهذا النذرُ بما أنه مرجوحٌ عقلاً وشرعاً فهو باطل . وأمّا إنْ لم يكن نذْرُه مقتضياً لإبطال وضوئه، كأنْ كان الوقت واسعاً لتحقيق النذر، أي أنه حينما يحدثُ يتوضّأ، فنذْرُهُ صحيح بلا شكّ 378.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(37 لا شكّ في اشتراط أن يكون متعلّق النذر راجحاً،
1 ـ فقد روى في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد (بن عيسى) عن عثمان بن عيسى (ثقة كان واقفيّاً ثم تاب) عن سماعة بن مهران (ثقة) قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل جعل عليه اَيماناً أن يمشيَ إلى الكعبة أو صدقةً أو عِتْقاً أو نَذراً أو هَدْياً اِنْ هو كَلَّمَ أباه أو أُمَّهُ أو أخاه أو ذا رحم أو قطْعَ قرابةٍ أو مأثم (مأثماً ـ ظ) يقيم عليه أو أمر(أمْراً ـ ظ) لا يصلح له فِعْلُه ؟ فقال : ( كتابُ اللهِ قبلَ اليمين، ولا يمين في معصية الله، إنما اليمين الواجبة التي ينبغي لصاحبها اَنْ يَفِيَ بها ما جعل لله عليه في الشكر اِنْ هو عافاه مِن مرضه أو عافاه من أمر يخافه أو رَدَّ عليه مالَه أو رَدَّهُ من سفر أو رزقه رزقاً فقال (للهِ عَلَيَّ كذا وكذا) شكراً، فهذا الواجبُ على صاحبه الذي ينبغي لصاحبه اَنْ يَفِيَ به )[1] موثّقة السند، ورواها أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن عثمان بن عيسى مثله، وهي تفيد قاعدةَ أنّ اليمين إذا كان متعلّقاً ـ أي موقوفاً ـ على فعلِ حرامٍ أو مكروه أو متساوي الرجحان ـ دينياً أو دنيوياً ـ كان باطلاً . وكذا الأمر في النذر لما ذكَرَتْه الرواياتُ ـ بل هذه الرواية أيضاً ـ من أن اليمين والنذر واحد .
2 ـ وفي الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد (بن عيسى) عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب (ثقة مستقيم) عن القاسم بن بريد (بن معاوية العجلي ثقة) عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الأيمان والنذور واليمين التي هي لله طاعة ؟ فقال : ( ما جعل لله عليه في طاعة فليَقْضِه، فإنْ جَعَلَ لله شيئاً من ذلك ثم لم يفعل فليكَفِّرْ عن يمينه، وأمّا ما كانت يمينٌ في معصية فليس بشيء )[2] صحيحة السند .
3 ـ وروى في الكافي أيضاً عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن (عبد الله) ابن مُسْكان (ثقة عَين فقيه من أصحاب الإجماع) عن حمزة بن حمران عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : ( أي شيء الذي فيه الكفارة من الأيمان ؟ فقال : ( ما حلفت عليه مما فيه البِرّ فعليك الكفارة إذا لم تفِ به، وما حلفت عليه مما فيه المعصية فليس عليك فيه الكفارة إذا رجعت عنه، وما كان سوى ذلك مما ليس فيه بر ولا معصية فليس بشيء )[3] مصحّحة السند .
4 ـ صحيحة زرارة : (كلُّ يمينٍ حلف عليها أن لا يفعلها مما له فيه منفعة في الدنيا والآخرة ـ كالرياضة ـ فلا كفارة عليه، وإنما الكفارة في أن يحلف الرجل : واللهِ لا أزني، واللهِ لا أشرب الخمر، واللهِ لا أسرق، واللهِ لا أخون، وأشباهَ هذا ولا أعصي ثم فعل ـ فشَرِبَ الخمرَ ـ فعليه الكفارة فيه
5 ـ مصحّحة أبي الربيع الشامي : ( لا تجوز يمين في تحليل حرام ـ كشرب الخمر ـ ولا تحريم حلال ـ كشرب الماء أو العصير ـ ولا قطيعة رحم )[4]،
6 ـ ومثلها تماماً مصحّحةُ عبد الله بن سنان : ( لا تجوز يمين في تحليل حرام ولا تحريم حلال ولا قطيعة رحم
7 ـ ولما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد (ابن خالد أو ابن عيسى) عن سعد بن سعد (الأشعري القمّي ثقة) عن محمد بن القاسم بن الفضيل (ثقة) عن حمزة بن حمران (روى عنه في الفقيه مباشرةً ويروي عنه ابنُ أبي عمير بسند صحيح) عن داوود بن فرقد (ثقة ثقة) عن حمران (بن أعيَن عظيم القدر جليل) قال : قلت لأبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) : اليمين التي تلزمني فيها الكفارة، فقالا : ( ما حلفت عليه مما لله فيه طاعة أن تفعله فلم تفعله فعليك فيه الكفارة، وما حلفت عليه مما لله فيه المعصية فكفارته تركه، وما لم يكن فيه طاعة ولا معصية فليس هو بشيء)[5] مصحّحة السند .
وعليه فلو نذر ـ إن بقي حيّاً إلى دقيقة ـ أن يتوضّأ الآن وضوءً رافعاً للحدث، مع أنه الآن طاهر، ففي صحّة نذره شكّ، لأنّ الظاهر من الروايات أن يكون متعلّق النذر راجحاً، وإبطالُ وضوئه مرجوحٌ ولا يعدّ شكراً لله، وإن كان وضوؤه الثاني راجحاً في نفسه، لكن المشكلة فيما قبل الوضوء الثاني، وهو إبطال الوضوء الأوّل، وبتعبير آخر : إن كان نذره مقتضياً لإبطال الوضوء الأوّل كان نذره مرجوحاً . مَثَلُه كمَثَل مَن ينذر إن شافاه الله أن يَكْسِرَ الزجاجَ الفلاني ثم يضع زجاجاً غيره !!

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo