« فهرست دروس

الثاني: وجوب ازالة النجاسة عن المساجد وتطهيرها- أدلة وجوب الازالة من الروايات (مناقشات في الاستدلال بخبر علي بن جعفر)/الباب الخامس: أحكام المساجد /فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)

 

الموضوع: فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/الباب الخامس: أحكام المساجد /الثاني: وجوب ازالة النجاسة عن المساجد وتطهيرها- أدلة وجوب الازالة من الروايات (مناقشات في الاستدلال بخبر علي بن جعفر)

 

قبل الدخول في المناقشات من جهة الدلالة ينبغي أن نكمل البحث حول سند الحديث، لأنه بقي شي في البحث حول السند.

وهو أن صاحب الوسائل قد رواه بطريقين:

ففي الطريق الأول يوجد (عبد الله بن الحسن) وهو لم يوثق بل أنه لم يذكر اسمه كتب الرجال بعنوان من أحفاد علي بن جعفر! لذلك من هذه الجهة أن الرواية ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها.

لكن في الطريق الثاني قد رواها مباشرتا عن علي بن جعفر وفي خاتمة الوسائل ذكر الشيخ الحر بأنه قد روي له من الكتاب المذكور بطريق معتبر وأن كتاب علي بن جعفر من الكتب المعتبرة.

فمن هذه الجهة يمكن الاعتماد على الرواية.

وأما المناقشة:

قد نوقش في الاستدلال بالحديث من جهة الدلالة بأن ما يوافق مذهب أهل البيت وفقه الامامية أن بول الدابة طاهر وليس نجسا. كما صرح به كثير من الفقهاء الامامية في كتبهم.

والمقصود من (الدابة) اما الفرس كما صرح به في اللغة العربيةز

واما البهائم الذين لم يخلقوا لأكل لحمهم وشرب لبنهم والاستفادة من جلدهم، بل أنهم خلقوا للركوب ونقل الأمتعة وفي الاصطلاح يقال لها (المركب). مثل الفرس والبغل والحمار.

فأبوال هذه المصاديق من البهائم طاهر.

وكذلك بول سائر الحيوانات المأكول اللحم مثل البقر والغنم والابل و... طاهر.

بناء على ذلك فنستغرب أن علي بن جعفر مع عظمة شانه وعلو مقامه يفترض أن الابوال هولاء الحيوانات نجس في الشرع وهو يسأل عن فورية تطهير المسجد أو جواؤ تاخيره الى بعد الصلاة! فهذا بعيد كل البعد من شأن جناب علي بن جعفر.

فيحتمل أن يكون في ذهنه أمر آخر وسواله كذلك ناظر الى أمر آخر.

فعليه أن خبر علي بن جعفر الذي عرفناه بالصحيحة فعير مبين بل أنه مبهم ولايجوز الاستدلال به.

يمكن الدفاع عن بعض الجهات في الاشكال بأن الاستغراب والاستبعاد بشأن علي بن جعفر فغر وارد، لأنه مسألة طهارة بول الدواب ليست من المسائل المتفاة عليه الفقهاء بأجمعهم، بل المشهور من العامة مثل الأحناف والمالكي والشوافع يعتقدون بنجاسة مطلق أبوال الانسان والبهائم.

فلا أقل من وجود احتمال نجاسة بول الدابة في ذهن علي بن جعفر وهو يسأل عن الامام الكاظم عن فورية تطهير المسجد بعد أصابته بها. فلا استغراب هنا!

وأضف الى ذلك أن مثل هذه السوال قد ورد في كثير من الراوايات من جانب بعض أجلاء الرواة ولم يستغربه أحد!

مثل ما سأله محمد بن مسلم عن نجاسة أبوال الدواب والبغال والحمير.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَأَبْوَالِهَا وَلُحُومِهَا...» [1] .

ومثل ما سأله عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: «سألت أبا عبد الله عَنْ رَجُلٍ يَمَسُّهُ بَعْضُ أَبْوَالِ الْبَهَائِم، أَ يَغْسِلُهُ أَمْ لا؟…»[2] .

ومثل ما سأله الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبْوَالِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ فَقَالَ: «اغْسِلْ مَا أَصَابَكَ مِنْهُ»[3] .

بناء على ذلك أن هذه النقطة في الاشكال ليس بواردة على الاستدلال وان كان الاستدلال مبتلى باشكالات مختلفة.

ونوقش أيضا بأنه لوكان السوال عن حكم طهارة ونجاسة بول الدابه، فكان لابد من تطبيق الجواب على السوال، ولكن الامام قد فرق فيتفصيله بين الجفاف وعدم الجفاف ومن الواضح أن الجفاف وعدمه لا دخل له بالحكم.

فلابد من التوجه الى أمر آخر.


logo