« فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

45/10/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الدفن في المسجد أو بناء المسجد علی القبور (تتمة الأدلة علی القول بحرمة الدفن - مناقشة في الاستدلال)/الباب الثالث: هندسة المسجد /فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)

 

الموضوع: فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/الباب الثالث: هندسة المسجد /الدفن في المسجد أو بناء المسجد علی القبور (تتمة الأدلة علی القول بحرمة الدفن - مناقشة في الاستدلال)

 

قد ذكرنا الدليل الأول وهو الاجماع وناقشنا فيه وذكرنا الدليل الثاني وهو ان الدفن يوجب تلويث باطن المسجد وهو حرام كتنجيس ظاهره.

و قد بقي المناقشة في الاستدلال بالدليل الثاني.

مناقشة في الاستدلال:

يمكن المناقشة في الاستدلال بهذا البيان:

أولا: أن الدليل أعم من المدعى. فربما لا يتفسخ الميت في بعض الموارد كما ثبت في التاريخ.

كما ذكره في مهذب الأحكام في مقام المناقشة:

«وفيه: أنّه أعم من المدّعی إذ ربّ ميت لا ينفسخ، ومع الشک فمقتضی الأصل عدمه»[1] .

وثانيا: لو كان المدار في الحرمة انما هو تنجيس باطن المسجد فيمكن المنع من التلويث، لأن يمكن جعل الميت في غلاف يمنع التنجيس على فرض انفساخه.

كما صرح صاحب الجواهر بنفس المناقشة:

«لكن فيه أنه يمكن وضعه على شي‌ء يمنع عن تلويثه المسجد، بل يكفي الشك، ويدفع بأنه إنما يتم بناء على أن مدار الحرمة التلويث، وإلا فيكفي في المنع خروج النجاسة منه ولو على بدنه، إلا أن قضية ذلك دوران حرمة الدفن حينئذ على المذهبين، ولم أعرف من ناطها بشي‌ء منهما»[2] .

وثالثا: أن الذي قيل هنا في مقام الاستدلال بأنه يحرم تنجيس باطن المسجد كظاهره فليس أمرا مسلما وثابتا عند الجميع، بل يمكن للبعض المنع من حرمة تنجيس باطن المسجد كما قاله بعض الفقهاء كالسيد الخويي حيث صرح به في التنقيح تعلقا على متن العروة:

«ثم إنها إنما تقتضي وجوب إزالة النجاسة عن ظاهر المساجد فحسب، وأما باطنها فلا تجب إزالتها عنه كما لا يحرم تنجيسه، لعدم منافاة نجاسة الباطن مع المسجدية وإلّا لم يكف طمّ الكنيف في جواز اتخاذه مسجداً، لأن طمه بالتراب إنما يقطع رائحته ويمنع عن سراية نجاسته لا أنه يطهّره كما لعله ظاهر. ...

ان حرمة تنجيس باطن المسجد لم تثبت بدليل...»[3] .

ورابعا: أن المستدل استدل باستلزام الدفن التنجيس الحرام، وبالنتيجه قال بأن مستلزم التنجيس حرام كحرمة التنجيس!

ولكننا لا نقبل الاستدلال بالاستلزام فيما نحن فيه، لأن أكثرشيء يمكن القول به أن المتلازمين لابد وأن لايكون حكمهما متناقضين كالحرمة والوجوب.

يعني لايمكن القول بأن أحد المتلازمين واجب والآخر حرام، لأنه يوجب التكليف بغير المقدور وهو قبيح على الحكيم، ولكن لو قيل بأن أحدهما واجب والآخر ليس بواجب وليس بحرام فلا مانع في البين.

فاذا يمكن القول بأن تنجيس المسجد حرام ولكن الدفن فيه ليس بحرام.

لأن اشتراك العنوانين في الحكم اما من جهة الملازمة والتلازم بينهما أو من جهة مقدمية أحدهما للآخر وهما غير تامين هنا.

لأن المتلازمين كما قلنا لابد وأن لا يكون حكمهما ضدين مثل الوجوب والحرمة؛ وأما المقدمة فحكم مقدمة الحرام محل البحث هل هي حرام شرعا من جهة أنها مقدمة للحرام أو ليس بحرام شرعا بل أنها حرام ولابد من الاتناب عنه بحكم العقل، فمقدمة الحرام لازم الاجتناب عقلا وليس بحرام شرعا!

و على فرض القول بأن الدفن مقدمة للحرام فهو لابد وأن يكون علة تامة للحرام كييكون محكوما بحكمه وأما المقدمة التي ليست بعلة تامة لذي المقدمة فهو ليس بحرام، وأما نحن فيه فالدفن ليس علة تامة للحرام.


logo