< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/05/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الكلام في الاشكالات

 

كان الكلام في اشكال التكليف بالمحال ان قلنا بالترتب بناء على ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام فيكون الترك محرما وهو ملازم لفعل المهم بل اخذ في موضوعه بحسب الفرض، فيجتمع الحرمة والوجوب على المتلازمين ونحن وان لم نقل بلزوم اتحاد المتلازمين بالحكم لكن لا يمكننا المصير الى تضادهما في الحكم لانه يلزم التكليف بالمحال وهو محال من الحكيم، ذكرت بالامس بان هذا الدليل الذي اختصرته الان انما يتم اذا قيل بالنهي الحقيقي الاصطلاحي كلازم للامر بالشيء مع وضوح ان الامر ليس كذلك بل ان هذا بالدقة ليس من الاقتضاء في شيء، غاية ما نستطيعه هو انتزاع مبغوضية الترك اذ لا يمكن ان يحب حبا عارما الفعل ولا يبغض تركه، لكن المبغوضية هنا ليست مبغوضية نفسية حتى تنتج حرام بالمعنى الاصطلاحي ولا يصح التعبير عنها ايضا بانها مبغوضية غيرية اذ لا مقدمية بين الشيء ونقيضه، لكن على كل حال هذا النقاش نقاش مبنائي ثم صرت بعد ذلك الى انه ان بُني على هذا المبنى فانه سوف يكون هناكَ تكليف بحرمة الترك للاهم ووجوب فعل المهم، فهو من التكليف بالمحال، يقول بعض محققي العصر على ما ينسب اليه في تقرير لبعض افاضل تلامذته لانه أليس قد برهنا في طرف الوجود بالترتب على امكان وجود التكليف الطولي، فاذا كان الامر كذلك وامكن الاجتماع بين وجوب الاهم ووجوب المهم طولياً ببرهان الترتب فلا محذور حينئذ في اجتماع الحرمة والوجوب وكأن هذا المحقق يريد ان يقول بانه كما ترتفع الغائلة باجتماع الحكمين المتضادين ولو بالعرض نتيجة ضيق قدرة المكلف عن الجمع بينهما ببرهان الترتب والطولية بين الحكمين، كذلك حرمة الترك التي هي لازم للاهم تجتمع مع وجوب الفعل بنحو طولي فيكون بنحو الاستلزام كأنه اُخذ وجوب الفعل وحرمة الترك موضوعا لوجوب المكلف، كأنه قال المولى كأنه اذا ارتكبت الحرام وهو ترك الاهم فانني اطالبك بالمهم واوجبه عليك، فالطولية التي اوجبت امكان الأمر بالضدين ترتبا ان امنتم بها في ذلك الطرف فلتؤمنوا بها في الطرف ايضا بنفس البيان، فانها لا تزيد بملازمتها على ذاك، اقول يا اخوان هذا الكلام جيد ومتين لا بأس به لكن هنا مسألة تحتاج الى شيء من التحرير طبعا جيد بناء على انه في حرمة بالمعنى الاصطلاح والا نحن من الاساس ننكر هذا المعنى وهذه الاشكالات اساسا على مبنانا لا تأتي نحن قلنا بالفعلية الملاكية في مقابلة التنجيزية لا يأتي كل هذا الكلام لان الملاك قطعا غير مشروط لا بالقدرة ولا بشي وجود مصلحة الشيء الفلاني سواء قدرت على الاتيان به او لم تأت، فعلية ملاكية ليس فيها الفعلية التنجيزية هي التي تشكل، اقول حق المطلب ان يقال في المقام بان الترك الذي هو لازم الامر بفعل الاهم والذي هو مطلق فالترك مطلق قد اخذ في موضوع فعلية وجوب المهم او ايجاب المولى الفعلي له، الاقدام على الترك اللي عبر عنه بالعصيان تارة والعزم على المعصية اخرى في كلمات المحققين واللي عبرنا عنه بالعصيان الشروعي سابقاً، فالوجوب لا يكون الا متأخر عنه رتبة لانه مأخوذ في موضوعه بنحو القيد اللبي بحسب الفرض هذا برهان الترتب، والتلازم الواقعي بين ترك شيء وفعل شيء اخر زماناً مع تأخر احدهما عن الاخر رتبةً يرفع غائلة التكليف بالمحال كما لا يخفى، فان حرمة الترك وان كانت مطلقة على القول بها استلزاما لكن وجوب الفعل ليس مطلقا بل مقيد بهذا الترك، ان قلتم الا يبقى الترك مطلقا محرم عندما يعزم الانسان عليه والترك متلبس به هو الا ان يبدأ بالايجاب مع فعلية المهم فيلزم اجتماع الفعليتين، اقول هذا ليس اشكالا جديدا اذا وصل الى هنا هذا نفس الاشكال على براهين الترتب، ان قبلتموه هناك فاقبلوه هنا وان لم تقبلوه هناك فلا تقبلوه هنا نفس الكلام هو الكلام فهذا الاشكال ليس بشيء خصوصا على مبنانا اصلا في الترتب ليس بشيء وعلى مبنانا في ان الضد العام ايضا ليس بشيء وحتى على مبنى الخصم يدفع هذا الاشكال بنفس برهان الترتب في الحقيقة بالقدر الذي يقتضيه صاحب الترتب.

الاشكال الثالث غير الاشكالين المدرسيين المعروفين قلنا نتعرض لبعض الاشكالات ايضا في الاهم والمهم، المهم من المتزاحمين وهيدا الاشكال منسوب للمجدد الشيرازي الكبير وان كان قائلا بالترتب هو المهم من المتزاحمين كالصلاة مثلا مع ازالة النجاسة والصلاة موسعة ويفترض ان المضيق اهم مثلاً، بناء على انه واجب بالترتب وهو مقتضى بحث الترتب اذ اخذ في موضوعه ترك الاهم فتركه سوف يصبح حراماً، يعني في طولتحقق قيد فعلية المهم اللي هو ترك الاهم يصبح المهم واجباً فعلياً، وبناء على ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام يصبح تركه محرما ترك الصلاة محرماً، فقد اجتمع تركالصلاة المحرم مع وجوب الازالة المطلق، اذ وجوب الازالة غير مقيد كما لا يخفى وقد أجهد بعض المحققين نفسه بالاطالة للجواب على هذا الاشكال مع انني لا اراه اشكالا غير السابق غاية الامر دخل اليه من جهة اخرى فذهب كما فعل المحقق الاصفهاني رضوان الله تعالى عليه بأننا اما نسلم بحرمة نقيض الواجب ووجوب نقيض الحرام، الا ان الواجب هو فعل المهم لكن ليس فعل المهم واجبا على جميع التقادير اذ هو مقيد بترك الاهم، ففعل المهم الواجب هو المجامع لترك الاهم عصياناً، وهو لا يجامع فعل الاهم اذ الفاعل للاهم نفى قيد فعلية وجوب المهم هذا معنى الترتب، فهو ليس واجبا بجميع حصصه بل خصوص الحصة المجامعة لترك الاهم واضح ولا مش واضح، ما وجوب المهم مقيد بترك الاهم فلا وجوب للمهم اذا تلبس بفعل الاهم، وعلى هذا الاساس نقيض الفعل الواجب اللي هو الحرام اي ترك الصلاة في المثال باضافته الى الاخر ايضا نتصور له حصتين، الحصة الاولى حرمة ترك الصلاة المجامع لشرط ايجاب الصلاة المجامع لترك الاهم اللي هو الازالة، وحصة اخرى وهذه لا مانع من القول بها، ترك الصلاة التي تكون مع فعل الاهم اللي هو الازالة وهذه لا نسلم انها حرمة لان هذه الحرمة فرع الوجوب، والمتلبس بفعل الاهم نفى قيد فعلية وجوب المهم، فاذاً لا وجوب للمهم في هذا الفرض فلا حرمة للترك في هذا الفرض كما واضح، وبعبارة موجزة يقول المحقق الاصفهاني بان وجوب المهم هو الوجوب المقيد وليس الوجوب المطلق مو متل الاهم فحرمة الترك للمهم هي الحرمة المقيدة اذ اللازم لا يزيد على ملزومة يعني اذا الواجب حصة مطلقة بكل حرمة الترك الحرمة المطلقة، بينما اذا الواجب هو الحصة المقيدة الحرمة ستكون لخصوص النقيض للواجب اي للحصة المقيدة وعلى هذا الاساس لا يتم هذا البرهان بوجه كما هو واضح، انا ارى هالاشكالات وهالنمط من الاشكالات يا اخوان ليست اكثر من التفاف على دائرة الاشكال، وقد اطال بعض المحققين من المعاصرين في المقام محاولا من جهته الاستشكال على المحقق الاصفهاني بما لا اراه اشكالا مشيِّدا لكلامٍ يجاب به على هذا الدليل بما لم ارَ فيه نكتة مهمة زائدة لكي يتصدى الانسان لبيانها وتتميم البحث بها، ونحن نكرر في هذا الاشكال ما ذكرناه في الاشكال السابق من ان هذا مبني على مبنى لا نقول به اساسا لا في باب الترتب نقول باكثر من فعلية تنجيزية واحدة، ولا في باب اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده العام نقول بالاقتضاء في الحقيقة نحن نقول لا يوجد الا واجب، لازمه بغض ترك الواجب وهذا ليس ناشئ من ملاك مستقل هذا نفس ملاك حب الوجه وسد بعد به المعبر بالترك، هناك بعض الاشكالات الاخرى التي اضيفت في المقام انا اظن نكاتها من جوه الاشكالية تعلمونها، يعني لم تعد تحتاج الى اطالة وبيان، هذا تمام الكلام في اصل بحث الترتب، بقيت بعض الابحاث التي عبر عنها بالتنبيهات وهي تنقسم الى قسمين القسم الاول البحث في مسائل يخفى جريان الترتيب فيها انها داخلة في محل النزاع في الترتب او غير ذلك من قبيل الموسع مع المضيق اذا تزاحما من قبيل مقدمة الواجب مع الواجب اذا تزاحما ثلاث اربع عناوين من هذا القبيل، والقسم الثاني اللي سموه بالتنبيهات ايضا هو تطبيقات جريان او عدم جريان الترتب مثلا في الجهر في موضع الاخفاء او العكس او فيما اذا تزاحم النذر مع الواجب الاصلي، مسائل فقهية في الحقيقة هي مش مسائل اصولية لكن مدرسة المحقق النائيني تعرضت لبعضها او لها فجرى العادة الحديثة على التعرض لها او لبعضها يأتي ان شاء الله والحمد لله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo