< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تكملة الحديث حول المقدمة الثالثة

 

كنا بالامس بصدد المناقشة الجوهرية فيما افيد في المقدمة الثالثة وان البحث فيها مبنيّ على ان الترتب لا يمكن تصحيحه الا اذا قلنا بالشرط المتأخر، وكان المحقق النائيني بصدد المناقشة مع القوم في ذلك لانه يقول باستحالة الشرط المتأخر، كنا بصدد الحديث عن ان هذا البحث مبني في الاساس على اخذ العصيان هو الشرط في صيرورة الحكم فعلي بالمهم، وحيث ان العصيان لا يتحقق الا بانقضاء امكانية امتثال الاهم، وحيث ان المفروض فعلية المهم قبل انتهاء هذه الامكانية، فيلزم فعلية المشروط قبل تحقق الشرط زماناً، فالتُجأ الى القول بالشرط المتأخر، كان قد انجر البحث في نهاية الدرس السابق الذي انقطع قبل انهائه الى ان هذه الفكرة مبنية على ان العصيان مسقط للامر لان اساس المشكلة كانت في مطاردة الاهم للمهم، ومطاردة المهم للاهم صيرورته فعليا مع ان الاهم لم يسقط بعد، فذكرت ان العصيان بعنوانه ليس من مسقطات الامر نعم العصيان في كثير من حالاته يلازم انتفاء الموضوح فلا يعود الحكم فعليا من باب السالبة بانتفاء الموضوع يعني غالب موارد العصيان هي من هالقبيل، لان المقصود من العصيان هو العصيان الذي لا يتمكن معه المكلف بعدُ من الامتثال، وليس العصيان الذي اشرت اليه بالمبادرة مع بقاء امكانية التمكن من الاتيان بالمتعلق في الزمن الثاني او الثالث حيث يكون الموضوع وحدانيا لا افراد طولية عديدة، وكذلك الامر ايضا في الافراد الطولية اذ المقصود عصيان الامر لا المبادرة اليه فيما لو وجبت المبادرة لان ذا الافراد الطولية اذا فُرض اهم فكل فرد فرد من افرادهاهم فتخلفه في الزمن الاول حتى لو وجبت المبادرة لا يعني عصيان الامر الاهم بل يعني التخلف عن المبادرة حينئذٍ، فاذا لم يكن مسقطا للامر فاخذُ العصيان اصل اخذ العصيان قيداً لا يبقى له معنى اي قيدا لصيرورة المهم فعلياً، فلابد والمفروض ان القيد عقلي في المقام يعني عالم الاثبات والثبوت واحد مش عالم الفاظ، ان يكون القيد الذي يؤخذ هو القيد الذي يرفع غائلة المطاردة- كما يعبر صاحب الكفاية- من المهم للاهم لان عدم اخذ القيد المذكور يقضي بأن يكون المهم فعليا مع الاهم وفي عرضه ويقال هذا تعبير اخر عن طلب الجمع بين الضدين وهو محال لانه تكليف بغير المقدور،
اقول القيود العقلية هي قيود الضرورة سواء كان في مقام الانشاء اي في باب الطاعة وفروعه او في مقام الكشف عن المراد التشريعي للمشترع الحكيم اذ لا معنى للاطلاق في الاحكام العقلية الا اذا كان عالم الثبوت مطلقا وغير قابل للتقييد، وهنا لابد وان يصاغ القيد عقلا بحيث يرفع الغائلة - على تقدير وجودها طبعا كما هو الزعم - المذكور اي الافضاء الى طلب الجمع بين الضدين بجعل المهم مقيدا بحال لا يفضي الى مطاردة الاهم اي كونه في عرضه،-عم بتحيص من مبارح يا اخوان في نفسي احتفظوا لي لحد هنا وراح نكمل البحث بس افتحوا قوس: هذا التعبير الذي شاع في الكلمات مطاردة الاهم للمهم ومطاردة المهم للاهم فيما لو لم يكن مشروطا بعصيان الاهم، هذا مستقى من كلام صاحب الكفاية هو اللي عبر هذا التعبير، اقول يا اخوان في بعض الاوقات التعابير توهم لابد من تمحيص لنرى عما يعبر عنه من حقيقة في المقام البحث بحث عقلي مربوط باستحالة التكليف بغير المقدور، طلب الجمع بين الضدين في ان واحد لا يصدر من الحكيم بنحو الجد، لكن بالدقة لا يوجد شيء إسمه في المقام ان الاهم يطارد المهم ولا ان المهم يطارد الاهم بالمعنى الدقيق للكلمة، اولا كل حكم يدعو المكلف الى تحقيق متعلقه على من الموضوعات ولا علاقة له بمتعلق اخر ولا بموضوع اخر، الا اللهم اذا ما كان هنالك تنافي الذاتي بين الموضوعين اي احدهما نقيض الاخر او ضد الاخر، والنسبة الحكمية ايضا داعويتها كانت ايضا تناقض او تضاد، حينئذ لا اشكال ولا ريب في ان اثبات احد الضدين ينفي الاخر وهذا خاضع للقانون العقلي العام من انهما لا يجتمعان ولا يرتفعان في الضدين في النقيضين والضدين الذين لا ثالث لهما وفي الضدين الذين لهما ثالث لا يجتمعان لكن لا يرتفع بالثالث وهذا خرج عن محل بحثنا اصلا نحن محل بحثنا موضوعان لا تضاد بينهما بالاصل ازالة نجاسة عن المسجد وانقاذ غريقلا تضاد بينهما والحكمان لا تضاد بينهما ايضا، على هذا الاساس اذا ضممنا الى هذا المعنى اننا فرغنا في البحث السابق ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده سواء كان الضد عام او ضد اتفاقي يعني ضد خاص او عام او كان ضدااتفاقيا وهو المعبر عنه بباب التزاحم، طيب اذا نظرنا الى الحكم فالحكم ليست له داعوية الا لمتعلقه، كل حكم يدعو المكلف المخاطب الى المتعلق على الموضوع "اقم الصلاة""أكرم الفقير" ولا علاقة له بموضوع اخر اجنبي عنه لا من قريب ولا من بعيد، وعلى هذا الاساس فلا يطارد حكم حكماً نعم إنما عُبر في المقام بالمطاردة من قِبل صاحب الكفاية باعتبار ان داعوية الاهم لتحقيق متعلقه والمكلف ليست لديه قدرة على تحقيق متعلق الاخر معه فيكون الداعوية القوية تدعو بالالتزام الاتفاقي مش الذاتي ولا الدائمي نتيجة عمل خارجي تكويني لا نتيجة تضاد لا في الحكم ولا في الموضوع، انه اتفاقا حصلت النجاسة في الخمس دقائق الاخيرة وانا ما مصلي بعد، الى إفراغ القدرة في هذا المتعلق حتى كلمة دون غيره لميتعرض لها الحكم إنما الحكم لا يتعرض للغير حتى نقول دون غيره، الحكم يدعو الى متعلقه ونقطة اول السطر ما في اكثر من هذا في الحكم فهو لا علاقة له بالاخر حتى يطارده الا بهذا المعنى انه لازم ان أصرف قدرتي في هذا المتعلق مع ضيق القدرة عن الصرف في المتعلق الاخر عبر عنه بالمطاردة، والا ما في نظر ولا في شيء من هذا القبيل من حكم لاخر ما دام الموضوع والمتعلق مختلفان لا يلتقيان واضح، يعني الان تصوره قابل للتصديق به ويحتاج استدلال الان لما يقول اكرم الفقير هو ناظر صرف المال بالحج يعني وان هذا بعاند ذاك ما اله علاقة اصلاً، والاطلاق والتقييد في الاحكام بما يرجع الى المولى انما يرتبط بالموضوعات او المتعلقات، وعلى هذا الاساس فالمطاردة لابد ان يراد هذا المعنى التي هي ليست مطاردة في الحقيقة نحن نتكلم عن شيء خارج عن الموضوع وعن المتعلق شيء وراءه يستقى من قاعدة استحالة بغير المقدور فقط واللتي تقدر بقدرها حينئذ في عالم التنجز فقط، وتقول لي الحكيم قطعا اذا التفت الى هذين الامرين معا في هذا الظرف لا يطلبهما معا لا يطلبهما، وطلبه الاول على الاطلاق بل وطلبه الثاني على الاطلاق ليس طلب جمع بين الضدين ما دام غير ناظر احدهما للاخر هنايأتي العقل يريدترجح الاهم على المهم الاهم عند مولاي لا عندي لان واجبي إطاعة مولاي وهذا له علاقة بعالم الطاعة وهذا تقريبا شرحناه نحنا سابقا وهذا المقصود من المطاردة مش انه احدهما يطار الاخر بمعنى ينفيه والانكونبصدد الرجوع الى ان الامر يقتضي النهي عن ضده حتى الضد الاتفاقيالناشئ من الحالات الاستثنائية، وهذا ما لم يقل به احد حتى الذي قال بان الامر النادر الذي قال بان الامر بشيء يقتضي النهي عن ضده قال بها في الضدالذاتي الحقيقي مش في مثل هذه الحالة، طيب والا المشهور لم يقولوا بان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده حتى في الضديات التي من هذا القبيل،
على هذا الاساس نرجع الى ما كنا فيه وهو انه بناء على ما تقدم فان اخذ العصيان لا يعود له وجه، والشرط المتأخر حتى لو قلنا بامكانه عقلاً لا يكون على مقتضى القاعدة والقيود العقلية ومنها القيد الذي نتحدث عنه في المقام تقدر بقدرها لان العقل ما لم يدرك الجهات لا يحكم واذا ادركها بتمامها حكم طبقا لادراكه هذا معنى ان عالم اثباته وعالم ثبوته واحد ما في اطلاق وتقييد في عالم الاثبات، اذا كان الامر كذلك فلابد ان نرجع الى العقل لنرى ان المحذور باي مقدار لكي ندفعه، ولا اشكال في ان العقل حينئذ لا يقيِّد باكثر من أنَّ مَن لا يريد ان يأتي بالاهم فلا مانع من ان يأتي بالمهم هذا المقدار من التقييد وهو العزم على عصيان الاهم مش لازم يعصي الاهم حتى نروح نبحت ونروح ونرجع ونتناقش في ان متى يصدق ومتى لا يصدق، ليش نزل في القرآن الكريمكلمة ان المهم مقيد بعصيان الاهم نحتاج قيدا عقليا حتى ما يكون المهم بعرض الاهم، نفس ان يقول لك ان لم ترد امتثال الاهم من تكاليفك- وهذا عند العقلاء موجود - فافعل كذا، وهذا الذي سماه الدليل الوجداني السيد الخوئي في ذاك البحث،
اقول العقل يستقل بان مبادئ المهم تامة ولا محذور فيها انما المحذور من جهة اطلاقه بحيث يكون في عرض الاهم فقط، فحيث لا يرقى الى هذا المستوى فلا محضور ويكفي اي الحد الادنى الذي يحكم فيه العقل لرفع المحذور لان الضرورات تقدر بقدرها والاحكام العقلية مبنية على الحد الادنى لان الادراك لا يكون بازيد من الحد الادنى حتى نذهب للشرط المتأخر، العزم المقارن يكفي اي العزم على ترك الاهم، والترك - انتبهوا عم دقق - اعم معصيته قد ما يكون عازم على عنوان المعصية الرجال قد يكون مش عارفه اهم اصلا انا عم بتكلم عن مكلف عادي عزم على ترك هذا وامتثال هذا، قد يكون مش عارفه انه النبي الثاني الذي يغرق في مقابل المؤمن، لكن عزم على ترك ذاك وتوجه لانقاذ هذا، فنفس عزمه، وفائدة اخذ العزم ما هي يا اخوان؟ ان العزم يراد منه ليس الحادث آنا ما في البداية العزم المصاحب - انتبهوا لي دققوا معي - لفعل المهم، يعني انت عزمت على ترك الاهم ما دمت عازما ما دام المهم فعليا حتى لو ما جئت بالمهم، العزم المستمر الا - انتبهوا لي بعد هالقيد - الا اذا وصل الى حد لم يعد يمكنه امتثال الاهم لا أنه فقط تخلف عن مبادئه بل وصل الى حد ما عاد يمكنهوهنا انتفى الموضوعهناتحقق العصيان ولكن هذا ليس بقصده، هذا ليس القيد الذي يحكم العقل باخذه في المهم اصلا هناما عاد بنا ترتب لأن اهم ما عاد موجود من النصف فصاعدا اذاً لا يمكن الامتثال، يعني افترضوا انا واقف هنا ويوجد غريق يغرق هنا وغريق يغرق في جهة الشرق واحد في جهة الغرب وواحد في جهة الشرق فهو بعيد مسافة فاذا توجهت نحو الشرق ما راح لحق بعد واذهب، هنا لا اشكال ولا ريب في انه خارج عن بحثنا لانه اذا توجهت نحو الشرق وما راح اقدر انقذ ذاك انتفى الموضوع ولو بعد ما مات بس ما عاد فيي انقذه، ما عاد عندي قدرة على انقاذه، لا اكلف انا بانقاذه والحال هذه، فاذا في بداية العزم يقدر على الاثنين فأخذُ قيد العزم على الترك يكفي لتحقيق الشرط للمهم، والمهم بمجرد انتفاء العزم على الترك مع القدرة على الامتثال لانه اذا ما في قدرة على الامتثال سالبة بانتفاء الموضوع ينتفي قيد المهم ولا يعود فعلياً سواء في البداية او في الاثناء، فهذا المقدار من التقييد كافي ولماذا تدوخوا بعضكم وتروحوا للشرط المتأخر على ان الشرط المتأخر حتى لو قلنا بامكانه ولم نقل باستحالته انما يقال بامكانه اذا دلّ دليل عليه وهو على خلاف القاعدة التحصيص بامر متأخر حتى لو قلنا بامكانه على خلاف القاعدة كما لا يخفى والعقل لا يحكم على خلاف القاعدة يحكم بالقدر المتيقن، تتمة البحث تأتي ان شاء الله الحمد لله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo