< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مناقشة الشيخ النائيني

 

كان كلامنا وقد اختصرناه واختزلناه في المقدمة الثالثة من المقدمات التي اقامها المحقق النائني على الله مقامه وهو في صدد البرهان على الترتب، وقد قدمنا ان هذه المقدمة ليس الهدف منها تشييد البرهان بل الهدف منها الاجابة على بعض الاشكالات وعمدتها اشكال يتبعه اشكالاخر تصدى لهما مخالفو الترتبتصدى الشيخ النائينيي للدفع ودفع على مبناه الخلاصة ان الترتب لا يصح الا بناء على القول بالواجب المعلّق او القول بالشرط المتأخر او كلاهما لماذا اقول او او؟ لانه اذا قلنا العزم على العصيان لم يعد له علاقة بعد بالشرط المتأخر، اما اذا قلنا بنفس العصيان فالعصيان لا يصدق الا متأخرا والوجوب الترتبي متقدم فبصير متوقف عالشرط المتأخر، حينئذ قال المحقق النائينياعلى الله مقامه الشريف انا لا اقول لا بالواجب المعلّق ولا بالشرط المتأخر بل اقول باستحالتهما ومع ذلك اقول بان القول بالترتب لا يتوقف على الايمان بأحد المبنيين او كليهما، وجعل مرتكزه فيما ذهب اليه ان التوقّف على القول بالواجب المعلق انما يكون نتيجة الذهاب الى مبنى لزوم التعدد الزماني بين فعلية الخطاب والامتثال ولو آناً ما، مع ان فعلية الخطاب والامتثال من قبيل المعلول والعلة اقصى ما بينهما التقدم الرتبي لا التقدم الزماني هذا مرتكز الفكرة من هذه الجهة، من جهة الشرط المتأخر يوجد كلام اخرلنبقى الان من هذه الجهة حتى لا يلزم التشويش، دعونا نتكلم في الشق الاول وهنا أناقش في بعض ما افاده المحقق النائيني في المقام وقد اضطر اثناء المناقشة الى الاستشهاد بمقطع صغير من كلامه، اول مناقشة مع المحقق النائيني ترتبط باصراره على ان زمان - وهي الفكرة المركزية في الحقيقة - الامتثال وزمان الفعلية واحد لا يوجد بينهما اي تقدم وتأخر حتى بالآن ما، هذاالمعنى دار وحام حوله المحقق النائيني اول كلامه قال هذا خاص بالمضيقات يعني متل الصوم، واشكل حينئذ اشكال - تعرضت له مختصر بالامس - انه الانسان في اول الوقت يشكل عليه يعني اذا تلبس بالامر الترتبي وكان من المضيقات فيكون قبل فعلية الامر وقبل زمان الامتثال لانه قبل زمان العصيان والعصيان شرط في صيرورة الامر الترتبي فعلي ولو الشروع بالعصيان يعني اول لحظة من العصيان، والذي لا يكون اسمه عصيان هذا ما دام يستطيع ان يأتي ما اسمه عصيان، فهذا عصيان التأخير لا عصيان المتعلق، وفرع على هذا الكلام بعض التفريعات من قبيل لغوية الامر لو لم يكن زمان الامتثال وزمان الفعلية فعلية الخطاب واحداً، ودعونا نتفق من البداية نحن لسنا بصدد مناقشات لفظية هو عبّر - راجعوا كلامه - عدة مرات في كلامه بفعلية الخطاب او بان الخطاب يصبح لغوياً ليس مقصوده من الخطاب الانشاء، مقصوده من الخطاب هو الخطاب بالحمل الشايع اي توجيه التكليف الان تعبير عنه بالخطاب صحيح أم لا هذا بحث اخر هذا يصير مناقشات لفظية ما الها قيمة لكن واضح جدا ان مراده من الخطاب مصداق الخطاب اي الحكم الفعلي بالحمل الشائع وليس مراده من الخطاب الخطاب الانشائي الذي جُعل في صدر الاسلام وفرغ من جعله، وواضح ان ذاك الخطاب بذاكالمعنى ليس له علاقة بمحل بحثنا اساسا وهذا واضح فان الجعول القانونية جعلت وفُرغ منها فلندع الكلام جانبا في هذه المسائل اللفظيةـاقول خص هذا بالمضيقاتقائلا بانه لا مانع منه في الموسعات، ثم عاد وقال بان الخطاب اذا صار فعلي والامتثال ما صار فعلي يعني الزمن الذي يُقبل ان يمتثل فيهفانه سوف يكون الخطاب لغويا طبعا واضح هنا انه لايقصد هنا الانشاء وإنما قصده الفعلية صيرورة الحكم فعلي تصبح لغوية فلابد من اخذ الزمان المتخلل حينئذ قيدا في الموضوع حتى لا يصبح الحكم فعليا بدونه كما قلت بالامس.
أقول اولا إ مقايسة محل الكلام بالعلل والمعلولات في الحقائق وان اعترف بأنه ليس منها لكنه جعلها من نفس واديها يصحح من جهة ويبطل من اخرى او يصح من جهة ويبطل من اخرى، باعتبار انه في التكوينيات لا يوجد شيء اسمه الارادة والاختيار تتخلل بين العلة والمعلول وفي الموارد التي يكون المعلول معلولاً فيها للاختيار يؤخذ منتهى الاختيار اي العزم المتصل بتحريك العضلات كما يعبر المحقق النائيني في مواضع اخرى الذي بسميه هجمة النفس عادة، فاذا اخذ المنتهى قطعا عالم التكوين عند اللحظة التي تحصل فيها العلة التامة يحصل فيها المعلول لا في اللحظة التالية، ولكن في الامور الاختيارية عندما تُؤخذ في مقام توجيه المكلف المختار فلا اشكال ولا ريب في ان الامتثال مش وهم الامتثال إنما الامتثال - بعدين بذكر هالنقطة حتى ادفع دخل مقدر وقع فيه ايضا المحقق النائيني- وباب التكاليف منه من هذا الذي كنت اذكره فانه يتوقف اولا على الجعل التشريعي مش ضرورة صياغة قانونية قد يوحي به اليه ايحاء لا مشكلة يلقيه في روحه ولا نتكلم عن الصياغات الشكلية، يتوقف اولا على هذا، وبدونه لا يوجد شيء اسمه امتثال وإنما الإمتثال تكليف لا وهم تكليف، ثانيا يتوقف على الوصول الى المكلف والوصول الوصول الحقيقي لا المركب لان ذاك صير امتثال لما حسبه لا امتثال لحكم حقيقي هذا على مستوى الشبهة الحكمية، على مستوى الشبهة الموضوعية والمصداقية يتوقف ايضا اذا كان مشروطاً على التحقق من ثبوت شرائطه من دون التحقق من ثبوت شرائطه خارجا لن يكون مستطيعاً بالفعل ان يكون ممتثلاً ونحن لا نتكلم هنا - انتبهوا - عن سقوط متعلق التكليف كيفما اتفق نتكلم عن الامتثال وكررها عشر مرات في كلماته اي عن إتيان المكلف بالعمل منبعثاً عن التكليف الذي جُعل بداعي تحريكه تشريعاً هذا هو الامتثال، ولا اشكال ولا ريب في انه حينئذ ولو افترضنا كما افترض هو انّ علم المكلف في التكليف كان سابقا على تحقق موضوعه وشرائط الموضوع التي جعلها اجزاء من الموضوع هو بحسب اصطلاحه قال كل شرط هو موضوع من الموضوع وكل موضوع هو كذا، ولكن بالنسبة لتحقق الشرائط لا اشكال ولا ريب في ان الفاعل المختار لا ينبعث الا عن مبادئ الاختيار ومنها التصور والتصديق والعزم ولا اشكال ولا ريب في ان هذا الانبعاث لكي يكون انبعاثا امتثاليا بالفعل يتوقف على تشخيص الموضوع وانه صار موضوعا فعليا بالفعل، ولا ريب في ان التحقق من صيرورة الموضوع فعليا يحتاج الى برهة الزمان هذه لأنه يتوقف في الحسيّات على الحسّ حتى لو كان حسّ دقيق حس القرن الحادي والعشرين لا اشكال ولا ريب في انه يحتاج الى برهة من الزمان التي سماها آناً ما، وهذا المعنى - انتبهوا لي - من التعليق ان سلمنا جدلا انه داخل في بحث الواجب المعلّق هذا لا انه ليس مستحيلا فقط لابد منه عقلا في كل تكليف وامتثال اذ بعد الفراغ عن انه لا يكفي التحقق من الشبهة الحكمية بل لابد من التحقق من شرائط التكليفسوف يكون هذا المعنى واضحاً لا محالة، وبعبارة اوضح التكاليف المطلقة التي ليس لها أي شرط تتوقف على العلم بها فقطعا صارت فعليتها بالمعنى العام الاشتراك بين العالم والجاهل متقدمة على، والتكاليف المشروطة تحتاج بالاضافة الى العلم بالشبهة الحكمية التحقق من وجود الشرط خارجا والتحقق من وجود الشرط متأخر عن وجوده ولو آنا ما، فلن يكون الانبعاث انبعاثا امتثاليا حقيقة الان بحكم الامتثال هذا بحث اخر لا شغل لنا فيه لن يكون انبعاثا امتثالياـ وبالعبادات انا كيف انوي واقصد التقرب الى الله جازما بهذا يكون من قبيل قصد التشريع اذا شككت، يعني بعبارة اخرى اذا جاء الانسان برجاء ان يكون قد دخل الوقت هذا ليس امتثال هذا اتيان بعبادة رجائية الانيقبل فيها الشارع فيما لو صادف ان الوقت كان قد دخل هذا بحث اخر، نقول الامتثال حقيقة الذي يدخل في ضابطة موضوع الامتثال انما يكون في طول دخول الوقت وكشف المكلف ان الوقت قد دخلوهذا هو الان،هذا يحتاج زمن يا شيخنا النائينيام لا يحتاج زمن ولو كان الزمن آنا ما بحسب تعبير؟ طبعا يحتاج بلا اشكال ولا ريب يحتاج، واذا هذا من الواجب المعلق اذاً لا بد من القول بالتعليق بهذا المعنى في الواجبات بل هو ضرورة عقليةلا أنه فقط ممكن، واما ما قاله وهذا النقاش بادبيات البحث اي طرائق الطرح بانه هذا علاقته متل علاقة العلة بالمعلول وبعض تلامذته عبر حرّكت يدي فتحرك المفتاح، ولكن هل الامتثال من قبيل العلل التوليدية ولو من قبيل الافعال الاختيارية للمختار، الحديث عن الامتثال من هذه الجهة وهذا الذي قلت يبطل من جهة اخرى، هو يصح بمعنى انه لا يصبح الحكم فعليا الا بفعلية موضوعههذا صحيح يشبه العلل من هذه الجهة، لكن كون الامتثال يبتني على الفعلية كابتناء حركة المفتاح على حركة اليد هذا لا والف لا، غير ممكن هذا اصلاً.
اما قوله: لو صلى الانسان في اول الوقت ووقعت صلاته اتفاقا في اول الوقت في اول لحظات الوقتالشرعي الا ترونه ممتثلاً، فان كان مقصوده من هذا التنبيه على ان انه لا يوجد فاصل زماني بين الفعلية والامتثال على المستوى الموضوعي فقد اتضح جوابه مما اسلفت الان، وان كان مراده عدة ممتثلا بمعنى ان صلاته صحيحة اذا تأتى منه قصد القربة لانه جاء بالصلاة في داخل الوقت لكن بشرط ان يتأتى منه قصد القربة فلا اشكال ولا ريب كمن جاء بهذه الصلاة برجاء المطلوبية.
اقول حصل خلط في هذا الامر بين الامتثال بالمعنى الدقيق للكلمة- للاسف اقول هذا لشيخ الاصوليين يعني الذث هو ابو تحقيق هذه المطالب - وبين انتفاء التكليف لتحقق متعلقه كيفما اتفق فانّ العبادة الرجائية في اول لحظات الوقت وقبل ان اتحقق من دخول الوقت، بعبارة اوضح لا يخلو امري اما جئت بنية جازمة فهذا قصد التشريع ولو لم ينكشف لي الزوال بعد، واما جئت بالنية الرجائية بالنية الجازمة قَصد تشريع ونقول له الصلاة غير صحيحة،واذا بالنية الرجائية فهذا ليس امتثالا بالمعنى الدقيق الموضوعي نعم يكتفي به الشارع اذا دل دليل بان الشارع يكتفي به على رأسنا وعيننا ولا يبعد ان يدعى وجود دليل على الاكتفاء من التقرب بهذا المقدار،لكن هذا لا بكون امتثال فليس كل اسقاطللموضوع اسمه امتثالإنما امتثال حركة واعية حركة اطاعة واعية بقصد الطاعة من المكلف وهي تتوقف على فعلية الامر وتتوقف على علم المكلف بفعلية الامر وعلمه بفعلية الامر يتوقف على علمه بتحقق الموضوع فعلاً لان الامر لا يصبح فعليا الا اذا تحقق موضوعه فكيف اقصد فعليته وانا لا اعلمها؟؟أليس قصد تشريع هذا!! وعلى هذا الاساس يظهر انه لا معنى ابدا - عم دقق لانه هذا بحث غير مربوط فقط ببحثنا هذا من المباني الكبراوية - ان يقال بانه هنا يوجد فرق بين الموسّعات والمضيقات، غريب هذا الكلام انصافا غريب لماذا؟ لانه في الموسعات اذا كان الحكم يكفي في فعليته عقلا علم المكلف به وتحقق شرائطه واقعاولو لم يعلم بها المكلف، فزمان الامتثال لا ينفصل عن زمان الفعلية عقلاً هكذا تدعي يا شيخنا النائيني فكيف جاز تخصيص المبدأ العقلي بالنسبة للموسعات وانت تقول وتنادي باعلى صوتك لو وجد الزمان الما بين التكليف وبين لكان لغويا لكانت الفعلية لغوية والخطاب لغوي بحسب تعبيره، بعبارة اوضح الموسعات ميزتها انك تستطيع ان تمتثل ضمن عدة حصص طولية وربما عرضية حسب المتعلقات يعني من الظهر للغروب يتسع عشر صلوات الظهر وعصر فانت مكلف بعشرة، نسأل عن الزمن الاول الذي صار فيه صلاة الظهر فعلية هل يوجد فاصل زماني؟ اذا عقلا لا يجوز تقول ولا يصح هو من قبيل العلل التكوينية لماذا الموسعات ما كانت من قبيل العلل التكوينية فمثلها مثل المضيقات، بعبارة اصرح واوضح ثالثة دائما وابدافي الموسعات توجد حصة مثل المقيدات وهي الحصة الاولى الطولية بمجرد صيرورة الوقت فعلي، فاذا جاز عقلا الفصل في الموسعات فلنتصوره في المضيقات، واذا لم يجز في المضيقات فلن يجوزه في الموسّعات، نعم بلحاظ الحصة الطولية رقم اثنين بعد الحصة الاولى وهكذا نعم صحيح، لكن نحن نتكلم عن الفصل بين زمن الامتثال وزمن من حيث المبدأ وزمن الفعلية وانه يجوز عقلا البرهة بينهما ام لا تجوز؟
وأريد أن اختم بكلمة: قوله مكررا بانه تلزم اللغوية من العجائب والله من العجائب، انما تلزم اللغوية فيما لو كان الامر يحتاج الى مؤونة زائدة من الشارعفالشارع جعل قضايا حقيقية وانتهى الامر الذي يحصل فعلا هو انتزاعاتك العقلية يا مكلف يعني حكم عقلك بلزوم الاطاعة، والانحلال لا يحتاج إلى مؤونة زائدة لانه الانحلال عندنا وليس عند المولى، بالتكاليف الشخصية قد يصح الكلام ولكن بهكذا تكاليف قانونية قطعا ليس بصحيح فلا يوجد اي معونة زائدة حتى يكون له، واذا مقصوده من اللغوية انه هناك لغوية بهذا الان ما قد اثبتنا ان هذا ال آن ما ضروري اصلاً عقلا لتحقق الامتثال بالمعنى الدقيق للكلمة، فكيفتكون معه فعلية الخطاب لغوية، هذه مجمل النقاش اذا احتاج الامر الى زيادة او تفصيل او تعرض لبعض كلمات المحققين فسوف تأتي ان شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo