< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مناقشة المقدمة الثانية

كان الكلام في المقدمة الثانية من المقدمات الخمسة التي افادها المحقق النائيني للبرهنة على الترتب وسدّ ثغراته واشكالاته وقد قررناها في الدرس السابق وخلاصة ما ركّز عليه الشيخ النائيني في هذه المقدمة هي انّ كلُ الشروط التي يأخذها الشارع شروطالا يصبح التكليف فعلياً الا بتحققها هي اجزاء للموضوع بالمعنى الاصولي، وصرح بما هو ابلغ من ذلك عندما قال هي الموضوع وهو هي، هذه اول نقطة.
النقطة الثانية التي افادها في هذه المقدمة بشكل صريح وواضح ان المشروط لا ينقلب عمّا هو عليه بتحقق شرطه بالحمل الشائع اي ان المشروط يبقى مشروطا بقاءً كما هو مشروط حدوثا يتحول الى تكليف مطلق من جهة شرطه هذا الامر الثاني، ونتيجة ذلك يقول ان التكليف بالمهم في طول تحقق شرط المهم الذي هو عصيان الاهم - وقلت العصيان المقصود العزم على العصيان العصيان الحدوثي لا البقائي - لا يصبح مطلقا من جهة الاهم ليزاحم الاهم ويطارده، وكأنه افترض رضوان الله عليه ان المحذور في القول بامكان الترتب انما يتحقق فيما لو كانت المزاحمة من الطرفين اذ الاهم يطارد المهم بحسب - تعبيرات صاحب الكفاية - ذلك انه مطلق من جهته وغير مقيد بعدمه وهذا امر واضح مفروغ منه، اذ الاهم لا تنتفي فعليته وباعثيته على مستوى الارادة المولوية للمول بمجرد العزم على عصيانه ما دام يمكن امتثاله، والا باتت تكاليف جميع العصاة في العالم غير فعلية في اوقاتها وهذا واضح الفساد جداً، على هذا الاساس واضح ان الاهم يبقى فعليا في طول العزم على عصيانه وانا قلت بالدرس الماضي ليس المقصود من العصيان فوات وقته بحيث هو غير قابل للامتثال والا فان هذا خارج عن محل بحثنا اصلا باعتبار نحن نتحدث عن تزاحم التكليفين او تعارضهما ان قلنا بامكان الترتب تزاحم اذا قلنا بعدم الامكان تعارض، وهذا يفترض انه مجال لامتثال الاهم لا يزال موجودا ان المجال لا يزال موجودا له يعني هو فعلي، لذا قلت كأن المحقق النائيني في هذه المقدمة يفترض ان الحل لاشكالية الترتب من هذه الجهة طبعا هي ان التكليف بالمهم اذا زاحم الاهم يتولد المحذور العقلي دونما لو كان من طرف واحد وكان المهم خاضعا له،ما زلنا نستعرض مع شيء من التحليل يعني، ثم افاد رضوان الله عليه كما تقدمبأن تحقيق هذا المطلب مهم جدا لان الجماعة وقعوا في التباسات ومشكلات نتيجة قولهم بغير ما قلت، لانني ان لم اقل او لم يُقَل بما قلت لابد ان يقال اما بان السببية التكوينية هي الشرط مع اننا نتحدث عن السببية التشريعية نحن أي الجعلية ولذا ذهب صاحب الكفاية الى انها اسباب غير مجعولة الشارع يخبر عنها فقط وهذا خلط بين عالم التشريع وعالم المصالح والمفاسد، واما السببية اللحاظية وان الإستحضار في افق المشترِع يكفي واما غير ذلك، على هذا الاساس حينئذ ذهب الى ما ذهب اليه المحقق النائيني وركز على هذا الامر.
اقول يستفاد من كلام المحقق النائيني انّ الامر مرتبط برمته بتحليل حقيقة الشرط وان الشرط جزء الموضوع ام ليس جزء الموضوع، وان الشرط ما هو على وجه الحقيقة: هل هو الجعل والتشريع من قِبَل المولى او هو الخصوصية الذاتية الكامنة في الشيء التي تبعث المولى على الجعل والتشريع، فربط البحث بمنظومة من البحث هي محل خلاف بينه وبين بقية المحققين، وعندما جعل الشرط راجعاً الى الموضوع وان كان ظاهر عبائره ان كل شرط لا يصبح التكليف فعليا الا بتحققه فهو جزء الموضوع سهُل عليه ان يقول بان بقاء الحكم من دون شرطه بقاء له من دون موضوعه وهو محل انه يبقى الحكم من دون موضوع اذا الجعول تتكفل جعل الحكم على تقدير وجود الموضوع اذا انتفى الموضوع ويكفي في انتفاء الموضوع السالبة الجزئية انتفاء بعض اجزاء المجموع، اذا كان الامر على هذا المنوال توجد نقاشات في المقام لا نريد الذهاب للمباني ونطيل،لا نريد الذهاب لنناقش ما ذكروا الشروط والشرط المتأخر والشرط المتقدم وهذه البحوث التفصيلية هناك، والا هناك مباني فيوجد مبنى للشيخ الانصاريوهناك مبنى لصاحب الكفاية وكل له اتباعه، وهناك مبنى للشيخ النائيني واتباعه هذا يطول بنا البحث فيه على ان محله ليس هنا هنا اصل موضوعي للابحاث، لكن انا يهمني هذه النقطة التي ركز عليها الشيخ النائيني كثيرا في بحثه عندما تقرأونه ان شاء الله وهي: ان الشرط موضوع بالمعنى الاصوليلا اريدالناقش بالمناقشة المنقولة عن الشيخ الوحيد حفظه الله او غيره، التعجب من الشيخ النائينيي كيف بتعبر عنه موضوع؟ الشرط هو متمم اقتضاء المقتضي، والتي أشرت لها في نهاية الدرس السابق، هذه اشكالات شكلية صورية والا لا يخفى على الشيخ النائيني مصطلح اهل المعقول لانه مصطلح شائع جدا يعرفه أصاغر طلبته فضلا عنه، المهم في هذا المجال فالفكرة كبرويا هل هي صحيحة ام ليست بصحيحة؟ هنا الفكرة انه كل شرط لا يصبح التكليف فعليا من دون تحققه ينتفي التكليف بانتفائه، ام ماذا؟ اقول: الشرط المأخوذ شرطا في التشريع اما ان يؤخذ تحققه آناً ما في ثبوت الحكم وهو المعبر عنه بالحيثية التعليلية بحيث يكون وجود الحكم مرتَهناً بوجوده، ولكنه لا يرتفع بتقضّي وجوده، وإما ان يؤخذ في الحكم وجوداً وبقاءً يدور الحكم مداره وتدور فعلية الحكم مدار وجوده وهو المعبر عنه بالحيثية التقييديةوكلاهما له امثلة شائعة،إناطة فعلية الظهر بالزوال بمعنى انّ حدوث التكليف بالظهر فعليّاً متوقف على حدوث الزوال والا الزوال ليس له مقام هو يَعبر خط منتصف النهار وانتهى ما عاد اسمه زوال بعد دقيقة بعد دقيقتين صار شي آخر، فتحقق الزوال حدوثا يبقى معه الحكم فعليا من الزوال الى الغروب بحسب التشريع، اما بعض الحيثيات المأخوذة في التكليف مثل تحقق الاستطاعة في الحج والتي يبدأ وجوب الحج على الاقل من بداية اشهر الحج من شوالوان كان ظرف الواجب في وقته، ما دامت الاستطاعة موجودةحتى اذا الانسان ركب القافلة ومشى ثم سرق السُّراق صرّته لم تبقَ عنده استطاعة هل يبقى واجب عليه الحج او انه ينكشف انه في علم الله عز وجل وقد يقال عادة الاصوليين يقولوا في علم جبرائيل انا ما ادري اذا جبرائيل بيعرف فيها هذه القضايا الا اذا الله عز وجل اطلعه انه في المستقبل ستُفقد صرتي وأنا في احد منازل السفر، المهم على كل حال ينكشف انه استطاعة على طول الخط الى نهاية الحج غير موجود مع العودالى كفاية فهذه يدور مدارها، حدوث التكليف حدوث الوجوبيدور مدار وجودها وبقاؤه يدور مدار بقائها، والشروط المأخوذة في التكاليف لا تخرج عن هذين، لا اشكال ولا ريب في ان ما كان من قبيل الثاني يصحّ ان تصطلح عليه اصولياًفلا مشاحة في الاصطلاح انه "جزء الموضوع للحكم الشرعي"،وغير صحيح أن نشكل بان الشرط متمم المقتضي وهو ليس من الموضوع فاننا نشكل على اصطلاح قوم اخرين، هذا يصير اشكال في الاصطلاح لا قيمة له من قبيل الاشكالات اللفظية، اما الشرط من النحو فهل صحيح ان نقول بانه هو الموضوع والموضوع هو فاذا انتفى انتفى الموضوع؟فهو مأخوذ من نحو الحيثيةالتعليلية لا بنحو الحيثية التقييدية،المطلب قابل للدفاع عن المحقق النائيني بان يقال هو اصلا ناظر للشروط من القسم الثاني غير ناظر للشروط من القسم الاول لكن راجعوا عبائر التقرير سواء في الفوائد او في الأجود، فإنّ ظاهر كلامه بل صريحه في الاجود بان هذه قاعدة كلية. –تعليق من أحد الطلبة وجواب من سماحة الأستاذ: طيب اذا حتى حصل وقع ولن يزول ايه يبقى? لانه لا يجوز ايه ماشي في الحدود والحدود صارواقع وواقع على راسنالكن هل هو جزء الموضوع فعلا? الحدوث مع الحد على راسنا ما في مشكلةيدور مداره الموضوع حدوثا وبقاء? اكيد لله وبالتالي قابل للتوجيه باللي عم تتفضل فيه بس خلاف ظاهر عبائره قطعا اصل المولى اذا انتفى الحدود وهو لن ينتفي قصدك اذا رجعت الشمسية الى ما قبل الزوال ثم رجعت وتجاوزت خط الزوال فبيكون حصل تكليف مرتين بدنا دليل خاص عندئذ الى ان الصلاة لا تجب مرتين في يوم واحد ولا بيكون زلت الشمس مرتين اذا ارجعت الى ما قبل الزوال من جديد تكويناجيد بصير بالدليل الخاص انه لا تجد ظهرا في يوم واحد طيب - .
الاشكال الثاني: اوهمنا المحقق النائيني انه على مبناه يلزم القول بفعلية التكليف من دون وجود موضوع له اذا لم نبنِ على مبناه وكأن الاخرين منامثال الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية الذين لا يقولونبهذه المقالة فلا يقولون بان الشرط هو الموضوع، يلزمهم ان يقولوا ببقاء الحكم فعليا مع انتفاء شرطه، مع انّ احدا لا يقول بهذه المقالة، يعني بعبارة اوضح: سواء بنينا على تفسيرك يا شيخنا النائيني للشروط بإرجاعها الى العملية التشريعية التي تنتج ما قلته، ام كنا قائلين بانها خصوصية تكوينية نحن لا نعرفها عرفناها من إخبار الشارع لنا عنها كما يقول صاحب الكفاية فانه ينادي باعلى صوته حتى صاحب تلك المقولة بان الحكم انما يبقى فعليا ببقاء شرطه متحققاً فاذا زال الشرط زال المشروط الا ان يكون الحدوث شرطا وهذا ايضا لا يختلف بين الاثنين الذي أسميناه الحيثية التعليلية، فان كلمات صاحب الكفاية تنادي باعلى صوتها بان شرائط الحكم هي التي لا يرسل نحوها الحكم والا لزم الدور لان كل حكم متوقف على وجود موضوعه بشراشره فاذا كان يرسل نحوها فهو موجود قبلها فيلزم فرض المتقدم متأخرا والمتأخر متقدما والموقوف موقوفا على الموقوف عليه والعكس، فهذا ليس من خصوصيات مبناك يا شيخنا النائيني سواء بنينا على مبناك او ما بنينا.
ثالثا صريح كلام المحقق النائيني- وهذالم ألخّصه اليوم ولكن ذكرته انا بالدرس السابق - بان الاحكام لولا مقالته من قبيل القضايا الخارجية الشخصية، يصبح كل حكم موجه لشخص عندما يتحقق الشرط فيه وكأن الاحكاملا تعود قضايا حقيقية، مع انك خبير بان الامر ليس كذلك فان جميعهم يقولون بان الاحكام خطابات قانونية عامة مجعولة على تقدير وجوب الموضوع، الآن بعضهم لميعبر عنها بالقضية الحقيقية والذي عبر عنها بالقضية الحقيقية ولد لنفسه اشكال اصطلاحي، وبعض غير المطلعين على ان الحقيقية الاصولية غير الحقيقية المنطقية والفلسفية بدأوا بالاشكالات - انا اتذكر في مؤتمر الشيخ الانصاري اعلى الله مقامه الشريف في قمّالمقدسة وكنت حاضرا فيه صعد الشيخ جوادي الاملي حفظه الله وبدأ بالاشكال على الشيخ وبالاستمرار بدأ يشكل على النائييني انه انتم غير عارفين بالمصطلحات كيف تعبرون عنها بالقضية الحقيقية، مع ان الشيخ النائيني يصرح في فوائد الاصول بان الحقيقية الاصولية غير الحقيقية الفلسفية والمنطقية عند اهل المعقول والامر سهل الاشكال والجواب كلاهما سهل - فنحن نقول بأنّ عدم ارسال الحكم نحو موضوعه من الاصول المشتركة بينك وبينغيرك لا معنى لأن تجعلها من مختصات ما بنيت عليه هذه النقطة المهمة نعم هناك فوارق من جهات اخرى أجل وهذه الفوارق لا تدور مدار تسميتك للشرط موضوع او عدم تسميتك لان الاثار لا تدور مدار التسميات الاثار تدور مدار التأثير، انه هذا الشرط قبله يصبح الحكم فعلي او لا يصبح فعلي، واذا انتفى يبقى فعلي او لا ينتفي فعلي، اذا حدوثه يكفي يبقى فعلي، اذا حدوثا وبقاءً مثل الاستطاعة في الحج لا، ثمّ انكم رأيتم ان كل الشيخ النائيني اثبات ان المهم لا يطارد الاهم ولو بات فعليا مع الاهملان فعليته مشروطة بقاء كما هي مشروطة حدوثا بالاستمرار على العزم على عصيان الاهماليس هكذا! لذلك هي فعلية باسطة ذراعيها بالوصيد - انصح التعبير - في فناء الاهم، بحيث يكفي انك تاخذ قرار ايهاالمكلف انك تعودفتمتثل الاهم فتنتفي فعلية المهم هذا المقصود، المهم هو النكتة الاخيرة التياريد أن اختم بها انه صاحب الاجود يعني الشيخ النائيني أعلى الله مقامه الشريف جاء يعالج لنا مطاردة المهم للاهم وكأنه مطاردة المهم للاهم هي التي تولد استحالة الترتب، بينما جنابكم وقررتوا الكم مطلب صاحب الكفاية والشيخ الانصاري من ورائه فصريح كلام صاحب الكفاية ان الاستحالة تدور مدار مطاردة الاهم للمهم لو لم يطارد المهم الاهم اذ يبيتان فعليين في ظرف قصد المكلّف عصيان الاهم، فان فعلية الاهم لا تزول وفعلية المهم قد حدثت باعتبار انه شرطها، فاجتمعت فعليتان مرسِلتان في هذا الظرف، بعبارة اوضح: الذي قصدعصيان الاهم فالاهم ما زال فعلياً بحقه ويقال له يا عاصي يا عاصي انقذ النبي غير مطلوب إنقاذ هذا الشخص الاخر، لما عزم على عصيان امتثال الامر الاهم وتوجّه نحو المهم، المهم يقول له انا فعلي اذا لم تنقذ هذا المؤمن العادي تكون عاصي صحيح او لا؟ فعاد الامران فعليين في حقه، فقال صاحب الكفاية المهم وان لم يطارد لهم لكن الاهم يطارد المهم وهو كاف للاستحالة، فسواء قلنا الشرط – وهذا لب الإشكال –يرجع للموضوع أو لا يرجع للموضوع فكل همك شيخنا النائيني ان تقول المهم لا يطارد الاهم، انا اريد ان اعرف بالله عليكم هل يوجد أحد في الدنيا كلها يقول: انه المشروط بمجرد تحقق شرطه آناً ما اذا كان الشرط حدوثي وبقائي يصبح فعليا مطلقاً، فينعزل الشرط عن الشرطية اذا الحيثية تقييدية، فهل هناك أحد في الدنيا يقول هذا الكلام حتى يُعنِّي نفسه الشيخ النائيني ويثبت هذا المعنى؟ قطعا لا، اذا الحيثية تعليلية لا احد لا يقول بانه بات مطلقا بعد التحقق، واذا الحيثية تقييدية لا احد يقول بانه يبيت مطلقا، اصلا هذا من البديهيات والواضحات، فاشكال القوم صاحب الكفاية والشيخ الانصاري ومن دار في فلكهما هو في مطاردة الاهم للمهم لا في مطاردة المهم للاهم، فلتحلّ لي مشكلة مطارد الاهم للمهم، هذا مجمل الاشكالات وربما وجدت اخرى نكتفي بهذا المقدار في المقدمة الثانية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo