< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المباحث العقلية/ بحث الترتب/ تتمة الكلام في مقدمات الجواب المختار

 

تقدم في بحث الامس في الامرين السادس والسابع ان كل متعلق او موضوع تحقق فيه الملاك في حدّ نفسه يكون داعيا للشارع الحكيم الى جعل الحكم على طبقه وحيث اننا نتحدث عن تنافي اتفاقي بين المتعلّقين وليس دائمياً بحيث ينتهي الى التضاد او التناقض على مستوى عالم ثبوت الحكم والارادة، وحيث انه لا يوجد للمولى في كل حكم الا جعل وطلب الإتيان بالمتعلق لذلك الحكم في نفسه، ولا يوجد شيء إسمه طلب الحكمين بقيد الاجتماع او المجموعية بحيث يُعد حكماً ثالثاً مجعولا من قبل المولى فاقتضاء الحكم ليس بازيد على مستوى الاطلاق في طرف الموضوع والمتعلق ليس بازيد من انّ للمولى طلب المتعلق لكل حكم على حدة، فاذا تنافَيا على مستوى القدرة فقط في المنتهى بسبب عجز المكلف عن الجمع بينهما وبالمناسبة يا اخوان نحن نتكلم عن كل حكمين حتى اذا لم يكن هناك تزاحم بينهما اذا كان هناك حكمين يمكن أن يأتي بهما معا الواحد ما في مجعول ثالث للمولى المولى يريد متعلق الاول ويريد المتعلق الثاني ونقطة اول السطر فلا فرق من حالات التزاحم وغير حالات التزاحم في هذه الحالة، يعني اذا حكمان يمكن الاتيان بهما في وقت واحد يمكن للمكلف ان ينظر الى مكان وان يسبح في نفس الوقت، افترضوا يمكن له ان ينقذ الغريقين لقرب مكانيهما ما في التزاحم فهنا يوجد حكم فعلي واحد حكم فعلي رقم اثنين وما في مجعول مولوي ثالث اصلا بلا اشكال ولا ريب، وبتتذكروا قلنا ان الاطلاق والتقييد الذي يُلزم المولى ببيانه عندما يعقد التشريع هو في القيود الراجعة الى الموضوعات والمتعلقات التي لها ارتباط بالمولى بما هو مولى لا بمطلق ما يرتبط بحكمة المولى وان كان يستقل العقل بادراكه هذا الذي ملزم المولى أن يبينه على مستوى القيود عندما يجعل التشريع بلغة القانون فهو تقدم، على هذا الاساس يصبح الحكمان فعليين بمعنى ان كل حكم يدعو الى تحقيق متعلقه ولا يوجد حكم ثالث في المبين هذا الامر السابع، قلت لا فرق في هذه الجهة بين وجود القدرة على المتعلقين وعدم وجود القدرة على المتعلقين في ان كل حكم يدعو الى متعلقه لا يدعو الى غير وما في حكم ثالث اسمه الجمع بينهما ما في حكم للمولى ثالث ابدا جيد نعم نحن نقول يجب الاتيان بهما معا لكون هذا فعلي وهذا فعلي لا لانه يوجد حكم ثالث وهو الإتيان بهما معا جيد.
الامر الثامن الذي كنا بصدد الحديث عنه انه بناء على ما تقدم يظهر لنا ان الامر على مستوى بالمتضادين على مستوى المنتهى لا على مستوى الملاك والارادة المتنافيين تنافيا اتفاقيا وصيرورة كل واحد منهما فعليا بالمعنى الاول للفعلية لا مشكلة فيه من باب ان القدرة قد تقدم انها ليست شرطا فيه، وانما يتحقق التنافي فيما لو كان المقصود فعليتهما بالمعنى الثاني أي الموضوع التام لحكم العقل بتنجزهما معاً ولا اشكال ولا ريب ان العقل لا يحكم بتنجزهما بعرض بعضهما سواء في الاهم او المهم او في المتساويين في الاهمية لانه يستحيل الاتيان لضيق قدرته عن الاتيان بهما معاً، فيستقل العقل حينئذ بان المولى الحكيم لا يمكن ان ينجّزهما معا في هذا الحال، اي لا يمكن ان تنقدح ارادتهما الفعلية العزمية في وقت واحد مع ضيق القدرة سواء كان ضيق القدرة بحسن الاختيار او بلا اختيار او بسوء الاختيار تقول لي يعاقبه عليهما اذا بسوء الاختيار فليكن لانه اساء والعقل لا يمنع، لكن يرسله نحوهما حتى لو بسوء اختياره لا يستطيع الا على سبيل التعجيز او التحقير كونوا حجارة او حديدا، اذا كان الامر على هذا المنوال فلا اشكال ولا ريب في ان العقل يستقل حينئذ بلزوم التقييد بهذا المقدار الذي يحيله العقل للتخلّص منه ولا اشكال ولا ريب في ان هذا المقدار من التقييد يقضي بتقييد التكليف بخصوص مَن عزم على ترك الاخر سواء كان تركه عصيانيا كما في فرض الاهمية او غير عصياني كما في حالات التساوي في الاهمية بين الاثنين، فاذا ترك الاخر فهو مأمور بهذا، هذا القيد من وين؟ هذا القيد يا اخوان بمقتضى القاعدة العقلية من متفرعات ولوازم استحالة التكليف بغير المقدور وليس من الخصوصيات البيانية التي على الشارع ان يبينها واذا ما بيّنها في مقام ما ولم نجد في دليل انه بينها فيكون ذلك من باب الارشاد للحكم العقلي العقل يستقل بهذا المعنى بلا اشكال لانه يحيل على مولاه الحكيم ان يرسل نحوهما ارسالاً حقيقيا اذا بداعي اخر ما في مانع كما قلت، اذا كان الامر كذلك فالنتيجة سوف تكون بان المهم ليس في رتبة الاهم من حيث الامر لان الاهم مطلق بينما المهم مقيد بالعزم على ترك الاهم، وعلى هذا لن يكون المهم فعليا مع الاهم هنا انتبهوا يا اخوان هنا بيت القصيد هنا هجمت اشكالات اعداء الترتّب فمن اشكالاتهم ان المهمّ وان لم يطارد الاهم لانه مقيد بالعزم على معصيته لكن الاهم يطارد المهم يعني اذا عزمت على معصية الاهم وشرعت بالمهم لكن ما فات وقت الاهم بعده الاهم يكون فعلي في هذا الان ام ليس فعليا؟ فعلي لانه غير مقيد بقيد الاهم، وعلى هذا الاساس يصبح الاهم فعليا بل هو فعلي مطلق الفعلية فالاهم يطارد المهم، بل - وهودي من ان قلت قلت بالكفاية فيكن تطلعوها - ان المهم يطارد الاهم كيف لا يطارد الاهم؟ انتبهوا هذا اعمق الاشكال، لان المهم يصبح فعليا مع فعلية الاهم ام لا يصبح! مش في العصيان بعد ما عصى هو نوى العصيان عزم على العصيان هو بعد قادر يمتثل الاهم الذي بدأ بانقاذ الغريق المؤمن العادي وترك النبي يغرق لم يمت النبي بعد بعده قادر ينقذه في الدقيقة الثانية في الدقيقة الثالثة والا اذا عصى وراح وقته وانتهى الترتب اصلا ما عاد في تزاحم بين حكمين فعلا، ففي الوقت الذي ينشغل فيه بالمهم وان كان مقيداً بالعزم على العصيان ألا يصبح الحكم بالمهم فعليا عندما يتحقق قيده! يصبح فعلي قطعا والا كيف نمتثله! اذا بات فعليا هل العزم على عصيان الاهم يسقط الاهم عن الفعلية؟ لا يسقطه عن الفعلية ما دام يمكن امتثاله بعدُ، فيصبح وقت يكون فيه المهم والاهم كلاهما فعليين يعني حتى من طرف المهم تقييده بالعزم على عصيان الاهم ليس تقييدا بامر تشريعي تقييدٌ بأمر يعود الى اختيار المكلف واختيار المكلف ليس جزءاً من عملية التشريع، ومن الاشكالات ايضا اذا عزم على تركهما معا طبعا هذا اوضح، اذا ترك الاثنين فالاهم لا قيد له فهو فعلي وتركَ المهم فقيده متحقق ام غير متحقق لانه عازم على عصيان الاهم، فكلاهما فعلي في هذه الحالة فعاد محذور استحالة التكليف بغير المقدور، هذا أول اشكال بصوره المختلفة يا اخوان ومنبهاته المختلفة، اقول هذا الاشكال قد حللناه نحن عندما تحدثنا عن ان القدرة قيد في الفعلية بالمعنى الثاني وليست قيدا في الفعلية بالمعنى الاول فلا يستحيل اصلا ان يصبح الحكم فعليا بالمعنى الاول في حق غير القادر فقاعدة الاشتراك بين العالم والجاهل اصلا فإن الجاهل غير قادر غير ملتفت اصلا غير عارف بالحكم، وحينئذ يبقى اشكال اخر يمس الفعلية بالمعنى الثاني وهو انهما يتنجزان معاً في هذه الحالة لان الاهم منجز لانه مطلق، والمهم منجّز لان شرطه متحقق وهو العزم على عصيان الاهم فكلاهما منجّزان والحال هذه سواء نوى تركهما معا او انشغل بالمهم المحذور لا يرفعه الا الاشتغال بالاهم، المفروض هو لا يريد الاشتغال بالاهم في مثل هذه الحالة يتنجزان معا فيعود محذور استحالة التكليف بغير المقدور الذي هو قائد، هون بدنا ننتبه شوي يا اخوان لماذا يستحيل التكليف بغير المقدور اليس لانه يستحيل الوقوع خارجا؟ انما تكون الاستحالة حيث يطلب المولى تحقيقهما معا على الاطلاق اما اذا طلب المولى تحقيقهما بطريقة يمكن للمكلف ان يرفع موضوع احدهما ولكنه بسوء اختياره لا يرفعه فهل يوجد محذور عقلي والحال هذه!! اي يمكن للمكلف ان ينشغلَ باحدهما في المهمّين او ينشغل باحدهما المعين في الاهم والمهم ومعه يرتفع الحكم الفعلي عن المهم لانه اُخذ فيه العزم على عصيان الاهم، فحيث لا يكون التكليف بغير المقدور ينتهي الى عقوبة مكلف او ارسال مكلف تلزم عنه عقوبة فاي ظلم من المولى حينئذ! وما المانع! طيب هذا اذا اختار الاهم يُنقض علينا، اذا اختار المهم ماذا؟ سيكون الفعلي، الاهم فعلي لانه مش مقيد والمهم ايضا فعلي لانه هو الذي يشتغل به والعزم على عصيان الاهم فاجتمعا في الفعلية، ايضا نقول نفس الكلام استحالة الفعلية بمعنى التنجز العقل لا يحكم بها جزافا انما يحكم بها من باب استحالة الوقوع من المكلف ومن باب انها ظلم على المكلف ان يؤاخذه بها، أليس كلم ترك الاهم واشتغل بالمهم بسوء اختياره والحال هذه وكان يمكنه ان ياتي بالاهم فيرفع موضوع المهم، فما المحذور في ان يكون الحكم بالاهم فعليا مع فعلية المهم، فان قاعدة استحالة التكليف بغير المقدور لا بد ان تُقيد في الموارد التي يحكم العقل بها قطعا بالاستحالة والارسال نحوهما ابتداء اذا كان لداعي الاهتمام بالأهم وبالانشغال به يرتفع موضوع المهم فلا يكون على طول الخط تكليف بغير المقدور وبعبارة اوضح التكليف بغير المقدور آنا ما ليس فيه محذور عقلي التكليف بغير المقدور بمعنى طلب تحقيق غير المقدور على ارض الواقع هو الذي يكون بحيث يسد الباب على المكلف ولا يجعل له مخرجا بينما له مخرج في ان يذهب الى الاهم وانتهت المشكلة فاي حالة عقلية، لا لغوية بالعكس مقتضى الحكمة اذا وجد عندي مجموعة اغراض كمولى هناك اغراض اهم وهناك اغراض مهمة أول شيء القاعدة العامة انا بهتم بتحقيق جميع اغراضي اهتميت بتحقيق الغرض الاهم بحيث لا يؤثر عليه المهم، واهتميت بتحقيق غرضي المهم بحيث لا يكون على حساب الاهم، فان اهمال الغرض المهم من الذي يريد ان يعصي الاهم الذي هو لازم عدم القول بالترتب والذي حتى صاحب الكفاية لم يقبل به قال بنقصد الملاك والمحبوبية هو الذي خلاف الحكمة لانه هو قادر يحقق اغراضه الادنى في مورد المكلف يتخلف عن اغراضه الاعلى فلماذا لا يتوسل الى تحقيقها؟ فلا يكون لغويا اصل الجعل ابدا وفائدته عظيمة ليس فقط توجد له فائدة، وبالحياة العقلائية واقع هذا بكثرة خصوصا في التربية من الاباء الى الابناء او الحكام المشفقين على رعاياهم، بهذا ينحل اشكال الاهم او يتفرع على هذا وهو اشكال تعدد العقوبة الذي كان يشكله على استاذه المجدد الشيرازي كما قال المحقق صاحب الكفاية وكان لا يلتزم بتعدد العقوبة يقول، تعدد العقوبة لماذا؟ يقول لان الحكمين معا فعليين فاذا تركهما معا يعاقب على كل حكم فعلي الانسان، انا بدي اسأل سؤال العقل يا اخوان يحكم باستحقاق العقوبة لمجرد تضييع ملاك او ضياع ملاك او مراد للمولى؟ او يحكم باستحقاق العقوبة بسبب تضييع ملاك كان يقدر على تحقيقه في الخارج؟ بعبارة اخرى هل العقوبة التي يحكم بها العقل خاضعة للجعل والحكم الصوري لشكل الحكم ام خاضعة لتضييع اغراض المولى الذي هو جوهر الحكم وحقيقة الحكم؟ طيب سؤال هل كان يمكن تحقيق غرضي المولى معا؟ قطعا لا كان يمكن تحقيق الغرض الاهم في الاهم والمهم او احد المهمين في المهمين بحيث القيد من الطرفين راح يكون، فلو كانت العقوبة تدور مدار فعلية الحكم بالمعنى الاول من معنيي الفعلية فهذا الاشكال يرد، بينما اذا قلنا بان العقوبة تدور مدار فعلية الحكم بالمعنى الثاني فهما لا يتنجزان معاً الا آنا ما على طول الخط غير قابلين للتنجز معا لاستحالة وقوع المتعلقين معا فالعقل لا يحكم بتعدد العقوبة حتى لو تركهما معا لان احد الملاكين منترك على كل حال فاذا مهمين فالعقوبة على احدهما لانهم بمستوى واحد، واذا اهم ومهم العقل يحكم بالعقوبة على الاعلى بلا اشكال ولا ريب، وهذا الذي ذكرته افضل بكثير واعمق مما على عظمته المحقق النائيني قال نعم نلتزم بتعدد العقوبة وما الضير في الالتزام بتعدد العقوبة خير ما دامت بسوء الاختيار، اقول تعدد العقوبة بسوء الاختيار فرع ان يتنجزا معاً على طول الخط ولا يمكن تنجزهما معا لان تحقيقهما معا المستحيل، وعلى هذا الاساس حيث انه لم يتنجز كلاهما فلا يعاقب الا على الاهم ان وجد وعلى احد المهمين ان لم يكن في البين اهم وانتهت مشكلة الترتب من جميع الجهات يا اخوان بهذا البيان، بعد هذا ندخل الى بيان المحقق النئائيني ان شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo