< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المباحث العقلية/ بحث الترتب/ تتمة الكلام في الجواب المختار

 

الامر السابع الفلاح اذا وجد تكليفان وكان كل منهما مستجمعا لشرائط صدوره وفعليته - بالمعنى الاول طبعا للفعلية - في حد نفسه اي وجد الملاك والارادة والجعل وتحقق تكويناً موضوع الحكم بات الحكم فعليا يدعو الى تحقيق متعلقه، وتزاحم التكليفان اقتضاءً من جهة ضيق قدرة المكلف عن الاتيان بهما معاً فلا محذور في صيرورتهما فعليين بالمعنى الاول من معنيي الفعلية لما أسلفنا في الامر الرابع من انّ القدرة شرط في الفعلية بالمعنى الثاني لا بالمعنى الاول، والقول بان هذا يولد محذورا من جهة اخرى كصيرورتهما فعليين بالمعنى الثاني في حالة عدم اشتغاله بأي منهما وهو عمدة المحذور فنعود الى إشكالية التكليف اي التنجيز بغير المقدور وهو محال عقلاً من الحكيم، فنقول ان الفعلية المذكورة - الفعلية بالمعنى الاول - وان لم نر مانعا من تحققها اذا كان التزاحم على مستوى المقتضَى اي تحرك العبد اتفاقيا او حاليا لا دائميا فحينئذٍ لا يعني ذلك قطعاً الامر بالجمع بينهم فان استحالة ذلك اوضح من ان تحتاج الى بيان، بل تحول التكليف الشخصي المعيّن الى تكليف تخييري غير ممكن الا بتنصيص الشارع اذا كان المراد التخيير الشرعي او حُكم العقل بذلك اذا كان المراد التخيير العقلي ولا يوجد اي منهما في هذا المقام في الاهم والمهم، نعم ان العقل حاكم في المقام مع صيرورة كل واحد من الحكمين في حد نفسه فعليا بالمعنى الاول للفعلية حاكم بان هذه الفعلية ليست على الاطلاق باعتبار انّ الاطلاق في الفعلية بالمعنى الاول يقضي بالوصول الى الاطلاق في الفعلية بالمعنى الثاني فيتنجزان معا فيعود المحذور العقلي، ومن هنا يستقل العقل بتقييد احد التكليفين وهو الاقل اهمية بالعزوف عن اطاعة التكليف الاخر الذي هو الأهم، حتى لا تلزم الفعلية المطلقة للمهم مع الاهم فنعود الى محذور التنجيز المطلق والا ما له معنى الفعلية بالمعنى الاول ولا يوجد تنجيز اصلا، يمكن الا يكون هناك تنجيز في حال ان لا يكون تنجيز في زمان ان لا يكون تنجيز في مكان ولكن لا يوجد تنجيز اصلا فلا معنى لها حينئذ فحكمة التكليف تنتفي، فعلى هذا الاساس يتصدى العقل حينئذ للتقييد وكما قلنا في الامر الثاني - بلشنا نستثمر الامور - فان هذا ليس من قبيل الاطلاق والتقييد المصطلحين في المفاهيم العرفية بل هو اطلاق وتقييد ليس من شؤون الشارع ان يتعرض له اصلا لانه ليس اطلاق وتقييد في جهة الموضوع او في جهة الحكم بما هو هو هذا تولد من جهة حكمة الحكم هذا القيد حتى لا يلزم التكليف بغير المقدور وهو الجمع بين التكليفين في آن، فيحكم العقل بلزوم تقييد المهم والاكثر عبروا بعصيان الاهم بان لا يشتغل بامتثال الاهم او بان يعزم على عدم الاشتغال بالاهم لان القيود العقلية تقدر بقدرها، ليس بان يعصي فبأن يعصي بالدقة ليس صحيح التعبير وان ورد في كلمات كثير من مدققي علم الاصول لانه اذا عصيان تام ولم تعد قادرا على امتثاله هذا ليس من الترتب في شيء ليس محل كلامنا اصلاً لانه انتفى زمانه او مكانه، ولذلك تنبه البعض وقال بالعزم على العصيان او الترك في مراحله الاولى ليس الترك في مراحله وعلى هذا الاساس يصبح التكليف بالمهم مقيداً هذا اذا هناك اهم ومهم، واذا لا يوجد اهم ومهم نفس القيد من الطرفين ان لم يشتغل بالاخر وهذا بعض انحاء التخيير العقلي حينئذ ولكن ليس في مبدأ الحكم وإنما في منتهى الحكم في مبدأ الحكم اذا قال لك اكرم العالم فانت مخير عقلا بين العالم النحوي والعالم الفقيه والعالم الاصولي هذا تخيير على مستوى موضوع الحكم ومتعلق الحكم، هنا التخيير بلحاظ منتهى الحكم باعتبار ان قدرتي تضيق عنهما وهما متساويان من حيث الاهمية عند الشارع ولا استطيع الاتيان بهما وهذا تكليف شخصي وهذا تكليف شخصي من الشارع ما في تخيير شرعي، العقل يحكم بالتخيّر بينهما وعدم جواز تركهما معا وهذا معنى ان كل واحد منهما مقيد على مستوى موضوع ليصبح فعليا ولكن هيدا القيد عقلي جاء من المنتهى لو لم يوجد عجز لو ان الغريقين يغرقان في فاصلة خمسين سنتم او ثمانين سنتم مثلا واستطيع انقاذهما معا فلا يوجد تنافي من الحكمين بما هما، التنافي طرأ من جهة قدرته لان احدهما يبعد عن الاخر كيلومتر مثلا ولا استطيع انقاذهما معا خارجيا وليس من جهة الحكم وصنيعة الحكم ابدا، على هذا الاساس يا اخوان حينئذ لا يعود يوجد محذور، (جيد حتى امر مهم متى يسقط ذلك الاهم? مشترك على الترك العزم على معصية الاهم ما يؤدي الى انتهاء اه موضوع الحكم الاخر وليش بدي انا روح قول? ما بينتهي الموضوع? موضوع حكم المهم صار موجودا بسبب اه بسبب شو? من قيود الالم لا لا لا) انا لا اقول أنه قيد شرعي ولم يقل أحد من المحققين فيوجد قيد شرعي للاهم ابتداء جعله الشارع هو قيد شرعي للمهم مش للاهم بان لا يشتغل بالاهم، نحن لدينا من الشارع حكم مستقل هو الذي نوصفه بالاهم ولدينا من الشارع حكم مستقل الذي نوصفه بالمهم، اتفاقا الاهم والمهم ضاقت قدرتي عن امتثالهما معا، فهذه ليس لها علاقة بالحكم بما هو حكم، يصير لها علاقة بالشارع بما هو شارع ان الشارع الحكيم العادل هل يمكن ان يكلفني تكليفاً يؤاخذني به – هذا الموضوع التام لحكم العقل بالتنجز - بالاتيان بمتعلقهما معا هذا تام الملاكية وتام الحكمية في نفسه بما يرتبط بالشارع بما هو شارع والاخر ايضا كذلك بسبب واقع خارجي متأخر عن جعل الحكم حصل ذلك، انا وكل عاقل بقول اذا كنا مكان هذا الحكيم العادل لا نفعل ذلك فيستحيل انقداح ارادة جدية بالفعل هذا العقل الذي حكم بهذا، ايها العقل ما هو المخرج من هذا! هذا المدعى ليس قيد شرعي، ان العقل يستقل حينئذ بتقييد موضوع احدهما الذي هو اقل اهمية بان يعزم على عصيان الاهم، ولذا بمجرد ان يشتغل افرض بدأ بالاشتغال بالمهم لانه عازم عالعصيان بعد لحظات تاب الى ربه وبعد يوجد مجال يذهب ويستدرك نفسه بالاهم ارتفع الشرط لان هذا القيد قيد عقلي سببه شرط القدرة الذي يستقل به العقل وانا اكتشف حكمة الشارع بواسطة الادراك العقلي هنا كما هو واضح، طيب اذا كان الامر على هذا المنوال فهذا تام الملاكية والحكمية في حد نفسه تام الملاكية والحكمية في كل المراحل من الملاك الى الارادة الى الانشاء الى الفعلية بالمعنى الاول لا يمكن ان يكون تام الفعلية بالمعنى الثاني، اذا لا يمكن حينئذ نراجع العقل لماذا لا يمكن؟ لانه تكليف بغير المقدور، الحكيم يتحفظ على الاهم أو على المهم؟ اذا مشتركين الى حد سبعين بالمئة واحد واصل الى تسعين وواحد واقف على السبعين قطعا يهتم بالاهم واذا متساويان لا اهتمام له بايهما بالخصوص لكن يهتم باحدهما في هذه الحالة قطعا، طيب اذا كان الامر على هذا فحينئذ لا احتاج الى شيء من الشارع اصلا زائد على اصل جعل حكمه لان الباقي العقل يدركه، وهذا معنى ما يقوله بعض الاعلام كالنائيني وغيره من انّ الترتب - عم يحكي عن الترتب اللي هو صاغه والكلام في اصل الفكرة - لا يحتاج الى دليل خاص بل نفس جعل الحكمين في نفسيهما مع حكم العقل باستحالة التكليف بغير المقدور هو الذي يرشد الى التقييد في الاهم من احد الطرفين او اذا لا يوجد اهم ومهم من الطرفين فلا نحتاج الى دليل خاص او قرينة خاصة يأتي بها الشارع، هذه أنا صغتها باسلوب اخر انا صغتها بانه هذا ليس قبيل الاطلاق والتقييد الذي له علاقة بالشارع في الامر الثاني، ما زلنا بالامر السابع والى هنا لا يلزم ان الشارع يطلب الضدين معا اي المجموع لان الشارع ليس له حكم وراء الجميع يعني وراء الاول والثاني ما عندنا حكم ثالث هو المجموع حتى تحصل استحالة او اي مشكلة.
الامر الثامن: اقول بناء على ما تقدم في الامور السابقة لا اشكال ولا ريب في انه لن تكون هنالك مشكلة على مستوى إقدام المكلف في حال عزمه على امتثال احدهما اذ إما يعزم المكلف على امتثال الاهم ويبدأ بالاشتغال به فهو الواجب المطلق الذي لم يقيد بقيد لا شرعي ولا عقلي، واما يعزم على عصيان الاهم ويشتغل بالمهم فهو في طول عصيانه للاهم عن علم وعمد والتفات يمتثل المهم فيصبح المهم فعلياً في حقه، والاهم ايضا لا يزال فعليا في حقه، هذا ليس مثل المهمين فإنه في المهمين اذا اشتغل باحدهما انتفى قيد الاخر، هنا لا يمكن التعبير ب عصى نقول اذا ترك متعلق احدهما واشتغل بالاخر انتفت فعليته حتى بالمعنى الاول من معنيي الفعلية، اذا اشتغل بهما معا فلا معنى له لانه التكليف غير المقدور هو اصل البحث انما جاء لانه لا يقدر على الاثنين معاً، ففي حال الامتثال في المهمين لا يوجد اي محذور، في حال امتثال المهم وترك الاهم لا يوجد محذور من طرف المهم لانه قيده صار فعليا وانشغل به، نعم يدعى في المقام وجود المحذور من جهتين اخريين: الجهة الاولى فيما لو اشتغل بامتثال المهم وترك الاهم وليس معنى ترك الاهم منتهى الترك بل بداية الترك يعني العزم على الترك مع التصدي للمهم، وفي هذا ظرف لا يزال الاهم فعليا لانه لا يزال مزاحما، فصحيح ان المهم لا يكون فعليا عند الاشتغال بالاهم لكن عند الاشتغال بالمهم الاهم فعلي لانه مش مقيد بقيد هذا واضح، والجهة الثانية فيما لو نوى عصيان الاثنين معا لا يريد أن يطيع الاهم ولا يريد يطيع المهم يلزم ان يصبحا فعليين معا في الاهم والمهم وفي المتساويين في الاهمية لانه كل واحد منهما متحقق الشرط، فالاهم يطارد المهم في حال الانشغال بالمهم ومعصية الاهم وكِلا التكليفين فعلياً يتطاردان في حال عصيانهما معاً، اما الاهم فلأنه مطلق وانت تتركه عمدا واما المهم لانه مقيد بترك الاهم فقيده ايضا متحقق العقل فهو يصبح فعلي، ومن هنا ذهب الشيخ وصاحب الكفاية ومن ذهب الى منع الترتب الى ان هذا المحذور يقضي بنسف فكرة الترتب من اساسها وتوصَّل صاحب الكفاية بقصد المحبوبية والملاك حينئذ، هذا المعنى نقول بناء على ما سلكناه في الامور السابقة ليس بمحذور يا اخوان لان القدرة شرط في الفعلية بالمعنى الاول من معنيي الفعلية، القدرة شرط في الفعلية بالمعنى الثاني من معنيي الفعلية فتأملوا بهذه المقولة يعني تنجزهما معا، لا اشكال ولا ريب في انهما لا يتنجزان معا في حال تركهما المتنجز هو خصوص الاهم اذا يوجد اهم، واذا لا يوجد اهم نعلم بتساويهما التخيير العقلي عنوان احدهما العنوان الانتزاعي باعتبار لا ميزة لاحدهما على الاخر بأي نحو من انحاء الميز ولو ما في عنوان احدهما مجعول للشارع، في الاول بما هو هو والثاني بما هو هو، لكن عرفنا تساويهما في الاهمية له وتزاحما بدرجة واحدة فالحكيم يخير حينئذ بينهما بادراكنا العقلي، لماذا اقول لا يتنجزان معا لان التنجز لا يكفي فيه (غدا أوضحها) الفعلية آناً ما، التنجز يحتاج عقلا الى الفعلية المستمرة في مقام الامتثال، لان التنجز فرع القدرة على الامتثال ليس فرع القدرة آنا ما وهنا الشبهة وقعت يأتي توضيح الكلام ان شاء الله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo