< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/03/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المباحث العقلية/ بحث الترتب/ تتمة الكلام في الجواب المختار

 

ذكرنا انه قبل الخوض في كلمات المحققين وحل اشكالية الامر بالضدين بنحو الترتب لدينا كلام نريد ذكره لحل هذه الاشكالية ويمكن يكون اقربَ من بقية الكلمات، خصوصاً وان ما نذكره يعتمد على اصول موضوعية أولية ينبغي ان تكون متسالم عليها بين المحققين من الاصوليين، أسعفنا الوقت في الدرس السابق للحديث في المطلب الاول من هذه المطالب او في الامر الاول دعونا نعبر بالامور احسن، وهو ان الامر التشريعي الحقيقي اي الصادر بداعي البعث والتحريك من قِبل المولى يشترط عقلا ان تكون له قابلية التحريك ولو في الجملة، تحدثنا عن هذا الموضوع، لا نريد ان نزد شيئا، وكنت ارمي من هذا الى ان الحاكم في هذا الباب هو العقل بلحاظ صفات المشترِع الحكيم الذي لا يريد ولا يأمر جزافا، وعبرنا بالامر الحقيقي احترازا عن الاوامر غير الحقيقية التي تكون بدواعي اخرى من قبيل التصغير والتحقير والى ما هناك فالمراد الجدي منها شيء اخر غير الإرسال والتوجيه السلوكي ان صح التعبير تشريعا.

الامر الثاني يطلب سمعنا دائما في علم الاصول ان الاوامر والنواهي - الزامية وغير الزامية - إما مطلقة واما مقيدة ولا نروم هنا شرح مبحث الاطلاق والتقييد بل نقصر عما يعنينا في مبحثنا، أقول الاطلاق في علم الاصول يراد منه ما يقابل التقييد وانما يكون ذلك في المفاهيم التي لا تكون شخصية من جميع الجهات وهي نادرة نادرا تلاقي مفهوم شخصي من جميع الجهات يعني من جهة الافراد ومن جهة الاحوال، فيكون الاطلاق في مقابل التحصيص الافرادي او الاحوالي او الحالاتي، ولا ينبغي الإشكال في ان الشارع الذي هو بصدد البيان فإن مقتضى الحكمة بيان تمام ما له الدخل في مراده اذ قد لا يكون الشارع او الناطق عن الشرع في صدد البيان وإنما يكون في صدد الايهام كما في حالات التقية مثلا فيتكلم بمعاريض الكلام، الذي هو في صدد البيان لابد ان يذكر بكلامه كل ما له الدخل في مراده، ان كان ما له الدخل يحتاج الى تنصيص وهي القيود في الحقيقة، والا فان الاطلاق نفس المفهوم له قابلية الانطباق عليه، اذ المفاهيم تصلح للانطباق على كل ما لها الصلاحية للانطباق عليه وقرينة الحكمة دورها نفي القيود حيث لا تُذكر في الكلام مع امكان ذكرها، ويطرق اسماعنا مصطلحُ الاطلاق من جهة الموضوع في مقابل التقييد من جهة الموضوع، والاطلاق من جهة المتعلق في مقابل التقييد من جهة المتعلق، ويقصدون بالموضوع كل ما له الدخل في تحقق موضوع الحكم الشرعي في الخارج بحيث يصبح الحكم فعليا اذا تحقق على ارض الواقع، سواء كان هو ذات الموضوع أو الظروف والقيود المأخوذة في الموضوع من قبيل شرطية الوقت مثلا كل ما يسمى بشرائط الوجوب التي بسميها المحق النائيني شرائط الاتصاف، أما التقييد في طرف المتعلق فهي التي تسمى بشرائط الترتب اي ترتب المصلحة على ارض الواقع مثل شرط الاستقبال شرط الساتر شرط الطهور في الصلاة وهذا واضح هذا سرد لامر معلوم في محله، المهم هنا الذي يعنينا ولاجله عقدنا هذا الامر انتبهوا لي يا اخوان: انه عندما يقال بان الشارع اصدر حكمه مطلقا من جهة الموضوع او من جهة المتعلق فهذا هو المراد، واذا اُطلق في الكلام بان حكم الشارع مطلق فالمقصود من احدى الجهتين لا اكثر ولا اقل، حتى عندما يقيّد الشارع في الواجبات التخييرية الشرعية الوجوب بالعطف ب أو فهو في الحقيقة يقيّد المتعلق يعني انا امركم بكذا ان لم تأتوا بكذا الذي هو معطوف ب أو في الامر، يعني تصدّق ان لم تعتق، فهذا ايضا تقييد متعلق الامر في الحقيقة كما لا يخفى وهو تقييدٌ لموضوع الامر ايضا، على هذا الاساس يا اخوان واضح جدا في ان هذا هو المقصود عندما يقال اطلاق الحكم او كلام الشارع مطلق او حكم الشارع مطلق من احدى الجهتين الموضوع او المتعلق، اما ما زاد من القيود التي تُفترض في المقام - هذا بيت القصيد انتبهوا له - وهي القيود التي تلحق الحكم بعد انتهاء العملية التشريعية يعني بعد صدور الجعل من المولى فان هذا ليس من شأن الشارع بما هو شارع ان يتعرضَ له ولا يتعرض له، اذ يصبح في سلسلة معلولات الحكم الذي اصدره الشارع، يعني اصل ان الحكم صار فعلي الان فيحكم العقل انه صار فعليا، باعتبار ان العقل ادرك بعد انتهاء العملية التشريعية تحقق قيود الموضوع، فعناوين الفعلية - في اي مستوى من مستويات الفعلية سيأتي الحديث عنها في امر مستقل - عناوين الصحة والفساد عناوين التنجز وعدم التنجز وهذه الامور كلها خارجة عن شغل الشارع بما هو شارع، لا يوجد اطلاق في الحكم من جهتها ولا يوجد تقييد من جهتها، العقل يحكم بالتنجز اي الفعلية في حدها الاعلى - لان المصطلح الفعلية اطلقت في اكثر من مجال وسيأتي - اذا تحقق كل شرائط الموضوع وامكن للمكلف تحقيق كل شرائط المتعلق يعني القدرة على الحصة الخاصة اذا يوجد شرائط للمتعلق فهو قادر على الاتيان بالمتعلق فيصبح الحكم فعلي اي موضوع تام لحكم العقل بالتنجز، ولا بد ان يكون الحكم ايضا واصل للمكلف، اذا غير واصل للمكلف خير ان شاء الله فما تحقق في الخارج دعه يتحقق، اذا المكلف غافل جاهل او ساهي او ناسي او نائم فلن يحكم عقله لا بتنجز ولا بشيء، اذا كان الامر كذلك فاي قيد يتحدث عنه فيما يرتبط بمراتب الفعلية او الصحة او الفساد او تقيد امر او امكانية تقييده في مرحلة الفعلية ومنه تقييده بعصيان امر اخر، هذا خارج عن شيء اسمه اطلاق وتقييد عندما نقول اطلاق الشارع تقييد الشارع اي عن حيز القيود يأخذها الشارع بما هو شارع في حكمه اذ هذه القيود يحكم بها العقل في مرتبة معلول الحكم وليس في مرتبة جعل الحكم هذا الامر الثاني وهذا مهم جدا احتفظوا به يا اخوان.

الأمر الثالث: يلاحظ المطالع لكلمات الاصوليين انهم يطلقون مصطلح فعلية الحكم - وحتما طرق اسماعكم في الكفاية هذا الامر - ويراد منه عند دقة الملاحظة اكثر من معنى اذ كثيرا ما اطلقت فعلية الحكم بمعنى اشتراك الحكم بين العالم والجاهل، ان الحكم الشرعي الذي صدر عن المولى وتحقق الجعل وتصدى المولى لتوجيهه نحو المكلف بالايحاء والتفهيم والتحذير، اذا تحققت شرائط الموضوع بات الحكم فعلياً سواء علم به المكلف ام لم يعلم وهذا المسمى بقاعدة اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل فيقال بلغ الحكم، هذا امر واقعي ليس له علاقة بالعلم والجهل يعني الله عز وجل علق وجوب صلاة الظهر على حدوث الزوال حدث الزوال تكوينا صار وجوب صلاة الظهر فعليا، ولذلك المكلف الذي كان فاقدا لاهلية الخطاب من قبل الزوال الى الغروب يتحقق الفعلية في حقه بهذا المعنى ويجب عليه القضاء معنى القضاء مبني على الفوت ما الذي فاته هذا؟ حكم تكليفي منجز عليه! ما تنجز عليه، او الذي اسلم اول ما اسلم ولا يعرف شيء من تشريعات الاسلام! فهذا ما تنجز عليه بالفعل، او اول ما نزل وجوب الصلاة اللي في الارياف بعده ما وصلهم، فالحكم فعلي في حقهم، فالفوت فوت الحكم الفعلي بهذا المعنى اي الحكم الفعلي المشترك بين العالم والجاهل، وكثيرا ما يُطلق مصطلح الفعلية في الحكم ويراد منه هذا المعنى،
في مقابله اطلق مصطلح الفعلية في كلمات صاحب الكفاية وكثير من المحققين واريد منه الموضوع التام لحكم العقل بالتنجز، فعلا الموضوع التام لحكم العقل بالتنجز صار مشروط بالوصول، وإلا كيف يتنجز عليهم وهو غير واصل، طبعا الوصول الى مظان الوصول، ولازم حتى يكون في قدرة على الانبعاث لا بد ان يكون هناك قدرة تكوينية عندي، اذا وصلني وما عندي قدرة تكوينية لا اكلف، واذا القدرة الشرعية مأخوذة بده تتحقق القدرة الشرعية مثل الاستطاعة بالنسبة للحاج هو قادر تكوينا ولكن قادر شرعا او الذي هو قادر عالتوضؤ لكن محرم عليه استخدام الماء لانه يزيد في مرضه مثلا قدرة شرعية ما عنده قدرة عقلية عنده، فهذا الانسان الذي يحكم عقله بالتنجز فعلا يعبر ايضا في كلمات صاحب الكفاية وغيره عن الحكم بالنسبة له بالفعلية، فهذان معنيان رئيسيان للفعلية في الحكم، وهناك مصطلح ثالث للفعلية فهناك فعلية ادق من هذه تنشعب منها حيث يكون الحكم مشروطا عقلا بترك حكم اخر كما لو قال الشارع إذهب او الاب مثلنا بهذا المثال عرفا قبل: اذهب الى المدرسة واحضر دروس فان عصيت امري ولم تفعل فاجلس في المكتبة واقض وقتك في المطالعة، فيتوقف فعلية الحكم الثاني على عصيان الامر الاول، يعني التلبس بالعصيان المقصود ليس العصيان بمعنى انتهاء الوقت والا اذا انتهاء الوقت فانتهى وقتهما، مبدأه يعني العزم على العصيان، العزم على الترك المسامت لبداية الترك في الزمن الاول - ان صح التعبير - تخلف الزمن الاول للتخلف، دعوه الان جانبا.

الامر الرابع وهو لب البحث: من المشهورات الواضحة ان القدرة شرط في التكليف القدرة شرط في التكليف فلا يمكن اطلاق التكليف لغير القادر، هيدا الاطلاق صار واضح عندكم يا اخوان من الامر الثاني انه ليس الاطلاق بذاك المصطلح لا في طرف الموضوع ولا في طرف المتعلق اذ هذا حكم عقلي في طول ما يرتبط بالشارع بما هو شارع، نحن نعلم ان الحكيم لا يريد فعلا جزما من العاجز، حتى لو كان اضطرار بسوء الاختيار لا يمكن استرساله فكيف يرسله فعلا، قد يعاقبه لكن ينافيه خطاباً، المهم طرق سمعنا كثيرا ان القدرة قيد في التكليف الفعلي، ويريدون التكليف الفعلي طبعاً، فلا اطلاق في الحكم لغير حالة القدرة، السؤال المهم يا اخوان الذي يطرح نفسه: القدرة شرط في التكليف في اي مرحلة من مراحله تبدأ هذه الشرطية: هل القدرة شرط في الملاك الذي هو امر تكويني؟ هل القدرة شرط في الملاك في افق الشارع الذي عنه بالمحبوبية والمبغوضية؟ هل القدرة شرط في الجعل والانشاء؟ هل القدرة شرط في الفعلية بالمعنى الاول اي الفعلية بمعنى اشتراك الحكم بين العالم والجاهل؟ ام القدرة شرط في الفعلية بالمعنى الثاني اي شرط في التنجز اذ يحكم العقل ان الحكم لا يتنجز الا على القادر، لا اشكال ولا ريب في ان القدرة لا معنى للقول بدخالتها في الملاك، وجود مصلحة في ان يأكل الطعام الفلاني امر تكويني هذا لا دخل له بأنه قادر على الاكل أو غير قادر على الاكل، الفوائد والمضار والمصالح والمفاسد تخضع لعالم التكوين ليس للقدرة وعدم القدرة على مستوى الفعل الاختياري ليس قدرة تحمل المعدة، واضح ان المقصود في الافعال الاختيارية، وواضح ايضا ان المحبوبية والمبغوضية القدرة ليست شرطا فيها فكثيرا ما يحب الانسان اشياء ويتمناها ويترجاها وهو لا يقدر على فعلها، اذا اردنا أن نسرح خيالنا ما نحن وما نبغض ما شاء الله، وواضح ايضا ان العقل لا يحكم باشتراط القدرة لدى المكلف للاسترسال عند الجعل والانشاء وفي مرحلة الجعل والانشاء خير ان شاء الله لا في زمن صدور الانشاء اذ قد يصدر الانشاء من الشارع ولا يوجد قادر على امتثاله في العالم لان العملية التشريعية مثلا مؤبّدة طويلة مش شخصية، ويصدر ايضا بحيث يشمل العاجز لكن العقل يحكم بدرجة معيّنة بانه لا يمكن ومؤشرها ان يكلفني المولى، ولا مانع من شمول الحكم ايضا الفعلي للعاجز، اصلا معنى قولهم يا اخوان بان الاحكام تشترك بين العالم والجاهل في مرتبة الفعلية مرادهم هذا المستوى، والجاهل قادر بالله عليكم على الاسترسال عن الحكم وهو يجهله او النائم والا على اي اساس يجب القضاء عليه لانه فاته التكليف الادائي، اذاً هو يشمله اداءً، فالقدرة شرط في خصوص مرتبة حكم العقل بالتنجز يعني يحكم عقلي بأنّ المولى لا يمكن ان يأخذني بخطابه الذي لا اقدر على الاتيان بمتعلقه، فالقدرة شرط في التنجز اما بقية المراتب القدرة ليست شرطا فيها فهذا بترتب عليه ثمرة مهمة جدا تأتي تتمة الكلام فيها

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo