< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المباحث العقلية/ بحث الترتب/ مناقشة بعض الامثلة التي تطرح للترتب

قد اتضح ان محل البحث في الترتب هو فيما اذا وجد ضدان مأمور بهما وظاهر دليل كل واحد منهما أنّه مأمور به على الاطلاق وحصل التنافي بين الدليلين في مرتبة المنتهى لا المبدأ أي لا يستطيع المكلف أن يمتثلهما معًا لضيق قدرته عن ذلك والمثال الشائع في كلماتهم هو انقاذ الغريقين الواجب انقاذ كل واحد منهما في نفسه ولابد من التحديد بهذا بمعنى أنَّ كل واحد من الضدين حاوٍ للملاك الباعث للشارع على جعل الحكم والذي هو الوجوب بحسب الفرض وأنّ الشارع لم يجعل ابتداءً ربطا بين موضوع احد الحكمين والاخر بمعنى أنّ أحدهما بوجوده التشريعي أو التكويني خارجًا الانشائي او الفعلي لم ينط في لسان الشارع بالاخر وهذا يعني بدوا فعلية كل واحد منهما وداعويته وحكم العقل بلزوم امتثاله في نفسه لولا التنافي الاتفاقي غير الدائمي اذ التنافي الدائمي يصبح هناك تكاذب في مرحلة الجعل ذلك ان التنافي حصل لامر عارض خارج عن التشريع وهو انه اتفاقا يغرق المؤمنان في وقت واحد في مكانين مختلفين او في مكان واحد والقدرة لا تتسع لانقاذهما او نبي ومؤمن عادي مثال من المهمين والاهم والمهم مثال اخر وحينئذٍ يخرج عن البحث جزما ما لو كانا أحد الحكمين يتولد ملاكه والأمر به من قبل المشترع العقلائي الحكيم وتتولد فعليته تبعا في طول الترك لمتعلق الحكم الفعلي او في طول العزم على العصيان والترك إذ معنى هذا أنّه في الاساس هو غير موجود ملاكا او اشتراعا وبالطبع قطعا ليس فعليا في بعضها سالبة بانتفاء الموضوع وفي بعضها سالبة من فعل المحمول ما لم يعزم على عصيان الاول او يعصى الاول فانها تخرج عن الفرض اصلا هذا لا يولد اي مشكلة يا اخوان وهذا كثير جدا في الحياة العقلائية اذ المولى العقلائي او المربي الاب بالنسبة لابنه قد يأمره بما يراه فيه ملاك ومصلحة ملزمة لهذا الولد او السيد فيما فيه مصلحة ملزمة له فيأمر عبده بالاتيان ثم اذا ارادا العبد او الولد المأمور عصيان الاول وبمعزل عما يترتب على ذلك من عتاب وعقوبة وابعاد يقول له افعل كذا اما على سبيل تحقيق ملاك اخر او درجة دانية من درجات الملاك التي كان يحققها الاول مثل قوله اذهب الى المدرسة وتعلم وان عصيت امري فاجلس في البيت وانشغل بالكتابة مثلا هذا محقق مستوى من مستويات ذاك الملاك نفس الملاك له محققان المحقق الاول هو ان يذهب ويتعلم في المدرسة والمحقق الثاني هو ان يجلس في البيت ويقرأ واين هذا من حكمين مستقلين لكل منهما ملاكه المستقل تعارضا مش بالاصطلاح الاصولي تزاحما بالاصطلاح آنيًّا في ظرف خاص في حالة خاصة وقد يكون الامر الثاني المترتب على سبيل العقوبة والتحقيق وهذا يكون عادة في السيد والعبد العرفيين كما يقول له اذهب ونظف الاسطبل فان لم تفعل فاحبس نفسك في الغرفة شهرا لا اريد ان اراك في الخارج فهذا خارج اصلا عن بحثنا يا اخوان يشبهه من بعض الجهات لكن خارج عن ما هو مد نظر المحققين لمن راجع ودقق في طرحهم للبحث كما لا يخفى وان كان يشبهه بدرجة مهمة يشبه محل البحث لانه عمدة المحذور في بحث ترتب ما هو؟ انه من عصى الاهم وانشغل بالمهم يصبح الاهم والمهم فعليين في حقه فيعود طلب الجمع بين الضدين فعليا من هذه الجهة يشبهه هنا وان كان يفترق عنه باختلاف الامثلة هو يريد تنظيف الاسطبل هذا اليوم الحبس الى شهر مش في وقت واحد مبدأه يلتقي معه لكن ملاكه العقوبة هذا اصلا ملاكه تولد في طول عدم الانشغال اختيارا ايضا وتعمدا بتنظيف الاسطبل في هذا اليوم جيد والاوضح ارجوكم انتبهوا لها البحث يا اخوان والاوضح منه خروجا هو ما يتراءى لنا مما جعله الشارع منوطا في لسانه التشريعي بحالة من الحالات بحيث موضوع الحكم أقصد بالموضوع ما يعم الشرائط وهو كثير الاطلاق في كلمات الاصوليين لا يكون متحققا وانما يتحقق فيما لو ترك حالة من الحالات أو ترك التلبس بامر او العكس اذا تلبس بامر كما لو وجب لسبب من الاسباب نية الاقامة في مكان سافر اليه ويوجد حكم اخر وهو بمعزل عن وجوب الاقامة او عدم وجوبها منوط بالمقيم وهو وجوب الصوم في شهر رمضان او النذر المعين في ذلك اليوم على من تحققت شرائط الصوم عنده والتي منها الا يكون على سفر، خرج عنه تخصيصا او تقييدا المقيم فاذا وجبت الاقامة باصل الشرع او وجبت بالنذر انتبهوا يا اخوان فعصى الانسان ولم ينوِ الاقامة بات غير مقيم فيحرم عليه قصد الصوم في شهر رمضان بلا اشكال ولا يصح الصوم منه ولا يكون مأمورا به وهذا غير مرتبط بوجوب او عدم وجوب الإقامة، هذا مرتبط بتحقق او عدم تحقق الإقامة، نية القصد قصد الإقامة عشرة ايام سواء مكث بعد ذلك او لم يمكث المقيم حتى، المهم القصد في البداية فاذا صلّى رباعية ثبتت حتى يخرج ولو بدا له ان يكسرها ولا يمكثها، هنا في احد الطرفين الصوم او عدم الصوم منوط بالاقامة وعدم الاقامة مش منوط بالوجوب وعصيان الوجوب بدليل ان الامر لا يتغير ولا يتبدل سواء كانت الاقامة التي تلبس بها على صفة الوجوب او كان عدم تلبسه بالاقامة على صفة العصيان أم لم يكن، هذا مربوط باناطة الشارع الصوم بالمقيم والافطار بالمسافر غير المقيم خير ان شاء الله ما اله ربط فلا يصح ان يقال بوجه لا يصح ان يقال بوجه بان من حرمت عليه الاقامة فاقام تولد في طول عصيانه وجوب الصوم وصار فعليا فوجوب الصوم مترتب هنا على عصيان حكم حرمة الإقامة يصح الكلام يا اخوان هذا مترتب على عنوان مقيم وعنوان غير مقيم احد الضدين في مقابل الآخر ولا علاقة اصلا لصفة الوجوب او صفة الحرمة بوجوب الصوم او عدم وجوبه لا علاقة لهما بتحقق موضوع وجوب الصوم موضوع وجوب الصوم المقيم كيفما اتفق حتى لو اقام عصيان خير ان شاء الله هذا مقيم ولا غير مقيم؟ مقيم مقيم في ارض مغصوبة وهذا له نظائر امثلة انتبهوا يا اخوة فعندما نقول بان الترتب امر وجداني وهو واقع كثيرا في العرفيات والشرعيات لا يصح ان نمثل بهذه الامثلة لانها وان اشبهت محل بحثنا من بعض الجهات لكنها تفترق عنه جوهريا في جهات أيضًا وانما عنّيت نفسي وانفسكم ببيان ما بينت اليوم لاني رأيت ان السيد الخوئي اعلى الله مقامه الشريف على عظمته وتحقيقه قد وقع في هذه الشبهة هنا عندما زعم في بدايات بحث الترتب قبل ان يدخل الى البحث العلمي ان تصور الترتب ووقوعه امر وجداني كأنه ملحق بالبديهيات ثم مثّل لوقوعه في العرفيات بمثال الولد والمدرسة ومثّل لوقوعه في الشرعيات واعتبره من ضروريات الفقه بما ذكرنا من مثال الاقامة واطلقت اربعة امثلة على غراره راجعوها في المحاضرات موجودة في اول بحث الترتب وكلها من واد واحد وفي كلامه عبائر واضحة في ان هذا هو الترتب بعينه كما في تعبيره مثلا في مثال الاقامة والمسافر وهذا هو عين الترتب الذي نحن بصدد اثباته مع ان هذا الكلام وان اشبه الترتب من جهة الا انه يفترق عنه جوهريا كما بات واضحا، لا بأس تستغربوا يا اخوان باعتبار عظمة السيد الخوئي ولكن تأملوا في المطلب راجعوه كبوة جواد اصيل فليكن.

نعم، نحن نقبل وجدانيا بشيء اخر يشبه ما ذكره، الشارع الحكيم الذي يريد كمال عبده ومأموره اذا وجد ملاكان يقربان العبد اليه او يحصلان كماله وتنافيا بسبب ضيق قدرته في حال من الاحوال وليس له غرض في خذلانه وعقوبته فعلا لانه مستغن عن ذلك تعالى علوا كبير اه في شارعنا فهو حريص على تحصيل كل الملاكات المكملة للعبد فاذا العبد بسوء اختياره اراد عصيان الاهم وهو لا يزال متكفلا له ويريد كماله لكن بما يرتبط بلطفه المقرّب مش بما باختيار او سلب اختيار العبد لانه يبني على تركه مختارا لا الجاءً ولا اكراها فاذا قال السيد لعبده قال له وحاله هذه اذا عصيت الاهم فاتي بالمهم فاننا لا نراه الا عاملا بمقتضى الحكمة بالوجدان بقول لك انا عندي ملاكين بدي احققهم لنفسي في شارعنا في عندي بدي احققهم لعبدي لتتحقق مصلحته فاذا بسوء اختياره ضيع واحد فلا اشكال ولا ريب في انني ما دمت على نفس المبنى اريده ان يقترب نحو الكمال بالاخر هذا التحليل الوجداني السليم لكن يا اخوة هذا التحليل الوجداني ممتاز وحتما هو اللي كان يجول في عمق خاطر السيد الخوئي وإن اخطأته الامثلة العرفية والشرعية لكن هذا ماذا ينفع؟ اذا ما حلينا اشكال البرهان العقلي وهو استحالة طلب الجمع بين الظدين في وقت واحد، لا عرف حينئذ ولا امثلة ولا شيء يصمد امام الاستحالة العقلية فالعمدة هو اقامة البرهان على الامكان ودفع برهان القائل بالامتناع تأتي تتمة الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo