< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الأصول

45/03/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المباحث العقلية/مبحث الترتب/الشروع في مبحث الترتب

انتهينا في الابحاث قبل التعطيل إلى الدخول في مباحث أثارها المحقق النائيني بشيء من التفصيل وكانت في مواضع محل خلاف بينه وبين تلميذه السيد الخوئي أعلى الله مقاميهما ثم رأينا أنّ عمدة ما ينبغي النظر فيه مما اثير او تفردا باثارته في المقام يرتبط ارتباطا وثيقا بما عُرف ببحث الترتب فلذا آثرنا تأخير ما ينبغي تأخيره منها لدخالته بالبحث المذكور ووعدنا في نهاية الدرس السابق ان نبدأ هذا العام بمبحث وسم بانه مبحث الترتب والخلاصة البسيطة لطرح هذا البحث هو أنّه ان امنا بان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص فلا مجال للحديث عن حظ او قسط للأمر بالضد بعد صيرورته منهيا عنه ولذا فان الامر يتعيّن للسقوط إن كان الاخر أهم وان تساويا امتنع الأمر بهما معًا وسوف ننتهي حينئذٍ إلى القول بتعارض الدليلين الدالين بحسب ظاهرهما مع عدم وجود جمع عرفي بينهما بنحو من أنحائه لان التنافي حينئذ سوف يكون على مستوى الجعل بعد عدم إمكان الامر الجاد بالمحال أي الجمع بين الضدين لعدم القدرة على امتثاله فلا يتأتى من الحكيم، وحينئذ لاننا فرغنا من هذا فلا مجال للحديث عن امكانية امتثال الضد الاخر الساقط بسبب النهي عنه المستكشف عقلا بالامر بضده لان الكلام مبني على الاقتضاء فلا يمكن القول بامتثاله بقصد ملاكه واسلفنا نحن هناك ان المقصود من الملاك الملاك في قالب المحبوبية والا الملاك بما هو ملاك امر تكويني لا ربط له بالشارع بما هو شارع، وبهذا دفعنا اشكال صاحب المنتقى هناك وصاحب الكفاية لم يقل في المقام بامكانية الامتثال بقصد الملاك اي بناء على الاقتضاء وانما قاله فيما سيأتي. والسبب واضح يا اخوان انه بعد النهي عنه اما يصبح ذا مفسدة بالدلالة العقلية الالتزامية فنستكشف بانه ذو مفسدة يعني لكونه ضدا واما على اقل تقدير لا طريق لنا الى كشف وجود ملاك مع الاقتضاء والنهي ولو كان النهي بالعرض.

واما ان لم نقل بالاقتضاء ولم يكن الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده وهو الصحيح عند عامّة المحققين تقريبا فحينئذٍ ينفتح البحث في أنّه هل هنالك سبيلٌ عقلا لصياغة أمر تخييري بالعطف بـ(او) في المتساويين ملاكا او امر تعييني مع امر مقيد بعصيان الاهم او العزم على ذلك ولو كان المقصود الشروع في العصيان يعني مش العصيان بمعنى مضي الوقت، المفروض انهما في وقت واحد ام لا مجال لذلك والبحث ليس عن دلالات الامر لفظا بل إنه منحصر في الامكان فالبحث في المقام ثبوتي وليس اثباتيا وقد صرّح بهذا المعنى غير واحد من المحققين بل قد ذهب بعضهم كالشيخ النائيني ومدرسته الى ان البحث ينحصر في الجهة الثبوتية وأنّه لا داعي اصلا للبحث عن الجهة الاثباتية لان الامكان هنا دليل الوقوع على عكس ما يقال في العادة في القاعدة العقلية بمعنى ان اطلاق الامرين مع القيد اللبي العقلي ان قلنا بالامكان يكفي لتقييد الامر من احد الطرفين او من كليهما احد الطرفين يعني المهم يقيد بترك الاهم من الطرفين اذا كانا متساويين في الاهمية جيد وهكذا يتضح ان جهة البحث منحسرة في الجهة عقلي اسا بعض الفروع يتعرض فيها لامور ثانوية او جانبية ليست هي جوهر البحث قد تكون غير عقلية يعني ليست هي جوهر البحث.

ومن هنا عُبّر عن هذا المبحث في كلمات جملة من المحققين بمبحث الترتب والمراجع لكلماتهم ينتهي الى أنّهم على قولين علما أنّ جُلَّ المحققين قد أقروا بان هذا المبحث لا عين ولا اثر له في كلمات المتقدمين واوائل المتأخرين واول من أشّر اليه من دون ان يبحثه او يشيده فيما نعلم المحقق الثاني في جامع مقاصده حيث خرّج فرعا يبتني على هذا البحث واول من بحث موجز في ذلك هو المحقق الكبير الشيخ جعفر في كشف غطائه ثم بدأ المحققون يعني الى متأخرين المتأخرين يعني بدأ المحققون يبحثون حول هذا الامر وانشطروا الى رأيين: الاول ما ذهب اليه الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية حيث أفادا القول باستحالة الترتب وتبعهما جماعة وهذا أمر طبيعي والآخر ما شيّد اركانه المجدد الشيرازي رضوان الله تعالى عليه وعدّ هذا من انجازات ما سمي بمكتب سامراء عندما انتقل بالحوزة العلمية الى سامراء انتقل بجزء منها يعني هو انتقل شخصيا المجدد رضوان الله عليه والى تلميذه المحقق السيد محمد الاصفهاني المعروف بالفشاركي كان من كبار الاعلام ومنهما اخذ المحقق النائيني ما اخذه وتوسع به ونمقه على عادته الشيخ النائيني وهو اشمل من بحث هذا البحث ويهمني في المقام ان اشير الى نكتتين النكتة الاولى انه كما ترون هذا البحث نشأ بين المتأخرين بحث علمي بامتياز لا في مجال لدعاوى اجماع ولا شهرة ولا شيء من هذا القبيل فالعمدة النظر فيما قيل او يمكن ان يُقال وتجدر الاشارة الى أنّ البحث عن الإمكان يعتمد بالدرجة الاولى على تصوير الأمر الترتبي بالمهم مقيدة بحيث لا ينتهي الى طلب الجمع بين الضدين في حال من الاحوال حتى لا يكون تكليفا بغير المقدور وهو محال أقول تسمية البحث بالترتب لا تقتضي وسترون ان يكون القائلون بالإمكان قد ذهبوا الى ذلك نتيجة دليل واحد او طريقة بحث واحدة امنوا بها فإننا نجد مثلا المحقق العراقي لا يرتضي بعض مقدمات تشييد برهان الترتب التي ذهب اليها المحقق النائيني والمجدد الشيرازي ومع ذلك هو يخالف استاذه صاحب الكفاية ويقول بالترتب لكن بطريقته الخاصة كذلك الامر بالنسبة الى بعض المعاصرين كصاحب المنتقى والشهيد الصدر وتجدر الاشارة في المقام الى ان اشتهار هذا المبحث بالترتب انما جاء من قبل مدرسة المحقق النائيني حيث صار مصطلح والا فاننا وجدنا لبعض الاعلام والمحققين تخريجا للأمر بالمهم بحيث يكون معقولا في نظرهم على غير طريقة الترتب ومقدمات الترتب ولم يُطلق على هذا الذي ذكروه عنوان الترتب عنيت المحقق الشيخ عبد الكريم الحائري أعلى الله مقامه في كتابه الدرر وكذلك الامر فيما ذهب اليه تلميذه السيد الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه بطريقة خاصة لم يوافق فيها ايضا استاذه الحائري وهو ما سمي بالخطابات القانونية والمبنى الخاص الذي ذهب اليه اقول يا اخوان هذا مبحث بات الان من اهم مباحث علم الاصول على الاطلاق ليس من جهة اصل البحث اي تخريج الامر بالمهم بل من جهة ما تفرع على هذا البحث من تنقيح وتفريع مباحث التزاحم في علم الاصول فانها من نتاج البحث بالترتب اصل البحث في التزاحم موجود مجملا، نكات بحث الترتب هي التي فتقت البحث في مباحث التزاحم ومرجحات باب التزاحم والى ما هنالك واللي بات من اهم المباحث الاصولية المنعكسة في الفقه والتي هي محل ابتلاء عظيم لذلك اقول بدرس قاطع نحن امام بحث من غرر ابحاث علم الاصول ومهمها جدا وفيه دقائق وفي بعضهم اصلا اسس مباني بسبب هذا المبحث جديدة متل السيد الامام وبحث الخطابات القانونية سواء وافقناهم ام لم نوافقهم هذا بحث اخر وهكذا فقد اتضح انها هذا المبحث يتجاوز عنوان الترتب المدرسي وان كان الشغل الشاغل عنوان الترتب يعني طريقة الشيخ عبدالكريم طريقة السيد الامام لم يطلق عليها عنوان الترتب والامر سهل يمكننا ان نطلق الترتب على كل المحاولات واختم اليوم حتى نفتح البحث غدا ان شاء الله ان المحققين الذين منعوا القول بالترتب وعلى رأسهم الشيخ الانصاري والمحقق صاحب الكفاية عمدة منعهم عقلا هو ان القول بالأمر بالضد مشروطا يفضي الى طلب الضدين ذلك ان الامر بالأهم مطلقٌ في حالة تقيّد الامر بالمهم به فاذا عزم على تركه وعصيانه وتلبس بالمهم بات الامر بالمهم فعليا فاذا تلبس به اجتمع عليه طلب الجمع بين الضدين اي طلب المحال وهو الجمع بين الضدين وهو تكليف بغير المقدور لا يصدر من الحكيم شرط فعلية الحكم القدرة الى اخره هذا عمدة المحذور والقائل بالترتب عمدة نظره الجواب على هذا المحذور، زبدة البحث يا اخوان ولا يخفى ان الجانب العرفي في البحث العادي لا يرى اي محذور في ذلك وتأتي تتمة الحديث.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo