« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي
بحث الفقه

47/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 كتاب الشهادات.

الموضوع: كتاب الشهادات.

القول: القول: في الشهادة على الشهادة.

 

مسألة (9): لو رجعا بعد الحكم والاستيفاء وتلف المشهود به لم ينقض الحكم، وعليهما الغرم، ولو رجعا بعد الحكم قبل الاستيفاء، فإن كان من حدود اللَّه تعالى نقض الحكم. وكذا ما كان مشتركاً نحو حدّ القذف وحدّ السرقة، والأشبه عدم النقض بالنسبة إلى سائر الآثار غير الحدّ، كحرمة امّ الموطوء واخته وبنته، وحرمة أكل لحم البهيمة الموطوءة، وقسمة مال المحكوم بالردّة، واعتداد زوجته، ولا ينقض الحكم على الأقوى في ما عدا ما تقدّم من الحقوق، ولو رجعا بعد الاستيفاء في حقوق الناس لم ينقض الحكم وإن كانت العين باقية على الأقوى[1] .

 

يمكن تقسيم المسألة في قضيّة رجوع الشاهدين بعد الحكم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: فيما لو كان رجوع الشاهدين عن شهادتهما بعد الحكم وبعد الإستيفاء وتلف المشهو به (العين).

وفي هذا القسم أفتى سيدنا (قده) بعدم إنتقاض الحكم، وتحميل الشاهدين الغرم، ويمكن الاستدلال على ذلك:

أولًا: للإجماع بقسميه كما ذكره صاحب الجواهر (قده) حيث قال: (ولو رجعا بعد الحكم والاستيفاء وتلف المحكوم به لم ينقض الحكم )إجماعا بقسميه))[2] .

ثانيًا: لإطلاقات الأدلة من جهة عدم جواز نقض حكم الحاكم.

ثالثًا: للنصوص الخاصة في المقام لمعتبرة السكوني:

–(عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن بنان، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السلام) أنَّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: من شهد عندنا ثمَّ غيّر، أخذناه بالأوَّل، وطرحنا الأخير)[3] .

القسم الثاني: فيما لو رجع الشاهدان عن شهادتهما بعد الحكم وقبل الإستيفاء.

وفي هذا القسم لا بد من التفصيل بين ما لو كان الحق من حدود الله المحضة كالزنا واللواط، والمشتركة كحد القذف والسرقة، وبين سائر الآثار غير الحد، كحرمة أم الموطوء وأخته وإبنته وغيرهن، وكذا كحرمة أكل لحم البهيمة الموطوءة، وقسمة مال المحكوم بالردّة وإعتداد زوجته.

فأما فيما لو كان من الحدود بلا فرق بين المحضة والمشتركة، فإنه يُنقض الحكم وذلك لتحقق الشبهة وأن الحدود تُدرأ بالشبهات، وأنها مبنية على التخفيف.

وأما بالنسبة إلى سائر الآثار غير الحدود، كما ذكرنا من أمثلة قبل قليل وذكرها سيدنا (قده) في المتن.

فالأشبه عدم النقض، وذلك لكونه حكمًا شرعيًا لا يُسقط ولا يزول إلا بدليل وهو مفقود.

وهكذا فالأقوى عدم نقض الحكم فيما عدى ما تقدم من الحقوق كالقتل والجرح، وذلك:

أولًا: لما ذكرنا من كونه حكمًا شرعيًا والمفروض تماميته، والمورد ليس من الحدود ليُدرأ بالشبهة.

ثانيًا: لإطلاق دليل الصحة، واستصحابها وأيضًا لمرسل جميل المنجبر:

-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عمّن أخبره، عن أحدهما (عليهما السلام) قال في الشهود إذا رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل: ضمنوا ما شهدوا به وغرموا، وإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرموا الشهود شيئاً)[4] .

القسم الثالث: فيما لو رجع الشاهدان بعد الإستيفاء في حقوق الناس، لم يُنقض الحكم وإن كانت العين باقية.

وذلك لما تقدم، وأنه لا وجه للنقض كما هو واضح.

 


logo