47/05/25
كتاب الشهادات.
الموضوع: كتاب الشهادات.
القول: القول: في الشهادة على الشهادة.
مسألة (3): لو شهد أحدهما: بأنّه سرق نصاباً غدوة، والآخر: بأنّه سرق نصاباً عشية، لم يقطع ولم يحكم بردّ المال، وكذا لو قال الآخر: سرق هذا النصاب بعينه عشية[1] .
فلو شاهد أحدهما بأنه سرق نصابًا غُدوة، والآخر بأنه سرق نصابًا عشيّة، فقد ثبت الإختلاف بين الشهادتين، في الزمان، وعليه فهذا يحقّق المغايرة بين الشهادتين، لكونهما لم يردا على فعل واحد، فلا تُقطع اليد ولا يُردّ المال، لعدم تواردها على فعل واحد.
نعم في حال ما لو ضُم إلى أحدهما يمين المدّعي، فإنه يثبت الغرم دون القطع، ويجب رد المال إلى المشهود له.
وقد تقدم إختصاص الشاهد واليمين بحقوق الناس دون حقوق الله.
مسألة (4): لو اتّفق الشاهدان في فعل، واختلفا في زمانه أو مكانه أو وصفه بما يوجب تغاير الفعلين، لم تكمل شهادتهما، كما لو قال أحدهما: سرق ثوباً في السوق، والآخر: سرق ثوباً في البيت، أو قال أحدهما: سرق ديناراً عراقياً، وقال الآخر: سرق ديناراً كويتياً، أو قال أحدهما: سرق ديناراً غدوة والآخر عشية، فإنّه لم يقطع ولم يثبت الغرم إلّا إذا حلف المدّعي مع كلّ واحد، فإنّه يغرم[2] .
هذه الموارد التي ذكرها سيدنا (قده) في متنه، من أجلى موارد تحقّق المعارضة.
وعليه فتسقط حجيّة كل واحد منهما بالمعارضة بلا خلاف ولا إشكال في المقام وهذا ما عليه العقل والشرع والعرف، وعليه فلا يتحقق الموضوع من هذه الجهة، ويصير كما لو لم تقم حجة عليه وهذا بلا فرق بين حق الله تعالى وحق الناس، وذلك لعدم تمامية الحجيّة بالمعارضة، كما الأمثلة في المتن.
هذا مضافًا لكون الحدود تُدرأ بالشبهات كما تقدم مرارًا.
مسألة (5): لو شهد أحدهما: أنّه باع هذا الثوب أوّل الزوال في هذا اليوم بدينار، وشهد آخر: أنّه باعه أوّل الزوال بدينارين، لم يثبت وسقطتا. وقيل: كان له المطالبة بأيّهما شاء مع اليمين، وفيه ضعف. ولو شهد له مع كلّ واحد شاهد آخر قيل: ثبت الديناران، والأشبه سقوطهما. وكذا لو شهد واحد بالإقرار بألف والآخر بألفين في زمان واحد سقطتا، وقيل: يثبت بهما الألف، والآخر بانضمام اليمين إلى الثاني، وهو ضعيف. فالضابط: أنّ كلّ مورد وقع التعارض سقط المتعارضان؛ بيّنة كانا أو شهادة واحدة، ومع عدم التعارض عمل بالبيّنة، وتثبت مع الواحد ويمين المدّعي الدعوى[3] .
يمكن تقسيم المسألة أعلاه إلى فرعين:
الأول: أنه شهد أحدهما: أنه باع هذا الثوب أول الزوال في هذا اليوم بدينار، وشهد الآخر: أنه باعه أول الزوال بدينارين، وهنا تتحقق المعارضة، فتسقط الحجيّة بالمعارضة عقلًا وعرفًا وشرعًا، ومن ثم يكون الموضوع في المقام كما لم تقم حجة عليه.
نعم في مورد الإختلاف بين الدينار والدينارين قد يُقال: بأنه له المطالبة بأيهما شاء مع اليمين، ولكنه ضعيف لمكان التعارض بينها من جهة، ومن جهة ثانية فإن الإكتفاء بالشاهد واليمين في الحقوق المالية إنما هو فيما لو لم يكن للشاهد معارض، وأما معه فإنه يوجب السقوط لا محالة.
الثاني: ما لو شهد واحد بالإقرار بألف لزيد في زمن معين، وشهد الآخر بألفين لزيد في نفس الزمان.
فقد ذهب سيدنا الماتن (قده) إلى التساقط أيضًا.
وذهب صاحب الشرائع (قده) إلى ثبوت الألف بهما، والآخر بإنضمام اليمين.
حيث قال: (الرابعة لو شهد أحدهما أنه باعه هذا الثوب غدوة بدينار وشهد له آخر أنه باعه ذلك الثوب بعينه في ذلك الوقت بدينارين لم يثبتا لتحقق التعارض وكان له المطالبة بأيهما شاء مع اليمين، ولو شهد له مع كل واحد شاهد آخر ثبت الديناران وكذلك لو شهد واحد بالإقرار بألف والآخر بألفين فإنه يثبت الألف بهما والآخر بانضمام اليمين ولو شهد بكل واحد شاهدان يثبت ألف بشهادة الجميع والألف الآخر بشهادة اثنين وكذا لو شهد أنه سرق ثوبا قيمته درهم وشهد الآخر أنه سرقه وقيمته درهمان ثبت الدرهم بشهادتهما والآخر بالشاهد واليمين ولو شهد بكل صورة شاهدان ثبت الدرهم بشهادة الجميع والآخر بشهادة الشاهدين بهما ولو شهد أحدهما بالقذف غدوة والآخر عشية أو بالقتل كذلك لم يحكم بشهادتهما لأنه شهادة على فعلين أما لو شهد أحدهما بإقراره بالعربية والآخر بالعجمية قبل لأنه إخبار عن شيء واحد)[4] .
ويمكن الاستدلال عليه أن الألف الأوّل متفق عليه بينهما، والألف الآخر له شاهد ويمين.
ويمكن الرد عليه، بأن تحقق االتعارض مطلقًا يوجب التساقط بلا فرق بين كون الطرفين هما البينتين أو الشاهدين، وذلك لإعتبار توارد الشهادتين على مورد واحد لكون الثمن من مقوّمات البيع، وعليه فالحق ما اختاره في المتن.