« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي
بحث الفقه

47/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الشهادات

الموضوع: كتاب الشهادات

 

القول: أقسام الحقوق.

مسألة (7): كلّ موضع تقبل شهادة النساء منفردات لا يثبت بأقلّ من أربع. نعم، تقبل شهادة المرأة الواحدة بلا يمين في ربع ميراث المستهلّ وربع الوصيّة، والاثنتين في النصف، والثلاث في ثلاثة أرباع، والأربع في الجميع. ولا يلحق بها رجل واحد، ولا يثبت به أصلًا[1] .

أما قضية قبول شهادة النساء منفردات على نحو تقييد ذلك بعدم ثبوته بأقل من أربع، فلدلالة آية الدين:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[2] .

ومنها يُفهم أن الله تعالى جعل ذلك كضابطة كلية في أن المرأتين تقومان مقام رجل واحد في الشهادة.

وهو ما عليه بعض الروايات التي يُفهم منها قيام إمرأتين مقام عدل واحد من الرجال:

-(عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال عليٌّ (عليه السلام): شهادة النساء تجوز في النكاح، ولا تجوز في الطلاق، وقال: إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان جاز في الرجم، وإذا كان رجلان وأربع نسوة لم يجز، وقال: تجوز شهادة النساء في الدم مع الرجال)[3] .

-(عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن محمّد الهمداني، قال: كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن (عليه السلام): امرأة شهدت على وصيّة رجل لم يشهدها غيرها، وفي الورثة من يصدّقها، وفيهم من يتّهمها، فكتب: لا، إلاّ أن يكون رجل وامرأتان، وليس بواجب أن تنفذ شهادتها)[4] . وغيرها.

وذهب إليه المشهور، بل في الجواهر (كتاب الشهادات) يمكن دعوى القطع به من الكتاب والسّنة، أن المرأتين يقومان مقام الرجل (الواحد) في الشهادة.

حيث قال: ((و) كيف كان فقد يستفاد مما عرفت من توقف ثبوت تمام الحق بلا يمين في الوصية وميراث المستهل على أربع أن (كل موضع يقبل فيه شهادة النساء لا يثبت بأقل من أربع) كما هو المشهور للأصل، بل يمكن دعوى القطع به من الكتاب والسنة أن المرأتين‌ يقومان مقام الرجل في الشهادة، وهو ظاهر قوله تعالى (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى))[5] .

وعليه نعرف وجه الضعف فيما نُسب إلى الشيخ المفيد (قده) من (أنه تقبل شهادة إمرأتين مسلمتين مستورتين فيما لا تراه الرجال كالعُذرة وعيوب النساء . . . وإذا لم يوجد على ذلك إلا شهادة امرأة واحدة مأمونة قُبلت شهادتها فيه، بل لا وجه له.

وعلى أي حال، لا كلام في أن شهادة المرأتين تعادل رجل عدل واحد فيما يلزم شهادة عدلين فلا بد من شهادة أربع نسوة.

وأما قضية قبول شهادة المرأة الواحدة بلا يمين في ربع ميراث المستهل وربع الوصية، والاثنتين في النصف، والثلاث في ثلاثة أرباع، والاربع في الجميع.

فإنها يدل عليها، جملة من الروايات الصحيحة أو المعتبرة، ومنها صحيح عمر بن يزيد:

-(عن أحمد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل، فوضعت بعد موته غلاماً ثمَّ مات الغلام بعدما وقع إلى الأرض، فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهلَّ وصاح حين وقع إلى الأرض، ثمَّ مات، قال: على الإِمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام)[6] .

هذا في ميراث المستهل وهذه الصحيحة مقيدة لبعض الروايات الدالة على إعطاء تمام الإرث شهادة القابلة كما في صحيحة الحلبي:

-(بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح، فقال: تجوز إذا كان معهنّ رجل، وكان عليٌّ (عليه السلام) يقول: لا اُجيزها في الطلاق، قلت: تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين ؟ قال: نعم، وسألته عن شهادة القابلة في الولادة، قال: تجوز شهادة الواحدة، وقال: تجوز شهادة النساء في المنفوس، والعذرة، وحدَّثني من سمعه يحدِّث أنَّ أباه أخبره، أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أجاز شهادة النساء في الدين مع يمين الطالب، يحلف بالله أنَّ حقّه لحقٌّ)[7] .

-(عن أحمد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل، فوضعت بعد موته غلاماً ثمَّ مات الغلام بعدما وقع إلى الأرض، فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهلَّ وصاح حين وقع إلى الأرض، ثمَّ مات، قال: على الإِمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام)[8] .

-(عن يونس، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال، ولا يجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة، ويجوز في ذلك)[9] .

بقي شيء وهو أن ذكر القابلة ههنا إنما هو من باب المصداق الغالب وليس من باب الحصر فيها، وعليه يثبت الربع بشهادة مطلق المرأة ولو لم تكن قابلة ويدل عليه صحيح محمد بن مسلم:

-(عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، قال: سألته تجوز شهادة النساء وحدهنّ؟ قال: نعم، في العذرة والنفساء)[10] .

وأما في ثبوت الوصية.

فيدل عليه جملة من الروايات منها رواية ربعي:

-( محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعي، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) في شهادة امرأة حضرت رجلاً يوصي ليس معها رجل، فقال: يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها)[11] .

صحيحة علي بن الحكم:

-(عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام)، أنّه قال في وصية لم يشهدها إلاّ امرأة فأجاز شهادتها في الربع من الوصية بحساب شهادتها)[12] .

-(عن يونس بن عبد الرحمن، عن عاصم، عن محمّد بن قيس قال: قال أبو جعفر (عليه ‌السلام): قضى أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) في وصية لم يشهدها إلاّ امرأة أن تجوز شهادة المرأة في ربع الوصية إذا كانت مسلمة غير مريبة في دينها)[13] .

-(عن الحسين بن سعيد، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه ‌السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) أنّه قضى في وصية لم يشهدها إلاّ المرأة فأجاز شهادة المرأه في ربع الوصية)[14] .

وأما قضية عدم إلحاق الرجل الواحد بالمرأة، وعدم ثبوت المورد المذكور بالرجل أصلًا.

فذلك لأجل الإقتصار على مورد النص، حيث أنه ورد إختصاص المرأة فحسب دون الرجل مضافًا إلى الإجماع وحرمة القياس.

 


logo