46/11/08
كتاب الشهادات.
الموضوع: كتاب الشهادات.
القول: في صفات الشهود.
تابع: مسألة (6): تقبل شهادة الصديق على صديقه وكذا له، وإن كانت الصداقة بينهما أكيدة والموادّة شديدة، وتقبل شهادة الضيف وإن كان له ميل إلى المشهود له.وهل تقبل شهادة الأجير لمن آجره؟ قولان أقربهما المنع.ولو تحمّل حال الإجارة وأدّاها بعدها تقبل[1] .
أما القضية الثالثة: ففيها قولان:
الأول: قبول شهادة الأجير لمن آجره، وهو ما ذهب إليه مشهور المتأخرين كما ذكر ذلك صاحب الجواهر(قده) حيث قال: (تقبل شهادة الأجير والضيف وإن كان لهما ميل إلى المشهود له لكن، مجرد ذلك لا يقدح في شهادة العدل الدال على قبولها الكتاب والسنة والإجماع، بل (يرفع التهمة) عنهما في ذلك (تمسكهما بالأمانة) التي هي من لوازم العدالة المزبورة، مع أنه لا خلاف بيننا في الثاني، كما اعترف به غير واحد، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه، مضافا إلىموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا، قال: ويكره شهادة الأجير لصاحبه، ولا بأس بشهادته لغيره، ولا بأس بها له عند مفارقته، وبالجملة فالحكم في الثاني واضح)[2] .
وحكاه صاحب المسالك (قده) ونسبه إلى المشهور حيث قال: (لا خلاف في قبول شهادة الضيف من حيث هو ضيف، لعموم الأدلّة المتناولة له، وارتفاع ريبة التهمة بواسطة التقوى. وفي رواية أبي بصير قال: (لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا). وأما الأجير فاختلف الأصحاب في شأنه، فجزم المصنف- رحمه اللّه- وقبله ابن إدريس بقبول شهادته، وعليه المتأخّرون، للأصل، وعموم قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) وذهب الشيخ في النهاية والصدوقان وأبو الصلاح وجماعة إلى عدم قبول شهادته ما دام أجيرا، لرواية العلاء بن سيابة عن الصادق (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يجيز شهادة الأجير ورواية زرعة)[3] .
وكفاية الفقه حيث قال: (الثامنة: يقبل شهادة الصديق والضيف. بلا خلاف في ذلك، وفي قبول شهادة الأجير قولان، فالمتأخّرون على القبول، لقوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ وقوله تعالى وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) ويدلّ عليه أيضاً عمومات الأدلّة وغيرها)[4] .
والعلامة في تحرير الأحكام حيث قال: (وتقبل شهادة الأجير والضيف وإن حصل لهما ميل إلى المستأجر والمضيف، لأنّ العدالة تمنع من إقدامهما على الباطل)[5] .
والسيوري في التنقيح الرائع حيث قال: ((الثالثة) الأجير تقبل شهادته مع عدالته، لعموم الأدلة الدالة على قبول شهادة المسلم العدل غير المتهم بما يمنع الشهادة. وهو مذهب ابن إدريس والمصنف والعلامة، وقال الشيخ في النهاية والقاضي والتقي وابن حمزة وابنا بابويه لا تقبل شهادته، معتمدين على رواية زرعة ورواية العلاء بن سيابة عن الصادق عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يجيز شهادة الأجير)[6] .
وذهب أكثر المتقدمين إلى المنع وعدم قبول شهادته، ومنهم الصدوقان (قده) في المقنع حيث قال: (ولا تجوز شهادة شارب الخمر، ولا مقامر، ولا من يلعب بالشّطرنج والنّرد، ولا أجير لصاحبه، ولا تابع لمتبوع)[7] .
وفي الهدايه حيث قال: (والمسلمون كلهم عدول تقبل شهادتهم، إلا مجلودا في حد، أو معروفا بشهادة الزور، (أو حاسدا، أو باغيا، أو متهما) أو تابعا لمتبوع، أو أجيرا لصاحبه، أو شارب خمر، أو مقامرا)[8] .
ومنهم الشيخ الطوسي (قده) في النهاية حيث قال: (ولا يجوز قبول شهادة الظنين والمتهم والخصم والخائن والاجير)[9] .
والحلبي في الكافي في الفقه حيث قال: (ولا تقبل شهادة الشريك فيما هو شريك فيه ولا الأجير لمستأجره ولا ذمي على مسلم ولا مبطل على محق وتقبل شهادة بعضهم على بعض ولأهل الحق عليهم)[10] .
والقاضي في مهذبه حيث قال: (ولا يجوز قبول شهادة الظنين والمتهم، والخصم، والأجير لمستأجره مع مقامه معه في الاستئجار)[11] . وغيرهم.
وهذا ما اختاره سيدنا الأستاذ (قده) في متنه.