< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

42/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الصيد والذباحة

القول: في الذباحة

مسألة (7): يجب التتابع في الذبح؛ بأن يستوفي قطع الأعضاء قبل زهوق الروح، فلو قطع بعضها وأرسل الذبيحة حتّى انتهت إلى الموت ثمّ قطع الباقي حرمت، بل لا يترك الاحتياط بأن لا يفصل بينها بما يخرج عن المتعارف المعتاد؛ ولا يعدّ معه عملًا واحداً عرفاً، بل يعدّ عملين وإن استوفى التمام قبل خروج الروح منها[1] .

 

إن مسألة وجوب التتابع في الذبح هو المنساق في ظاهر الأدلة وهو الموافق للانسياق العرفي من عملية الذبح التي هي عبارة عن عملية واحدة ولها هيئة خاصة في ظرف معين تستدعي التتابع فيها ليتم قطع الاوداج الأربعة معًا مما يحقق استناد موت الحيوان إلى هذه العملية الواحدة دون فصل وتأخير لدفع احتمال موت الذبيحة بقطع بعض الاوداج قبل قطع تمامها مما يؤدي إلى الشك في حليتها وعدمها فتجري اصالة عدم تحقق الشرط ويلزمه اصالة عدم التذكية، ومنه يُعلم عدم صحة التمسك بالاطلاق كما ذهب اليه العلامّة (قده).

 

مسألة (8): لو قطع رقبة الذبيحة من القفا، وبقيت أعضاء الذباحة، فإن بقيت لها الحياة المستكشفة بالحركة ولو يسيرة بعد الذبح وقطع الأوداج حلّت، وإن كان لها حركة ولو يسيرة قبل الذبح ذُبحت، فإن خرج مع ذلك الدم المعتدل حلّت، وإلّا فإن لم تتحرّك حتّى يسيراً قبل الذبح حرمت، وإن تحرّكت قبله ولم يخرج الدم المعتدل فمحلّ إشكال[2] .

 

تقدم بأن المناط في حلية الذبيحة هو أن يستند موت الحيوان إلى قطع الاوداج الأربعة من المذبح (الحلقوم) على أن تكون حية قبل الذبح ويُعرف ذلك بالحركة اليسيرة بعد الذبح وقطع الاوداج وعندئذ فلو تم ذلك حلّت الذبيحة بلا خلاف ولا اشكال وذلك لمقتضى الحلية في المقام كما تقدم، وهكذا لو تم الذبح بعد اليقين بكونها حية ولو بعلامة الحركة اليسيرة قبل الذبح وخروج الدم ولو يسيرًا بعد الذبح، والا فلو لم تتحرك ولو يسيراً ولم يخرج الدم أصلًا فإن الحكم بحليتها في المفروض محل إشكال بل منع وذلك للحكم بكونها ميته ولا أقل من الشك في حياتها فإن جريان أصالة عدم تحقق الشرط وهو (حياة الحيوان مع خروج الدم بعد الذبح) جارية بلا خلاف ولازمه جريان اصالة عدم التذكية.

 

مسألة (9): لو أخطأ الذابح وذبح من فوق العقدة ولم يقطع الأعضاء الأربعة، فإن لم تبق لها الحياة حرمت، وإن بقيت يمكن أن يتدارك؛ بأن يتسارع إلى إيقاع الذبح من تحت، وقطع الأعضاء وحلّت، واستكشاف الحياة كما مرّ[3] .

 

وذلك لعدم تحقق شرط الذباحة المترتب عليه أثر حلية الذبيحة وهو قطع الاوداج الأربعة ويتم ذلك بأن يكون الذبح من تحت العقدة لا من فوقها كما تقدم نعم لو ذبح من فوق العقدة ولكن تدارك ذلك وسارع إلى ذبحها من تحت العقدة وقطع الأعضاء الأربعة قبل أن تموت حلّت بلا اشكال ولا خلاف لوجود المقتضي للحلية كما تقدم.

 

مسألة (10): لو أكل الذئب -مثلًا- مذبح الحيوان وأدركه حيّاً، فإن أكل تمام الأوداج الأربعة بتمامها؛ بحيث لم يبق شي‌ء منها ولا منها شي‌ء، فهو غير قابل للتذكية وحرمت، وكذا إن أكلها من فوق أو من تحت، وبقي مقدار من الجميع معلّقة بالرأس أو متّصلة بالبدن على الأحوط، فلا يحلّ بقطع ما بقي منها، وكذلك لو أكل بعضها تماماً وأبقى بعضها كذلك، كما إذا أكل الحُلقوم بالتمام وأبقى الباقي كذلك، فلو قطع الباقي مع الشرائط يشكل وقوع التذكية عليه، فلا يترك الاحتياط[4] .

 

يمكن تصوير المسألة المذكورة في متن سيدنا (رحمه الله) في ثلاث صور:

1-تارة يأكل الذئب تمام الاوداج الأربعة بحيث لم يبق منها شيء وحكمها حرمة الذبيحة لعدم قابليتها للتذكية فهي من قبيل السالبة بإنتفاء الموضوع.

2-وتارة يأكلها من فوق أو من تحت الحلقوم، ويبقى مقدارًا منها معلقة بالرأس أو متصلة بالبدن، وحكمها على إفتراض بقاء الحيوان حيًا هو الحلية ووقوع الذكاة عليه.

3-وطورًا يأكل الذئب بعض الاوداج تمامًا ويُبقي على بعضها تامة، وحكمها على إفتراض بقائها حية هو الحلية وصحة ذكاتها ولا يُقال في الصورة الثانية والثالثة أنها تحرم ولا يصح وقوع الذكاة عليها لعدم قطع الاوداج الأربعة وبالتالي فلا موضوع للحلية.

بل يقال: إن قطع الاوداج الأربعة إنما هو مطلوب للحلية في حال وجودها جميعًا، أما في حال عدم بعضها مع بقاء الحيوان حيًا فيصح قطعها ووقوع الذكاة بذلك واسناد موتها إليه فهي حلال

كما لو افترضنا أن الحيوان قد أصيب بعض اوداجه بمرض أوجب نزعه طبيًا وبقي حيًا بباقي الاوداج، أو أن الله تعالى قد خلقه ناقصًا في بعض اوداجه، فالقول حينئذ بصحة وقوع التذكية عليه وحليته.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo