< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

41/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الصيد

(مسألة 17): لو سعى خلف حيوان حتّى أعياه ووقف عن العدو لم يملكه ما لم يأخذه، فلو أخذه غيره قبل أن يأخذه ملكه[1] .

 

وهذا قد يتفق كثيرًا، فأما أنه لا يملكه بمجرد الركض خلف الحيوان وإعيائه لكون المناط في تحقق الملكية هو الاستيلاء على الحيوان بأي سبب كما تقدم، وبالتالي فإن العدو خلف الحيوان وإعيائه لازم أعم من الاستيلاء عليه.

وأما تملك الآخذ له فلأجل الاستيلاء عليه وهذا موضع اتفاق بين الاصحاب (اعلى الله مقامهم) مضافًا للنصوص على ذلك منها:

-(عليّ بن ابراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه‌ السلام): ان الطائر اذا ملك جناحيه فهو صيد، وهو حلال لمن اخذه)[2] .

-(محمد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام): ان امير المؤمنين (عليه‌ السلام) قال: في رجل أبصر طيرا، فتبعه حتى وقع على شجرة، فجاء رجل فأخذه، فقال أمير المؤمنين (عليه‌ السلام): للعين ما رأت، ولليد ما أخذت)[3] . وغيرها في هذا الباب.

 

(مسألة 18): لو وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد، ولم تمسكه الشبكة لضعفها وقوّته فانفلت منها، لم يملكه ناصبها، وكذا إن أخذ الشبكة وانفلت بها من دون أن يزول عنه الامتناع، فإن صاده غيره ملكه وردّ الشبكة إلى صاحبها. نعم، لو أمسكته الشبكة وأثبتته، ثمّ انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجية، لم يخرج بذلك عن ملكه، كما لو أمسكه بيده ثمّ انفلت منها، وكذا لو مشى بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع فإنّه لناصبها، فلو أخذه غيره يجب أن يردّه إليه[4] .

 

وهذه المسألة من مصاديق الاستيلاء وعدمه وهو المدار في تحقق التملك وعدمه.

فإذا لم تمسكه الشبكة وانفلت منها إما لضعفها أو لقوة الحيوان الطائر، فلا يملكه صاحب الشبكة.

فإذا صاده غيرُه يكون ملكًا لصائده وعليه رد الشبكة لصاحبها إذا لم ينفلت منها مع بقاء الحيوان على امتناعه.

أما عدم تملك صاحب الشبكة للحيوان فذلك لعدم تحقق الاستيلاء عليه ولأصالة بقاء الحيوان على الاباحة الاصلية ويكون عندئذ لمن اصطاده واستولى عليه.

وأما وجوب رد الشبكة إلى صاحبها فلقاعدة (الناس مسلطون على أموالهم) وقاعدة (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) كما دلّ عليه الشرع والعقل، وهذا لا خلاف فيه.

نعم لو امسكته الشبكة وأثبتته ثم انفلت منها بسبب من الأسباب

 

الخارجية لم يخرج بذلك عن ملكه، كما لو امسكه بيده ثم انفلت منها، وهكذا الحال فيما لو لم يقدر الحيوان على الامتناع جراء ذلك، فإنه لناصبها، ولو أخذه غيرُه يجب أن يردّه عليه. وذلك كلُّه لكونه قد حازه واستولى عليه ولو آنًا ما، وتحققت بذلك الملكية، فلو زالت منه بعد ذلك بانفلات الحيوان مثلًا لأيِّ سبب خارجي عرض عليه، فإنه لا يخرج بعد ذلك عن ملكيته لكونه صيّره غير ممتنع فهو له.

وعليه فلا يحق لغيره تملكه:

أولًا: للأصل.

ثانيًا: لكونه مملوكًا للغير فيجب ردّه مع الشبكة إلى صاحبه لما تقدم.

ثالثًا: للنصوص الخاصة في المقام التي تتحدث عن أن مجرّد فرار الطير والحيوان لا يسوّغ للآخرين امتلاكه.

منها: صحيح البزنطي:

-(محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه‌ السلام) عن الرجل يصيد الطير، يساوي دراهم كثيرة، وهو مستوي الجناحين، فيعرف صاحبه، أو يجيئه، فيطلبه من لا يتهمه، فقال: لا يحل له امساكه، يردّه عليه، فقلت له: فان صاد ما هو مالك لجناحه، لا يعرف له طالبا، قال: هو له)[5] .

صحيح محمد بن الفضيل:

-(عن أحمد، عن ابن فضال، عن محمد بن الفضيل، قال: سألت أبا الحسن (عليه‌ السلام) عن صيد الحمامة تسوى نصف درهم او درهما، قال: اذا عرفت صاحبه فرده عليه، وان لم تعرف صاحبه، وكان مستوي الجناحين، يطير بهما فهو لك)[6] .

موثقة إسحاق بن عمار:

-(عن جامع البزنطي، عن اسحاق بن عمّار، قال: قلت لابي عبدالله (عليه‌ السلام): الطير يقع في الدار، فنصيده، وحولنا حمام لبعضهم، فقال: اذا ملك جناحه فهو لمن أخذه، قال: قلت: يقع علينا، فنأخذه، وقد نعلم لمن هو، قال: اذا عرفته فرده على صاحبه)[7] . وبذلك يتم المطلوب.

 

(مسألة 19): لو رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع، فدخل داراً فأخذه صاحبها ملكه بأخذه، لا بدخول الدار، كما أنّه لو رماه ولم يثبته فرماه شخص آخر فأثبته فهو للثاني[8] .

 

في المسألة صورتان من صور عدم تحقق الاستيلاء وبالتالي عدم تحقق الملكية، وذلك لعدم تحقق الملكية بمجرد الرمي ما لم يستولي عليه فعلًا بأحد وجوه الاستيلاء ولو لتصييره غير ممتنع مثلًا.

نعم في الصورة الأولى فإن صاحب الدار يملك الحيوان بأخذه لا بدخول الدار، اللهم إلا إذا فتح له الباب ليدخل فيتملكه بذلك.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo