< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/04/30

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الطلاق.
القول في العدد. (أقسام العدد)
القول في عدة الوفاة
مسألة (11): لو فقد الرجل وغاب غيبة منقطعة ولم يبلغ منه خبر ولا ظهر منه أثر ولم يعلم موته وحياته فإن بقي له مال تنفق به زوجته أو كان له ولي يتولى أموره ويتصدق لانفاقه أو متبرع للإنفاق عليها وجب عليها الصبر والإنتظار، ولا يجوز لها أن تتزوج أبداً حتى تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه، وإن لم يكن ذلك فإن صبرت فلها ذلك، وإن لم تصبر وأرادت الزواج رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيؤجلها أربع سنين من حين الرفع إليه ثم يتفحص عنه في تلك المدة، فإن لم يتبين موته ولا حياته فإن كان للغائب ولي أعني من كان يتولي أموره بتفويضه أو توكيله يأمره الحاكم بطلاقها، وإن لم يقدم أجبره عليه، وإن لم يكن له ولي أو لم يقدم ولم يمكن إجباره طلقها الحاكم، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً عدة الوفاة، فإذا تمت هذه الأمور جاز لها التزويج بلا إشكال، وفي اعتبار بعض ما ذكر تأمل ونظر، إلا أن اعتبار الجميع هو الأحوط.[1]

مسألة 11 - تارة يغيب الزوج عن زوجته غيبة يُعلم فيها حاله، وفي أي أرض هو، وهذه خارجة عن محط الكلام، بل على الزوجة الإنتظار حتى يعود أو يموت أو يطلقها.
وطوراً كما في المتن بأن يغيب غيبة منقطعة ولم يَبلُغ منه خبر ولا يظهر منه أثر ولم يُعلم موته وحياته.
وهذه مما تعرَّض لها الفقهاء وكثر الكلام عنها خصوصاً بالزمن الحاضر، حيث كثرت بها البلوى، ورجعت الناس الى المجتهدين من العلماء لحل هذه المشكلة، وتدخل هذه المسألة في دائرة صلاحيات الحاكم العادل في زمن الغيبة لمولانا الحجة الأعظم روحي له الفداء وعجل الله تعالى فرجه. باعتبار أنها من الأمور الحسبية والتي هي من شؤون الفقيه في الحد الأدنى موضع الإتفاق بين الآراء كافة.
ويدل عليه بشكل خاص روايات عديدة وأكثرها صحيح السند منها:
صحيح بريد:
-(محمّد بن علي بن الحسين بإسناده، عن عمر بن اذينة، عن بريد بن معاوية، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المفقود، كيف تصنع امرأته؟ فقال: ماسكتت عنه وصبرت فخل عنها، وإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجلها أربع سنين، ثمّ يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه فليسأل عنه، فان خبر عنه بحياة صبرت، وإن لم يخبر عنه بحياة حتى تمضي الاربع سنين دعا ولي الزوج المفقود، فقيل له: هل للمفقود مال؟ فان كان للمفقود مال أنفق عليها، حتّى يعلم حياته من موته. وإن لم يكن له مال قيل للولي: أنفق عليها، فان فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوج ما أنفق عليها، وإن أبى أن ينفق عليها، أجبره الوالي على أن يطلق تطليقة في استقبال العدة وهي طاهر، فيصير طلاق الولي طلاق الزوج، فان جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلقها الوليُّ، فبدا له أن يراجعها فهي امرأته، وهي عنده على تطليقتين، وإن انقضت العدة قبل أن يجيء، ويراجع فقد حلت للأزواج، ولا سبيل للاول عليها)[2].
صحيح الحلبي:
-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، أنّه سئل عن المفقود، فقال: المفقود إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي، أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب فيها، فإن لم يوجد له أثر، أمر الوالي وليه أن ينفق عليها، فما أنفق عليها فهي امرأته، قال: قلت: فإنها تقول: فاني اريد ما تريد النساء، قال: ليس ذاك لها ولا كرامة، فان لم ينفق عليها وليّه، أو وكيله أمره أن يطلّقها، فكان ذلك عليها طلاقا واجباً)[3].
مصححة الكناني:
وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في امرأة غاب عنها زوجها أربع سنين، ولم ينفق عليها (ولم تدر) أحيّ هو، أم ميّت؟ أيجبر وليّه على أن يطلّقها؟ قال: نعم، وإن لم يكن له ولي طلقها السلطان، قلت: فان قال: الولي: أنا انفق عليها، قال: فلا يجبر على طلاقها، قال: قلت: أرأيت إن قالت: أنا اريد مثل ما تريد النساء ولا أصبر ولا أقعد كما أنا، قال: ليس لها ذلك، ولا كرامة إذا أنفق عليها)[4].
ما رواه السكوني:
محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن علي بن محبوب، عن بنان بن محمّد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): أنّ عليّاً (عليه السلام) قال في المفقود: لا تتزوج امرأته حتى يبلغها موته، أو طلاق، أو لحوق بأهل الشرك)[5].
مرسلة الصدوق:
قال الصدوق: وفي رواية اخرى: أنه إن لم يكن للزوج ولي طلّقها الوالي، ويشهد شاهدين عدلين، فيكون طلاق الوالي طلاق الزوج، وتعتد أربعة أشهر وعشراً، ثمّ تزوَّج إن شاءت)[6].
-(عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته عن المفقود؟ فقال: إن علمت انه في أرض فهي منتظرة له أبدا حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاق، وإن لم تعلم اين هو من الارض ولم يأتها منه كتاب ولا خبر فانها تأتي الامام (عليه السلام) فيأمرها أن تنتظر أربع سنين فيطلب في الارض فان لم يوجد له خبر حتّى تمضي الاربع سنين أمرها ان تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل للازواج، فان قدم زوجها بعدما تنقضي عدتها فليس له عليها رجعة وان قدم وهي في عدتها أربعة أشهر وعشرا فهو أملك برجعتها)[7].
ويمكن بعد مراجعة الروايات المتقدمة والتأمل فيها وضم مطلقها بمقيدها أن نستخلص الأمور التالية كما ورد في المتن .
1 – يجب عليها الصبر والإنتظار في حال علمها بحياته ما لم تعلم بموته أو طلاقه، إلا فيما لو لم يوجد من ينفق عليها فيجوز لها أن ترفع أمرها الى الحاكم الشرعي ويطلقها عندئذ للزوم الحرج والعسر عليها.
وهذه من ضمن ولايته في زمن غيبة مولانا الأعظم روحي فداه.
2 – إن المدة المضروبة من الحاكم هي أربع سنوات وسيأتي بيان المسألة وأنها من حين رفع أمرها الى الحاكم؟ أو يكفي مضي المدة ولو قبل الرفع. وبعده يرى الحاكم المدة المناسبة.
3 – وجوب الفحص منوط بالكيفية العرفية وسيأتي بيانه في المسألة الآتية.
4 – يأمر الحاكم - بعد تمام الأمر وعدم النفقة عليها من قبل الولي أو أي متبرع آخر - ولي الزوج (إن كان) بطلاقها ويجبره عليه مع الإمتناع وإلا فيطلقها الحاكم عندئذ.
5 – إنما يحصل الفراق حينئذ بالطلاق وإن قلنا بأن عدتها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً من غير حداد كما هو ظاهر الأدلة.
6 – لو عاد الزوج بعد الطلاق وقبل إنقضاء العدة فله إرجاعها إن شاء وإن عاد بعدها فلا سبيل له عليها فضلاً عما لو كانت قد تزوجت.
وذلك لوضوح الصحاح المتقدمة فراجع صحيحة بُريد.
وأما قوله (قده) في آخر المسألة (فإذا تمت هذه الأمور جاز لها التزويج بلا إشكال، وإن كان إعتبار بعضها محل تأمل والنظر إلا أن اعتبار الجميع هو الأحوط ).
فإنما هذا الإختلاف لأجل إختلاف ظاهر الروايات المتقدمة، من جهة تحديد المدة قبل مراجعة الحاكم أو بعدها وهو الذي يأمر بها وهذا ما سيأتي الكلام عنه مفصلاً في طي المسائل الآتيه إنشاء الله.




BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo