< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: العام و الخاص

اجمال المخصص

يقع الكلام في اجمال المخصص و له اربع صور:

الصورة الأولى ان يكون المخصص المجمل متصلا مرددا بين الأقل و الأكثر كما لو قال اكرم كل عالم الا الفاسق و تردد معنى الفاسق بين ان يكون العاصي او الظالم او تردد معناه بين ان يكون العاصي او العاصي للكبائر. فلا اشكال في ان اجمال المخصص يسري الى العام و يصير العام بالنسبة الى المشكوك مجملا.

الصورة الثانية ان يكون المخصص متصلا و مرددا بين متباينين كما لو قال اكرم كل عالم الا زيدا و زيد مردد بين زيد بن عمرو و زيد بن بكر، فقد يقال بانه حينئذ حيث ان المخصص متصل بالعام فيمنع من انعقاد ظهور العام في كل من وجوب اكرام زيد بن عمرو و وجوب اكرام زيد بن بكر، فيرجع الى البرائة عن وجوب اكرامهما و هذا ما اختاره في كتاب الأضواء و الآراء و لكن الصحيح ان ظهور هذا الخطاب العام و ان اختل في وجوب اكرام زيد بن عمرو و وجوب اكرام زيد بن بكر كظهورين تفصيلين لكن ينعقد ظهوره في انه لم يخصص منه زيدان و انما خصص منه زيد واحد فينعقد ظهوره في وجوب اكرام غير من هو مراد للمولى من زيد في خطابه.

و هذا الظهور مما لا ينبغي الاشكال فيه و دعوى انه عنوان مشير و المشار اليه هو اما هذا الفرد و هو ظهور الخطاب في وجوب اكرام زيد بن عمرو فقد اختل الظهور بالنسبة اليه او الفرد الثاني و هو ظهور الخطاب في وجوب اكرام زيد بن بكر و قد انثلم الظهور بالنسبة اليه أيضا نقول نعم لكن يوجد ظهور ثالث و هو ظهور الخطاب في وجوب اكرام غير المراد من زيد، ليس هناك ثلاثة افراد لكن هناك ثلاث ظهورات، الظهوران التفصيليان انثلما و لكن تولّد ظهور ثالث و هو ظهور خطاب العام في انه لم يخرج منه زيدان لم يرد عليه مخصصان و ان شئت قلت ظاهره وجوب اكرام غير من هو مراد للمولى من زيد.

و قد لا يكون للمعلوم بالاجمال تخصيصه واقع معين عند الله فيختلف عن هذا المثال لان هذا المثال له واقع معين عند الله، المراد للمولى من زيد متعين في علم الله و المولى يعلم به و غيره أيضا يتعين، اما يوجد مثال آخر لا تعين للمعلوم اجمالا تخصيصه لا تعين له حتى واقعا نظير ما لو علمنا بعد صلاة الظهر و العصر ببطلان احدى الصلاتين و نحتمل بطلان كلتا الصلاتين بحيث لو كانتا فاسدتين و باطلتين حتى الملائكة ما يقدرون يعينون ان المعلوم اجمالا بطلانه أي من الصلاتين، تارة انت تعلم بان احدى الصلاتين فاقدة للركوع و تحتمل بطلان الصلاة الثانية لبطلان الوضوء كاحتمال، نعم هنا يوجد تعين للمعلوم بالاجمال الصلاة الفاقدة للركوع و هي احدى الصلاتين و الصلاة الأخرى و ان احتمل بطلانه لكن منشأ البطلان شيء آخر، لكن المفروض في مثالنا انك علمت بنقصان الركوع في احدى الصلاتين و تحتمل نقصان الركوع في كلتا الصلاتين بحيث لو نقص الركوع من كلتا الصلاتين حتى الملائكة ما يستطيعون يعينون ان ما تعلم ببطلانه هو الصلاة الأولى او الصلاة الثانية لانه لا تعين له واقعا، كلتا الصلاتين فاقدة للركوع.

و لكن بعد معارضة قاعدة الفراغ في الصلاة الأولى مع قاعدة الفراغ في الصلاة الثانية هل يجب علينا إعادة كلتا الصلاتين؟ لا، بل نجري قاعدة الفراغ في الصلاة الأخرى غير الصلاة المعلوم اجمالا بطلانها، فقاعدة الفراغ ورد عليها مخصص متصل لان ارتكازية عدم جريان الأصول الترخيصي في اطراف علم الإجمالي تشكل قرينة لبية متصلة بنظرنا وفاقا للسيد الخميني و السيد الصدر على خلاف مبنى السيد الخوئي من ان قبح الترخيص في المخالفة القطعية للعلم اجمالي يشكل قرينة منفصلة لان هذا الحكم العقلي بالقبح ليس حكما بديها و انما هو حكم نظري و اجتهادي و يقع فيه الخلاف فلا یشكل قرينة متصلة يكون كمخصص منفصل لبي.

على رأي السيد الخوئي ينعقد الظهور في قاعدة الفراغ في جريانها لكل من هاتين الصلاتين فيدخل في البحث عن الصورة الرابعة التي سنتكلم عنها المخصص المنفصل الدائر بين المتباينين، اما على رأينا المانع من جريان الأصول الترخيصي في اطراف العلم الإجمالي هو ارتكاز العقلاء يعتبرون الترخيص في مخالفة العلم الإجمالي نقضا للغرض الواقعي من التكليف المعلوم بالاجمال، هذا مخصص لبي متصل و يمنع من انعقاد الظهور في دليل قاعدة الفراغ للشمول لهذه الصلاة و الصلاة الأخرى.

لكن لا تشمل قاعدة الفراغ الصلاة الأولى أي صلاة الظهر بعينها و كما لا تشمل قاعدة الفراغ الصلاة العصر بعينها لكن لا مانع من التمسك بدليل قاعدة الفراغ لاثبات صحة الصلاة الأخرى الزائد عن المقدار المعلوم بالاجمال لان المقدار المعلوم بالاجمال بطلان صلاة واحد.

السيد الخوئي يقبل هذا المبنى و اثر جريان قاعدة الفراغ لاثبات صحة الصلاة الأخرى أي للصلاة المعلوم بالاجمال بطلانها انه يكفي إتيان صلاة واحد رباعية بنية ما في الذمة و لا حاجة الى إعادة الصلاتين. السيد الخوئي كان يقول لا تستشكلوا علينا بان هذا اجراء لقاعدة الفراغ للفرد المردد و الفرد المردد لا وجود له.

توضيح الاشكال: الاشكال من المحقق الاصفهاني أستاذ السيد الخوئي، يقول انت تعلم اجمالا ببطلان احدى الصلاتين و تريد ان تجري قاعدة الفراغ في الصلاة الأخرى غير المعلوم بالاجمال، انا ادري بان كلتی الصلاتين فاقدتان للركوع انا اعلم ببطلان احدى صلاتين اما الظهر او العصر و احتمل بطلان الصلاة الأخرى فاجري قاعدة الفراغ فيها، ما هي تلك الصلاة الأخرى؟ أيّ من هاتين الصلاتين حين الصلاة التي يعلم اجمالا ببطلانها و ما هي تلك الصلاة الأخرى التي يحتمل هذا المكلف بطلانها؟ ان قلت صلاة الظهر، يستشكلون عليّ ما هو المعين؟ المفروض فساد كلتا الصلاتين و نقصان الركوع من كلتا الصلاتين و هذا يعلم اجمالا بنقصان الركوع بإحدى الصلاتين و ينطبق العلم الإجمالي على كل من الصلاتين على نحو بدل و اشلون انت تقول تتعين الصلاة المعلوم بطلانها اجمالا في صلاة الظهر لماذا ما تنطبق على صلاة العصر؟ اذا قلت مي خالف تنطبق على صلاة العصر يقولون لماذا تنطبق على صلاة الظهر؟ و لا تعين له واقعا فاذا لم يكن تعين واقعي للصلاة المعلوم اجمالا نقصان ركوعها فلا تعين للصلاة الأخرى غير الصلاة المعلوم اجمالا بطلانها فهذا فرد مردد و لا وجود للفرد المردد لان الوجود مساوق للتشخص و ينافيه التردد و قاعدة الفراغ تجري في الصلاة الموجودة لا في الصلاة الموهومة.

السيد الخوئي ما أجاب عن هذا الاشكال بجواب برهاني و لكنه قال انا ما اجري هذا الأصل في الفرد المردد، أجری هذا الأصل في الجامع، أقول احدى الصلاتين صحيحة انشاء الله، الجامع ليس فردا مرددا، الا تقول في الأماكن الأربعة بان الواجب احدهما اما القصر او التمام؟ هذا ليس فردا مرددا، فالجامع ليس فردا مرددا لان الجامع لا وجود لها خارجا الا في ضمن افراده.

انا افصل كلام السيد الخوئي أقول الاشكال العقلي في ان الفرد المردد لا وجود له خارجا صحيح لكن لا دليل على ان يكون موضوع الأصل هو الخارج بل يصح ان يكون موضوع الأصل العنوان الذهني الذي يراه العرف فانيا في الخارج، العرف يرتب عليه آثار الخارج و لكن العنوان عنوان ذهني فاني في الخارج، الصورة الثانية فانية في الخارج و هذا لا اشكال عقلي فيه، عنوان ذهني متعين في عالم الذهن، عنوان الصلاة الأخرى عنوان ذهني متعين و افناء هذا العنوان في الخارج يعني ان العرف بنظره التصوري يراه متحدا مع الخارج، هذا رؤية تصورية و ليس اتحادا حقيقيا كي نسلط العقل عليه فيمنعه العقل، لا، ألا ترون بيع الكلي في المعين، انتم كان في بيتكم دجاجتان بيضاء و حمراء، كل يوم تأكلون بيضتين هذا الجار جاء عندكم يشوف كل يوم انتم تأكلون بيضتين؟ فقال بعني احداهما، اشتري من عندك مئتين الف تومان، زين، فتقول له بعتك احدى الدجاجتين بمئتين الف تومان، هذا الجار يقول مكان ما عندي انا اسكن في شقة أخاف من زوجتي، فطلب من عندكم تبقى الدجاجة في بيتكم و لم تعينوا ان الدجاجة التي يملكه الجار الدجاجة البيضاء. فشاهدت بيضة واحدة الجار ما يقدر يقول هذه البيضة الي، لان هذه البيضة للدجاجة الحمراء مثلا او حتى للدجاجة البيضاء، اذا كان للدجاجة البيضاء انتم تقولون للجار ما بعتك الدجاجة البيضاء خب اذا كان للدجاجة الحمراء تقولون انا ما بعتك الدجاجة الحمراء بعتك احداهما لكن اذا في اليوم الثاني، شفت بيضتين ذاك الجاري يجيء يقول انا املك احدى هاتين الدجاجتين، الدجاجة البيضاء بيضت الدجاجة الحمراء بيضت انت عندك انصاف او ما عندك انصاف، اذا ما عندك انصاف رح، اذا عندك انصاف خب الدجاجة التي مالتي بيضت لأننا في ضمن هاتين الدجاجتين.

انتم اذا قلتم للجار انا مقلد للمحقق الاصفهاني يقول الفرد المردد لا هوية له و لا ماهية فيرجع بيع الكلي في المعين على مبناه الاصولي و العقلي الى بيع الكلي في الذمة و الدجاجة التي في ذمتك و انت مدين بها خب ما تبيض، الدجاجة الخارجية تبيض و انت تقول لها مو معقول انت تملك الدجاجة الخارجية، يقول ما افهم المحقق الاصفهاني شي يقول ان العرف يرى ان ما بعته فان في الخارج و متحد مع الخارج و يرتب عليه آثار الخارج و ان كان عقلا المبيع الصورة الذهنية فانيا في الخارج لان البيع انشاء ذهني و طرفه لابد ان يكون صورة ذهني هكذا قال الفلاسفة فاذن أي اشكال في ان تكون الصلاة الأخرى مصداقا لقوله عليه السلام كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو، مصداق و ان لم يكن لهذا المصداق تعين واقعي عقلا، و عليه فلا مانع من الرجوع الى العام في الفرد الآخر غير الفرد المعلوم اجمالا تخصيصه في فرض دوران امر المخصص بين متباينين سواءا كان له تعين واقعا كمثال اكرم كل عالم الا زيدا او لم يكن له تعين واقعا كمثال الصلاتين، صلاة الظهر و العصر مع علمنا اجمالا ببطلان احداهما بحيث لو كانت كلتا الصلاتين فاسدتين لم يكن هناك تعين واقعي للصلاة المعلوم اجمالا بطلانها. و بقية الكلام في الليلة القادمة ان شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo