< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

45/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كفارة افطار الصوم المنذور

 

كان الكلام في انه ورد في موثقة عمار انه ان نوی الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس انه قد اساء و ليس عليه شيء الا قضاء ذلك اليوم الذي اراد ان يقضيه. فقلنا بان هذه الموثقة واردة فيمن نوی الصوم القضائي في اثناء النهار و هذا لو افطر بعد الزوال فلا كفارة عليه كما استظهر في الوافي هذا المعنی‌ من الرواية و نحمل الروايات المطلقة الدالة علی الكفارة علی من نوی‌ صوم القضاء من الليل.

قلنا بان هناك احتمال ثاني لم‌يتعرض اليه السيد الخوئي و لكن نسينا ان نفصل الكلام في هذا الاحتمال الثاني لغرابته و هو ما ذكره المحقق الحلي في المعتبر، المحقق الحلي في المعتبر الجزء 2 صفحة 705 نقل الرواية هكذا: قال و في رواية عمار سأل ان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال اساء و ليس عليه شيء الا قضاء ذلك اليوم، من نوی ان لايصوم بعد الزوال نوی الصوم، يعني نوی‌ الافطار قبل الزوال لكنه يرجع الی نية الصوم بعد الزوال، الامام يقول اساء و ليس عليه شيء، هذا رجع عن نية القضاء قبل الزوال ثم يريد بعد الزوال ان يرجع الی نية صوم القضاء، الامام عليه السلام يقول اساء و ليس عليه شيء و لعل وجهه انه اساء ما ورد في بعض الروايات ان من نوی الصوم من الليل فليس له ان ينوي الافطار و لو قبل الزوال، نعم لا كفارة عليه لكنه لايجوز اساء و ليس عليه شيء.

و لكن الانصاف ان هذا غير صحيح لان الرواية الموجودة في الكتب ليست كما نقلها المحقق الحلي في المعتبر بل هي كما نقلناها امس: الرجل يكون عليه ايام من شهر رمضان يريد ان يقضيها متی يريد ان ينوي الصيام قال هو بالخيار الی ان تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوی الصوم فليصم و ان كان نوی الافطار فليفطر سئل فان كان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال لا سئل فان نوی الصوم اي نوی‌ الصوم قبل الزوال ثم افطر بعد ما زالت الشمس، هذا فرض آخر، هنا يقول قد اساء و ليس عليه شيء، المحقق حذف هذه الجملة‌ المتوسطة: سئل فان نوی الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس، غابت هذه الجملة عن عين المحقق الحلي فصارت الرواية في المعتبر هكذا: سئل فان كان نوی الافطار يستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس قال قد اساء‌ و ليس عليه شيء الا قضاء ذلك اليوم مع ان هذا الجواب ليس لذاك السؤال، ذاك السؤال اجاب عنه الامام في التهذيب، راجعوا! اجاب عنه قال لا يعني لايستقيم ان ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس سئل فان نوی الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس هنا يقول الامام عليه السلام علی ما في هذه الرواية قد اساء و ليس عليه شيء الا قضاء ذلك اليوم. فهذا الاحتمال الثاني غاب عن ذهني لكونه بعيدا عن الذهن العرفي.

بالنسبة الی ان من نوی الصوم القضاء من الليل هل يجوز له ان ينوي الافطار قبل زوال الشمس ام لا الروايات مختلفة و المشهور علی جواز ذلك، سامعين ان من نوی الصوم ثم اراد ان يفطر قبل ان تزول الشمس جاز له ذلك، اذا كان القضاء عن غيره يجوز له الافطار الی الليل اما اذا كان عن نفسه قبل زوال الشمس يجوز له ذلك، لكن قد يقال بان مقتضی الروايات عدم جواز الافطار في قضاء الصوم عن نفسه اذا نوی الصوم من الليل. و ذلك لما ورد في صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج سألته عن الرجل يقضي رمضان أله ان يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال اذا بدا له قال اذا كان نوی ذلك من الليل و كان من قضاء رمضان فلايفطر و يتم صومه.

و لكن في قبال هذه الصحيحة ثلاث روايات، مقتضی تلك الروايات جواز الافطار قبل الزوال فنحمل النهي في هذه الصحيحة علی الكراهة. الروايات الثلاثة التي تدل علی جواز الافطار قبل زوال الشمس في صوم القضاء‌ هي رواية التهذيب باسناده عن علی بن الحسن بن فضال عن ابراهيم بن ابي‌بكر بن ابي سماك الذي وثقه النجاشي عن زكريا المؤمن الذي لم‌يوثق عن اسحاق بن عمار عن ابي عبدالله عليه السلام قال الذي يقضي شهر رمضان هو بالخيار في الافطار ما بينه و بين ان تزول الشمس. و تخصيص هذه الرواية بمن نوی الصوم القضاء من الليل غير عرفي لان المتعارف فيمن يصوم قضاءا انه ينوي من الليل فاخراج هذا الفرد المتعارف ليس صحيحا و ليس عرفيا.

الرواية الثانية ما رواه الشيخ باسناده عن ابن فضال عن العباس بن معروف عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن سماعة عن ابي‌عبدالله عليه السلام في قوله الصائم بالخيار الی زوال الشمس قال ان ذلك في الفريضة و اما النافلة فله ان يفطر الی اي وقت شاء الی غروب الشمس. هذه الرواية دلالتها تامة و لكن سندها لايخلو عن اشكال لاشتمال السند علی محمد بن سنان و علی عمار بن مروان المردد بين اليشكري و غيره.

الرواية الثالثة ما رواه الشيخ الطوسي باسناده عن سعد بن عبدالله عن حمزة بن يعلی ثقة كما قال النجاشي عن النوفلي، النوفلي مردد بين حسين بن يزيد النوفلي الذي حاولنا توثيقه و بين غيره، ان ثبت انه حسين بن يزيد النوفلي فهو ثقة و الا فهو مشترك بين الثقة و غير الثقة، عن عبدلله بن الحسين،‌ هذا لم‌يوثق،‌عن عبداله بن سنان عن ابي عبدالله عليه السلام قال صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك و بين الليل متی شئت و صوم قضاء الفريضة لك ان تفطر الی زوال الشمس فاذا زالت الشمس فليس لك ان تفطر.

ثلاث روايات افرض ان سند كل رواية كان مبتلآ باشكال لكن الانصاف ان وجود ثلاث روايات يورث العلم العادي بصدور واحدة منها،‌ فنحمل بسبب ذلك صحيحة عبدالرحمن الناهية عن افطار صوم القضاء اذا نوی ذلك من الليل علی النهي الكراهتي.

افطار الصوم المنذور

يقع الكلام في افطار الصوم المنذور.

المشهور وجوب الكفارة فيمن افطر في صوم النذر المعين و نسب الی ابن ابي عقيل انه قال يختص الكفارة بافطار صوم رمضان. يقول السيد الخوئي و نعم ما يقول، ان الظاهر كونه منكرا لكفارة الصوم بما هو صوم و هذا لاينافي ثبوت كفارة حنث النذر.

فاذن لا اشكال في ثبوت كفارة حنث النذر لكن الكلام في مقدار هذه الكفارة.

نسب الی المشهور ان كفارة حنث النذر سواء كان النذر هو ان يصوم أو نذر شيء آخر كفارة افطار شهر رمضان فعليه ان يصوم ستين يوما أو يطعم ستين مسكينا. و لكن هناك قول آخر ذهب اليه جمع من الاعلام كالسيد الخوئي و السيد السيستاني ان كفارة حنث النذر مطلقا هي كفارة حنث اليمين، عليه اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فان لم‌يجد فصيام ثلاثة ايام، و هناك قول ثالث و هو التفصيل بينما تعلق النذر بالصوم فافطر و خالف النذر فكفارته كفارة افطار شهر رمضان و اذا تعلق النذر بغير الصوم فحنث نذره فعليه كفارة اليمين و هذا ما اختاره صاحب الوسائل جمعا بين الاخبار.

فنری ما هو مستند قول المشهور في كون كفارة حنث النذر هي كفارة الافطار العمدي في شهر رمضان، و لايخفي عليكم انه لا اشكال عند احد في ان كفارة حنث العهد هي كفارة‌ الافطار العمدي في نهار شهر رمضان فاذا قال شخص عاهدت الله في ان افعل كذا فخالف عهده لااشكال في ان كفارة صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا و انما الخلاف في كفارة حنث النذر. ما هو دليل قول المشهور؟

فهناك عدة وجوه استدل به علی قول المشهور:

الوجه الاول رواية ابن ابي عمير عن جميل بن دراج عن عبدالملك بن عمرو عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سألته عمن جعل لله عليه ان لايركب محرما سمّاه فركبه قال و لااعلمه الا قال فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين أو ليطعم ستين مسكينا.

هذه الرواية اولا ضعيفة السند لجهالة عبدالملك بن عمرو. نعم روی عبدالملك بن عمرو بنفسه عن الصادق عليه السلام انه قال لي اني لادعو لك و لدابتك. خوش دعاء. لكن هو الراوي لهذه الرواية. نعم من يقول بان من روی عنه احد اصحاب الاجماع فلايهمنا انه ثقة أو ليس بثقة، و جميل بن دراج من جملة‌ اصحاب الاجماع الذين قال في حقهم الكشي اجمعت العصابة‌ علی تصحيح ما يصح عنهم و تصديقهم فيما يقولون و اقروا لهم بالفقه و العلم، فاستظهر جماعة ان تصحيح ما يصح عنهم يعني لو ثبت بسند صحيح رواية‌ عن هؤلاء فلاينظر الی ما بينهم و بين الامام، فلاينظر الی الوسائط الذي بينهم و بين الامام. و لكن مر منا مرارا عدم تمامية نظرية اصحاب الاجماع.

و قد يقال بان ابن ابي عمير هو الراوي لهذه الرواية، ابن ابي عمير عن جميل عن عبدالملك بن عمرو، و المحدث النوري قال بان من روی عنه ابن ابي عمير و لو بواسطة فيشمله شهادة الشيخ الطوسي من انه عرف بانه لايروي و لايرسل الا عن ثقة. و لكن قلنا بان هذه الشهادة لاتشمل الرواية بالواسطة، ابن ابي عمير لم‌يرو عن غير الثقة‌ هو عرف بانه لايروي الا عن ثقة، لا انه لايروي عن الثقة الذي روی عن الضعيف.

نعم العلامة الشهيد و غيرهما شهدوا بصحة هذه الرواية و الشهادة بالصحة لاتفيد شيئا لان من المحتمل ان نظرهم في تصحيح رواية هو غير نظرنا. فالرواية‌ لم‌تتم سندا.

و هناك اشكال في دلالة الرواية، و هو ان التعبير بقوله لااعلمه الا انه قال يكشف عن عدم جزمه، اذا كان جازما لماذا يقول لااعلمه الا انه قال؟ فهذا التعبير كما ذكره الشهيد الثاني في المسالك يوهم انه كان مترددا، و لااعلمه الا انه قال. مضافا ان مورد هذه الرواية نذر ترك الحرام، و الغاء الخصوصية منه الی نذر الواجب أو نذر المستحب مشكل، لعله في حنث النذر في ترك الحرام خصوصية.

الرواية‌ الثانية علی قول المشهور صحيحة علی بن مهزيار قال و كتب اليه يسأله يا سيدي رجل نذر ان يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علی اهله ما عليه من الكفارة فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة. فيقال بان ذكر عتق الرقبة يكون ظاهرا في كونه كفارة افطار شهر رمضان. فيكشف ذلك عن كون كفارة حنث النذر و لااقل في خصوص الصوم هي كفارة الافطار العمدي في شهر رمضان اي كفارة عتق الرقبة و صوم ستين يوما أو اطعام ستين مسكينا.

تاملوا في هذه الروية الی الليلة القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo