< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الالفاظ، مبحث الأوامر، مبحث الضد

 

مر بنا ان بحث التنافي بين الواجبات او الاحكام طبعا بلحاظ الاعمال والافعال يبحث من زوايا عديدة كبحث التنافي او التزاحم. فمن ضمن الجهات التي يبحث فيها هو ان الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده ام لا؟ استدل الاعلام بوجهين.

الوجه الأول من باب المقدمية والوجه الثاني من باب الاقتضاء.

اما الوجه الأول بغض النظر عن تمامية هذه المدعى نفسه يفيد في مباحث الورود او الترتب وقضية الضدين وتنافي الضدين وطبيعة علاقة التنافي والتمانع. نفس هذا المبحث في نفسه مفيد في مباحث عديدة حتى في مباحث التعارض. لذلك بغض النظر عن تمامية هذه المدعى هذا المبحث في نفسه مفيد. المقدمية هي نوع من الترتب يعني عدم احد الضدين مع الضد الآخر.

اجمالا الوجه الأول يتكون من نقاط ثلاث. طبعا المراد من الضد واصطلاح الضد يطلق الضد على الضد الخاص ويراد منه الضد الوجودي وكما يطلق الضد على الضد العام ويراد منه الاعم من الضد الوجودي والعدمي. كما ان الضد الخاص والوجودي قد يكون ضدا واحدا لا ثالث لهما وقد يكون لهما ثالث. نقيض الشيء اذا ضد عام بهذا اللحاظ.

نرجع الى الوجه الأول والنقطة الأولى منه ان بين الضدين تنافي وتمانع واحدهما مانع من وجود الآخر وهذا معنى التضاد. والمقدمة الثانية ان عدم المانع من سلسلة وجود الشيء. يعني يصير مقدمة كما ان العلة مقدمة للمعلول فلابد من عدم المانع. فالضدين عدم احدهما مقدمة للآخر.

النقطة الثالثة اذا كان هناك مقدمية لعدم الضد لوجود الضد الآخر إذا عدم الضد واجب من باب الوجوب المقدمي. النقطة الرابعة اذا كان عدم الضد واجبا افترض عدم الضد المهم واجب لايجاد الضد الأهم، فوجوده منهي عنه. ان الشيء اذا كان عدمه واجبا فهذا يعني ان وجوده منهي عنه. شبيه في باب الصيام. قيل انه فعل وجودي وقيل انه فعل عدمي او عدم الأفعال او كلاهما. فالتروك واجبة في الصيام بخلاف التروك في الاحرام. التروك في الاحرام بالدقة ان الترك ليس واجبا بل الفعل حرام. فتروك الاحرام ما هو مجعول بالاصل هو حرمة ارتكاب التروك والنهي. لا ان التروك هي واجبة في التشريع الأصلي والاولي. اذا تختلف التروك في الاحرام عن التروك في الصيام. في الصيام التروك هي واجبة والمجعول في الصيام في الأصل وجوب التروك. لكن الصحيح كما عليه المشهور في الصيام لدينا حكمان خلافا لما هو موجود في شرح العروة للسيد الخوئي. في الصيام حكمان: حكم وجوب التروك والكف وحكم آخر وهو حرمة ارتكاب التروك ولو افطر يبقى ارتكاب التروك محرما. الواجب مع العصيان انتفى مع ذلك يحرم على المكلف في شهر رمضان ارتكاب التروك وتناول المفطرات. سواء تكرر الكفارة او لم تتكرر. ففي الصيام بالدقة لدينا حكمان وجوب التروك وحرمة ارتكاب التروك والمفطرات. فالعدم واجب والوجود محرم.

لتوضيح بعض الشيء وهذا يفيد في بحث الضد سواء في الضد الخاص او الضد العام. في النواهي هل النهي يتعلق بالوجود او النهي يتعلق بالعدم؟ اذا قيل انه يتعلق بالعدم يعني ان حقيقة النهي والحرمة وجوب الترك وهناك من يذهب اليه.

اثارة هل النواهي هي الحرمة او ان النهي يختلف عن الحرمة كما ان الوجوب أيضا هكذا هل الأوامر تتعلق بالوجود او هي تزجر عن الترك؟ هل الأوامر هي الوجوب او الوجوب غير الأوامر ومسبب انشائي عن الامر والمعروف هذا. كما ان الحرمة معنى انشائي مسبب انشائي عن النهي. والحكم الشرعي ليس النهي ولا الامر بل الحكم الشرعي هو المسبب الوجوب والحرمة. اجمالا المعروف عند متاخري الاعصار ان النهي زجر عن الوجود ومتعلق بالوجود والامر متعلق بالوجود بعثا وتحريكا فكل من الامر والنهي يتعلق بالوجود لا بالترك. هذا قول من الاقوال.

اجمالا هناك مبحث في النواهي والحرمة هل تتعلق بالترك او تتعلق بالوجود. الحرام وجود شرب الخمر. فاذا ترك شرب الخمر لم يتعلق به الحكم او يقال ان الحرمة بمعنى لزوم ترك شرب الخمر. هذا مبحث سيأتي. اجمالا في مباحث العبادات او ما هو اعم من العبادات في الأوامر والنواهي مثلا صيام وجوب لكن لم يتعلق بالوجود بل تعلق بالترك. امر لم يتعلق بالوجود بل تعلق بالترك في الصيام. يمكن هذه الحالة ويمكن ان يكون الحرمة أيضا كذلك.

ففي الصيام في خصوص شهر رمضان لدينا حكمان عند المشهور شهرة عظيمة وغفلة صارت عند السيد الخوئي او المقرر والله الاعلم. ففي الصيام وجوب لكن وجوب تعلق بالترك والمصلحة في الترك. لا ان المصلحة في الوجود ولا ان المفسدة في الترك. تروك الصيام واجبة لان فيها المصلحة. شرب الخمر فيه مفسدة مثلا وفيه جدل علمي موجود عند الفقهاء او المتكلمين. ترك الخمر فيه مفسدة او شرب الخمر فيه مصلحة. قالوا لو كان ملاكان لكان الحرمة تتعلق بشرب الخمر والوجوب يتعلق بترك الخمر. لكن في صيام شهر رمضان الترك مصلحة والفعل مفسدة حرمة مستقلة. ولذلك لو لم ينو الصيام لما تحقق منه الصيام عصى الوجوب حتى اذا لم يتناول المفطر. واذا لم يتناول المفطر امتثل الحرمة. فاذا في الصيام حكمان مصلحة وجودية في الترك وفي وجود المفطرات مفسدة. هذه النكات في الأبواب يجب ان نلتفت اليه ان الحكم الشرعي سواء النهي او الامر او الوجوب او الحرمة تعلق اصالة بماذا؟ بالترك او بالوجود؟ ثم هذا الحكم ما هو؟ اذا كان وجوبا يعني ناشئة من مصلحة واذا كان حرمة يعني ناشئة من مفسدة. اما الحرمة الناشئة من المصلحة حرمة تبعية والا الحرمة الاصلية كيف تنشأ من المصلحة؟ هذه البحوث لازم ان يلتفت اليه في الأبواب.

فنأتي هنا الى مبحث الضد: الوجه الأول الاعلام استدلوا على ان الامر بأحد الضدين يقتضي النهي عن ضده الآخر بأربع مقدمات. هذه المقدمات تتم او لا تتم؟ ما الذي يتداعى من ذلك؟ اجتماع الامر والنهي يعني ان الضد الاخر اذا كان اقل أهمية فوجوبه يجتمع مع النهي. وهذا يسبب التزاحم او التعارض وهذا مبحث آخر.

اذا لكي يقرر الاعلام ان الامر بأحد الضدين يقتضي النهي عن الضد الاخر بالدقة يعتمد على اربع مقدمات. النقطة الأولى: التمانع والتنافي الموجود في الضدين وهذه مفروغ عنها في البحث. والنقطة الثانية ان عدم الضد مقدمة وجزء العلة لوجود الضد. فالضد الاخر لا ينوجد الا بوجود العلة له والعلة مقتضي وشرط والعدم مانع. وكل من الضدين يمانع الآخر. فاذا عدم احد الضدين مقدمة للضد الاخر.

النقطة الثانية ان المقدمة واجبة والنقطة الرابعة عدم الضد الأول مقدمة للضد الثاني. أي الضدين؟ مهمين ومتساويين او الأهم والمهم. دعنا الان نتكلم عن الأهم والمهم ونترك المهمين. طبعا اذا كان مهمين يعني ان كلا منهما ينهى عن الاخر والحرب قائمة بين الضدين. اما اذا كان اهم ومهم يمكن. البحث والعلاج بالتالي مشترك بين الصورتين. فاذا النقطة الثالثة عدم الضد المهم مقدمة لوجود الضد الأهم. اذا كان الضد الأول الذي هو دون في الأهمية وتركه وعدمه واجب فيكون وجوبه منهيا عنه. هذه مفروض ان يتم الخوض فيها اكثر. اذا اربع نقاط كي يتم المدعى. ان الامر بأحد الضدين يقتضي عن ضده الآخر. هذا البحث جار حتى في المتساويين في الأهمية غاية الامر يكون النهي متعاكس. بخلاف اذا كان اهم ومهم فيكون الامر بالاهم يقتضي النهي عن المهم بلا عكس.

النقطة الثانية وهو كون عدم احد الضدين مقدمة للضد الآخر اشكل عليه باشكالات. من تلك الإشكالات إشكالات الميرزا النائيني. المهم الان ليس هو المدعى نفسه. نفس هذه البحوث التمهيدية والأدلة تفيد في أبواب أخرى كثيرا كالترتب والتعارض وتقديم احد الحكمين على الاخر ونظام الرتبة في الاحكام.

فالميرزا النائيني استشكل في المقدمية بعدة تمهيدات ومقدمات ولا بأس ان نذكرها صردا بدون التواغل في كثير من التفاصيل.

النقطة الأولى هي انكار المقدمية. يقول الميرزا النائيني ان المعلول والمسبب اذا لم يوجد تارة لم يوجد لعدم المقتضي في العلة. الركن الأهم في العلة هو المقتضي والجزء الثاني في العلة هو الشرط والجزء الثالث في العلة عدم المانع. ثلاث أجزاء في العلة: المقتضي والشرط وعدم المانع. المقتضي هو الركن الركين في علية العلة. لذلك يقولون ان المقتضي هو الرحم الذي ينولد منه المعلول. هذا من باب التمثيل والا العلة والمعلول ليس من باب التوليد. «لم يلد ولم يولد» فالمقتضي كالتمثيل العقلي كالام التي ينولد منه المعلول. هذا مثال وليس مقصودهم حقيقيا. في العلة الفاعلية هذا المثال خطأ. في العلة المادية صح. يلد ويولد. في العلة الفاعلية بالاصطلاح العقلي او الفلسفي او الكلامي هذا المثال خطأ. لان العلاقة بين المعلول والعلة الفاعلية ليس هي الوالد والولد والتوليد والتولد. التوليد والتولد يصح في العلة المادية او الصورية حصرا او الإعدادية. اما العلة الفاعلية او الغائية لا يصح فيها التوليد والولادة. طبعا الولادة المقصود منها الولادة الرحم وذي الرحم. حتى المعدن فيه الولادة. التولد الاعم من عالم الحيوانات والنباتات. اما العلة الفاعلية المفروض فيها انها فيض وتفيض المعلول من دون ان يقتطع ويجتزء منها شيء. يعبرون اصطلاحا في العقليات والاشارة في الوحي موجود بالفاعل الإلهي يعني ليست العلاقة بين الفاعل والمفعول توالد بخلاف العلة المادية والعلة الصورية والعلة الإعدادية انها في عالم المادة والمواد. هذه اصطلاحات عقلية يجب ان نلتفت اليه. كلام الميرزا النائيني مبني عليه.

يقول الميرزا ان عدم المعلول مع عدم المقتضي يسند عدم المعلول لعدم المقتضي. لم لا يسند الى المانع؟ لان المقتضي ما موجود. متى يسند الى المانع؟ اذا كان المقتضي والشرط موجودا حينئذ عدم المعلول يسند الى المانع. ان اسناد عدم المعلول وانتفاء المعلول يسند الى المانع فيما كانت المقتضي مفروغ الوجود اما اذا لم يكن المقتضي ليس بموجد عدم المعلول لا يسند الى المانع. لا يحرق الثوب لا للرطوبة بل لان النار ما موجودة. نعم لو كان النار موجودة والقرب موجودا «الشرط» ولا يحترق الثوب تقول لم يحترق الثوب لانه رطب والرطوبة مانعة عن الاحتراق. حتى هذا الاسناد يقول الميرزا النائيني اذا كان النار موجودة والثوب رطب، لكن الثوب بعيد جغرافيا عن النار. لا يحترق الثوب لعدم الشرط. لا لوجود المانع. تسند عدم الاحتراق لعدم الشرط. فمتى يصح اسناد عدم المعلول للمانع؟ اذا كان المقتضي والشرط موجودين. اما اذا كان الشرط والمقتضي ما موجودان اسناد عدم المعلول الى المانع باطل. كما ان اسناد عدم المعلول الى الشرط مع عدم المقتضي غير صحيح. هذا بحث عقلي منطقي متسالم عليه ان المقتضي جزء مقدم في العلية والشرط رقم الاثنين رتبة وعدم المانع رتبة رقم الثلاثة. هذا البحث يفيد في علم الاخلاق ويفيد في العقائد. هذه النقطة الأولى

كيف يستثمرها؟ يستثمرها في الضدين ان عدم احد الضدين لا يستند الى وجود الضد الأول وهو المانع. وانما يستند عدم احد الضدين لعدم مقتضيه لا لوجود المانع. فيرتب عليه ان عدم احد الضدين ليس مقدما للضد الاخر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo