< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد

 

اجمالا كما مر بنا مبحث الضد هو في الأصل بحث تنافي الاحكام في قسم التزاحم ومر بنا هذه النكتة ان الوقاية من التزاحم خير من علاج التزاحم. وعلاج التزاحم مقدم على علاج التعارض. هذه صيغة نستطيع ان نقول صيغة جديدة. ان الوقاية من التزاحم عند الفقهاء مقدمة على علاج التزاحم وعلاج التزاحم مقدم على علاج التعارض. هكذا أيضا عبروا في بعض كلماتهم وهذا صحيح ومتين.

لماذا الوقاية من التزاحم خير من التزاحم؟ لان علاج التزاحم على أي تقدير فيه تفويت للمهم ومراعات للاهم او رعاية لاحد المهمين وتفويت الاخر. بخلاف الوقاية من التزاحم فيه رعاية لكل الجانبين. ومن ثم في الاستفتائات او الموضوعات التي يبتلى الانسان في البعد الفردي ان المفروض قبل البحث عن علاج التزاحم ان يبحث عن علاج ما يزيل موضوع التزاحم. يعني يرفع التزاحم من الأصل. فعلاج التزاحم موضوعا بإزالة موضوعه مقدم على العلاج المحمولي. لان الوقاية من التزاحم خير من التزاحم. فمن الضروري تنبيه المكلفين او المستفتين ان علاج التزاحم موضوعا بالوقاية عن نفس التزاحم وإزالة موضوع التزاحم أولى من ان تعالج التزاحم محمولا. كما ان علاج التنافي بين الحكمين بالتزاحم أولى ان يجعل التنافي تعارضا. وهذا هو دأب القدماء في باب التعارض. كتب القدماء في باب التعارض في علم الأصول او كتبهم في مقدمة علم الحديث يعالجون التعارض موضوعا يعني الوقاية من التعارض خير من علاج التعارض بالعلاج الحكمي المحمولي. فاذا هذه ثلاث مراتب.

كثيراما لغفلة المكلفين عن ملابسات الظروف الموضوعية يحسبون انه تزاحم والحال انه ربما بشيء من التدبر والتنبه والتدبير يظهر انه ليس هناك في البين تزاحم. لماذا يحصر المكلف في صورة معينة والحال يمكن ان ينفتح صور في البيئة ليس فيها تزاحم. كثيرا ما في الاستفتاءات هذه الغفلة موجودة. يحشر نفسه ويحبس نفسه في البيئة المعينة ويبني على انها تزاحم ويفرط في احد الحكمين والحال انه لا موجب في ذلك. فالعلاج الموضوعي في التزاحم ودفع التزاحم خير من التزاحم.

في عالم السياسة والعلاقات السياسية او علم المفاوضات من العلوم الخطيرة حتى على صعيد المحلي بل على صعيد الاسري والفردي. علم المفاوضات باعتبار انه علم سحري عصري بسبب تأثيره القوي ربما يقارب عنوان العلاقات و عنوان الديبلوماسية. هذا الحوار التفاوضي وهذا العلم انه يبحث عن البيئات المختلفة الموضوعية التي طرفا الحوار في غفلة عنها. سواء الزوجان او القبيلتان او الكتلتان في الدولة او الدولتان او الحلفاء في الدول كثيرا ما الازمات نتيجة توهم الطرفين انه تزاحم والتنافي. والحال درس الموضوع موضوعيا وملابسات الموضوع ان الأفق واسع ويستوعب مصلحة الطرفين وربح الطرفين. ا لا ان غفلة الطرفين حشر انفسهما في صورة معينة وملابسات معينة بدأت احتكاك والأزمات والحروب والتشنجات والتوترات.

اللطيف ان الامام صاحب العصر والزمان سلام الله عليه عندما يقسم فيء الأرض على البشر يضل المخزون فائز كبير كثير بحيث لا يوجد من يتصدق عليه. يقول سلام الله عليه: هذا الذي كنتم تسفكون فيه الدماء. الإحاطة بالبيئة بحيث تستوعب الجميع غفلة بالعلم الموضوعي. تعبيره كما ورد في الروايات هذا الذي كنتم تسفكون فيه الدماء. فدائما العلاج الموضوعي مقدم على العلاجات الحكمي. وهذا يعبر عنه تبديل الازمات لفرص للاستثمار لكلا الطرفين. فهذه نكتة جدا مهمة.

الروايات المادحة للمختار. فيها روايات ربما تسجل بعض الكلام لكنها ليس فيها تناقض ولا تعارض. شخصية المختار كشخصية بعض المشاهير فيها إيجابيات عظيمة جدا وليس معصوم. وفيه ربما بعض الملاحظات وكل المشاهير من غير المعصومين كانوا هكذا. ربما وجه الجمع هكذا او جهة تقية. بالتالي ليس في البين تنافي. لذلك احد المعاني عند القدماء في الجمع أولى من الطرح مرادهم ان تلتفت الى انه ليس تعارض في البين. حتى الجمع بعدم التصرف في احد الدلالتين أولى من الجمع بالتصرف الموضوعي في احد الدلالتين. حتى هذا الجمع الموضوعي ذو مراتب ودرجات. مبحث التعارض ما نقلناه عن مشهور طبقات الفقهاء

اجمالا هذا مبحث الضد والتضاد اصل مبحثه في التنافي والتزاحم.

الان نتعرض الى الصور التي فيها تزاحم وتنافي. ذهب جماعة من القدماء الى ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده سواء بالتضاد او التنافي. هذه احد الحالات الموجودة في التضاد والتزاحم.

يستدل له بوجهين: هذان الوجهان تامان او لا فيه كلام عند الاعلام.

بغض النظر عن اصل المدعى ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده والاستدلال للمدعى بالوجهين، نفس هذا المبحث يفيد في تنقيح العلاقة بين المتزاحمين والمتنافيين. انها علاقة التضاد او أي علاقة هي؟ بغض النظر عن المدعى انها صحيحة او غير صحيحة او ان الوجهين تامان او غير تامين ان نفس التضاد بين الاحكام او بين متعلقات الاحكام كالازالة والصلاة نفس مبحث التضاد يفيد في أبواب ومباحث أخرى. بغض النظر عن صحة المدعى واثماره او عدم اثماره.

قبل ان ندخل في هذه المدعى ذكر الاصوليون أمور لا بأس بها على هذه المسألة.

صياغة مبحث كصياغة التزاحم مر بنا انه من علم أصول القانون وبحق من علم أصول الفقه وبحث ثبوتي. اما هذا المبحث أيضا لو تمت صياغة هذا المبحث على صياغة الضدين وان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده فهل هو من مباحث الالفاظ والظهور والاثبات والدلالة التصورية او من المباحث الحجج او هو من المباحث الثبوتية؟ باعتبار انها مسألة عقلية ومسألة الملازمات. لذلك قالوا ان هذه المسألة بهذه الصياغة ليست من مباحث الاثبات والدلالة والالفاظ. سواء كان الامر بدليل لبي او بدليل لفظي.

من جانب ثاني هذا الاقتضاء والاستلزام بحكم العقل كانه مثل التلازم الثبوتي فالمسألة بالدقة من أصول القانون والمبادئ الاحكامية. هذا العلم ربما له عشر أسماء. أساس التشريع او فلسفة التشريع أسس التقييم. كون مسألة الضد من أصول القانون لا يخرجه من علم الأصول كما مر بنا مرارا. وان كان الاعلام قالوا هي من المسائل الأصولية العقلية وهي مسألة أصولية. هناك جمع من اعلام الأصوليين ادرجوا المسائل العقلية الخمس تسمى غير المستقلات العقلية. يحكم بها العقل لكنه يحكم ليس مستقلا عن حكم شرعي بل لابد ان يكون هناك وجوب ذي المقدمة كي يستكشف العقل ويحكم بوجوب المقدمة. فلا يحكم العقل بوجوب المقدمة ابتداء وانما بمعونة وجوب ذي المقدمة. فاذا ادراك العقل بوجوب المقدمة غير مستقل عن وجوب شرعي لذي المقدمة. فاذا هذا حكم عقلي وادراك عقلي لوجوب شرعي مستندا الى وجوب شرعي لذي المقدمة. او في الإجزاء ان امتثال الشيء يقتضي سقوطه. الامتثال او السقوط حكم العقل لكن لابد ان يكون حكم شرعي موجودا. او هنا مثلا الامر بالشيء شرعي وينطلق منه النهي عن ضده. فحكم العقل وادراك غير مستقل. والمسألة الرابعة اجتماع الامر والنهي لابد ان تفرض امرا ونهيا شرعيا والعقل يحكم بجواز الاجتماع او امتناع الاجتماع. فغير مستقل. والمسألة الخامسة ان النهي يقتضي الفساد فلابد ان تفرض نهيا شرعيا والعقل يدرك الملازمة. الفساد في العبادة او المعاملة. فادراك الفساد بتوسط العقل لكنه ليس مستقلا.

فاذا هناك مسائل عقلية والعقل غير مستقل فيها وغالبا هذه المسائل الخمس ادلتها عقل نظري ولكن في بعضها ادلة العقل العملي.

لابأس: ذكرها الاعلام وانقلها لكم. فاذا عندنا في مباحث الالفاظ خمس مسائل عقلية. مع ان في مباحث الالفاظ مسائل اكثر عقلية كمبحث الاشتقاق ومبحث الصحيح والاعم ومباحث كثيرة حتى طبيعة الوجوب التخييري والعموم الاستغراقي والبدلي والمجموعي يستعينون الاصوليون بقرائن عقلية ومقدمات عقلية. فليس المراد ان الاستعانة بالعقل هي خمسة فقط. اذا ماذا قالوا خمسة؟ لان هنا الدعامة الأساسية في المسألة مبتن على العقل. بينما في مبحث المشتق والصحيح والاعم او مبحث اقسام الوجوب او العام و الخاص او النسخ العقل مقدمة من مجموع المقدمات الكثيرة التي يستدل بها. لا ان الدعامة الاصلية بالعقل.

هنا أي مبحث يأتي في المسائل العقلية الخمس؟ هل تأتي قاعدة كلما حكم به العقل حكم به الشرع؟ ام ماذا؟ ام يبحث عن حجية العقل؟ هل هناك فرق بين قاعدة كلما حكم به العقل حكم به الشرع وقاعدة حجية العقل؟ او يقال ان حجية العقل اعم؟ هذه كلها تساؤلات واثارات صناعية في فهرسة علم الأصول. الشيخ الانصاري وغيره من الاعلام بحثوا عن حجية القطع وطبعا مرادهم ليس القطع. بل مرادهم اليقين. ليس القطع كجزم حجة لكن التعبير مسامحي واشتهر في كلماتهم. والا مرادهم الأصلي ليس القطع بما هو قطع وجزم. بل مرادهم اليقين. فبحثوا حجية اليقين وفي تنبيهات اليقين بحثوا عن حجية العقل وفي مبحث حجية العقل بحثوا عن حجية العقل العملي بصيغة كلما حكم به العقل حكم به الشرع. المهم هذا مبحث هل حجية العقل هي نفس قاعدة الملازمة؟ كلما حكم به العقل هل المراد هو العقل العملي او المراد ادراك العقل؟ أيا ما كان العقل النظري دوره ادراك ويدرك. وجود وعدم ولا ربط به بالحسن والقبح. هل به حجية ام ليس له حجية؟ اذا بلغ الادراك بدرجة اليقين فاليقين حجيته ذاتية. اما الحسن والقبح تأتي قاعدة حكم به العقل حكم به الشرع.

طبعا هذه القاعدة يمكن توسعتها يعني كلما حكم به العقل بالحسن والقبح فيحسنه الشارع ويقبحه الشارع. وان كان كلما حكم به العقل بالعقل النظري يعني ادرك لا يحتاج الى قاعدة الملازمة بل هو اليقين ومن باب حجية اليقين.

نكتة مهمة ذكروها في مباحث الأصول ومباحث الفلسفة او علم الكلام وهو ان الفرق بين العقل النظري والعقل العملي انه في العقل النظري ادراك ووجود ولا وجود. اما الحسن والقبح في المحمول يكون من العقل العملي. فلدى الانسان عقلان كما هو الصحيح عند مشهور الفلاسفة المتقدمين ومشهور المتكلمين ان الانسان لديه قوتان في العقل. او يقال حتى انه لديه مدركان ان مدركات العقل منقسمة مدرك العقل النظري يعني الوجود العدم ومدرك الحسن والقبح. فهذان المدركان للعقل او لقوتي العقل هل تصوير الحجية فيها على منوال واحد او على منوال واحد.

عندما يقال ان الأدلة في علم الأصول الكتاب وسنة المعصومين والعقل والفطرة كما هو الصحيح. الاجماع يرجع الى السنة والوحي. فالاربع هي هذه. المراد هنا العقل العملي يعني الفطرة والعقل يعني العقل النظري. فالانسان لديه قوتان دراكتان. أي منها حجة؟ بخلاف بعض العلوم ان الشارع ردع عنها كالسحر والشعبذة التي ردع الشارع عن حجيتها. المهم ان مبحث العقل بنمطين. هنا الامر بالشيء يقتضي النهي هذا عقل عملي او نظري؟ جملة من الأدلة من العقل النظري. هذه المسائل الخمس التي مرت بنا طبيعة العقل النظري احكامه غير مستقلة يعني لا يدرك ابتداء انما في ظل وجود حكم شرعي سابق. فلا نقل خمس بل قل ما شئت. طبيعة الاحكام العقلية النظرية غير مستقلات.

لكن العقل العملي احكامه مستقلة يعني بغض النظر عن وجود حكم شرعي او عدم وجوده نفس العقل العملي يقول ان الظلم قبيح والعدل حسن.

اجمالا فاذا هذه المسائل العقلية لما يقال انها غير مستقلة هذه جرس تنبيه انها من المسائل العقلية النظرية. حقيقة البحث في المسألة كيف يكون أصولية يلزم متابعته غدا وندخل في المدعى والدليلين فيها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo