< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مقدمة الواجب

 

كنا دخلنا في مبحث الضد واصل المبحث الذي يعنون عند الاعلام هو انه هل الامر بالضد يقتضي عن ضده ام لا؟ ضده او اضداده الاخر ام لا؟ ولكن قبل ان ندخل في مباحث الضد لابأس بفائدة ضرورية لمبحث مقدمة الواجب باعتبار انه مبحث قديم وعريق وحساس ومهم.

نعنون هذه الفائدة لهذا المبحث وهي ان هناك اركان للدين وليس حكما بأن وجوب ذي المقدمة يقتضي وجوب المقدمة فكيف بك اذا كان الوجوب عبارة عن منظومة وركن من اركان الدين فهذا اعظم. ومن اركان الدين في الحقيقة وجوب الدفاع او وجوب الجهاد او من اركان الدين حلية المكسب والمكاسب. أيضا هذه الحلال والحرام في المكسب والمعيشة من اركان الدين.

هذه الأركان من الضروري ان يلتفت انها لا تقام ولا تشيد بمجرد فتوى الجهاد. افترض ان ميرزا محمد تقي اعلن فتوى الجهاد او بقية الاعلام في الحوزة العلمية الشريفة. بمجرد النفير العام او الفتوى لايمكن إقامة هذا الواجب في حفظ بيضة الدين او المسلمين.

ثم هذا الدفاع ما مقصور بحين الفتوى. حفظ بيضة الدين او حفظ المسلمين او حفظ العتبات الشريفة والدفاع عنها لا يمكن ان يقام بمجرد النفير العام والفتوى وان كان الفتوى العام مقدسة لكن إقامة هذه الواجبات لا يمكن بمجرد ساعة او أيام او هلم جرا. هذه بلا شك لها مقدمات طويلة الأمد وإعداد عسكري طوال سنين بل تراكم الجهود. لذلك الان كل شعوب البشر وكل نظم البشر وعقلاء البشر يؤسسون وزارة الدفاع والامن لاقامة هذا الواجب.

فهذا الواجب لا يمكن اقامته بمجرد قرار الساعة بل لابد من الاعداد اليه في سلسلة المقدمات الكثيرة والطويلة بل بحسب الخبراء المتخصصين لابد من تراكم الخبرات والمهارات بل وتراكم تجارب حضارات. بغض النظر عن إقامة الدولة في عصر الغيبة فلابد من جهة ان وجود الدولة وإقامة الدولة ضرورة حتى في زمن الغيبة. يعني بتوسط هذه الدولة يمكن إقامة اركان الدين وإلا سوف يكون اركان الدين معطلة.

اذا واحد يلاحظ العلوم التخصصية في هذا المجال يرى ان قضية التخطيط للدفاع والحماية للوطن والمقدرات سلسلة أبحاث دراسات وآليات ومنظومات الى ما شاء الله. يعني ليس بشيء هين.

بل نستطيع ان نقول انها ليست مقدمة خارجية بل هو بالدقة مقدمة داخلية وفي نفس أداء الواجب. عملية الدفاع عبارة عن آليات الوقاية اهم من الرد والدفع. ثم الحفظ ثم .... العلوم المتخصصة في هذا الجانب.

لا نتصور ان دفع داعش عن هذه الأراضي المقدسة تم بساعة فتوى مقدسة عظيمة من المرجعية. هذا امر صحيح لكن الاليات هي سلسلة مجاهدين كانوا يجاهدون ثلاثين سنة وكان من هناك من يتصدى ويرعاهم من الفقهاء ويشددهم. هذه السلسلة تراكم. نفس العشائر الشريفة حفظهم الله في هذه الأرض المقدسة لولا اكتسابهم خبرات عسكرية ولو بداعي نزعة عصبية قبيلية لكن هي سبب تراكم التجارب. فالمقصود ان هذا الجهاد او الدفاع لا يمكن ان يستتم بين يوم او أيام او أسابيع او ساعة او نفير عام. بل اعداد العدة يأخذ امد طويل وهذا ليس امر يتردد في لزومه وكونه من اركان الدين فقيه من الفقهاء. وهذا لا يتم فقط بالعسكرة واليات العسكرية والتجارب والمهارات وهلم جرا بل يتم عبر سلسلة منظومة أمور كما ذكر الفقهاء في أوائل المكاسب المحرمة ان هناك واجبات نظامية. أيها الفقهاء ماذا تريدون من الواجبات النظامية؟ يقولون الواجبات التي لا يقوم نظام المجتمع الا بها. مثل الكهرباء او الحرف ولفنون والمهارات الأخرى كذلك قضية الدفاع وقضية المهارات والنظام العسكري والنظام الأمني. وهذا الواجب ليس ملقى على الدولة فقط. الان في كثير من الشعوب أسلحة استراجية ليس من الوظيفة الملقاة على الدولة فقط. بل القطع الخاص يقومون به. كثير من المصانع النووية والأسلحة النويية في كثير من الدول العالم الأول هي من شئون التي يقوم بها القطاع الخاص وهلم جرا. يعني الشعب نفسه. نعم النظم على الدولة وهذا بحث آخر. المقصود هذه أمور أي شعب أراد العزة لابد منها والا سوف يكون اسيرا لارادات أخرى تحت نيل العبودية لقوى أخرى وهذا ليس فيه ترديد ولابد من سلسلة مسير وحلقات كثيرة. هذا في جانب الامن والعسكرة والدفاع وهلم جرا. في جانب الاقتصاد الكلام الكلام. لايتم نظام اقتصادي ديني غير ربوي الا عبر سلسلة من الجهود العلمية والجهود التدريبية والتدبيرية وهلم جرا. المقصود ان هذه اركان الدين التي ليست واجبة بل هي منظومة الواجبات في الاقتصاد والامن وما شابه ذلك لا يجب ان ننام عنها فكريا او نغفل عنها ثباتا ولا تتم الا عبر سلسلة من الأعراف الصالحة الحسنة في البيئات المختلفة وإقامة الأعراف والعادات وبالتالي هذه العادات تتحمل بحمل هذا الثقل والمسئولية. القضية ليس فيها تعارف ولا مجاملة. بحث مقدمة الواجب هي هذه الأمور. ليس مقدمة خارجية بل هي مقدمة صميمة داخلية لكن كلها معطلة. ليس هناك فقيه يتلكأ في الغيبة الكبرى عن وجوب إقامة هذه الأركان. والتحفيظ حوله وتشييد بنيته وهذه عبارة عن اعظم ثمرة لبحث مقدمة الواجب. لان إقامة الأركان شيء ضروري. اركان الاخلاق يحتاج الى سلسلة ثقافية ومهارات وفنون وباب الفنون لماذا يعطى الى غير الصالحين والحال انه باب مؤثر على المجتمع بشكل كبير. في الحقيقة هناك اركان للدين معطلة ونحن لا نعذر في تعطيلها او تجميدها او ضعفها. بل المفروض ان نستذكر كلام سيد الأنبياء كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. والا الواجبات ليس فقط ان أقوم الصلاة او الواجبات الفردية او السنن الفردية. مر بنا مرارا ان الواجبات الكفائية اعظم عند الله من الواجبات العينية الفردية. يستلم الله عزوجل امة بأكملها لتفريطهم بالواجب الكفائي. ولا يستلم امة بترك الواجب الفردي وان كان الواجب الفردي على حاله لكن بالتالي ملاكات واهمية الواجب الكفائي اعظم واعظم من الواجبات الفردية. هذه الأمور لازم ان نلتفت اليه. نحن كلنا محاسبون لكن تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. على كل هذه هي المغذى الجدي لبحث مقدمة الواجب وهذه سلسلة تراكم الحضارات لا تراكم السنين فقط.لا نظن ان انتصار على داعش حصل في سنتين. سلسلة التجارب عند المؤمنين في الجهاد أربعين او خمسين سنة خلقت في هذه الأرض المقدسة هذه القوة وهذه التجارب. سواء من جانب الاخوة المجاهدين او من جانب العشائر الشريفة. رغم انه مؤاخذات للعصبيات لكن نفس الاحتراف مهم.

الان عند البشر ان الجريمة علم والاجرام علم من العلوم . الاجرام شيء سيئ لكن التعرف على الاجرام علم ويوجب حفظ امن المجتمع. الشر والشرور علم يجب ان نتعلمه لا نمارسه.. الحذيفة اليماني رضوان الله تعالى عليه يقول كان كثيرا يعلمنا رسول الله عن الخير و انا كنت اسأل عنه عن الشر. الشر علم واذا ما تعرف الشر لا تقدر ان تحفظ المجتمع من الشر. الاجرام والشرور علم من العلوم يجب تعلمها لوقاية المجتمع عنها.

هذه زبدة مهمة في مقدمة الواجب وكثير من الفقهاء الذين نذروا انفسهم لهذه الساحات المتروكة. كل يأخذ بجانب ومشكور على الجانب الذي يتحمله.

كثير من الاعلام ينذرون انفسم في ساحات أخرى وبقي مشكورا من تصدى لساحات أخرى. المقصود ان ساحات والميادين والأمور كثيرة وكل هذه الجوانب ضرورية وهذا هو معنى مقدمة الواجب وتستطيعون ان تتابعون هذا البحث في كلمات الاعلام في المكاسب المحرمة عند البحث عن الواجبات النظامية في اصل نظام المجتمع بغض النظر عن قضية الدولة. هذه الأمور يجب ان لا نغفل عنها. الواجبات الكفائية دوما عند الله اعظم اعظم بلا قياس من الواجبات الفردية والمحرمات الفردية. هذه ذهنية مغلوطة منتشرة في الاذهان. الواجب الكفائية اعظم من الواجبات الفردية. هذا خلاصة مهمة عمود فقري لبحث مقدمة الواجب.

اذا ليس تعارف ولا مجاملة بل امر صميمي كلنا نسائل عنه. اول سؤال نسأل عنها. لاحظوا في زيارات الائمة نعاطب الأمم المعاصرة للائمة في الواجبات الكفائية. نذمها لخذلانها في الواجبات الكفائية. مدح الأنصار في كربلا لقيامهم بالواجبات الكفائية. عظمة العباس في الواجبات الكفائية. اهل البدر مدحهم في الواجبات الكفائية. كذلك المسؤلية والذم واللعن في الواجبات الكفائية اعظم من الواجبات الفردية. هذه ثقافة الدين. باب الزيارات فيها منظومة معارف الدين وهذا من معارف الدين ان المدح و الذم للأمم للواجبات الكفائية. اذا شيء عظيم ولانغفل عنه. وهذه احد الفوائد المعرفية والتربية في الزيارات

الأهم في البحوث الأصولية والكلامية والفقهية هو التوجه الى بعد الواجبات الكفائية التي لها بعد العموم لا الفردي.

 

مبحث الضد: عنون عند الاعلام ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده.

استدلوا له بوجهين. وسيأتي الوجهان. الوجه الأول مقدمية والوجه الثاني الاستلزام وفيه نقاش طويل وعريض.

بعد ذلك ذكر الاعلام في النصف الثاني في مبحث الضد وهو الأطول والأكثر أهمية مبحث التزاحم. معنى الضد يعني التزاحم وفرقها عن التعارض واحكام التزاحم. لب البحث في الضد هو هذا المبحث. اما ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن الضد فذلكة استنباطية أصولية جيدة لكن ثمرته يسيرة ودون ثمرة بحث التزاحم وأنواع التزاحم. المقصود ان لباب البحث هو القسم الثاني من مبحث الضد. سنخوض في القسم الأول لكن العمدة في الثاني. اما التفاصيل التي توسع فيها الاعلام فلسفيا كحذلقة عقلية جيد لكن قليلة الجدوى.

جعلوا العنوان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده وجعلوا هذه الحيثية حيثية المسألة لكن مر بنا ان الحيثية الاصلية في المسألة مبحث التزاحم وهو من أصول القانون. بحوث ثبوتية من أصول القانون وليس بحوث اثباتية. لذلك هذه المسألة جل الاعلام قالوا انها ليست مسألة لفظية بل حشرت في مباحث الالفاظ بل هي بحوث ثبوتية وترتبط باصول القانون.

مرارا مر بنا ان المباحث التي لا ترتبط بالدلالة والكاشفية هو بحث في أصول القانون. من ثم هنا عنونوا هذه المسألة انها لفظية او لا؟ كما ان مقدمة الواجب ليس مسألة لفظية يعني ليس البحث عن الكاشف بل البحث في الحقيقة في التلازم الثبوتي بين وجوب ذي المقدمة ووجوب المقدمة. كذلك هنا. طبيعة أصول القانون يبحث عن البعد الثبوتي في الاحكام والقوانين.

نقطة أخرى هذه المسألة صار ترديد بين الاعلام ان هذه المسألة أصولية او من المبادئ الاحكامية او كلامية؟ وسبب هذا الترديد ماذا؟ طبعا كثير من بحوث أصول القانون يستعين بمقدمات كلامية من ثم يترائى طابع البحث في تلك المسائل انهاكلامية. والحال انها ليست كلامية وان استعين بالكلام. كما ان القول بان المبادئ الاحكامية ليست مسائل أصولية لا نقبله. المبادئ الاحكامية ما هو تعريفها عند الأصوليين؟ مبدأ للمسألة يعني ما قبل المسألة. احكامية اما تصورية او تصديقية. اجمالا المبادئ الاحكامية يجعلها الاصوليون خارجة عن علم الأصول وقد يشتغلون بتنقيحها والتطويل فيها بسبب انه ليس هناك علم تكفل بتنقيحه واضطر الاصولي ان ينقحه وهي قد تزيد طولا على المسألة.

قالوا ان المبادئ الاحكامية خارجة عن المسائل الأصولية لكن مر بنا انها هي أصول القانون. المبدأ هي الأصل والاحكام هي القانون. أسس التشريع وفلسفة التشريع وربما عشرة أسماء لعلم أصول القانون المبثوث في أبواب أصولية. كلها معنى واحد مترادف. والصحيح ان هذا العلم الثبوتي منتشر في علم الأصول من اوله الى اخره بل في الحقيقة العلوم الدينية او حتى غير الدينية طبيعة العلوم مشتمل على علمين علم اثباتي وعلم ثبوتي. فعلم أصول القانون علم يشمل حتى الفيزيا. هذا مبحث منهجي ومنطقي في العلوم. اجمالا اذا المبادئ الاحكامية هي احد علمي علم الأصول. بل كل علم مشتمل على علمين علم ثبوتي وعلم اثباتي. فالصحيح انها حتى جعلناها من المبادئ الاحكامية فهذا المبحث من مباحث الأصول. فضلا عن الفذلكة التي يقوم بها جملة من الاصوليون ان المبحث وان كان من المبادئ الاحكامية لكن نتيجته ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده يستنبط منها حكم شرعي فرعي. والحال ان هذه الضابطة والتطبيق هنا متين لكن هذه الضابطة للمسألة الأصولية لا نرتضيها. علم الأصول لا ينحصر ثمرته في استنباط الاحكام الفرعية. احد ثمرات علم الأصول فقه الفروع والا علم الكلام وعلم التفسير وكل العلوم الدينية تتوقف نتيجتها لعلم الأصول.

بقية النقاط ان شاء الله نتابعها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo