< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ مقدمة الواجب/المقدمة الموصلة

... مر ان قيد الموصلة قيد ليس من قبيل قيد الوجوب ولا من قبيل قيد الواجب بل نوع آخر من القيود، فقيد الموصلة ليس قيدا يقيّد المقدمة ولا يقيّد ذي المقدمة فهو ليس فقط نوعا جديدا من القيود بالنسبة الى المقدمة بل كذلك هو لا يقيد ذي المقدمة أيضا فهو قيد مشير لا يرتبط بالمقدمة ولا يرتبط بذي المقدمة بارتباط جزء او قيد كما مر من قبيل حكمة الحكم بلحاظ مجاري المقدمة ومر انه يستفاد منه في موارد عديدة منها بحث التعارض في الامارات سواء تعارض الاخبار او تعارض فتاوى الفقهاء باعتبار ان كل فقيه فتواه امارة وحجة فعندما تختلف الفتاوى تصير اختلاف الامارات. «انظروا الى رجل منكم عرف احكامنا و... فاجعلوه حكما» امارية فتوى الفقيه.

في موارد تعارض الامارات عند وصول النوبة الى التخيير، كيفية صياغة التخيير لانه لا يتصور ان كلا الامارتين فعليتان فايهما فعلية وكيف تكون صياغة التخيير سيما في الامارة؟ لا سيما التخيير لابد من صياغته بنحو لا تكون كلا الامارتين فعلية لان صيغة التخيير بنحو «ان ترك الأولى فالثاني حجة وان ترك الثاني فالاولى حجة» فإذا ترك كليهما هل تكون كلاهما حجتان؟ لا يمكن. فمن ثم في بحث تعارض الامارات او صياغة التخيير ولو البعض صور تصوير حجية احدهما والعنوان المشير يعني ليس قيدا لكن يشير الى ان الفعلية في حجية الامارة لاحد الامارتين لا لكليهما. طبعا الحجية الفعلية والا الحجية الانشائية موجودة. ربما يصاغ هكذا ان الترك الذي يأخذ لفعلية الامارة الثانية لا الترك المقارن مع ترك الثانية. ترك الأولى الذي يقارن فعل الثاني او ترك الثاني المقارن مع الاخذ بالاولى. طبعا الكثير اشكلوا كيف ان الترك قيد الوجوب ومأخوذ فيه الامتثال؟ يجب صلاة الظهر ان تعقب هذا الوجوب أداء صلاة الظهر، ما معقول تقييد وجوب الشيء بأداء ذلك الوجوب. يعني لو اخذنا قيد الترك قيدا اصطلاحيا قيد الوجوب او الواجب لزم هذا المحذور اما اذا اخذناه قيدا نوعا ثالثا كما في الموصلة ليس يلزم المحذور. كان نوعا ثالثا يحصص الواجب من دون ان يأخذ لا في الوجوب ولا في الواجب. لا يأتي هذه الإشكالات

مثلا في قصد القربة على مبنى مشهور المعاصرين لو اخذ قيد القربة في متعلق الوجوب لزم الدور وهكذا استشكلوا ولا نتبني هذا المحذور. لكن عند من يتبنى هذا المحذور اخذ قصد القربة في متعلق الواجب لزم منه المحاذير. فما الذي توصل الاعلام فيه؟ توصلوا بالقيد من نوع ثالث. اما يصاغ بنحو متمم الجعل او نتيجة التقييد او القضية الحينية او العنوان المشير او ضيق الملاك بالصياغات الستة لهذا النوع الثالث من القيود.

اذكر هذه المباحث لاجل ان هذا المبحث مقدمة الموصلة بغض النظر عن بحث مقدمة الواجب بحث تنوع القيود والسنخ الثالث من القيود يكون حلال المشاكل في الأبواب الأصولية والفقهية منها التخيير في الامارات والتخيير عند تساوي الفقهاء في الاعلمية. طبعا هذا غير الفرض الاخر الذي ذكره الفقهاء، تعدد الاعلم. التردد في الاعلم فرض وتعدد الاعلم فرض آخر. مثل ان احد الفقهاء اعلم في أبواب العبادات والباء مثلا اعلم في المعاملات.

ميرزا هاشم الاملي رحمة الله عليه استاذنا تلميذ العراقي والكمباني والشيخ عبدالكريم الحائري كان يرى نفسه اعلم في المعاملات من السيد الخوئي لكن السيد الخوئي كان اعلم في العبادات. انصافا صناعيا في المعاملات كان عجيبا وقويا.

أيا ما كان الاعلام فرضوا تعدد الاعلمية بحسب المسائل والابواب. لكن هذا غير فرضنا وممكن. يسمى تعدد المرجعية العليا. السيد البروجردي رحمة الله عليه في الفتيا كان السيد مير علي من انبغ تلاميذ العراقي واقدم زمنا واسبق زمنا واسبق رتبة من كل تلاميذ آغا ضياء وذهنيته كان ذهنية صناعية في العلم الإجمالي والمباحث الصناعية وكان من تلاميذ السيد اليزدي أيضا. فلما هاجر الى قم اقترح السيد البروجردي له ان يتصدى التدريس لان السيد البروجردي كان يتصدى المرجعية. قال له انت في التدريس اقوى مني في الصناعة. ممكن تعدد المرجعية العليا والفقهاء هم فرضوه. تعدد المرجعية العليا.

يقال في زمن الشيخ كاشف الغطاء وبحر العلوم يشار الى بحر العلوم بالاعلمية في مجال ويشار الى الشيخ جعفر في مجال آخر وفعلا كان هكذا. لا ان الاعلمية مترددة بينهما بل كان تشخيص الفضلاء تعدد الاعلمية. وايا ما كان مذكورة في كل الرسائل العملية ولم يخالف فيها احد. هذا الفرض غير ما نحن فيه.

ما نحن فيه هو ان تتردد الاعلمية في باب واحد بين جملة من الاعلام. اما يشخص انهم متساوون لان الفارق اليسير ليس مدار الاعلمية بل الفارق الكبير مدار الاعلمية. يعني جملة ممن عرف الاعلمية عرفها بالتفاوت المعتد به الكبير لا اليسير. فتارة نفترض صورة التساوي في الفقهاء في العلمية في باب معين وهذه صورة غير صورة تعدد الاعلمية وتارة نفترض تردد الاعلمية. في هاتين الصورتين مشهور طبقات الفقهاء غير الصورة الأولى تعدد المرجعية العليا بل في صورة تردد الاعلمية او التساوي مشهور الفقهاء ذهبوا الى التخيير وهو الصحيح. بخلاف السيد الخوئي وتلاميذه انه يقلد احوط الاقوال. طبعا في الصورة الثانية والثالثة على فتوى السيد الخوئي وجل تلاميذه يكون من تعدد المرجعية العليا حكما فلا يقتصر السيد الخوئي وتلاميذه على الفتوى بين تعدد المرجعية العليا فقط في الصورة الأولى. الصورة الأولى متفق عليها. واحد اعلم في باب الصلاة وواحد اعلم في باب الصوم وواحد اعلم في باب القضاء، تعدد المرجعية العليا بحسب الأبواب. الكلام في الصورة الثانية والثالثة. الثانية تساوي العلمية المشهور ذهبوا الى التخيير والسيد الخوئي قال احوط الاقوال وهو يعني تعدد المرجعية حكما. لان الاحوط منتشر في الاقوال. كذلك الصورة الثالثة ان هناك اعلم وغير اعلم لكن الامر ملتبس بين الاثنين والثلاثة كما انه في زمن صاحب الكفاية المتصدون في زمنه في النجف الاشرف اثنا عشر فقيها الخليلي وزين العابدين والشرياني وغيرهم من الاعلام كانوا متصدين المرجعية يعني مسلمين الاوج العلمي. أقول هذه المسألة على أساس ان ابين لكم ان قيد الموصلة كيف تكون حلال المشاكل في هذا البحث.

المرحوم الاصفهاني في باب الاجتهاد والتقليد او التعارض يقول ان التخيير صياغته الصناعية صعب صعاب. لكن صعب بناء على ان قيد الموصلة قيد اصطلاحي وبناء على ان نحصر القيود في نمطين قيد الوجوب وقيد الواجب. لكن اذا فتح باب النوع الثالث تحل المشاكل.

الصورة الثانية وهي تساوي الفقهاء في العلمية السيد الخوئي لا يسوغ التخيير لكن المشهور يذهبون الى التخيير. السيد الخوئي يذهب الى العمل باحوط الاقوال ويلزم بذلك. نتيجة ذلك ان السيد الخوئي يفتي بتعددا لمرجعية. كذلك فيما اذا علمنا ان هناك اعلم لكن تردد بين مجموعة أيضا هنا المشهور عشرة قرون من علماء الامامية يذهبون الى التخيير لكن السيد الخوئي يذهب الى احوط الاقوال ولا محالة تصير الى تعدد المرجعية.

لو أراد الباحث يبحث في باب الاجتهاد والتقليد يرى عدة مسائل يذهب الاعلام الى تعددالمرجعية. الان كلامنا ليس على مبنى السيد الخوئي بل كلامنا على المشهور. أيضا التخيير يكون مآله الى تعدد المرجعية العليا. في باب الاجتهاد والتقليد ذهب جل الاعلام الى تصوير الصناعي والوقوعي لتعدد المرجعية العليا اذا نريد ان نقرأها قرائة قانونية. سواء السيد اليزدي او حواشي العروة. الكلام في هذه الصورة صورة التخيير الذي ذهب اليه المشهور. هذا التخيير كيف يمكن صياغته؟ هل يصاغ بانه ان ترك تقليد الف يتعين عليه تقليد الباء؟ فهل يتعين هكذا. اذا كان الحجية الفعلية لفتوى كل فقيه مشروطة بترك الاخذ بفتوى الفقيه الأخر فإن تركهما معا فلا محالة تكون النتيجة ان تكون كلا الفتويين حجة عليه فكيف يمكن؟ لو اخذنا الترك. كما انه في الواجب التخييري لو اخذ وجوب كل خصلة من خصال الكفارات بقيد الترك لكان انه اذا ترك الخصال الثلاثة لكان عليه الكفارات الثلاثة والحال انه خلاف الواجب التخييري. فاذا اخذ قيد الترك قيد الوجوب او الواجب ليس حلال المشاكل. اذا اخذنا مع الترك قيدا اخر ليس من نمط قيد الوجوب او الواجب بل من نمط ثالث يكون حلال المشاكل. اخذنا مع الترك ان يأخذ بفتوى الفقيه الاخر. هذا الاخذ امتثال كيف يمكن وجوب واجب يأخذ فيه امتثاله؟ كانما نفترض ان الامتثال قبل الوجوب رتبة وهذا لا يمكن تصويره.

هنا البيت القصيد: هذا لو اخذنا الامتثال قيدا لواجب او الوجوب اما اذا اخذناه عنوانا مشيرا او قضية حينية او متمم الجعل او ضيق الملاك لم تأتي هذه الإشكالات. كما ان قصد القربة لو اخذ يلزم الدور او خلف الفرض بقيد اصطلاحي اما اذا اخذ بنمط ثالث. هذا النمط موجود وما موجود. كي لا يلزم منه الدور وا لخلف. من ثم في صياغة التخيير في اختلاف الفتاوى كما يجزم الاعلام بتعدد المرجعية العليا في صور منها. كما كان في زمن صاحب الكفاية والسيد اليزدي اثنا عشر فقيها وكذلك زمن النائيني والسيد ابوالحسن الاصفهاني. عموما الفقهاء قالوا مجال تشخيص الاعلم هو نوع فسح مجال اثباتي وظاهري لتعدد المرجعية. الصورة الخامسة المعروفة تعدد المرجعية العليا اثباتا. أيا ما كان كلامنا في التخيير. الترك سواء في الواجب التخييري او التخيير في فتاوى او التخيير في الامارات والاخبار لا يلزم منه الحجية الفعلية لكلا الامارتين المتعارضتين بل الحجية الفعلية لاحدهما لان هذا القيد ليس قيدا اصطلاحيا في الوجوب والواجب كي يلزم منه الدور او كذا. هذا اجمالا احد المباحث في المقدمة الموصلة وكما مر بنا العمدة والثمرة المهمة في بحث عنوان المقدمة الموصلة هو ان هذا القيد قيد من القيود ليس يندرج في قيود الوجوب الاصطلاحية ولا يندرج في قيود الواجب الاصطلاحية بل قيد من نمط آخر ويمكن حل كثير من المشكلات به. وهذا يرد في لسان الشارع ولايريد الشارع به قيدا اصطلاحيا في الوجوب و الواجب. فليس كل قيد ذكر في الأدلة بالضرورة قيدا اصطلاحيا. بل يمكن ان يكون قيدا نوعا ثالثا لكن ينتج نتيجة القيدين. وهذا يمكن تصويرها حتى في العقائد.

بقي شيء من الحديث عن ادلة والنقض والابرام في المقدمة الموصلة والثمار منها ونصل الى نهايات بحث مقدمة الواجب في مقتضى الأصل العملي. مقدمة الواجب كما ذكرنا من بدايتها ثمرتها تقسيمات الوجوب والواجب وبقي تقسيم يستعرضه الاعلام في نهاية مقدمة الواجب. وفيه المقدمة المستحبة والحرام والشأن في هذين القسمين من المقدمات. ان شاء الله هذه المباحث نطويها كي نختم مبحث مقدمة الواجب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo