< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الامر عقيب الحظر

باب الالفاظ، مبحث الأوامر،

منهجان لبنية الظهور

 

كان الكلام في ورود الأمر عقيب الحظر. كلمة الحظر اصطلاح في علم القانون للحرمة هنا أيضا كذلك يراد، ورود الامر بعد الحرمة. فورود الامر بعد الحرمة هل دال على الوجوب كما ذهب اليه العامة أو دال على مجرد الترخيص كما نسب الى اكثر علماء الإمامية أو هو يرجع الى ما قبل الحظر إذا كان وجوبا فوجوب واستحبابا فاستحباب وكراهة فكراهة. او أنه مجمل كما ذهب اليه السيد الخوئي.

الصحيح أنه ليس مجملا ولا متعينا في أحد الزوايا. يعني بعبارة أخرى ورود الامر عقب الحظر القدر المتيقن من دلالته انه رفع للحرمة أما زائدة على ذلك يعتمد على قرائن خاصة بحسب كل مورد. القدر المتيقن فيه رفع الحظر ونفس رافعية الحظر قرينة على أن الامر هنا لم يستعمل فيما وضع اليه محضا بلاشك. بلا شك أحد دلالاته أنه لرفع الحظر، لكن هل هو متمحض في هذا المعنى او انه لازال مستعمل في الوجوب او انه مستعمل في الحكم القبل يعتمد على الملابسات والمناسبات الموجودة في كل مورد بحسبه. فورود الامر عقب الحظر قرينة من القرائن، يعني لا منافاة بين ان يستعمل الامر فيما وضع له وأيضا يستعمل في رافعية الحظر ولو بالالتزام. الأمر عقيب الحظر يستعمل في رافعية الحظر لكن هل يستعمل بالالتزام او المطابقة؟ أيضا مقتضى الامر أنه وضع للهيئة الطلبية.

بعبارة أخرى عندنا مقتضيان وهذان ليسا متنافيين وكل قول يعتمد على قرينة وعندنا أيضا قرينة ثالثة وهو الحكم قبل الحظر. يعني ثلاث قرائن والمكون من القرائن تعتمد على بقية الملابسات والقرائن. مثلا من الأقوال القديمة إذا كان الامر للوجوب وعندنا عموم في الوجوب مثل حرمة الصلاة على الحائض بعد رفع الحظر يرجع الى الوجوب لطبيعة الصلاة او مثل يوم العيد حظر وبعده طبيعة الصوم راجحة وملابسات وقرائن خاصة بحسب الموارد فالصحيح عندنا في البين ثلاث مقتضيات وعناصر في الظهور هذه العناصر للظهور اذا اجتمعت مع عناصر ظهور أخرى حينئذ يستحصل المحصل منها.

دائما في باب الظهور نكتة صناعية مهمة أنه ليس من الضروري أن يكون ما استظهر استظهار بشكل إجمالي ارتكازي ملفوف، هذه الية من اليات الظهور وهو الاستظهار الإجمالي المتبادر. لا المتبادر بمعنى الحقيقة بل المتبادر بمعنى مجموع الاستظهار. هذا البحث صناعي مهم منهجي في الاستظهار أشار اليه صاحب الفصول وغيره من الأعلام، أنه تارة يستظهر بنحو آلي اجمالي بدون الالتفات الدقي والتفصيلي وهناك آلية للاستظهار ان تنضد العناصر للظهور سواء بمقتضى الاستعمال الحقيقي او القرائن الخاصة او الحالية او العامة ترتب وتنضد بشكل منسق ثم يستحصل الظهور وهذا يعبر عنه الاستظهار التحليلي والتفصيلي وهذا عادة يقوم به علماء الادب وعلماء البلاغة والنحو يعني الاستظهار التحليلي وهذا أيضا حجة والاستظهار الإجمالي أيضا حجة وقد يرى بينهما تدافعا فلابد ان يكتشف وجه التدافع ووجه الحل وأيها أصح وأسدّ. هذه على كل آلية لطيفة في مبحث الاستظهار، أن الاستظهار ليس اجماليا فقط ولا تحليليا فقط بل كل منهما آلية للاستظهار والصحيح عدم تحكيم أحدهما على الآخر بل الصحيح التوفيق بينهما. هذا أمتن الوجوه المنهجية هذا مبحث ضوابط آلية للاستظهار لآحاد الظهورات التي يخوض فيها الباحث ذكرها صاحب الفصول. يعني بعض يعتمدون على الاستظهار الاجمالي وبعض يعتمدون على الاستظهار التفصيلي لكن الصحيح هو التوفيق بينهما كما عن المفسرين، ترى الكثير منهم يذكر العناصر التفصيلية في دلالة كل آية وكيفية ترتيب وتنظيم هذه العناصر الى ان يستخرج الظهور المجموعي للاية او الايات. هذا يعبر عنه الاستظهار التحليلي التفصيلي يستند الى علوم اللغة من علم المفردات وعلم النحو الصرف والاشتقاق والمعاني والبيان وأيضا يعتمد على علوم أخرى من العلوم الدينية. المحصل من مجموع كيان هذه العناصر يستحصل الظهور

فلاحظ في باب الظهور السيد الخوئي يقول اجمال والصحيح انه ليس مجملا. بل هي القرائن لكن هذه القرائن لا تنفرد بوحدها بل تنضم الى القرائن الأخرى. شبيه مبحث الرجال ومخالفة السيد الخوئي للمشهور. المشهور في الرجال يعتمدون على كل قرينة تنضم وتتراكم تكوّن شيء معتمد عليه. هنا في عناصر الظهور كثيرا ما بل جل الموارد هكذا أن يحلل عناصر الظهور سواء بمقتضى الوضع او الاستعمال او القرائن ويستظهر اجمالا واذا تدافع نمطا الاستظهار لابد ان يكون هناك خلل في البين اما في الاستظهار التفصيلي او الاستظهار الإجمالي او فيهما معا. هذا على كل مبحث منهجي في مبحث حجية الظهور وآليات الظهور. هذا تمام الكلام في الامر الوارد عقيب الحظر.

المبحث اللاحق الذي ذكره صاحب الكفاية مبحث المرة والتكرار. هل الامر يدل على إتيان الواجب مرة واحدة او إتيان الواجب تكرارا. طبعا في هذا المبحث الاعلام لم يقتصروا على هذا المبحث. أيضا بحثوا عن دلالة الامر على رخصة التكرار اذا لم يدل على وجوب التكرار. هذا مبحث مهم. ما الفرق بين هذا المبحث ومبحث ان الطبيعة المأمور بها شاملة لكل الافراد؟ مرادهم من الفرق بين المبحثين هناك افراد عرضية للطبيعة هل الطبيعة شاملة لكل الافراد العرضية ام لا؟ صرف الوجود بالتالي شامل والتخيير عقلي. الواجب شرعي وحداني كلي والتخيير بين الافراد العرضية عقلي وهذا من انضمام حكم العقل لحكم الشرع لكن في المرة والتكرار قالوا المراد منها الافراد الطولي ولو الطولية بحسب الزمان مثلا. ففيه تخيير عقلي في الافراد العرضية وهنا ليس تخييرا بل دلالة على المرة او التكرار يعني مزيد من المرة الواحدة وجود التكرار او الترخيص في التكرار.

لماذا بحثوا في ترخيص التكرار؟ لأن هذا المبحث بنحو آخر ينفتح على مبحث قاعدة هل يجوز الامتثال بعد الامتثال؟ او أن ذاك مبحث آخر؟ إذا كان البحث عن أن الامر يدل على المرة الواحدة او يدل على التكرار فإذا يدل على التكرار مادة او هيئة فيعني أن الواجب في الذمة هو التكرار فيصير تكرر الامتثال بعد الامتثال او هو امتثال واحد؟ لأن الامتثال بعد الامتثال يعني الامتثال الأول وَفى حد الواجب وأعيد إتيان الواجب أما إذا كان التكرار هو الواجب فالتكرار يصير امتثالا واحدا. فهل الامر يدل على لزوم المرة الواحدة من الطبيعة أو يدل على لزوم التكرار؟ إذا يدل على لزوم التكرار دال على أن الواجب هو التكرار فالتكرار هو الواجب وليس الامتثال بعد الامتثال. إذا كان لزوم التكرار بحسب مفاد الامر او مفاد الطبيعة مفاد الامر هيئة او مادة. نعم التكرار بعد التكرار قد يكون امتثالا بعد الامتثال بينما الاعلام بنوا على أن التكرار امتثال بعد الامتثال وهو بناء على ان الامر دال على المرة الواحدة على أية حال.

هذا تداخل البحث بل إذا ندقق الامتثال بعد الامتثال مبحث في مرحلة الامتثال. مر بنا ضابطة صناعية كبرى ان الباحث يجب ان يميز بين مراحل الحكم وبالتالي يميز بين احكام كل مرحلة ولا يدمج ولا يمزج احكام مرحلة لمرحلة أخرى اسبق او لاحقة. فهنا أيضا ان الامتثال بعد الامتثال سيأتي في مبحث الإجزاء مبحث يرتبط بمرحلة الامتثال قد يؤثر في مراحل السابقة لكن بالدقة هومبحث وحكم في مرحلة الامتثال. هذا بحثوه بشكل مفصل في الإجزاء لاسيما في العبادات، في التوصليات الامر هين. ومعنى تكرار الامتثال أن في المراحل السابقة المفروغ عنه المطلوب هو المرة الواحدة حينئذ يبحث عن ان التكرار في مرحلة الامتثال صحيح ام لا؟ إذاً التكرار في مبحث الامتثال غير التكرار هنا. هنا تكرار في مرحلة التنجيز او الفاعلية او الفعلية. الذمة تشتغل بماذا؟ هذا في مرحلة التنجيز او الفعلية او الفاعلية. فرق عن مرحلة الامتثال. مرحلة الامتثال مرحلة التطبيق. فيجب ان لا نخلط بينهما. هنا الامر يقتضي المرة او التكرار مبحث ليس بلحاظ التطبيق بل الفاعلية و الفعلية والتنجيز. التدقيق في مراحل الاحكام. عنوان التكرار ليس في مرحلة واحدة وأحكام كل مرحلة متميزة عن مرحلة أخرى.

من باب التدقيق في هذا المجال. نلاحظ مثلا اين مجرى البرائة وأين مجرى الاشتغال؟ مجرى البرائة إذا كان مركز الشك في مرحلة الفعلية او الانشائية. اذا كان الشك في الحكم يعني حدود الحكم وحدود التكليف في مرحلة الفعلية او الانشائية يجري البرائة لان الشك في أصل التكليف أما الاشتغال هو الشك في مرحلة التطبيق يعني الامتثال. الذمة اشتغالها مفروغ عنها والشك في المكلف به يعني مقام التطبيق والامتثال فموطن قاعدة الاشتغال العقلي مرحلة الامتثال وموطن البرائة العقلية او الشرعية اذا كان الشك بالدقة يرجع الى مرحلة الفعلية او الانشائية او قل التنجيز. فلاحظ مراحل الحكم حتى بلحاظ الأصول العملية تختلف تمييز وتفكيك والتدقيق في مراحل الحكم ولكل مرحلة أي حكم امر مهم.

أصلا بحث نخاعية في علم الأصول كما أن تصادم الحكمين او تعالق الحكمين يعني تفاعل الحكمين، حكم يتعلق ويتعالق ويتلائم ويتمازج مع حكم آخر فالعلاقة إيجابية او سلبية من المهم هو الالتفات الى مركز العلاقة بين الحكمين سلبية او الإيجابية أي مرحلة من مراحل الحكمين. تمييز المرحلة جدا مهم. يعني ليس فقط تمييز مراحل الحكم الواحد زيادة على ذلك إذا ارتبط الحكمان سلبا او إيجابا لنرى مركز الارتباط السلبي او الارتباط الإيجابي في أي مرحلة مهم جدا. مبحث التعارض أين ومبحث التزاحم وكم نوع من التزاحم والورود والحكومة اين في المراحل. هذه من نخاعيات علم الأصول في الصناعة.

اكثر من ذلك ربما حكم في مرحلة الفعلية يرتبط بحكم آخر في مرحلة لاحقة غير الفعلية. ممكن. يعني الارتباط السلبي او الإيجابي بين الحكمين ليس من الضروري ان يكون مرحلة الحكمين واحدة. كلاهما في التنجيز او الفعلية. غالبا هكذا لكن ليس دائما. أحد حلول التعقيد في كتاب صلاة المسافر او الكتب الفقهية الالتفات الى النكتة الأخيرة. الارتباط بين الحكمين ليس من الضروري ان يكون كلا الحكمين في المرحلة الفعلية او التنجيز وليس موارد قليلة. اجمالا أن مراحل الحكم واحكام الحكم شيء مهم جدا.

التدقيق المجهري في مرحلة الحكم ان البحث في أي مرحلة من مراحل الحكم امر مهم. بلحاظ الحكم الواحد وبلحاظ ارتباط الحكمين ومرحلة واحدة او مرحلتان. هنا يتبين بسهولة كيفية العلاج. تتمة الكلام ان شاء الله الجلسة اللاحقة.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo