< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

44/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ، مبحث الأوامر، التعبدي والتوصلي

كان الكلام في مراتب التعبدي والتوصلي وما هو مقتضى القاعدة عند الدوران بين التعبدي والتوصلي بأي معنى من معاني التي مرت. مثلا أحد المعاني أن الواجب هل يسقط بالفرد المحرم أو لا يسقط ولابد أن يكون مباحا؟ هذا المعنى من التعبدي ليس الذي أخذ فيه قصد الامر بل أخذ فيه ان لا يكون في مصداق المحرم بل مصداق المحلل، فهذا معنى من معاني التعبدية بخلاف ما إذا كان أعم مثل إزالة النجاسة من الثوب التي لم يأخذ فيه قصد الأمر وأيضا يمكن ان تحصل إزالة النجاسة ومجيء الطهارة الخبثية بالماء المغصوب. فإزالة النجاسة من الثوب توصلية بمعاني عديدة حتى بدون الاختيار والإرادة وهلم جرا.

مثلا رد السلام يعتبر فيه القصد ولا يكفي فيه صدوره من غير الاختيار والإرادة. فإذاً في موارد الواجبات تختلف من جهة السقوط او عدم السقوط وهذا غير بحث اجتماع الامر والنهي طبيعة الواجب يسقط او لا يسقط.

تغاير دائرة المصلحة في الواجب عن دائرة المأمور به، فدائرة المصلحة قد تكون أعم كما مر بنا. هذه أيضا نكتة مهمة. كيف تكون دائرة المصلحة مختلفة عن دائرة الأمر وبكلمة فهرسية يجب ان يتابعه الانسان بشكل واسع.

قيود الامر لها مراتب متعددة أو يمكن أن يعبر أن قيود الأمر مأخوذة في مراحل متعددة للحكم، قيود الامر التي اخذها الشارع فضلا عن التي اخذها العقل. فهذه من نخاعيات بحوث الصناعة الأصولية أن قيود الامر التي اخذها الشارع او العقل ليست كلها في مرتبة واحدة او بشكل أكثر واقعية أو اكثر حقيقة ليست هي مأخوذة في مرحلة من مراحل الحكم بل مأخوذة في مراحل عديدة. هذا البحث مهم ومعقد ويحتاج الى ممارسة. للحكم مراحل وللقيود مراحل بتبع مراحل الحكم، مثلا افترض أن بعضها مأخوذة في مرتبة انشائية وبعضها في الفعلية الناقصة وبعضها في الفعلية التامة وبعضها في الفاعلية وفي التنجيز والامتثال، بالتالي مصلحة الحكم التي ما قبل الحكم ويمكن أن يكون دائرة مصلحة الحكم أوسع من دائرة الحكم. فإذاً هذه معاني متعددة.

مثلا ما مر بنا أن الواجب على الورثة وولي الميت تبرئة الميت من ديونه سواء حقوق الناس او ديونه من حقوق الله، إن الذي نتبناه أن الواجب على الولد الأكبر ليس أداء الصلاة كما عليه المتاخرون او أداء الصوم او أداء الواجبات بل الواجب على الولد الأكبر تفريغ ذمة الميت عن هذه الواجبات بما ترك من المال إن لم يتبرء أحد من اخوانه او الاغيار. فهنا الواجب أداء الصلاة عن الميت مع أنها تعبدية بمعنى اخذ قصد الامر لكنه ليست تعبدية بتمام المعاني الأخرى وأنه يمكن ان يأتى به من دون الإرادة والاختيار وبدون الاستنابة والانابة. طبعا في بعض التقريرات ذكر أن غسل الميت ليس تعبديا بالمعنى الأول وهذه مسامحة واضحة لأن غسل الميت واضح ان الغاسل ينوي قصد القربة والا ما يقع الغسل ولذلك لازم أن يوقع التيمم في الميت والغسل هكذا والنية أيضا يقوم بها الغاسل. لكن لازم على الغاسل ان ينوي فغسل الميت تعبدي بمعنى أخذ قصد الأمر. المقصود ان أنواع الواجبات متعددة

مقتضى القاعدة عند الدوران بين التعبدي والتوصلي بالمعاني الأخرى:

إن كان هناك ظهور خاص يقدم على الظهور العام الأصول اللفظية وعلى الأصول العملية. الظهور الخاص إما بحسب الاستمعال الخاص للشارع او بحسب المادة كما قال الاعلام في التقصير والحلق، طبيعته فعل يقوم إسناده عند العرف للاعم من المباشرة او التسبيب بل هو يقوم حتى بدون التسبيب لكن لأجل أنه عبادي فبدون التسبيب لا يمكن قصد الامر فيه فلابد من التسببيب في البين.

التسبيب أيضا نمطان في مراتب الفعل ومراتب التعبدي في الحلق والتقصير ببالي لم يفتي احد ان الحالق ينوي النيابة عن المحلوق فالفعل من الحالق يسند الى الامر المحلوق من دون حاجة الى قصد النيابة من الحالق عرفا. أما الطواف فالذي يأمر بالطواف حتى لو كان حاضرا في المسجد الحرام لابد أن ينوي الطائف النيابة عنه وإلا لا يصح اسناد الطواف الى المنوب عنه بدون النيابة، بل لابد أن ينوي النائب ان هذا الفعل ليس لنفسه وإلا لا يقع للمنوب عنه. في السعي هكذا أيضا وصلاة الطواف او طواف النساء.

واختلف في طواف النساء هل ينوي النائب انه لنفسه او عن المنوب عنه والأحوط ان ينوي ما في الذمة في الواقع. طواف النساء هو يحلل من الإحرام فهل ينويه النائب لنفسه او عن المنوب عنه؟ الذي يبقى في الاحرام هو النائب وليس المنوب عنه. أثناء النيابة لا يحرم للمنوب عنه مجامعة زوجته لأن الممنوع من تروك الاحرام هو النائب فيا ترى التحلل ينويه النائب عن نفسه او عن المنوب عنه والاحوط أن ينويه ما في الذمة. في صلاة الطواف أيضا هكذا طواف النساء في الحج او العمرة. الأحوط في صلاة الطواف أن ينويها عما في الذمة لا أن ينويها عن المنوب عنه فقط او عن نفسه فقط. ولو لم يذكره جملة من الاعلام في فتاواهم. للقدماء وهو الصحيح ان صلاة الطواف ليست من العمرة بل مسبب من العمرة وكذلك صلاة طواف الحج. المهم في صلاة الطواف في العمرة او الحج او طواف النساء فيه ترديد عند الاعلام.

ما ذا عن الهدي مر بنا ان التذكية تقع سواء بالتسبيب او غير التسبيب والمباشر يجب أن يكون مسلما ويبسمل ويتوجه القبلة فتقع التذكية لكن الواجب في الحج ليس هو فقط عنوان التذكية والذبح بمعنى التذكية بل الواجب يوم العاشر في حج التمتع عنوان القربان «فقدم قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر» يعني إراقة الدم ينويها لله فمن ثم في فتاوى السيد الخوئي وتلاميذه لا حاجة لنية الذابح تعيين الهدي للحاج الفلاني لابد من ذلك أما حين الذبح ينويها أنه عن فلان ليس لازما عند السيد الخوئي وتلاميذه. فيه فرق بين تعيين الهدي أنه لفلان وعنه. لأنه بالدقة يتملك الحاج ويتصدق بها الى بيت الله الحرام. التصدق أيضا لا يحتاج للمباشرة فإذاً الهدي قبل ان يذبح يجب ان يعين انه عن فلان يعني ملك الفلان ويتصدق به الى بيت الله الحرام. الهدي يعني الهدية يهديها الحاج الى بيت الله الحرام. هذا أمر عبادي. ينويها الحاج وهذا التصدق وهو الهدي حصل بالتسبيب من دون حاجة الى نية النائب حين ما يذبح إذا كان بعنوان التذكية لا حاجة الى قصد الذابح النيابة عن الحاج أما اذا كان العنوان زيادة عن التزكية انهاقربان والقربان عبادة وهذه العبادة كما لابد للآمر أن ينوي التقرب بالتسبيب لابد للمباشر أن ينوي أنها نيابة عن فلان. ورد في الروايات كلمة «عن» في الذبح. اذبح عن فلان. مما يدل على أن الذبح ليس تذكية مجردة بل هو قربان عنوان عبادي آخر. فلما يكون عنوانا عباديا آخر لابد من نية النائب اوا لمباشر أنها نيابة عن فلان. ورد في النصوص العديدة كلمة «عن» فإذا في الذبح لا يصح أن يباشره مسلم مخالف لانه لايتقبل العبادة منه فلابد ان يكون الذابح مؤمنا لانه لايأتي بالتذكية فقط بل يأتي بالتذكية بعنوان عبادي. فلا أقل الحملات تحتاط فيه سيما اذا كان الاحتياط ليس فيه ارباك. وكثير من الحملات يجعلون الذابح مؤمنا.

فإذا كان هناك في البين ظهور خاص لطبيعة الفعل فيأخذ به. إذاً الفقه ليس هو مجرد تمسك جمودي بالألفاظ بل صناعة الفقه هي تحليل للمعاني وهذا التحليل للمعاني ليس استحسانا بل هو استخراج أصول وضوابط المعنى. فلذلك إذا كان في البين ظهور خاص يتبع مقتضاه. أنه من أي نمط من التعبدي ولو بحسب مادة الفعل وطبيعته لغة وعرفا وإسنادا. إذا لم يكن هناك ظهور خاص فما هو مقتضى الأصول اللفظية او الأصول العملية. هذا البحث الذي يقام هنا بعينه اثير في مباحث الأصول العملية أيضا ويرتبط بقالب هندسة الامر وقيود الامر او قيود المأمور به. في القضية القانونية الشرعية ثلاثة ابعاد. الموضوع الاصولي وهو قيود الامر والامر وعندنا المأمور والواجب وقيود المأمور به. القضية القانونية الشرعية او الوضعية تعتمد في الأساس على ثلاثة ابعاد او أربعة. وهذه الابعاد إذا أحكم الباحث إتقانه في الاستنباط في كل الأبواب الفقهية او الأصولية او القانونية او العقائدية يهندس البحث وادلته. هندسته بهندسة البحث الأم وهي هيكلة القضية القانونية الشرعية وهي ثلاثة ابعاد او أربعة. طبعا التنظير الكلي سهل لكن التطبيق في كل مسألة تحتاج الى فطنة وتنبه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo