< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

43/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الدلالة على الوجوب

هناك بعض الروايات تتمة لأقسام الوجوب

موثقة السكوني عن ابي عبدالله علیه‌السلام عن آبائه عن أميرالمؤمنين علیه‌السلام أنه قال: السنة سنتان سنة في فريضة الأخذ بها هدى وتركها ضلالة وسنة في غير فريضة الأخذ بها فضيلة وتركها الى غيرها خطيئة. [1] في نسخة أخرى غير خطيئة.

هذا تقسيم آخر للسنة النبوية والضلالة نمط من المعصية. هذا البحث مر بنا أنه تقسيم وتنويع للمخالفات ومهم في كثير من العلوم الدينية.

الصدوق نقل خطبة لأميرالمؤمنين علیه‌السلام يوم الفطر فقال: ... فاذكروا الله يذكركم وادعوه يستجب لكم و أدوا فطرتكم فإنها سنة نبيكم و فريضة واجبة من ربكم.

كيف تجتمع السنة النبوية مع الفريضة؟ لعلها من باب أن أصل التشريع من الله فريضة واجبة. كلمة الواجبة في الروايات وكلمات الوحي بمعنى الثابت وليس الواجب بمعنى اللزوم غالبا أي تشريعه ثابت، أما التقدير للزكاة سنة نبوية. يعني تشريعان فيها.

سرخسي في المبسوط من علماء الحنفية أيضا روى الرواية الأولى ويمثل الى السنة القسم الأول في الرواية نحو صلاة العيد والأذان والإقامة والصلاة بالجماعة أنها سنة وتركها الى ضلالة، لذلك لو تركه قوم استوجبوا اللؤم والعقاب ولو تركها أهل بلدة قوتلوا عليها ليأتوا بها.» هذا الحكم لأذان الإعلام هو في نفسه مستحب لكنه معلم واجب من جهة أنه شعيرة ومعلم واجب فواجب أما كل بقاع المدينة يخفضون صوت الاذان هذا خلاف كونه شعيرة وليس لأحد حق أن يخفضوه. ذكر فقهاء الشيعة حتى صلاة الجماعة صحيح أنها مستحبة لكن كمعلم في المدينة واجب كفايي.

«والثاني ما نقل من طريقة رسول الله من قيامه و ركوبه وسجوده وسننه في العبادات متبوعة أيضا فمنها ما يكره تركها ومنها ما يكون التارك مسيئا» انتهى. يعني صغيرة من الصغائر، كثير من السنن التي أفتى بها المشهور المتأخرون أنها مستحبة عبر في نصوصها أن التارك بها مسيئ.

بقي قبل أن ندخل في بحوث الاعلام في جهات الوجوب والأبعاد الكلامي في الوجوب تلخص أن الوجوب ماهيته بمعنى الماهية اللغوية بمعنى اللابدية والضرورة وهي على درجات.

دلالة مادة الأمر أو هيئته أو مادة النهي أو هيئته استعمالية أو وضعية أو تفهيمية أو جدية يعني بالإطلاق إذا كان من مراتب الدلالة الجدية أو بحكم العقل؟ طبعا حكم العقل أيضا هو كذلك كما يقول النائيني في بعض كلامه ان حكم العقل تارة بمثابة قرينة في الكلام يعني بيّنا فيكون من شئون دلالة الكلام فبالتالي دلالة جدية ولكنها غير قرينة الإطلاق وتارة يكون حكم العقل ليس بيّنا يعني يراد اليه التدبر فبالتالي لايعتبر من شئون الكلام بل دلالة عقلية مترتبة على الدلالة اللفظية فيكون من الأحكام العقلية غير المستقلة.

هذا بحث سيال في تمييز أحكام العقل وارتباط أحكام العقل بالدلالة اللفظية والظهور، متى يعد حكم العقل من شئون الظهور ومتى يعد حكم العقل مترتبا على الظهور؟ هذا كلام الناييني.

هناك من يبني على أن احكام العقل مطلقا ولو كانت نظرية من مراتب الدلالة غاية الامر إذا كان حكم العقل خفيا ومتوغلا في النظرية يكون حكم العقل من شئون الدلالة الخفية فأحكام العقل مترتبة على المدلول اللفظي من شئون الدلالة ولو كان هذه الدلالة خفية كما لو كان حكم العقل النظري ليس بينا، فإنه قسم من التأويل. هناك من الأعلام من يذهب الى هذا المبنى. هذا قول ثاني في الأحكام العقلية وبحثه في الظهور ويجب الالتفات اليه هنا.

القول الثالث يقول أحكام العقل مطلقا خارجة عن الدلالة وإنما هو حكم العقل وفيه ثمرة وليس من الضروري ان نتعرض اليه.

بالتالي إذاً الدلالة على الوجوب هل هي بحكم العقل أو بالاطلاق أو بالوضع والاستعمال؟ يمكن توجيه كون دلالة مادة الامر أو مادة النهي وضعا واستعمالا بهذا المعنى بمعنى ان مادة الامر ومادة النهي لا هيئتهما لابد أن يستعملها العالي تجاه الداني واستعمال العالي تجاه الداني لابد له من العلو فاذا كان عاليا فطلبه بنفس علوه يكتسب الوجوب يعني منشأ الوجوب. بالتالي تستطيع أن تقول بذرة الوجوب ومنشأ الانتزاع من شئون الاستعمال. فبهذا المعنى يمكن تقريب أن المعنى الوضعي أو الاستعمالي ليس خارجا ومباينا عن معنى الوجوب ومنشأ الوجوب هو المعنى الاستعمالي أو الوضعي.

كذلك في هيئة الأمر إذا استعملها العالي أو هيئة النهي إذا استعملها العالي يقال أنه يقرر للوجوب أو للإلزام منشأ بهذا المقدار لا أن نفس مفاد مادة الامر أو النهي هو الوجوب.

الاطلاق له تقريب صحيح والإطلاق يعني لم يرخص الشارع فالطلب بقول مطلق متناسب مع الضرورة والالزام كانما الفاصل الماهوي بين الندب والكراهة من جانب والوجوب والحرمة من جانب آخر أن الطلب من العالي للداني في الوجوب والحرمة بنحو مطلق لا يرفع اليد عنها يعني ليس فيه رخصة في الترك بل هو يكون بنحو البتّ ولابدي

تقريب آخر للاطلاق أن الوجوب أكمل معنييه في الطلب وذروة الطلب فالإطلاق بمعنى إرسال الكلمة وإرسال مادة الامر أو ارسال مادة النهي فينسبق إلى اكمل الفردين. الاطلاق مقابل التقييد في اصطلاح الأصوليين أو البلاغيين يستعمل بمعاني عديدة منها إرسال اللفظة. هذا تقريب آخر وهذا متقارب وإن لم يكن واحد منها بمفرده قد لايكون مكتملا.

تقريب آخر للاطلاق أن ماهية الوجوب على صعيد المدلول الجدي تكتمل لا على مدلول الاستعمالي والتفهيمي فإنها على صعيد المدلول الاستعمالي مجرد الطلب أو النسبة الباعثة أو النسبة الزاجرة حسب اختلاف الاقوال في المعنى الوضعي في الأمر والنهي لكن على صعيد المدلول الجدي عندما يكون هناك اطلاق يعني لايريد أن يرخص فدلالة وقرينة على الفصل المقوم للنسبة الباعثة أو الزاجرة وهي فصل ومقوم للوجوب والحرمة. هذه تقريبات متقاربة للاطلاق.

أما من ذهب أنه حكم العقل فيذكر أن الوجوب من باب أن عدم الإذن التشريعي في الترخيص يحكم العقل بحق الطاعة ولزوم الطاعة بقرينة عقلية بهذا التقريب هذه القرينة العقلية أو الحكم العقلي قريب في التقريبات التي مرّت في الإطلاق وليست متدافعة بالدقة ونستطيع أن نقول هذه الأقوال متعاضدة مع بعضها البعض بل بلورة في الدلالة على الوجوب والتطور فيها.

يبقى مطلب مر بنا ولكن نعيد التنبيه عليه بصياغة أخرى أن المفاد أو معاني مادة الامر أو هيئة الامر أو النهي هذه المعاني على صعيد الاستعمالي أو الوضعي أو التفهيمي أو الجدي ليست حكما اعتباريا بل هذه دلالات على المتن الواقعي للحكم. المتن الواقعي شيء آخر وهو عالم الاعتبار سواء اللوح المحفوظ أو الدستور والقوانين الرسمي النيابية فالحكم كالثبوت وراء الدلالة وغاية الدلالة. هذه مراحل الدلالة للحكم وليست نفس الحكم. هذه نكتة يجب أن لا ننساه.

هنا في البين بغض النظر عن ما مر بنا تتذكرون أن الأحكام التي في الدين ودائرة الدين إنشاءها ليس بإبلاغ سيد الأنبياء في أوان بعثته للناس بل هذا تدريج في البيان وليس تدريج في إنشاء الأحكام الدينية.

الاحكام الدينية لابد أن يفصّل هكذا بالنسبة الى سيد الأنبياء أن الاحكام التي في الدين ودائرة الدين هذا الإنشاء الموجود من مادة الامر يحمل على أنه بمعنى الإخبار لا أنه انشاء حقيقي. لأن الانشاء الحقيقي هو الذي ينوجد الحكم ولو ثبوتا بآلية الإثبات.

مثلا عندما يقول المكلف «لله علىّ» هذا دلالة وانشاء هذه الدلالة والإنشاء توجد ثبوتا وجوب النذر الجزئي الخاص على ذمة المكلف لأن الانشاء عرّف عند المشهور «بإيجاد المعنى اعتبارا باللفظ» بالمعنى الصحيح الذي ذهب اليه المشهور. فايجاد وجوديا ثبوتيا بتوسط الاثبات. بخلاف الإخبار جملة خبرية دلالة كلامية لكن الثبوت لا ينوجد بالدلالة بل الثبوت منوجد قبل الدلالة ولو مستقبلا. أسباب وجوده ليست الدلالة بخلاف باب الانشاء أسباب وجود الثبوت هو نفس الانشاء. هذا فرق باب الانشاء عن باب الاخبار.

هذا في الأحكام التي في الشريعة قابل للتصوير. مر بنا الفرق بين الأحكام في دائرة الدين والأحكام التي في دائرة الشريعة. الأحكام التي في دائرة الدين كما بين الامام الصادق علیه‌السلام أصول الواجبات واصول المحرمات ولم يبعث نبي من الأنبياء الا بها والدين لا ينسخ ولا يتغير. إن إبراهيم كان حنيفا مسلما. فكل الأنبياء على دين واحد لكن الشرائع وهي تفاصيل وتفاصل التفاصيل في الفروع لكل منهم شرعة ومنهاجا كأربع ركعات وركعتان وكيفية الركوع تفاصيل.

لذلك حتى الملائكة عندهم جهاد. في غزوات النبي القران يبين أن الملائكة عندهم الجهاد لمن يؤمن بالقرآن. بل في غزوة أحد أتى النبي الى مدينة المنورة بعد ما انتصر ثانية المسلمون وإن كانت كتب التاريخ أطمست على النصر الثاني في أحد للمسلمين لأنه وقع بيد اميرالمؤمنين علیه‌السلام لان كل شيء وقع بيده علیه‌السلام مضر عندهم بصحتهم وحذف هذا المقطع في كتب التاريخ. وإلا إذا انتصر القريش في أحد لم ما سبوا النساء ونهبوا أموال الناس في مدينة. التاريخ فيه طمس قضايا كثيرة. كثير من وقائع وأحداث النبي التي ترتبط بعلي بن ابي طالب طمست. لما رجع النبي الي المدينة المنورة فوضع لباس الحرب أوحي اليه إن الملائكة لم تضع سلاحها كيف تضع؟ لأن القريش تحدد وتواجه فشرط الرسول أن لا يأتي معه الا جريح أما الهاربون والهاربات والفارون والفارات هؤلاء لم يصغ لهم أن يأتوا. القرآن يسلط الضوء عليها.

فنرجع الى المطلب. الخلاصة ان الاحكام الدينية التي من دائرة الدين هذه الاحكام قبل الإنشاء أما الاحكام التي في التشريع فبالانشاء. أصل الجهاد نشترك نحن والجن والملائكة والتفاصيل تختلف. وهذه البحوث لو لم يبينها أئمة اهل البيت لم يطلع عليها أحد


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo