< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

43/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المشتق/ الزمان في الجملة والكلام أربعة أزمنة

كان الكلام في المشتق ومرت جملة من النقاط وتبين أن بحث المشتق بالدقة هو بحث في البنية اللغوية لجملة من العناوين المأخوذة كقيود في القضايا الشرعية. ومر أن التدقيق في القيود أمر مهم ولا اغراق ولا إفراط فيها وهذا امر ليس مبالغة فيه أن الميرزا الناييني رحمه‌الله مكث في تأليف رسالته في اللباس المشكوك التي هي في صدد القيود المأخوذة في الوجوب والحكم أو القيود المأخوذة في الواجب والمتعلق ثلاثين عاما وكان المحقق العراقي يقول له ان العلم المخزون لدى الميرزا متى يبرز فلما طلع ألف العراقي والاصفهاني وبقية الاعلام تعليقات عليها.

فالمقصود أن بحث القيود في الاستظهارات اليومية أمر بالغ الأهمية وهذا البحث في المشتق يبيّن زاوية من زوايا بنية ظهور القيود. فالأمر حساس ومهم كي يكون مزجا بين البعد اللغوي في الظهور والبعد الصناعي والقانوني.

النقطة الأخيرة التي وقفنا عندها أمس هي أن المواد المأخوذة في المشتق سواء على ما بنى عليه الأعلام من المشتق الذي له نسبة العموم والخصوص من وجه مع المشتق اللغوي أو ما بنينا عليه أنه أعم مطلقا من المشتق اللغوي وعملا ارتكازا بنوا عليه، أن المواد التي تسند الى الذات وتلبس الذات بذلك المبدأ -المسند- على أطوار. تارة بنحو الشأنية مأخوذة وتارة بنحو القابلية لا بنحو الفعلية وتارة صناعة وتارة ملكة وتارة فعل بدني خارجي.

الان نبيّن زاوية أخرى معقدة في المشتق لاسيما بالمعنى الأعم الذي ذكرناه وهي أن النسبة نسبة المبدأ المتلبس به الذات أيضا على أطوار عديدة وعجيبة.

المبحث هو: هل المشتق حقيقة في خصوص من تلبس بالمبدأ أو أعم ممن انقضى عنه المبدأ؟ ومر أنه ليس في مفردة المشتق فقط كما ادعي، بل يجري حتى في تركيب الجملة الناقصة أو تركيب الجملة التامة. فهذه زاوية أولى ذكرها الأعلام أن وجود المبادئ على أطوار لا تعد ولا تحصى وطريقة التلبس لها أنحاء وأخطر شيء عند المستنبط أن يصيبه نوم فكري يظن أن المبدأ على وتيرة واحدة.

هناك امر حساس آخر: إذا قيل «ضرب زيد عمرواً أمس» أو «زيد ضارب عمروا أمس» إذا كان الضرب أمس وقع، فهل إسناد الضرب الي زيد في اليوم؟ التكلم في اليوم لكن هل الاسناد أيضا اليوم؟ هذه بداية الحيرة حتى عند الأعلام.

كقوله تعالى «الزانية والزاني فاجلدوا...» هل المراد الزاني حين إقامة الجلد؟ أي زانية؟ هل القيد «فاجلدوا» أو قيد الإسناد؟ كم اسناد كم زمان لدينا؟ فلما يقال زيد ضارب عمروا أمس متى وقع الاسناد؟ أمس قيد المسند أو قيد المسند اليه؟ زيد الأمس ضارب أو زيد اليوم؟

عندنا في الجملة مسند وهو ضارب والمسند اليه هو المبتدأ والموصوف. أحد أبواب علم المعاني هو المسند وأحد أبواب علم المعاني هو المسند اليه وأحد أبوابه الإسناد. فعندنا زمن المسند اليه وعندنا زمان المسند وعندنا زمان الاسناد وعندنا زمان التكلم.

الشاهد على تعدد الأزمنة في الجملة هو أنهم يقولون أن الموضوع عقد الوضع والعقد يعني الجملة فله زمان والمحمول أيضا عقد وله زمان وهذان العقدان يركبان ويربطان بجملة كبيرة أمّ ولها زمان. هذا التدقيق موجود في كتاب القوانين وفي الكفاية بشكل رمزي والتفاصيل في كتاب القوانين أو فی کتاب المطول. فإذاً عندنا زمان فی عقد الوضع وزمان فی عقد الحمل و زمان فی الربط بین الموضوع والمحمول وعندنا زمان التکلم.

هذا البحث بهذه الضابطـة أن المشتق حقیقة في زمان التلبس، أي زمان يقصد به؟ حال التلبس أيّ حال يقصد؟ الحال الموجود داخل مفردة الضارب أو الحال الموجود في الجملة إسناد الضارب الي زيد أو الحال المراد به زمن زيد؟ العبارة هكذا: المشتق حقيقة إذا استعمل في زمان التلبس أما اذا استعمل في زمان ما انقضى عنه التلبس إذا قلنا بالاعم فحقيقة و إلا فمجاز.

هل زمان الاستعمال لازم أن يطابق زمان التلبس؟ الاسناد هو الاستعمال، استعمال المفردة.

زمان الموضوع أيضا زمان، أي هذه الأزمنة مرادة؟ زيد يوصف الان أنه ضارب غدا. التوصيف الان لكن زمان الصفة غدا فما المراد من تطابق حال التلبس؟ قالوا المراد به الزمان المودع في نفس المفردة. الزمان المطوي في نفس المفردة وهذا دليل على ما ذكرنا ان المفردة يتعاملون معه تعامل الجملة والعقد وليس تعامل المفردة، من ثم بالدقة بحث المشتق ليس بحث المفردات كما تسامح الاعلام في تحديد موضوع بحث المشتق بل بحث المشتق هو بحث الإسناد والمسند والمسند اليه أن زمانه يطابق زمان حال التلبس أو لا. ولكن أي زمان هو المراد؟ زمان المسند أو زمان المسند اليه أو زمان الاسناد؟ قالوا المراد زمان نفس المسند اليه.

زمان المسند اليه بحسب الواقع أو بحسب الاستعمال؟ ألخّص لكم البحث: قالوا في علم البلاغة وعلم الأصول: زمان الضارب وزمان المفردة إذا لم يقيد بزمان هناك تطابق بين زمان الإسناد وزمان المسند الأصل الاولي هو تطابق زمان الاسناد مع زمان المسند. إذا لم يكن قيد.

مر بنا ثلاث أزمنة أو أربعة في الجملة، زمان المسند اليه في نفسه كالمبتدأ أو الفاعل أو المفعول وليس ضروريا أن يكون المسند اليه مبتدأ حتى الفاعل أيضا مسند اليه والمعفول مسند اليه فلدينا زمان المسند اليه وزمان المسند مثل ضارب أو يضرب أو المصدر وهذا هو المشتق بالمعنى الوسيع لبحث الأصول وعندنا زمان الإسناد يعني تركيب هاتين المفردتين المسند والمسند اليه. هاتان المفردتان سواء في زيد ضارب أو زيد الضارب أو ضرب زيد هذا تركيب. عندنا ثلاث أزمنة زمان المسند اليه وزمان المسند وزمان الاسناد وزمان التكلم. فإذا لم يحدد المتكلم قيدا زمانيا الأصل في هذه الأربعة أزمنة هو التطابق بين التكلم والاسناد و المسند والمسنداليه مع أنها ليس بالضرورة أن تكون متطابقة ويمكن للمتكلم أن يقيد زمان المسند اليه بزمان وزمان المسند بزمان وزمان الاسناد بزمان ثالث و زمان التكلم بزمان برابع وما أكثر هذا التكرر في الأزمنة في القرآن لقوّة بلاغة القرآن. فلابد ان نلتفت اليه.

في تحليل هذه الجهات يقع الكلام في هذا البحث؛ أن المراد من استعمال المفردة الضارب مثلا في زمان التلبس حال التلبس يعني أن المقصود زمان المسند وهل لابد أن يكون مطابقا مع زمان التلبس أو زمان الاسناد أو زمان المسند اليه؟ ما المراد؟ قالوا المراد هو زمان المسند ليس إلا. استعمال المسند في حال التلبس الخارجي. تطابق زمان المسند مع زمان خامس وهو زمان خارجي للتلبس.

طبعا بعضهم قال المراد زمان التكلم يعني تطابق زمان المسند مع زمان التكلم. فيه أقوال. يعني في تنقيح محل البحث اختلاف بين الرواد الأصوليين. استعمال المشتق حال التلبس زمان المشتق المفردة وهو المسند كخبر، زمانه مطابق مع زمان خامس وهو التلبس الخارجي، هذا هو المراد أو المراد تطابق زمان التكلم مع زمان التلبس الخارجي؟ بعضها هكذا قال وبعضهم قال تطابق زمان الإسناد مع زمان التلبس الخارجي؟ فأي زمان من أزمنة الجملة يجب تطابقه مع زمان التلبس الخارجي؟ خلاصة هذه التحقيقات البلاغية والأصولية قالوا بالدقة هو زمان نفس المسند لا الإسناد ولا المسند اليه ولا التكلم ولابد أن يكون مطابقا مع التلبس الخارجي غاية الامر زمان المسند كالضارب أو يضرب كيف يستكشف؟ لأنه غالبا ليس مصرحا به يعني لم يذكر له قيد زماني فالأصل تطابقه مع زمان الاسناد والاصل تطابق زمان الاسناد مع زمان التكلم إلا أن يأتي المتكلم بقيود تبين التغاير بين هذه الأربعة الأزمنة.

زمان المسند اليه وهو المبتدأ عقد الوضع وزمان المسند وهو المشتق عقد الحمل وزمان الإسناد وزمان التكلم أربعة ازمنة وزمان خامس زمان التلبس الخارجي لاربط له بالكلام. ذاك ثابت وجودا أو انقضاءا الان أي الأزمنة يجب تطابقه مع زمان التلبس الخارجي؟ هو زمان المسند. كيف يستكشف زمان المسند إذا لم يصرح وغالبا المتكلم لا يصرح به؟ يستكشف بتطابق زمان المسند مع زمان الإسناد. وإذا لم نعرف زمان الاسناد الأصل الاولي تطابق الاسناد مع زمان التكلم. وإذا لم نعرف زمان المسند اليه أيضا هو الأصل فيه تطابق زمان المسند اليه مع زمان الاسناد ومع زمان التكلم. فالأصل الاولي أصل لفظي

قد يغاير المتكلم بين هذه الأربعة وقد يغاير بين اثنين واثنين كما اذا قيل: زيد الأمس هو ضارب غدا. غدا قيد ضارب. زيد الامس أصفه الان فالاسناد الان «أصفه بانه ضارب غدا» زمان المسند غدا وزمان المسند اليه أمس وزمان الاسناد الان. يمكن التغاير أما إذا لم يأت المتكلم بقيود يغاير بين أي منها الأصل هو التطابق بينها.

فالأعلام الذين قالوا المدار على الإسناد مسامحة منهم لأن المقصود منه أن نستكشف زمان المسند من زمان الاسناد. زمان المسند المطوي من زمان الاسناد. تذكرون من بحث النحو قالوا المصدر أو الضارب قالوا فيه ضمير مستتر. ما مراد النحوييين أن فيه ضميرا مستترا؟ المراد أن يقولون هذا المسند هو عقد حمل وجملة وفيه مسند ومسند اليه وفيه الاسناد. الضمير المستتر يعني هذا مركب ولا تلاحظها مفردة. في الباب الرابع أو الباب الثامن تركيب الجمل وإعراب الجمل بحث مهم لأن نفس الجملة العقل يمكن أن يدمجها ويعربها مثل ضغط الملفات ويمكن أن يفك الملفات ويبسطها. لذلك قلنا أن الصحيح من المشتق ليس المفردة كما هو ظاهر جمود ظاهر كلام الأعلام لكن ارتكازهم هو بحث في الاسناد.

إذاً الزمان أي زمان؟ زمان المسند لا زمان الاسناد ولا زمان المسند اليه ولا زمان التكلم . الذي قال زمان التكلم و الذي قال زمان المسند اليه و الذي قال زمان الاسناد هذه من باب قرائن ملازمة متقارنة مع زمان المسند إن لم تكن هناك قرينة مغايرة دالة على التغاير وإلا بالدقة هو زمان المسند نفسه وزمان المشتق نفسه. المشتق كمفردة فيها زمان. هذا بحث حساس

فحينئذ من باب المثال: الزانية والزاني فاجلدوا. الزانية والزاني مشتقان والمراد أي زمان؟ حين الحكم أو حين الجلد وإجراء الحكم؟ حين الإثبات أو حين الوقوع؟ نفس هذه الأية صارت معركة الآراء بين الأعلام. معركة الآراء من جهة حال التلبس أو زمان المسند أو زمان المسنداليه أو زمان الاسناد. كذلك الاية الكريمة لا ينال عهدي الظالمين السيد الخويي قال هذا البحث من المشتق لايثمر هنا في الآية بل هي تدور مدار قاعدتين صناعتين في الأصول مهمتين. هي ليس تابعة لبحث المشتق هي تابعة لبحثين مهمين في مقدمة الواجب وإذا حررتا فكل هذه البحوث تحرر. ان شاء الله في الجلسة القادمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo