< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

43/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ /الحقيقة الشرعية/الوجوه الصناعية للتركيب

(عدم جزئية الشهادة الثالثة في الاذان مشهورة لا ضرورة)

كنا في مبحث الحقيقة الشرعية ومن باب المثال والتطبيق جرى البحث في التشهد.

هل التشهد حقيقة شرعية واحدة أو أن التشهد في الصلوة والتشهد في الإقامة والاذان يغايران أو أنه حقيقة شرعية واحدة وله مرات من السقف الأدنى والسقف الأعلى.

المشهور من الصدوق والمفيد غيرهما يقولون: أن الشهادة الثالثة ليست جزءا من فصول الأذان ولكنها من أحكام الايمان.

طبعا هذا بحسب فتواهم و إلّا مر أن صاحب الجواهر لا يعتبر عدم جزئية الشهادة الثالثة في الأذان ضرورة بل يعتبرها أمرا اجتهاديا. إنما يقول لولا مخالفة المشهور لكان القول بالجزئية حري. فهو يقول المشهور وليس ضرورة.

هذه نكتة مهمة أن بعض المعاصرين ربما ينسبق الى ذهنه أو قوله أن القول بأن الشهادة الثالثة من فصول الاذان بدعة وهذا خطأ لأن البدعة تتقوم بشرطين وليس كل الاختلاف في الاجتهاد بدعة؛ الشرط الأول أن تكون مخالفة الضرورة فمخالفة المشهور ليست بدعة بمجردها. هذه نكتة مهمة في القضايا الصناعية.

الضابطة الثانية أن تكون بلا دليل فهذا أيضا بدعة وإن لم يكن مخالف الضرروة، اذا البدعية في الأحكام و التشريع لابد لها من شرطين. إما أن يكون خلاف الضرورة أو يكون حكما بلا دليل وأما إذا كان بدليل فربما لا يقتنع الطرف الآخر بالدليل وهذا مقتضى الاجتهاد والاستنباط وما فيه مانع. فإذاً لا يظننّ ظان أن القول بجزئية الشهادة الثالثة في تشهد الاذان والإقامة خلاف الضرورة، أبداً ليس خلاف الضرورة بل خلاف المشهور، لذلك صاحب الجواهر في كتاب الجواهر قال هو مخالف المشهور بل حسب كلامه يقول إن الأدلة تقتضيه صناعيا لكنها مخالف المشهور .

إذاً أن الشهادة الثالثة في تشهد الاذان والإقامة ليست من فصول الأذان هذا مشهور وليس ضرورة لذلك المجلسي الأول والثاني يميلان إلى الجزئية المستحبة بميل علمي ويردّ المجلسي الأول والثاني كل شواهد الاعلام المشهور على أنها ليست جزئية بل يؤكد أن كلام الصدوق في الفقيه وهو من نفى كون الشهادة الثالثة من فصول الاذان هو يؤكد بالاطمئنان أن كلام الصدوق للتقية وهناك شواهد كثيرة ذكرناها في كتاب الشهادت الثالثة على أن كلام الصدوق في الفقيه كانت للتقية لأنه كتب كتاب الفقيه في ظل حاكم سني في سمرقند وشيء طبيعي والا المفتي الشرعي للدولة البويهية كان الصدوق و هي أول من أصر على رفع الشهادة الثالثة في الأذان في بغداد وأصروا عليه رغم ما كلّف المؤمنين من الدماء طيلة عقود من السنين وهم كانوا يتكئون على فتاوى الصدوق بشكل غير معلن لكنه معروف لدى الطائفة.

على كل الصدوق في أن الشهادة الثالثة من الصلوة يعتمد على صحيحة الحلبي وشواهد كثيرة علي أن كلام الصدوق من التقية ولست في صدد التعرض إليها.

المقصود أن الشهادة الثالثة في تشهد الأذان والإقامة ليستا من فصول الأذان بفتوى المشهور وليست ضرورة وهناك من أفتى بجزئيته وإن كانوا قليلين ولكنها محتمل علميا صناعيا عند جملة من الأعلام.

كلامنا في الحقيقة الشرعية والصحيح والأعم والتطبيق لضوابطهما في هذا البحث ولست في صدد تنقيح المطلب فقهيا بقدر متابعة ضوابط هذا البحث صناعيا. هذه مهمة علم أصول الفقه ورجال أيضا هكذا قد يكون الانسان متمحضا في الرجال لكن الضبط الصناعي لا يكون في البين.

(الشهادة الثالثة في الاذان من احكام الايمان)

فلنحلل عبارة المشهور صناعيا؛ ذكر الصدوق أن الشهادة الثالثة ليست من فصول الأذان ولكنها أصل الايمان وأسس الايمان أو بتعبير الشهيد الثاني في الروضة وغيره كالمبسوط والدروس أنها ليست من فصول الاذان و لكنها من أحكام الايمان أو بتعبير الصدوق من أساس الايمان وهذا التعبير موجود عند السيد محسن الحكيم في المستمسك و عند السيد الخويي بنفس التعبير أن الشهادة الثالثة من بديهيات وضروريات الايمان والدين الحقيقي فالشهادة الثالثة من أساس و أس الايمان.

(اقسام التركيب الصناعية في المركبات العبادية)

هذه العبارة إنما نستطيع أن نفهمها صناعيا بلحاظ الحقيقة الشرعية إذا فهمنا مباني الأصوليين في الصحيح والاعم وليس بشيء سهل.

هناك جزء واجب وجزء مستحب وإن أنكر الكمباني الجزء المستحب وتبعه أو وافقه على ذلك تلميذه السيد الخويي وأكثر تلاميذه. لكن المشهور على أن هناك جزءا واجبا وجزءا مستحبا والمراد من الجزء الواجب ليس الوجوب التكليفي بل الوجوب الوضعي يعني لابد منه في الصحة بخلاف الجزء المستحب ليس لابد منه في الصحة بل في كمال المركب.

كذلك لدينا الشرط الواجب والشرط المستحب؛ الواجب في الصحة والمستحب في الكمال وكما أن الشرط المركب قد يكون داخل الشيء وقد يكون خارج الشيء وقد يكون مزامنا للشيء بأقسام ذكرها الأعلام في الصحيح والأعم كما سياتي وذكروها في مقدمة الواجب أيضا.

كذلك هناك جزء مستحب خاص وجزء مستحب عام وهناك شرط مستحب خاص وشرط مستحب عام وهنا جزء واجب خاص و جزء واجب عام.

مثلا الإسلام والايمان شرط واجب وضعي لصحة العبادات عام وليس خاصا بالصلوة بل يعم العبادات كلها الصوم والصلوة و الحج وذبح الهدي لأن ذبح الهدي في الحج عبادة فالذابح لازم أن يكون مؤمنا والمسئلة اختلافية من جهة أن هناك من يشترط أن يكون الذابح في خصوص الحج لا في باب الأطعمة و والاشربة في السوق والسيد الخويي لايشترط لأنه يقول يمكن أن يكون الآمر ينوي القربة والذابح مأمور يأتي به توصليا ولامانع به ولكن هناك قولان مشهوران والصحيح لدينا أن الهدي و ذبح الهدي في الحج عبادي ولما يكون عباديا لايصح ان يكون الذابح غير مومن .

ذكرت هذا البحث من جهة أن العبادة كلها اشترط فيها شرط واجب وهو أن يكون الانسان مسلما و مؤمنا. دليله ماذا بحث آخر، ليصح التقرب أم لا؟ المنشأ أو العلة نية القربة أو غيرها بحث آخر لكن الروايات مسلمة والآيات مسلمة فهذا الإسلام والايمان شرطان واجبان لكن ليسا خاصين بالصلاة بل عامان للأذان غيرها من العبادات. فلو أذن مؤذن لا أذان الإعلام سيما أذان الجماعة لايجزئ في الأذان المستحبة للجماعة، نعم، هل يجب أن يكون مؤمنا في أذان الإعلام فيها اختلاف في أنه توصلي أو عبادي.

فإذًا الإسلام والايمان شرطان واجبان في العبادات يعني لاتصح العبادة بدونهما لكن ليس شرطا خاصا للصلوة بل شرطان لجميع العبادات فشرط واجب عام.

عندنا شرط مستحب عام كأن الانسان يكون على وضو تجديدي بغض النظر عن أن هذا الصلاة مشروطة بالوضوء أو لا. فأيّ عبادة يفعلها الانسان سواء العبادة المشروطة بالطهارة أو لا -مثل السعي في الحج ليس مشروطا بالطهارة- فمستحب أن يكون فيها الطهارة أو الطواف المستحب لايشترط فيه الطهارة رغم ان الطواف الواجب يشترط فيها الطهارة والوضوء لكن يستحب فيها أن يكون الوضوء جديدا وتجديديا. جديد يعني الان قبل الصلوة والعبادة فورا. فالصلوة يستحب فيها الوضوء والطهارة الجديدة فالوضوء الجديد شرط مستحب في كل العبادات وليس خاصا بالصلوة.

فإذاً عندنا شرط واجب عام وشرط واجب خاص وشرط مستحب عام وشرط مستحب خاص.

هذه البحوث إذا لا يلتفت اليها الانسان كيف يمكن أن ينقح الفقيه بحوث العبادات؟ إنما أذكرها لأن لا تلتبس المباحث.

كانما فقيه يريد أن يستنبط أن الوجوب هنا معلق أو مشروط بشرط مقارن أو متأخر أو متقدم؟ هذه البحوث ضرورية و اذا لا يلتفت اليها لايمكن الاستنباط فيها.

مثلا يجب للمكلف أن يبادر إلى تهيئة سفر الحج أو لا قبل الأشهر الثلاث؟ هل هو شرط مقارن أو شرط متأخر أو ليس بشرط بل واجب معلق؟ إذا لم يميز الفقيه ان وجوب الحج من أي اقسام الوجوب كيف يمكن أن يفتي بوجوب التهيئة؟ قبل شهر شوال يجب على الواجد للاستطاعة ان يهيئ أسباب سفر الحج وجوب الحج ماهي طبيعته فإذا لا يشخص أقسام وأنواع الوجوب لايمكن الاستنباط فيها.

مثلا في جملة من الدول الحج إنما يمكن يتوصل اليه أو ينفتح اليه بالتسجيل قبل خمس سنوات أو سبع سنوات، هل من الواجب على الواجد للمال التسجيل؟ السيد الخويي رحمه الله قال قبل سنتين يجب و السيد الكلبايكاني قال: لا، حتى قبل ثلث سنوات أو عشر سنوات يجب. فكيف تخرج الوجوب بأي دليل؟ التسجيل في النوبة وجهه ماذا؟ إذا لا ينقح الفقيه أقسام الوجوب كيف يمكن أن يستنبط فيها؟ فهذه البحوث في الأصول ليس طرفا نظري بل إنما مداقة صناعية يلتفت اليها.

من أقسام الماهية المركبة مر بنا أن القنوت مستحب ظرفه الواجب أو ظرفه المستحب أو ظرفه العبادة. عبادة ظرفه العبادة. إذاً هناك شيء لا جزء ولا شرط لكن مستحب ظرفه الصلوة.

الخاص الأولى أن يكون داخل الصلوة مع أنه مستقل وربما يكون مستحب ظرفه أعم داخل الصلوة أو خارج الصلوة مثل الصلوة علي النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكر. الصلوة مستحب داخل الصلوة أو خارج الصلوة وإن كان من الأدلة أنه من شرائط الصلوة وشرط عام. إذاً أنواع من الأجزاء.

إذا لا يلتفت الفقيه والمجتهد إلى تنوع هذه الأقسام والصور فنتيجة الفتوى تكون خاطئة.

في بعض الأقسام مثلا إذا سلم الانسان على المصلي فيجب عليه جواب السلام بنفس الصيغة التي ابتدر الآخر. قال السلام عليكم يقول السلام عليكم. حتى داخل الصلوة يجب ردها. ما هو طبيعة جواب السلام أثناء الصلوة؟ جزء واجب أو مستحب و شرط واجب أو مستحب عام أو خاص أو ليس من هذه الأقسام؟ يعبرون عنها الواجب المقارن للواجب ولو للاثناء.

مثال آخر: لو يسمع المصلي قرائة آيات العزائم يجب عليه أن يسجد ولاتبطل الصلوة وبل يجب عليه فورا. هل هذا داخل الصلوة؟ لا، ظرفه الصلوة؟ لا. بل مقارن للصلوة ولايوجب بطلان الصلوة، بخلاف ما إذا المصلي تعمدا يقرأ آية السجدة أو السورة فيها آية السجدة يوجب بطلان الصلوة.

من اشتباهات الوهابية انهم لمّا دخلوا المكة والمدينة قتلوا المؤذن لأن المؤذن اثناء الأذان لما يقول «أشهد أن محمدا رسول الله» كان يقول: صلوا على محمد وآل محمد وهم قتلوه وقالوا لأنك تدخل البدعة في الدين وأسالوا الدماء في مكة والمدينة المنورتين.

المقصود هم لايفرقون هذه البحوث الصناعية، يقولون أنت قطعت المستحب والواجب اثناء العبادة مع أنها لاتوجب بطلان العبادة وإن لم يكن جزء العبادة أو شرطها أو شيء ظرفه الصلوة وليس ممنوعا ولامبطلا للصلوة.

فلاحظ للشهادة الثالثة في تشهد الأذان وتشهد الإقامة المشهور قالوا لها سبعة وجوه صناعية للمشروعية. لكن من يفهمها؟ من يحللها صناعيا. أحد الأجلة قال ماذا هذه الوجوه السبعة والستة؟ وكنت في خدمته في جلستين كل جلسة ساعتين ونصف واتضحت له بين هذه الوجوه السبعة.

بحث الصحيح والأعم دقيق، لا أنه يبنى ان البحث عند المشهور عشوائي وركامي بل وجوه طبعا هذه البحوث كلها من أعماق واساسيات مبحث الصحيح و الأعم. هذا ثمنه الصناعي لأن يلتفت الانسان إلى هذه المركبات.

الميرزا الناييني في هذه المباحث حرر اللباس المشكوك وكان ثلاثين سنة يتابعها وليس شيئا سهلا ولو كان من زوايا أخرى لكن هذا أحد زواياها.

عندي أن الشهادة الثالثة جزء مسلم مستحب كالمجلسيين وصاحب الجواهر لكن لست في صدد هذا المطلب لكن على كلام المشهور لما يقولون أن الشهادة الثالثة في تشهد الاذن والإقامة ليست من فصول الاذان والإقامة وليست جزءا مستحبا ولاواجبا و لكنها من أحكام الايمان.

طبعا بعضهم وجملة من معاصري الفتنة في الكاظمية من علماء النجف وقم ذهبوا إلى وجه أن الشهادة الثالثة هي من كمال فردية الشهادتين يعني الشهادتين عموم طبيعي عام ولها أفراد. تارة تقول «أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله» وتارة «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له إلها واحدا أحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا» هذه هي الشهادة الأولى فنفس الشهادة الأولى لها افراد وأنواع. أيضا الشهادة الثانية تستطيع أن تقول في الاذان والإقامة والصلوة «أشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون بشيرا ونذيرا» هذه هي الشهادة الثانية وفرد من أفرادها.

أكثر علماء النجف وقم أثناء السبعين سنة قبل أثناء الفتنة في الكاظمية كانوا يقولون: إذا تصلي الصلوة بعطر طيب ثوابه أكثر فيستحب أن يلبس الانسان في الصلوة أفخر ثيابه لا في العيد كان الائمة سلام الله عليهم ديدنهم على هذا مثلا الامام الحسن المجتبى كان يلبس أفخر وأجمل ثيابه في الصلوة وكان يخصص أفخر ثيابه للصلوة. هذه مستحب فردي يعني نفس فردية الصلوة تزداد ثوابه هذه هي غير ما مر من أقسام التركيب. تخريجه ماذا بحث آخر على مبنى الكمباني والسيد الخويي لأنها لايؤمنان بجزء مستحب ولابشرط مستحب ويقولان هذه تخصيصات راجحة فردية وهذا وجه آخر.

الاعلام في النجف وقم قبل سبعين سنة في الاذان والإقامة أكثرهم قالوا بان الشهادة الثالثة أفضل أفراد الشهادتين. يعني صيغة الشهادتين إن قرنتهما بالشهادة الثالثة تكمل الشهادتين. بينما إذا ما قرنتهما وإن طولت فيهما فأنت أتيت بأدنى أفراد الشهادتين. هذه صياغة صناعية أخرى.

هذه البحوث من صميم مبحث الصحيح والاعم وهذه تطبيق حي على أساس أن تعرف أهمية مبحث الصحيح والاعم.

إن شاء الله في الجلسة اللاحقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo