< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

43/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الوضع

( هذا ليس تقريراً بل تنضيد للدرس )

المعنى الحرفي نظرية صاحب الكفاية :

كان الكلام في نظرية صاحب الكفاية في المعنى الحرفي وأن المعاني الاسمية والحرفية هويةً معنى واحد إلا أن الحرفية تستخدم بلحاظ آلي والاسمية بلحاظ استقلالي .

وفي البحوث العقلية المعنى الاستقلالي والمعنى الآلي يستعمل بمعاني وله اصطلاحات عديدة وكلامنا في المعنى الشائع لهما ، فمثلا أحد معاني الالية والاستقلالية هو الحمل الشائع الذي هو آلي ، والحمل الاولي استقلالي ، فلابد من الالتفات الى تعدد هذه الاصطلاحات لكي لا يحصل تشابك واضطراب.

اذن بنى صاحب الكفاية في المعنى الحرفي أن المعاني الاسمية والحرفية هويةً معنى واحد إلا أن الحرفية تستخدم بلحاظ آلي والاسمية بلحاظ استقلالي .

وأُشكل على هذه النظرية بعدة إشكالات :

الاشكال الأول : للسيد الخوئي &

انه في الوجدان اللغوي لا يمكن استعمال الأسماء الموازية للحروف مكان الحروف فلا يصح ان يقال ( جئت إبتداءاً المنزل ) بدلاً من ( جئت من المنزل ) والحال انه لو كان المعنى واحد يصح هذا الاستعمال ولو كان ليس استعمالاً حقيقيا فإنه على الأقل يبرر الاستعمال المجازي الذي يكفي فيه ادنى مناسبة خارجية فكيف فيما اذا كان الشيئان بينهما هوية واحدة ـ كما في موردنا ـ فان المفروض يستحسن هذا الاستعمال .

ويرد عليه : ان الاشكال ليس في محله فصرف كون المعنى واحدة لا يسوِّغ استعمال أحدهما مكان الاخر بأدنى مناسبة فمثلا ( ابتدأُ ) فعل مضارع أو ( ابتدأتُ ) فعل ماضي فلا يمكن استخدام احدهما مكان المصدر ( الابتداء ) مع وجود الوحدة الماهية بينهما .

الاشكال الثاني :

اننا نلاحظ موارد للمعاني الاسمية تستعمل بمعنى آلي ورغم ذلك لا تنقلب المعاني الاسمية الى حروف وهذا ينبه على ان المدار في الحرفية والاسمية ليس على الاستقلالية والالية بل على شيء آخر ونقضوا بهذا المثال وهو قوله تعالى ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾[1] فكلمة ( يتبين ) هي معنى أسمي وقد استعمل آليا لأن التبين ليس موضوعا وان الموضوع هو نفس الخيط الأبيض من الأسود [[2] ] وكذلك ( صم للرؤية وافطر للرؤية ) فهل الموضوعية للرؤية أو أنها ليست موضوعاً بل آلة وطريق وان الموضوع الاصلي هو كون الهلال قابلاً للرؤية لمن يستهل ويكون عالما بمواقع الهلال .

والحاصل : ان التبين مع كونه من المعاني الاسمية إلا أنه استعمل آلياً ولم يكن من المعاني الحرفية .

ويرد عليه :

أن الالية والطريقية هنا بمعنى آخر ـ كما تقدم ان الالية والاستقلالية تستعمل بعدة معاني واصطلاحات ـ فكلمة تبين في الاية وفي مقام الاستعمال لوحظت استقلالاً ، ولكن في مقام جعل الحكم والقانون وعالم الاعتبار ليس موضوع الحكم هو التبين بل هو الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، وقد مر بنا أن أحد معاني الالية والاستقلالية هي الطريقية وذي الطريق وهذا معنى أخر غير المعنى الذي يريده صاحب الكفاية الذي هو في نفس عالم اللحاظ بغض النظر عن عالم الجعل والمجعول والاعتبار واللوح المحفوظ ، اذن هناك خلط عند الاعلام في الاصطلاحات ، وقد نبه عليه الشيخ الاصفهاني وغيره من الاعلام من ان الالية والاسقلالية تستعمل بمعاني متعددة .

إذن ما أُثير حول نظرية صاحب الكفاية في المعنى الحرفي غير تام ، إلا انه يبقى أن هذه النظرية لا تتناول كل زوايا المعنى الحرفي لذلك لابد من النظريات الأخرى لأنها تتناول زوايا أخرى غفلت عنها نظرية صاحب الكفاية .

النظرية الثانية :

ان المعنى الحرفي علامة ـ وهي من مرادفات الآية والاسم والتجلي ـ والعلامات ليست موضوعة لمعاني كعلامة الفتحة والضمة والكسرة بل موضوعة للتنبه على خصوصية في المعاني مثلا (ضرب زيدٌ عمراً) فعلامة الضمة خصوصية في الفاعل .

اذن علامات الاعراب أدوات ومن أنواع الحروف ، وكذا حروف النداء وحروف التمني والترجي ومن ضمن الحروف الهيئات الفردية للكلمة ـ مقابل التركيب ـ ، وهيئة تركيب الجملة الناقصة أو التامة .


[2] وهذا بحث فقهي في باب طلوع الفجر فهناك قولان عند الاعلام : فهل الفجر هو تبين الخيط الأبيض من الأسود، لا نفس الخيط الأبيض فقد يكون الخيط الأبيض موجوداً إلا أنه ليس بدرجةٍ يتبين، أو ان الفجر هو الخيط الأبيض لا تبينه ؟وأكثر المفسرين ومنهم السيد الخوئي & يقول إن الموضوعية ليست للتبين وانما هو نفس الخيط الأبيض وان التبين هو آلة ومرآة .وهناك قول ثالث وهو : إن التبين آلي ولكن بدرجة خاصة من الخيط الأبيض، ومشهور القدماء عندهم ان التبين درجة خاصة من طلوع الفجر وهو غير الطلوع الكاذب للفجر وهناك روايات صحيحة متعددة ان النبي ’ نزل عليه جبرئيل وأشار اليه بالصلاة ولم يتبين الخيط الأبيض، ثم أتاه في وقت آخر حين تبين الخيط الأبيض من الأسود وأشار للنبي أن يصلي صلاة الفجر وانه أسهل على أمتك .وهذا ينبه على أن طلوع الفجر هو قبل التبين وان لم يتبينه إلا حاد النظر ـ وهو غير العين المسلحة ـ والان المؤذن في كل الشرق الأوسط المؤذن يؤذن متأخراً عن طلوع الفجر بعشر دقائق ـ بناءاً على أن الفجر يتحقق بالتبين، واما بناءاً على انه يتحقق بالخيط الأبيض فهو متأخر بعشرين دقيقة تقريباً ـ وهذا ربما تابعته لمدة عشرين سنة تقريباً وقد اشرنا الى ذلك في رسالة لنا في طلوع الفجر وهي مطبوعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo