< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:الاجتهاد والتقليد

 

لا زال الكلام في تقسيم علم الأصول ـ الذي ذكره الشيخ الاصفهاني ـ الى أربعة اقسام : ( ماينتج منه اليقين أو الظن او الشك ) ومر بنا ان هذا التقسيم ليس خاصا ـ كما لعله يتبادر ـ بمباحث الحجج بل عام لمباحث الالفاظ فالمسائل المتلازمة الخمس كـ( مقدمة الواجب الضد وغيرها ) هي كذلك وهي غالبا مباحث عقل نظري وفي مباحث الحجج عقل عملي .سواء مستقلة او غير مستقلة كما في غالب المسائل الخم

وهذا النمط من الاستنباط يعبر عنه بأصول القانون وغير ذلك من التعابير كما تقدم ، وتقدم مباحث التي تنتج اليقين على الدليل الظني كتقدم الدليل الاجتهادي على الدليل الفقاهتي .

وهذا التقسيم الذي ذكره الاصفهاني لا نظن انه عبارة عن اقسام منعزلة مكانا في تبويب العلم فالسيد الخوئي رغم انه يؤمن بهذا التقسيم الا انه راعى التقسيم التقليدي أي الى الفاظ وحجج فما هي الثمرة في هذا التقسيم وكما تقدم ان هذا التقسيم مهم جدا ولكن المراد منه في الدرجة الأولى ليس فرز تدويني بل فرز علمي استدلالي بحثي .

نقطة معترضة :

هناك لغط علمي في كل العلوم الحوزوية او البشرية او العقلية او التجريبية ان تبويب العلم وتقسيمه هل هو نظام تكويني او اعتباري وتوافقي بين علماء ذلك العلم او هو حقيقي تكويني او نفصل بين العلوم .

الكثير وربما الأكثر قالوا انه ليس تدوين تكويني بل ربما مناسبات يلتفت اليها العلماء وهو توافقي اعتباري وبلا قياس مثلا جمع القرآن الكريم ما الفرق بين جمع علي ابن ابي طالب وجمع الصحابة فما هو المدار في ترتيب السور بالشكل الذي عليه اليوم مع كونه ليس حسب النزول الذي يكون فيه المكي قبل المدني والآيات بعضها قبل بعض بينما ترتيب أهل البيت راعى هذه الامور وهذا لا يلم به الجميع بل خصوص سلسلة أهل البيت وأدل دليل هو المصحف الذي جمعه أمير المؤمنين ، بل حتى في ترتيب آيات السورة الواحدة بالقطع واليقين عن الفريقين جعلوا الناسخ قبل المنسوخ والحال انه على العك

والحاصل : ان جمع أمير المؤمنين جمع تكويني وحياني وجمع غيرهم اعتباري راعوا فيه طول السورة وقصرها .

واما العلوم الأخرى كعلم الفيزياء والكمياء وغيرها فقالوا ان تدوينها اعتباري فليس من الضروري ان يراعي المدوّن ـ الأول او الثاني او أي جيل يجدد التدوين ـ النكات التكوينية في التدوين لأن أي جيل

لا يحيط بالتكوين على ما هو عليه بل يرتب التدوين على مناسبات ، فغالب العلوم بمناسبات تنقدح في ذهنهم كتقديم السور الطوال كما في تدوين مدرسة السقيفة للقرآن مع ان القصة ليست مسألة طويل وقصير بل مسألة معاني ولذا ورد في زيارة أمير المؤمنين ( السلام عليك يا صاحب علم المعاني وعلم المثاني)

لذلك تلاحظ في تفسير أهل البيت بالروايات ان محورا واحدا كما سأل واصل بن عطاء الامام الصادق × عن الكبائر فارشده اليها من القرآن فهم لم يلاحظوا اين النظام ـ لا فقط وحدة الموضوع ـ وهي أعظم من وحدة الموضوع وهي أحد مناهج أهل البيت في التفسير .

اذن التبويب في العلوم في حدود قدرة البشر والتفاتهم ولذا يتغير من مدون الى غيره ، ولم يصيبوا نظام التكوين في نفسه .

وهذا الكلام في حين يقوله الكثير من المناطقة والفلاسفة والعلوم المختلفة وهذا لا يعني ان نفس المسالة تدوينها ليست وحيانية بل الكلام في الترتيب بين الأبواب والمسائل فالفيزياء علم تجريبي رياضي وكل مسألة تدوينها والاستدلال عليها تكويني ولكن الكلام في الترتيب بين المسائل والفصول والابواب .

ومن هنا لو لاحظنا ترتيب القرآن عند الفقهاء واستدلالاتهم به لوجدناه مختلف عن الموجود عندنا فهم يراعون ترتيبه بحسب المسائل عندهم ، وكذا ترتيبه عند علماء الكلام من التوحيد الى ...المعاد هو مختلف لكونهم يراعون محاور أخرى غير التي يراعيها الفقيه وغيره وكذا علم الاخلاق والفلسفة عند صدر المتألهين فترتيب القرآن عندهم غير ترتيبه في المصحف لأن الباحث يراعي حلقات وترتيب آخر وهذا ليس صدفة بل له منشأ آخر . اذن التبويب والترتيب خاضع لمناسبات .

اذن تبويب الاصفهاني لم يراعيه السيد الخوئي ولكن الغرض منه ليس هو التدوين اذ هو اعتباري وان كان مثمر ومنبه علمي ولكن ليس من الضروري ان يكون تدوين هذه العلوم وفق خارطة تكوينية بل وفق مناسبات اعتبارية وعليه فثمرة التبويب الذي ذكره الاصفهاني ليس شيء شكلي بل المهم حيثية الاستدلال فالقسم الأول بحوث ثبوتية وادلتها قطعية وحيانية او عقلية ولو كان هذا مبعثر في التدوين فلا تقدم دليل ظني على القسم الأول القطعي كما لم تقدم الدليل العملي على الظني . فالبعض يرفض الاخبار الكثيرة المتواترة التي تتراكم ، ويريد الخبر الواحد الصحيح الظني وهذا بسبب الحبس على القسم الثاني من الأدلة فليس المدار على التشهي بل هو أمر تكويني .

اذن التقسيم الذي ذكره الاصفهاني حيثي في الاستدلال روعي في التقسيم او لا وهو موجود في الاستصحاب والبراءة ففيهما بحوث ثبوتية واثباتية .

اذن أهمية هذا التقسيم ليست في تبويب العلم بل مراعاة مراتب الأدلة والنتائج في الاستدلال وهو اهم شيء في العلم وان الدليل المرتبط بمباحث الثبوت مقدمة على الدليل الاجتهادي وعلى ظنية الصدور .

اذن المهم في تقسيم الاصفهاني هو مراعاته في الاستدلال سواء روعي في التدوين على هذا النحو أم لا .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo