< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

42/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

بسمه تعالى ( هذا تنضيد وليس تقريرا )

أصول : الاربعاء 3 شعبان 1442 هـ

الاجتهاد والتقليد الدرس ( 150 )

مر بنا أنّ الدليل الأول الذي استدل به القائلون بجواز تقليد الميت ابتداءً و بقاءً هو الاستصحاب ومر انه بلحاظ متعلقه أي مورد جريانه له عدة صياغات تارة كفعل المقلِّد وأخرى كفعل الفقيه وثالثة كحكم فقهي متعلق بالفعل .

ومر أيضا انه اذا قُرِّب استصحاب الحكم بنحو القضية الحقيقية فسوف تكون نتيجة الاستصحاب أعم من الابتداء أو البقاء وستكون نتتيجة الاستصحاب هي جواز تقليد الميت، وأما إن قرب الحكم بنحو الجزئي حينئذ سيكون نتيجة الاستصحاب بلحاظ اليقين السابق والتحقق السابق وهو ينحصر تأثيره في البقاء لا الابتداء لأن الذي يريد التقليد ابتداءً لم يكن في حقه حكم فعلي سابق.

 

الإشكالات التي أشكل فيها على الاستصحاب كالتالي وسنتعرض على الإشكالات الإشكالات التي تترتب على تطبيقات المباني :

الاشكال الأول : اشكال الآخوند والسيد الخوئي :

أن فتوى المفتي قائمة بنفسه لأنها رأي واستنتاج ، وهذا الرأي والقول وان كانت الروح باقية في البرزخ ولكن بالنظر العرفي عرفاً يلاحظ الميت معدوماً فلا يبقى وجود للرأي، فمن الجهة العرفية ينتفي وجود الروح. ومع زوال الموضوع يُشكَل جريان الاستصحاب بأي من الوجوه المتقدمة أي بنحو التقليد الكلي او الجزئي .

الاشكال الثاني :

أشكل على الاستصحاب بعدم إمكان تصوير الحالة السابقة للمقلد إبتداءً فلا يجري الاستصحاب، لأن

الاستصحاب هو إبقاء ما كان وليس ايجاداً لما لم يكن .

أُشكِل على خصوص الاشكال الثاني : أنه إن أريد استصحاب الحكم الجزئي في الاستصحاب أي من كانت فتوى الفقيه حجة فعلية في حقه ، فهذا ليس له حالة سابقة ، وهذا تقدم ذكره لأنه لم يقلده ابتداء فيختص الاستصحاب بالبقاء ، ولا ريب ان اجراء الاستصحاب بلحاظ الحكم الجزئي أبين وأوضح.

أما مع تقريب الحجية للفتوى لا بنحو الحكم الجزئي بل بنحو الحكم الكلي ، بنحو نقول أن هذا المفتي فتواه حجة للمقلدين، سواء من قبل وفاته او بعدها ، فالقضية من جهة الفقيه وان كانت جزئية ولكنها من جهة المقلدين قضية كلية حقيقية ، فمن جهة الفقيه هناك تحقق للموضوع ـ وحجية الفتوى ـ جزئي للفتوى .

فهذه القضية من جهة الفقيه هناك تحقق للموضوع ومن جهة المقلدين القضية كلية.

وتقريب هذا المطلب : بأن نقول أن الفقيه الحي إن أفتى بأن المكلف إذا أوقع البيع بهكذا شروط يصح البيع ، وإلا فالبيع فاسد ، هذا الحكم الذي يستنبطه الفقيه ليس خاصا بهذا المقطع الزمني بل برأيه حكم كلي لجميع الازمنة، فاستنباطات الفقيه لا تختص بمقطع زماني ، فالأحكام الشرعية كلية عابرة للأزمان والأجيال ، هذا إن قرَّبنا صياغة الاستصحاب كحكم فقهي ، فهذا الحكم كلي من جهة المقلد ، وأما ان قرَّبناه كحكم أصولي ـ أي جواز إفتاءه ـ فهو يجوز ان يفتي لهذا الجيل والاجيال كلها ، ولا يفتي لخصوص من يعاصره فهو ـ أي جواز إفتاءه ـ حكم كلي أيضا ، ومن جهة جواز رجوع المقلِّد ، فحتى في حياة المفتي جواز رجوع الغير اليه بنحو عنوان كلي وإن انطبق على المعاصرين الاحياء ، فنستصحبه وحينئذٍ إن استصحبنا بقاءه لغير الاحياء فقد كانت له حالة سابقة وهذا إستمرارها . فهذا الحكم الكلي كان معتَبراً وموجودا والان نستصحبه.

أما بالنسبة للإشكال الأول فقد أجيب بعدة أجوبة :

الجواب الأول : انه عرفاً الرأي باقي ولو مع موت صاحب الرأي وهذا أمر موجود عند المتشرعة سيما مع الايمان بالمعاد وبقاء الشخص وبقاء فعله ، فدعوى عدم الرأي عرفا غير صحيحة.

الجواب الثاني : انه مر بنا عدة صياغات للاستصحاب وهذا الاشكال فيما لو أردنا أن نستصحب بصياغة حكم فعل الفقيه ، أما إن أردنا استصحاب الحكم الفقهي غايته يبقى رأي الفقيه حيثية تعليلية وهكذا لو اردنا الاستصحاب بلحاظ فعل المقلد ودور الفقيه كالحيثية التعليلية لا التقييدية.

مثلا لوكان بيع الدار كعين شخصية تقوم البيع بهذه الدار بنحو الحيثية التقييدية فان تبين ان الدار ليست ملكا للبائع فلا يكون بيع في البين ، وأخرى ويقع البيع على سيارة كلية في الذمة بمواصفات خاصة فاذا لم تكن هذه السيارة ملكاً للبائع فالبيع موجود لأنه لم يقع على خصوص هذه السيارة .

وعليه فالموضوع الذي يؤخذ في ماهية معينة يكون مقوِّم لها ، واما مصداق الموضوع فليس مقوِّم ، والتقليد اذا تمَّ تقريبه كفعل للمقلِّد او كحكم فقهي للفعل الفقهي نفسه فيكون دور فتوى الفقيه كالمصداق أي حيثية تعليلية لا تقييدية .

وقد مرَّ بنا في أوائل البحث عن التقليد من زاوية أصولية تم نقل ما يقرب من عشرة أقوال للاعلام في حقيقة التقليد وذاك البحث يُثمر في هذا المطلب من كون فتوى الفقيه مرتبطة بفعل الفقيه او بالمقد او بالفعل الفقهي بما هو هو ، فاذا قربنا التقليد بانه مرتبط بفعل الفقيه أو المقلد فلا ربط له بحياة الفقيه وموته ، غاية الامر دور فتواه ودخالتها حدوثا لا بقاءً .

طبعا الحدوث والبقاء ليس مرتبط بتقليد الميت ابتداء او بقاءً ، بل بمعنى حتى تقليد الميت ابتداءً حدوث حياة الفقيه كافية في تقليد الميت ابتداءً لأجيال القادمة لأن الحدوث والبقاء هنا بلحاظ الفقيه نفسه الذي لم يؤخذ كوضوع للحكم الاصولي لفعل المقلِّد .

وبتعبير آخر : دور الفقيه في حجية الفتوى حيثية تعليلية لا تقييدية أما نفس الحجية إما هو للحكم الفقهي أو لفعل المكلف. نعم على مبنى الشيخ العراقي & الذي يقول ان التقليد ليس فعل المقلد في نفسه وليس الفعل الفقهي في نفسه وانما هو أمارية فتوى الفقيه فلا يتم الجواب ويتم على مبنى الاخرين .

مثال اخر : قصد المباح في السفر شرط في التقصير لصلاة المسافر فلو قصد الحرام في بداية سفره ولما وصل الى المقصد غيّر نيته الى الحلال فهل يتم او يقصر؟

فان قلنا ان قصد المباح في السفر او عدم قصد المعصية حيثية تعليلية فيتم لأنه بالتالي طوى المسافة مع قصد المعصية فتكون المسافة كالعدم ويكفي في نية المعصية الحدوث واما اذا بنينا على انها حيثية تقييدية يعني انها مادمية فما دام هو قاصد للمعصية يتم واذا زالت النية يقصر .

وقيود صلاة المسافر فيها كلام من كونها كلها تعليلية او تقييدية او متنوعة فيجب الالتفات الى ذلك .

وهناك تقسيمات في نفس الحيثية التعليلية والتقييدية .فمثلا قصد المسافة حيثية تقييدية واما عدم قصد المباح فهناك كلام في كونها تقييدية او تعليلية .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo