< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

41/07/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، التعارض من وجه، اقسام الظنون

مر بنا أن مبحث التعارض في الحقيقة هو القسم الثاني من مباحث الحجج كما عبر بذلك الميرزا الناييني وهو مع أن مختاره غير مختار العلماء الا أنه صرح به وذكر هذا الاصطلاح في محله متينا وهو أن الذي أقيم من مباحث حجية خبر الواحد أو حجية الظهور أو الحجج الأخرى الظنية في مباحث الظن هي بمثابة القسم الأول من مباحث الحجج والقسم الثاني التتمة لمباحث الحجج هو مبحث التعارض وهو حسب بيان الميرزا الناييني تتميم لفذلكة أدلة حجية الحجج، لما لم يتم إنجازه في مباحث الظن.

يعني مباحث الظن نوع من البحث الاولي في أدلة حجية الظنون أما في مباحث التعارض استكمال كما يعبر عنه الميرزا الناييني متمم الحجج أو متمم الحجية بشكل منظومي ومترابط واستنتاج واستقصاء نهايي لمباحث الحجج في الظنون سواء في الظهور أو الصدور يعني خبر الواحد أو جهة الصدور أو أمور وظنون أخری فكانما البحث في مباحث الظنون لم يستكمل وتتمته بحثت في مباحث التعارض وهذه نكتة جدا مهمة يعني فهرسة اجمالية عميقة ومهمة لمباحث التعارض أن مباحث التعارض عبارة أخری عن مبابحث الحجج. مباحث التعارض تكملة لمباحث الحجج، تكملة فيها استنتاج نهايي، إنما ذكر في مباحث الحجج مباحث ابتدائية واستعراض أولي أما الاستعراض النهايي المرتب والمنظم هو الذي يذكره الأعلام في مباحث التعارض. حتی مباحث الظهور، مبحث ان الظهور درجات وان الظهور تعليقي و تقديري وأن الظهور منه ما يندرج في قاعدة الجمع هذا ما ذكروه في مبحث الظهور، بل هنا ذكروه في مباحث الأصول وهذا في نفسه داعم لما يذكره الميرزا الناييني أن كل مباحث الحجج لم يستعرض في الظنون بل قسم منها القسم الاولي والابتدائي والأدلة، أما الاستعراض النهايي والمرتب والمنظم سواء في حجية الصدور أو حجية الدلالة.

حتی الفرق بين شرائط حجية الخبر منفردا وشرائط حجية الخبر منظما والخبر متدافعا مع الخبر الاخر وهذا من ضمن أصل شرائط حجية الخبر يعني الكاملة هذا لم يستوفوه في مباحث الظنون، لذلك في الحقيقة بعض يتسائلون: هلا جعلوا مبحث التعارض قبل الاصول العملية؟ هذا التساؤل في محله، مبحث التعارض الحري به ان يذكر قبل الأصول العملية لأنها بالحق مباحث متممة يعني استيفاء لبقية مباحث الحجية، مثلا شرائط الحجية ورتبها وهلم جرا. هذه قضية فهرسية لكن جدا نخاعية في صناعة علم الأصول، الفهرسة في الحقيقة نوع من الهندسة الصناعية المهمة في نتائج مسائل العمل وابواب العلم وبحوث العلم.

هنا لاحظ الذي مر بنا أمس، مثل قول اللغوي ومثل الاجماع الذي لم يصل إلی حد الضرورة، الشيخ الأنصاري رأيه النهايي في الرسائل أن الاجماع المنقول ليس حجة مستقلة بنفسه. الشيخ الانصاري تبع ووافق الشيخ أسدالله تستري من تلاميذ الوحيد البهبهاني والشيخ جعفر كاشف الغطاء وهو من الطبقة الثانية من تلاميذ الوحيد البهبهاني وصاحب المقابيس وكتاب كشف الغناء عن حجية الاجماع كتاب دسم ذو فوائد كثيرة جدا وهو صهر الشيخ جعفر كاشف الغطاء لكن استقر في كاظمية، علی أية حال الشيخ أسد الله تستري رأيه النهايي في الاجماع أنه جزء الحجة والشيخ الانصاري تماما تبنی هذا الرأي.

لانريد أن نخوض في بحث الاجماع لكن كمثال نذكر، جزء الحجية بالضبط هو نفس رأي الشيخ الأنصاري أو صاحب الكفاية في قول اللغوي أنه ليس بحجة لكنه لا يسقط بالمرة، قالوا: إذا حصل الاطمئنان من مجموع أقوال اللغويين فحجة.

فلاحظ، هذا هو الذي مر بنا أمس، فرق بين أن نقول أن الخبر اسقط عن الحجية وبين أن نقول أن الخبر ردت حجيته وبين أن نقول انه ليس بحجة تامة. ثلاث مراحل؛ رد الخبر يعني الحكم عليه بالعدم أنه كالعدم كانه ما موجود أصلا مثل القياس والاستحسان وماشابه ذلك، لايصح علميا وصناعيا الاعتداد به كقرينة لأن الأدلة ترده يعني تحكم بالعدم يعني لاوجود له، أما الاسقاط وإسقاط الصدور في الخبر يعني في ما يعنيه أن احتمال الصدور موجود لان معنی اسقاط الصدور ليس رده بل يعني لم تتوفر هناك دلائل علی البناء عليه لكن محتمل الصدور. إذاً فيه فوائد كثيرة، إذا تراكمت الاحتمالات بكثرة العدد يصير الوثوق أو الاستفاضة أو التواتر بخلاف الخبر المردود. لايمكن فرض التراكم فيه. إذاً هنا فرق بين الخبر الذي اسقطت حجيته وبين الخبر المردود، الخبر الذي اسقط صدوره غاية الامر مثل الخبر الضعيف لا أنه مردود. يمكن من اأاخبار الضعاف تراكم الاحتمال، الخبر الضعيف إذا تراكمت كما وكيفا يحصل الاطمئنان واليقين ويعتمد علیه، إذاً فرق صناعي كبير جدا وهو هذا الخبر الذي أسقط أو الضعيف غير الواجد للشرائط أو قول اللغوي أو الاجماع لانه بنفسه ليس بحجة لكن إذا تراكمت مع القرائن تحصل الاطمئنان أو اليقين، بتعبير الشيخ الأنصاري أو الشيخ اسد الله تستري جزء الحجة مقصودهم التراكم لكن هذان العلمان اصطلحا عليه بجزء الحجة وإلا هو نفس التراكم. متی يكون الظن غير المعتبر يولد الاطمئنان أو اليقين بالتراكم إذا لم يكن هذا الظن مردودا. إذاً فيه فرق كبير بين الخبر الضعيف والخبر المردود. هذا أصل بنية بنيان بحث الظنون.

أتذكر هذا التساؤل، ربما استعرضناه وتم استعراضه في اول مبحث التعارض وكررناه، ما هو المعنی الصناعي لحرمة رد الخبر. الخبر حتی غير الواجد للشرائط إذا لم يكن يصادم بشكل يقيني دليلا ضروريا أجمع الأصوليون والأخباريون في هذا المجال بحرمة الرد. صاحب الوسائل أورد قريب خمسين رواية أو أكثر أو اقل في حرمة رد الاخبار حتی المحتمل صدوره من الائمة عليهم السلام. إذاً ما الفائدة في حرمة رد الاخبار؟ فيه فائدة استنباطية واجتهادية أو فقط حرمة تكليفية؟ كانما الفقيه اثناء عمله عنده وظائف تكليفية بحطة لكن ليس مؤثرا صناعيا كما في بقية المكلفين يجب أن يلتزمون بأن الحكم الشرعي هو هذا. الالتزام العقلي يختلف عن الالتزام العملي وهو الطاعة.

هذا ذكروه في مبحث تنبيهات القطع، هل تجب الموافقة الالتزامية كما تجب الموافقة العملية أم لا؟ قالوا بأن الموافقة الالتزامية لها معاني ولها اقوال واختلاف لاندخل فيها، قالوا هي وجوب تكليفي ولكن لا دخالة لها في هندسة وقولبة الصناعية للدليل والحكم، أذكر هذا كمثال لأنه قد المجتهد والفقيه أو عموم المكلفين عنده حكم تكليفي مرتبط بالادلة لأن الالتزام بالحكم مرتبط بالأدلة أو الاحكام الشرعية لكن ليس له أي تداعيات صناعية للاستنباط والاستدلال مثاله الموافقة الالتزامية. هي لمن قال بها بغض النظر عن تعدد الاقوال لمن قال بها ولمن بنی عليها ما ثمرتها؟ حكم تكليفي مرتبط بالادلة لكن ليس له أي تداعيات صناعية بالدليل. مبحث التجري شيئا ما مثل الموافقة الالتزامية تقريبا والموافقة الالتزامية شبيه التجري لأنه انقياد نفساني عكس التجري. التجري حرام وهذه واجب. يعني مبحث واحد.

هذا، مباحث الحجج أخرها الاعلام الی مباحث التعارض لذلك حق علی الباحث أن يعلم أن مباحث التعارض هو الجزء الثاني لمباحث حجية الظنون. يعني لايتوهم الباحث والمجتهد أن مباحث حجية الظنون استوفيت كل جهاته وحيثياته في الظنون بل تتمته واعماقه في مباحث التعارض تستكشف مشرب ومرام الاعلام في صورة المنظومة النهائية في الظنون يرجع الی مباحث التعارض. هناك تتمة كلماتهم فحرمة الرد الذي ذكروها في الجزء الثاني من الظنون وهو مبحث التعارض، هذه الحرمة ماذا معناها؟ بلاشك حرمة تكليفية اتفق عليها الاولون والاخرون من الاخباريين و الأصوليين. هل هو فقط حرمة تكليفية؟ في الحقيقة حرمة الرد يعني لاتجعل الخبر الضعيف أن تحكم عليه بالعدم بل اجعله محتمل الصدور يعني القيمة التصورية لديه استثمرها علميا في الاستنباط، نعم لم يصل الی اعتبار الصدور بمفرده مستقلا لكن بقي قرينة احتمالية تصورية موجودة، فإذا انضم الی بقية القرائن تتولد منها الاطمئنان فمعنی حرمة الرد يعتني لاتجعل الخبر الضعيف كالعدم وكلاشيء.

هذا ليس فقط حكما تكليفيا هذا حكم تكليفي مرتبط بالخطوات العملية في الاستنباط. يعني أيها المجتهد عندك موازين في الاستنباط نظام وبرنامج حددت اليك في الاستنباط وهو أن لاتجعل الخبر الضعيف كالعدم. لذلك ذكرت أن قضية مثل مشرعة البحار أو الصحيح من الكافي هذا عمل ممن يجهل أبجديات مباحث الحجج لأنه أولا بغض النظر عن أنك كيف تحمل مبناك علی الكل سواء في الرجال أو غير الرجال؟ هذا قضية اجتهادية كأنك تسد باب الاجتهاد أعني العقول، فتح باب الاجتهاد من نواميس مذهب اهل البيت عليهم السلام. بغض النظر عن هذا المطلب أن الخبر الضعيف ليس كالعدم، ليس مردودا وكلاشيء. هذا من أبجديات مباحث الظنون. فصل باب التعارض عن مباحث الظنون أوهم لكثير من الباحثين أن ما ذكر في مبحث الظنون كل شيء، بل تتمته موجود في التعارض.

مثلا، أكثر الأصوليين المتاخرين عندهم أن قول اللغوي ليس بحجة لكن ليس مردودا وكلا شيء بل جعلوا له قيمة تصورية علمية، إذا تتراكم يصل الی الاطمئنان ويصير حجة. الشيخ الانصاري والاخوند والناييني والآغاضياء كل الفقهاء. مع أن قول اللغوي ضعيف ومرسل لكن ليس كالعدم، هذا يدل علی أن كافة الأصوليين حتی غير الانسداديين هذا الممشی والقالب الصناعي تتوافق مع الانسداديين اكثر من الانفتاحيين. الميرزا الناييني ليس انسداديا أبدا ولايقبل الانسداد كنتيجة فعلية حتی السيد الخويي لكن مع ذلك قالوا في قول اللغوي له قيمة مع انه ليس بحجة، مثل الخبر الواحد الضعيف لكن مع ذلك ثمرته العلمية في الاستنباط أكدوا عليها.

فعدم الحجية منفردا أمر وأن تقول مردود أمر آخر. فهذا مبحث بنياني أساسي في مباحث الظنون. الظن إما معتبر بمفرده أو غير معتبر يعني بمفرده غير معتبر لكن بالضميمة قد يصل الی الاعتبار، هذا غير القياس وغير الاستحسان وغير الخبر الذي يعارض بنحو القطع محكمات الكتاب والسنة، هو كالعدم. إذًا اقسام الظنون ثلاثة وليس اثنين. إما معتبر مفردا إما معتبر مع الضميمة وإما مردود. هذا تقسيم أساسي لمبحث الظنون. هو مبدأ مبحث الظنون وخاتمته. إذا الفقيه والمجتهد والاصولي لايميز بين الأقسام الثلاثة واكارثتاه.

المؤاخذة الصغرویة علی السيد الخويي هو هذا، أنه في مبحث الرجال لم يعتبر جملة من الظنون، السيد الخويي لم يعتبر المباني المشهور في الرجال. أيها السيد رحمة الله عليك ورضوانه، لم لاتكترس بها في القسم الثاني لأنه بالتراكم يصل الی الاطمئنان لأنه ليس من القسم الثالث. هذه النكتة جدا مهمة.

يا إخوان، هذا ليس في الصدور و الظنون. لاحظ الاجماع ما له ربط بالصدور أو قول اللغوي ليس له ربط بالصدور، له ربط بالدلالة. يعني حتی الدلالة غير المعتبرة إذا تراكمت يصبح الوثوق بالدلالة فهذا التراكم ليس مخصوصا بالصدور بل هذا التراكم أيضا هو آخذ في باب الدلالة. هذا ليس تلاعبا بالاستدلال ولاتلاعبا في الاستنباط. هذا نظام وبرنامج وبنيان. هذا كلها في مبحث التعارض. علی كل هذا المبحث حساس وعمود فقري في مبحث التعارض وعمود فقري في الحجج.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo