< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/11/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، القول المختار في مقتضی القاعدة و أدلته

كان الكلام في الوجوه الأخرى التي يستدل بها علی قاعدة الجمع مهما أمكن أولی من الطرح وهي وجوه تصلح لقاعدة التعريض إجمالا لأنها هي قواعد تتشاهد و تتكافل مع بعضها البعض.

الوجه الآخر قبل أن ندخل في الإشكالات التي سجلها الشيخ علی قاعدة الجمع وهي برمتها شواهد علی نفس القاعدة بدل أن تكون إشكالات علی القاعدة كما سيتبين و أدلة قوية علی القاعدة. أيضا من الشواهد قاعدة مسلمة عند الأخباريين والأصوليين يعني عند جميع علماء الإمامية و هي قاعدة حرمة رد الخبر الضعيف أو حرمة رد الأخبار عموما. ماذا المقصود الصناعي من الرد و ماذا ثمرته الصناعية؟

المعروف في الروايات ولسان الروايات الرد هو أن يقول ليس الأمر هكذا أو ليس كما هو مفاد الرواية أو أن الواقع ليس هكذا، هذه التعابير في الورايات ورد أو تعبير آخر في الروايات و الروايات كثيرة ذكرتها جملة من الكتب القديمة الواردة عن الأئمة عليهم السلام جملة هذه الكتب عقد بابا في حرمة رد الحديث بصائر الدرجات و كتاب الكافي و التهذيب والفقيه يعني نادرا أن تقف علی كتاب الحديث من الكتب الأصلية القديمة ليس يتضمن هذه الأحاديث الواردة في حرمة الرد. حتی فيها أنه يسلب ايمانه و ينقص. كما أن حرمة الرد علی الفقيه كحرمة الرد علی المعصومين كذلك حرمة رد الروايات. أو أن يقال أن هذا لم يصدر من المعصوم و موجود في بعض الروايات أن الراد كمن يرد الله عزوجل فوق عرشه. حتی في الخبر الضعيف.

هذا مفاده الإجمالي والروايات متواترة. طبعا نفس هذه الروايات هي أحد طوائف الأدلة علی حجية الخبر الواحد، الخبر الضعيف هكذا فكيف بالخبر الغير الضعيف. بل حتی إذا ندقق حتی الآية الكريمة «إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» ليست فلاتكترسوا أو فلاتهتموا فالاية أيضا بالدقة مع أنك تری خبرا محققا عن الراوي الفاسق مع ذلك الاية لاتسوغ الطرح.هذا هو المفاد المطابقي للآية الكريمة.

فأصل هذه القاعدة لحرمة الرد قرآني و أصلها آية النبأ وأيضا الآيات الأخرى التي أشار اليها الإمام الصادق عليه السلام «بل كذبوا بما لم يحيطوا به علما» جملة من روايات حرمة الرد تبين الأصل القرآني بهذا الحكم. و هو «بل كذبوا بما لم يحيطوا به علما.» إجمالا هذه القاعدة ليست محل دغدغة. من يتحرج في الدين ينظر أن هذه الأدلة لايمكن رفع اليد عنها لذلك قاعدة متسالم عليه.

ما هو المعنی الصناعي لحرمة الرد و ثمرتها؟ القالب الصناعي لمفاد حرمة الرد حتی للخبر الضعيف أن تحقق نفيه و تحكم بنفيه يعني مناقضته للواقع و عدمه. حتی في الروايات حتی الرواية التي في ظاهرها مخالفة الكتاب أيضا لاتحكم بعدم صدورها لعل لها تأويل. هذا التعبير موجود. المفاد الصناعي الأولي لهذه القاعدة هو عدم الحكم بنفيها أو جعلها كالعدم. لايمكن و لايجوز.

هل هذا إعتبار أو لاإعتبار أوماذا؟ إعتبار الخبر الواحد هو أن يؤوّل الإنسان عليه و يعتمد عليه و يبت به لابنفيه. هذه القاعدة تعني عدم البت في النفي، عدم البت في النفي ما الفائدة فيه؟ عدم البت بالنفي و عدم تحقيق النفي درجة من الإعتبار. عندنا ثلاث شقوق إما أن تعتبرها منفيا و تبت بنفيه و تارة تعتبرها و تعمل بها و تارة لاتحقق و لاتبت بنفيها يعني تحتمل، هذا الإحتمال درجة من الاعتبار. كيف؟

هذا المبنی في الحقيقة علی عكس مبنی السيد احمد بن طاوس تنظيرا لكن عملا ليس هكذا، مبنی السيد الخويي هو أن عدم الإعتبار يساوي العدم كلاشيء. يكرر السيد الخويي هذا الإعتبار و هذه غفلة صناعية خطيرة. لأن كالعدم مثل النفي بالدقة، المعنی الصناعي للعدم يعني النفي و الحال أن النفي غير مسوغ لنا، إذا كان العدم و هو النفي غير مسوغ لنا يعني الإحتمال و الإحتمال يعني تراكمه يوجب ازدياده. هذه للأسف نكتة صناعية ترجمتها الصناعية مباني السيد الخويي غالبا والا ارتكازا السيد الخويي يمشي علی ممشی المشهور. لانه يقول إلا إذا حصل الإطمئنان. متی يحصل الاطمينان؟ هل من هواء؟ من أين يحصل الاطمينان؟ من تراكم الإحتمالات و تصاعد الإحتمالات. فلذا هذه المؤاخذة مسجلة صناعية معنی الإحتمال درجة من الإعتبار. كما يذكر الشيخ الأنصاري.

الشيخ الانصاري في الحجج لايقبل حجية بعض الحجج مثل الإجماع المنقول، لكن بعد ذلك يعبر عنه بجزء الحجة. مقصوده هو هذا. يعني مابلغ الظن المعتبر عقلائيا لكنه قرينة إذا تتظافر مع القرائن و تراكم الإحتمالات الأخری تصل إلی الظن الموثوق عند العقلاء. إذاً العبارة الصناعية لحرمة الرد هي أن لاتستعجل لنفيه. إحتمل و افحص أكثر، قد تجد إحتمالات معاضدة لهذا الخبر. خذ به كقيمة علمية إحتمالية يمكن تعليقا و تقديرا أن تتظافر قرائن أخری.

للأسف في مشي علم الرجال السيد الخويي هذا ابدا لم يستثمره بتاتا و هو يعترف السيد الخويي قاعدة الإجماع مبنی المشهور وقاعدة شيوخ الإجازة مبنی المشهور. وجدت عشرات الموارد الشيخ النجاشي في كتابه يعتمد علی شيخوخة الإجازة في التوثيق. يعني كثير من المباني رفضه السيد الخويي و يعتمد بتوثيق النجاشي نفس النجاشي يتبنی هذه المباني التي ردها السيد الخويي.

بالتالي هذه القرائن تستثمر معنی حرمة الرد يعني لها قيمة إحتمالية شبيه ما هو موجود في علم التحقيقات الجنائية في البشر كله. الان في هذا العلم يقولون ليس فقط رؤوس الخيوط نكترس بها، الأهم أن نكتشف رأس الخيط قرينة إحتمالية ضعيفة جدا، هذه القرينة الإحتمالية مفتاح المفاتيح و باب الأبواب لكشف الحقيقة. الان في هذا العلم وجدت أن عندهم الأهم إكتشاف رؤوس الخيوط الخفية لارؤوس الخيوط الجلية يعني القرائن الإحتمالية الخفية. لذلك الان في بحث السيرة التاريخية و القضايا التاريخية تأثرا من مباني السيد الخويي أبداً لايقبلون هذه القرائن التاريخية. لكن هذه منهج عقلائي و صناعي.

إذاً حرمة الرد معناه الصناعي أن القيمة الإحتمالية لأي قرينة ولأي عامل كاشف فخلها باليد يعني إجعلها محل الفحص العلمي قد يتضاعد بالتراكم طبعا بلاشك هذا نوع من الإعتبار الصناعي و إن كان ليس من الإعتبار المستقل و الكبير و هذا نسفه معنی حجية معادلة تراكم الاحتمالات. التواتر من أين حصل؟ التواتر ليس إلا عملية معادلة تراكم الإحتمالات. كيف الظن يتبدل إلی اليقين؟ ليس تلاعبا بل ميزان. فإذًا نرجع إلی أن حرمة الرد مفاده واضح و مفاده أن الاحتمال ملزم بالفحص و يجب استثماره.

إذا صار هذا المعنی واضحا، فإذا الخبر الضعيف كان هكذا فكيف بالخبر المتوفر في نفسه لشرائط الحجية؟ كيف تساقطا و تعارضا و هما كالعدم. هنا حرمة الرد أشد في الإلزام. في نفسه واجد للشرائط حينئذ نفس حرمة الرد مقتضاها هو أنه كيف المعني الجدي؟ هل علی التفصيل او غيره؟ هما في نفسهما واجدان لشرائط الحجية. غاية الأمر هذا التنافي لابد من حلحلته وعلاجه. إذاً الفحوی القطعية لقاعدة حرمة الرد تمنعنا من القول بالتساقط. أصلا القول بالتساقط ساقط ولاوجه له.

الوجه الآخر: تسالمي. سابقا هذا الوجه كنا ذكرناه لو كان لدينا خبران متواتران مثل الآيتين. لكن بين الخبرين المتواترين تنافي من الواضح أنه لم يبن أحد علی التساقط لأن الصدور مسلم، يتعين حينئذ الدوران بين رفع اليد عن حجية الظهور، إنما هو العلاج يعني هنا قاعدة الجمع مسلمة. بأي نحو كان. التأويل علی حاله و لايبنی علی التساقط. نحن نذكره في غير التساقط أيضا. في التعارض بين العموم و الخصوص من وجه، تعارض العموم و الخصوص من وجه حتی مثل الناييني لايذهب إلی أن الأصل في منطقة التعارض هو التساقط و المشهور شهرة عظيمة حتی السيد الخويي في كثير من الموارد. أكثر الموارد السيد الخويي لايبني علی التساقط. شهرة عظيمة تكاد أن تكون تسالما. بل يرتكبون العلاج سواء العلاج المحمولي أو العلاج الموضوعي. الكلام الكلام.

هنا بنوا علی التأويل هذا اللفظ صادر و ذاك اللفظ صادر و أصل الصدور مسلم غاية الأمر المراد الجدي ليس علی طبق المراد التصوري أو المراد الإستعمالي. الأصل أن تطابق الجدي مع التفهيمي و التفهيمي مع الإستعمالي هذا الأصل اللفظي أي قرينة تأتي تزحزحه. أي قرينة تجيء في البين تزحزحه. أصالة لفظية شبيه الأصل العملي في الألفاظ أصالة تطابق الجدي مع التفهيمي و التفهيمي مع الإستعمالي و الإستعمالي مع التصوري، هذه الأصالات تذهب بأي قرينة. يقولون الأصول اللفظية لكنها بالقياس إلی القرائن اللفظية و لو الحالية تكون كالأصل العملي تكون مؤخرا رتبتا. هنا أيضا هكذا.

أصالة التطابق بين الجدي و التفهيمي و التفهيمي مع الإستعمالي هذه الأصالة بسهولة نرفع اليد عنها. برفع اليد عنها حلحل التساقط. الان بماذ يؤول و بماذا يسبك الظهور؟ هذا بحث آخر. مر بنا أنه ليس المقصود من كل قرينة في الكلام أن تكون تمام الدلالة فيها. الكلام لاينعقد ظهوره من كلمة واحدة أو كلام أو جملة واحدة بل بمجموع الفقرات بل مجموع الفقرات والقرائن المنفصل. قد تفيد القرائن المفاد الوسطي و المطابقي ماموجودة. فإذاً هذا وجه آخر مستقل واضح أن في موارد التعارض العموم و الخصوص من وجه أبدا لايرتكبون التساقط.

الوجه الآخر: هذ الوجوه تكاد أن يتبين للباحث أن التساقط بديهي البطلان. وأن قاعدة الجمع و التأويل واضح. الوجه الآخر مأخوذ من هذا المطلب، أن التساقط ماذا يعني؟ التساقط يعني إسقاط حجية الصدور. بينما التأويل ماذا يعني؟ هذا أحد استشكالات الشيخ لكن كل إشكالات الشيخ علی قاعدة الجمع هي أدلة. عنده قريب تسعة أو عشرة إشكالات لكن هي أدلة عليها.

علی أي حال: لماذا في التعارض يصار إلی إسقاط حجية الصدور في كلا الطرفين أو أحد الطرفين فضلا عن كلا الطرفين؟ معناه إسقاط الحجيتين للصدور. دوران الأمر بين إسقاط الحجيتين للصدور أو رفع اليد عن حجية الظهور و لامرجح. هذه عمدة البحث لقائلين التساقط. دوران الامر بين رفع اليد عن حجية الظهور أو حجية الصدور فلاترجيح. هذا تقرير كلامهم. هذا التقرير بعيد عن النكات العلمية مع احترامنا العظيم.

لأنه كما مر أن حجية الظهور ليست واحدة، من التصوري إلی الإستعمالي واحد و من الإستعمالي إلی التفهيمي اثنين و من التفهيمي إلی الجدي الاولي ثالث و من الجدي الاولي إلی الجدي النهايي رابع. أي ظهور يدور الامر بينه و بين حجية الصدور. أصل الإستعمالي أو التفهيمي؟ لا بل الجدي النهايي لا حتی الجدي الأولي. كل مراتب الظهور محفوظة فقط الجدي النهايي أو الجدي الاولي أو التفهيمي. كل هذه الحجج و مجموع الحجج من الظهور ترفع اليد عنها؟ لايلزم فقط الظهور الجدي النهايي يرفع اليد عنه. بين مجموع الحجج و الحجة الواحدة. أن ترفع اليد عن الظهور الجدي النهايي فقط أو ترفع اليد عن مجموع الحجج للصدور و الظهور؟ أليس هذا مرجح. بلاشك فيه ترجيح.

الان مر بنا، أليس حجية الظهور الجدي مطابقة للتفهيمي أو الجدي الثاني مطابقة للجدي الأول و التفهيمي مطابقة للاستعمالي اليس هذا التطابق أصل لفظي. الأصل اللفظي يرتفع بأي قرينة و معلق و ليس منجزا بينما حجية الصدور حجية محققة مثلما إذا دار الأمر بين الواجب المعلق و الواجب المنجز، أيهما مقدم؟ واضح، الواجب المنجز. نفس حجية الصدور واردة علی حجية تطابق بين الجدي النهايي و الجدي و التفهيمي. هذه هي فذلكة ملحة للجمع مهما أمكن أولی من الطرح. هذا وجه مرتب و هو أحد الإشكالات من الشيخ لكنه بالعكس دليل علی قاعدة الجمع مهما أمكن.

قبل أن ندخل في إشكالات الشيخ بعد التعطيل سنستعرض ثلاث أو أربع روايات عجيبة فيها التأويل هم الائمة عليهم السلام يؤولون فيه التأويل بعيدا عن أذهان الفقهاء و يلوم الإمام ذلك الفقيه تلميذه بأنك كيف لاتلتفت؟ موجودة في الروايات في الوسائل. يلوم الإمام ذلك الفقيه بانك كيف لاتلتفت؟ و بعيدة عن الأذهان يعني لماذا لاتبحث و لاتفحص في الإستنباط.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo