< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، القول المختار في مقتضی القاعدة و أدلته، قاعدة عرض المتشابه علی المحكم.

كنا في الشواهد علی قاعدة الجمع مهما أمكن أولي من الطرح والتي هي منها قاعدة التعريض و قاعدة التعريض قاعدة أصيلة في المحاورات الكلامية لاسيما في المتكلم الذي يدأب علی إخفاء المراد واعتماد لغة التلويح والإشارة.

من الشواهد أيضا سواء نعتبرها علی قاعدة التعريض أو علی قاعدة الجمع، من الشواهد قاعدة العرض علی الكتاب و السنة أو قد يقال لها قاعدة عرض المتشابه علی المحكم، قاعدة التعريض قاعدة دلالية إثباتية و قاعدة الجمع مهما أمكن قاعدة إثباتية أيضا طبعا لمّا مر بنا أن أحد أدلة قاعدة الجمع مهما أمكن هو قاعدة التعريض هذا لايعني أن قاعدة التعريض صغری و مصداق حصري في قاعدة الجمع، لا، هما قاعدتان لكنهما تتشاهدان و تتكافلان لبعضهما البعض. هما قاعدتان.

قاعدة أخری وهي قاعدة العرض علی الكتاب والسنة أو عرض المتشابه علی المحكم هذه القاعدة ليست إثباتية بل هي في الأصل ثبوتية وهي في الأصل مأخوذة في أصل حجية الخبر الواحد، المحكمات يعني محكمات الكتاب و محكمات السنة. يعني من شرائط حجية الخبر أن لايخالف ولايباين محكمات الكتاب ومحكمات السنة، الخبر الوحد مادام ظنيا الظن لايعني أنه مسلوب الحجية من رأس. نكتة مهمة، إن الظن لايغني من الحق شيئا تعبير عقلي وصناعي ودقيق في القرآن الكريم، لايغني من الحق يعني إذا تريد اليقين و الثبوت طبعا الظن لايغني عنه ولم ينسف الظن بالمرة. فالظن لايعني أنه مسلوب الحجية كما أن المتشابه لايعني أنه مسلوب الحجية، القرآن الكريم يصف المتشابه أنه وحي ونازل، «هو الذي أنزل الكتاب منه آيات محكمات وأخر متشابهات» فالمتشابه يصفه القرآن بأنه الوحي يعني فيه الحجية ومع ذلك يقول هذ الحجية للمتشابه ليست هي عمودا ومركزا ومحورا بل هو تابع لشيء آخر، يعني لاتجعل حجيته أصلا بل حجيته فرع وظل. المتشابه وحي وحجة إلا أن المتشابه إنما تنتظم حجيته إذا جعلته تبعا وظلا وليس هو الأصل يملك القرار من نفسه.

هذا هو قاعدة العرض علی الكتاب والسنة أو قاعدة عرض المتشابه علی المحكم فحواه أنه ليس في صدد أن المتشابه أو الخبر الواحد ليس بحجة بل إنما في صدد أن القالب وصناعة حجيته تبع وظل.

في الحقيقة الشيخ المفيد و السيد المرتضی بتعبير الشيخ النصاري لمّا نقل أقوال القدماء في حجية الخبر الواحد و المحقق الحلي أصر علی هذا، حتی مبنی صاحب المعالم هكذا و لم يتابع مدرسة السيد احمدبن طاوس أو المقدس الاردبيلي و تابع المشهور. الطوسي أيضا مبناه مبنی الشيخ المفيد و السيد المرتضی. علی كل جل القدماء الحلبي و السرار وابن حمزة وابن براج وابن زهرة وابن ادريس وراوندي بالدقة هم لايريدون أن ينفون حجية الخبر الواحد، يقولون أن الأزمة العلمية والمشكلة في المنهج العلمي أن تجعل الخبر الواحد حجة مستقلة و محورا و مركزا، فيقولون هذا ليس عمل الفقيه، الفقيه يجب أن يكتشف هوية مضمون الخبر الواحد لأنه متشابه و ليس حجيته بالأصالة.

لاحظوا، ليسوا فقط في صدد أن الحجية منظومية و مجموعية بل شيء زيادة علی ذلك، إن الأصالة في الحجية وطبقات الحجية والعموم والمركزية هي المحكمات ولو المحكمات علی درجات تتفاضل بينهم البعض علی بعض ثم تأتي النوبة إلی إلصاق هذا المتشابه بالمحكم يعني المتشابه لصيق ظل وتبع والفقيه إذا لم يستطع أن ينصب هوية مضمون الخبر هو في الحقيقة في جملة من الموارد الفقهية يعمل منهج الراوي و المحدث وليس يعمل منهج الفقيه. الفقيه دوره أن يتعرف علی هوية المضمون و ينسبه إلی المحكم. المحكم ولو القواعد النازلة التفصيلية في كل باب في العلوم الدينية سواء الفقه أو الكلام أو الأخلاق أو أي شيء. فإذاً ما نسب إلی القدما أنهم لايعتبرون حجية الخبر الواحد بمعنی أنه مستقلا ومنفردا ومحورا برأسه لايقبلونه.

ماذا ربطه بالمقام و قاعدة الجمع، سنبين. الفقاهة ماذا عرفت عند علماء الأصول؟ لم تعرف بكون الفقيه راويا و إن كان يعتمد علی الرواية. و إنما عرفوا الفقيه في بحث الإجتهاد والتقليد بأنها ملكة علمية بقواعد علم الفقه وموازين علم الفقه وعلم الأصول حتی أنهم قالوا ليس دخيلا في الملكة في الفقاهة و المفتي و المرجع أن يكون أديبا و مجتهدا في الأدب وعلوم الأدب واللغة أو علوم الرجال والحديث أو علوم أخرى كثيرة بل المهم علم الفقه و علم الأصول. يشيرون بأن وظيفة الفقيه تختلف عن وظيفة المحدث، وظيفته أن تكون له قدرة تحليلية مجهرية لتحليل مضمون الخبر والنسب الثبوتية، نسبة مضمون الخبر لمحكمات الكتاب و السنة حتی المحكمات القريبة الفوقية، هذه النسب ثبوتية و ليست اثباتية، ليس البحث في الكاشف و الدليل بل البحث في الثبوت. دوما سموه أصول القانون. مثل اليوم نقلنا كلمات الفقهاء في الدين و القرض ماذا ماهيته هذا مرتبط بالإثبات. بالعكس إذا تعطف و تلوي عنق الإثبات علی الثبوت لما مر بنا مرارا أن نسبة الثبوت مع الإثبات كنسبة الدليل الإجتهادي الإثباتي مع الدليل الأصل العملي الإثباتي. كيف الدليل الإجتهادي مقدم علی الدليل الأصل العملي بحث الثبوت في الإجتهاد مقدم علی بحث الاثبات في الإجتهاد. لذا الشيخ الانصاري جعل القطع واليقين مقدما علی الظنون. القطع واليقين يعني الوصول إلی الواقع و الثبوت جعل مقدما علی الظنون والإثبات، هذا التقدم رتبي.

من يعمل بالخبر الواحد من دون أن ينسبه إلی المحكمات كأنما يتسرع بالعمل بالظن قبل أن يفحص عن الثبوت. شبيه من يتمسك بالسرعة والعجلة بالأصل العملي قبل الدليل الإجتهادي، هذا لايسوغ و لايجوز علميا. الأصل العملي بعد أن تستنفذ الوسع في الدليل الاجتهادي. كذلك الحال في النسبة بين الدليل الإجتهادي الظني الإثباتي و أصل المضمون و العرض علی الكتاب و السنة أو العرض علی محكمات الكتاب والسنة. المشكلة الشاكلة مثل الإثارات العلمية لكن هي يعني تحمل في طياتها إنحراف منهجي.

الزيارة الأربعين عليها النص أم لا؟ جعل النص الخاص هو الأصل وماجعل العمومات هي الأصل وماجعل المحكمات هي الأصل و بالصراحة هذا المنهج منتشر في فتاوی السيد الخويي رحمه الله. هذه الشاعرة الدينية ورد فيها النص أم لا؟ عمر الفقهاء ليس فقط يحدثون الإستدلال علی الظن و الإثبات، فكيف بالقواعد العامة والمحكمات والأصول الدستورية؟ تشملها أم لاتشملها؟ مابال العموم لايتمسكون به؟ وهو أقوی من الظنون الخاصة، مرارا ذكرنا ان الأصول الدستورية دائما أقوی من إصدارات الوزارات أو البلدي، لأن الظنون الخاصة التفصيلية شبيه بالإصدار البلدي أو الوزاري أو البرلماني. أين هو من القانون الدستوري؟

كتاب كررت علی الإخوة يرونه، ثلاث مجلدات مجموعة أربعين رسالة لفقهاء النجف في الشعائر الحسينية، دسم مطبوع الآن بالشعائر الحسينية. هناك يؤكدون أن المدار ليس علی الظن الخاص بل المدار علی المحكمات، نفس الفكرة لمن يهاجم الشعائر هو هذا. يعني مؤلفوهم طيلة قرن كامل من كبار فقهاء النجف علی نفس الفكرة خلافا لمنهج السيد الخويي. ليس المدار علی النص الخاص. أصلا النص الخاص شرعيته تجيء من المحكمات و الأصول الدستورية. هذا منهج المحدثین و الرواة و الاخباریین ومنهج الأصولیین هو الأصول الدستوریة والتشریعیة وهی الأم وهی المحکمات. الان صار حالة‌المنهج العلمی معکوسا ومقلوبا تماما. هل الزیارة الأربعین فیها نص خاص أم لا؟ یا عینی شرعیتها لاتأخذ من النص الخاص وأصل مبدأ شرعیتها لاتأخذ من البرلمان فضلا عن الوزارة فضلا عن البلدیة. اصل ومبدأ شرعیتها تأخذ من الأصول الدستوریة‌. هذا علم القانون سواء القانون الشرعي والسماوي أو غيره.

فالعرض علی الكتاب و السنة تشدد الشيخ المفيد فيها حتی في كلام المحقق الحلي. أنت تركز فيه علی الإثبات و تترك الثبوت؟ مثل أن تركز علی الأصول العملية و تترك الظنون و كذلك تركز علی الظنون وتترك الثبوت. هي ليست آلية الفقيه بل آلية المحدث و الرجالي. آلية الفقية ينطلق من أصول التشريع والمحكمات لاالمحكمات البعيد ولو المحكمات القريبة، القواعد الموجودة المسلمة و تسالم عليها في هذا الباب. كيف لاتراعيها؟ هذا سبقة تشريعيته أسبق من الخبر الواحد فإذاً هذه المشكلة أزمة منهجية يعني هي النزاع بين الأخباريين و الأصوليين. بهذا السبب يجب ان يكون الأصول التشريعية هي المحكّمة.

إذا صار هذا واضحا و هذا خطير في الإجتهاد حينئذ نأتي بقضية الجمع مهما أمكن أولی من الطرح. إن هذين الخبرين المتشابهين يعني طبقتهما في الحجية ليست أصلا كالمحكمات بل المتشابه يعرض علی المحكم و المحكم هو القاضي و المحكّم و المؤلّف و هو الفصل الخطاب لاأن يكون الفصل الخطاب من نفس المتشابه الأول أو الثاني، يجب أن نعمل الفقاهة يعني أن تنظر إلی المعادلات القانونية الثبوتية كيف توجب أو تبين التناسب بين مضمون الخبرين و هي المؤوّل و هي المحكم. القوانين البلدية لازم أن تتابع الدستورية لا أن الدستورية ملزم أن تتابع البلدي و هكذا القوانين البرلمانية و الوزارية ملزم أن تتابع الدستور طبيعة أصول المحكمات هي هذه.

أصل الثبوت الشرعي من الأصول الدستورية و ليست من الأخبار الآحاد و المتشابهات. كثير يتخيلون أننا إذا قلنا أن الخبر الواحد متشابه يعني أنه ليس الحجة، لايعني هكذا بل حجة بالحجية البلدي و العاصمة هي الدستورية. حفظ المراتب في الأدلة في الحجج الفقيه إذا لايراعيها يسمونه العشوائي و القشري و الأخباري. الأصول عيني المراتب ونظم. هذا المنهج من السيد الخويي يجب أن نعالجه وإلا إذا تفشل منهج خطير لأنه تحكيم النص الخاص بدل قدرة التحليل الإجتهادي و الفقهي في الأصول العامة. هذا خطر. هذا غير منهج المحقق الحلي في شرائعه.

فإذاً قاعدة المتشابه عرض المتشابه علی المحكم هي بنفسها بعبارة أخری قاعدة للتأويل و تحميل المحكمات علی الأخبار الآحاد المعتبرة بنفسها بدرجة ظلية و هو فحوی مبنی المتقدمين في إنكار حجية الخبر الوحد يعني شرعية الخبر الواحد تأتي من طريق المحكمات. المحكمات وحي أما الطريق المتواتر فضلا عن الطريق الواحد فحس و الحس لاتكون درجته بدرجة المحكمات و الضرورات الدينية.

مرت بنا هذه الإشارة أن الضرورة الدينية أعظم من التواتر لأن الضرورة الدينية صار تبدّه الوحي و تعقل الوحي وإدراك الوحي. المتواتر اكبر من الخبر الظني الواحد. فحفظ هذه المراتب والنظم الصناعي في مراتب الحجية إذا لم يحفظه الفقيه صار محدثا و إن نعظم المحدث لكن ماقال لانعد منكم راويا حتی بل قال لانعدمنكم فقيها لأن الفقيه يحكم المحكمات و الشارع جعل عموم المحكمات. الفصل الخطاب الأصول الدستورية. دائما يقول الائمة عليهم السلام الفقيه والفقيه يعني الفهيم. نفس القرآن يقول لولا نفر يعني الرواة و الغاية ليتفقهوا يعني ليصيروا فقهاء. ديننا بالمحكمات لابالمتشابهات. لايمكن أن لانقيم العموم و نطلب النص الخاص فقط. العموم أساس الدين و أصول التشريع العامة أساس الدين. الفقيه يعني عنده جهد جهيد في المعنی. معنی وضعي و معنی تكليفي و الحكومة والورود وغيرها. لازم أن يصير غواصا في الفهم. إذا جاءكم فاسق بنبأ، المدار علی ملكة الفقاهة فتبينوا و التبين بتوسط الموازين والقرائن والشواهد.

هذه قاعدة أخری شاهد علی قاعدة الجمع و هذه القواعد تتشاهد لاأنها مصداق الأخری، بينها في القالب الصناعي اختلاف لكن هي تشهد لبعضها البعض.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo