< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، القول المختار في مقتضی القاعدة، الدليل عليه، قاعدة التعريض

لنتعرض لتعريف اللغويين في قاعدة التعريض بإعتبار أن هذا الاستعمال ورد في القرآن، سواء بعنوان اللحن (ولتعرفنهم في لحن القول) أو عنوان التعريض (ولاجناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النساء) و هناك إتفاق بين المفسرين علی أن اللحن أو التعريض دلالة خفية جدا في حين أنها دلالة.

التعريض دلالة مع أنها خفية

طبعا أصل البحث أنه ربما الكثير يستغربون بأنه كيف هي دلالة ومع ذلك خفية شدة الخفاء؟ يتبلور في ذهنه أن الخفاء لاسيما مع شدته يتنافی مع الدلالة. هذا علی صعيد المقام التصوري و علی صعيد المقام التصديقي نفس الظاهرة أو التساؤل أيضا موجودة باعتبار أن هناك روايات مستفيضة و الآيات دالة علی أن لله عزوجل حججا ظاهرين مشهورين (لاتخلو الأرض من الحجة لله ظاهر مشهور أو خائف مغمور مكتتم مستور) هذا التقسيم في الحجج الناطقين عن الله ورد.

البعض يسأل: كيف هم الحجج و الحال أنهم مخفيون؟ مثل الغيبة. إمام حجة و هو في ستار الغيبة. الكثير يدعون أن هناك تدافعا و تناقضا، سواء علی مقام المرتبة التصديقية أو علی مقام المرتبة المعلنة و الظاهرة والحال أنه ليس هناك تنافي علی مستوی التصديقية فضلا عن المرحلة التصورية.

طبعا لله حجج غير معروفين سواء الأنبياء أو الأوصياء، حتی ربما لأبناء زمانهم. طبعا لايفتح الباب للدجالين أو الكذابين لأن الحجة حتی المغمور لايذعن بحجيته إلا بالدلائل والشواهد المعجزة. كون الحجة و الحجية لاتتنافی مع الخفاء الشديد لايصوغ الإذعان بحجية الحجة من دون الدليل. هذه زاوية ثالثة لاربط لها و دائما يصير خلطا.

أولا يمكن أن تكون الدلالة أخفی ما يكون. كيف الدلالة و هي خفية علی مقام التصورية و علی مقام التصديقية؟ هناك حجج تصديقية سواء صامتة أو ناطقة، يمكن أن تنقسم إلی ظاهرة أو مستورة. التعقل والعقل والوهم بأن هناك حججا مخفيين لايعني في المقام الثالث و الزاوية الثالثة من أنه يذعن بححجية الحجة من دون الدليل.

واحد قد يقول: إذا كانت الحجية تتوقف علی الدليل إذاً لازم أن يكون الدليل ظاهرا فكيف لايتنافی؟ الجمع بين هذه الجهات ليس تلاعبا. ربما كثير من الباحثين والأعلام يظن أنه إذا قيل بالحجج المخفية يعني أن يفتح باب الدجالين والكذابين والمزيفين و إذا قيل بأنه في الحجية لابد أن تعتمد علی الدليل إذاً لابد أن تكون ظاهرة و بينتا. لا، لايلزم أن يكون هكذا بل بينهما مراتب.

رحمة الله علی السيد المرتضی في كتابه الشافي يقول و يطرح سؤالا للمخالف: كيف جعلتم إمامة أميرالمؤمنين من أصول الدين؟ أصول الدين غير فروع الدين و غير اأكان فروع الدين. أصول الدين يعني لابد أن تكون الأدلة ظاهرة و بينة. ليست مسئلة سهلة. كل ما كان شيء أخطر فدلائله أكثر، فإدعائكم لكون الإمامة من أصول الدين كيف يسهل مع الدلائل المشوشة بأنها تامة أو لا؟ يعني نفس التساؤل تقريبا. يجيب السيد المرتضی و يقول: كل الأدلة قطعية و يقينية. هذا الجواب من الجهة الثالثة و الجهة الثانية هي أننا لانقبل بالحجة إلا بالدلالة مع ذلك أن الدلالة قد تكون خفية. يقول السيد المرتضی: نعم، الأدلة كلها قطعية ويقينية لكن لايعني انها لايكون فيها التباس و التشابه. اليقين و التشابه مثل الأخفاء. يقول: بسبب مشاغلة الظالمين و تعمدهم في تفسير القرآن بالرأي و إحداث الروايات المطلوبة في الطرف الآخر. هذه الروايات المتواترة في ولاية أميرالمؤمنين والآيات أصبح لها ضباب و سحاب لكن اذا ارتفع هذه السحب تنظر إذا هو شمس ضحی وبرهان اليقين، فما فيه تنافي. هذا تعبير من الشريف المرتضی في كتابه الشافي.

فالمقصود أنه لاتنافي بين أن تكون حجة تصديقية، حجج لله -مثل آباء و أجداد النبي، كثير من علماء النبي صلی الله علیه و آله صرحوا بأنهم أوصياء و أصفياء، لكنهم مغمورين و أنهم مهمتهم هو الدور الخفي لا الدور العلني، نعم لابد في القول بحجيتهم و وجودهم في الدائرة الإصطفائية من دليل قطعي لاالظني و هو موجود وخفي عن كثير من طبقات العلماء، لأن أبواب العلم كثيرة طبعا الكثير وقف و صرح لكن الكثير أو الأكثر لم يصرحوا بهذا البحث لكن هذا ينافي وجود الدلائل.و ذكرنا في كتاب الدائرة الاصطفائية جملة من العلماء التفتوا إلی هذا المطلب- لاتنافي بين أن تكون حجة مع ذلك تكون خفية، ما فيه تناف وقابل للتصوير. طبعا في الروايات ذكر أن مصدر حجيتهم علی الآخرين علمهم الذي يبثونه و ينشرونه بغض النظر عن شخوص أشخاصهم، هذا بيان عقلي صناعي ظريف.

إجمالا، إذاً أصل الدلالة مع أنها دلالة خفية ما فيه أي مانع. هذا بحث مهم طبعا أثرناه في بحث الظهور، يعني بعض تبنی علی أن كل التأويل هو درجة من درجات الظهور لكن الظهور الخفي أو الظهور التقديري. فالحجة الخفية تعني دليلا لمن يقف عليه و يستبين الدليل، لكن ليس بمعنی أن يكون كل دليل متناولة إلی الأيدي . رسم للحجية بهذا النمط شخصه مايری لكن أثرها يكون له دور.

الدلالة الخفية (التعريض) تنضبط بالضوابط و القواعد

المقصود نرجع إلی الدلالة الخفية: فالدلالة الخفية حجة و لاننفي أن تكون دلالة لمن ينقب و يبحث و يقف عليها لانسلم بأنها الدلالة من دون أن تنضبط عليها موازين الدلالة، لكن ليس بالضروري أن تكون هذه الضوابط التي تنضبط و تترتب لديه تكون ظاهرة للبقية. شبيه الناقد الأدبي ( كل النقاط التي ذكرناها من إبتداء بحث التعارض إلی هنا، كلها دلائل و تهيئة علی هذه القاعدة «الجمع مهما أمكن أولی من الطرح» و قاعدة التعريض و لذلك حتی في زمن الجاهلية كانت هناك مسابقات في الأدب تعقد في سوق العكاظ في أيام الحج وهذه المعلقات السبع نتائج تلك المسابقات و كل عام يخلون حكما أدبيا و ناقدا أدبيا يختلف و بعض النقاد كانوا من النساء يعني في الجاهلية كانوا يضعون دورا للمرأة إلی حدّما) هذا ليس فقط في لغة العرب بل كل اللغات، مثلا في الأدب الانگليزي شكسبير و في اللغة الفارسية فردوسي، معنی ذلك أن مراتب الأصول إلی النقد الأدبي ليس شيئا سهلا. لمَ يتفرد الناقد الادبي؟ يعني يستطيع أن يكتشف من الدلالة في الألفاظ بتوسط موازين اللغة لاأنه من نفسه بحيث لو سئل يجيب عن شواهده، لكن يستطيع أن يصل إلی مالايصل اليه الآخرون، فهذا جزء الدلالة والظهور و المراتب و مافيه مانع. إذاً الظهور يمكن أن لايصل إليه غيره لأن قدرته تختلف عن البقية.

أن الظهور ليس بحسب قدرة العرف

من الأخطاء الشائعة حتی عند الأعلام -لارواد الأعلام- أن الظهور العرفي أو الظهور هو حسب قدرة العرف وهذا خطأ شائع و جدا خطير. يعني ليست قدرة العرف تحكّم في الظهور، هذا خطأ شائع علمي. قدرة العرف لاتحكم في الظهور بل علوم اللغة الموجودة في ارتكاز العرف تلك العلوم اللامتناهية تحكّم، لاقدرة العرف علی استعمال تلك اللعلوم. بين الأمرين بون بعيد. خطأ شائع بين كبار العلماء لارواد الاعلام. إن العرف يحكم؟ قدرة العرف تحكم في الظهور في الإستنباط؟ هذا خطأ. قدرة العرف لاتحكم و الا لسقط القرآن عن الإعجاز العياذ بالله. لاتحكم قدرة العرف في استثمار قواعد اللغة بل إنما الذي يحكم ما يخزنه العرف من العلوم وقواعد العلوم اللغة و بين الأمرين بون بعيد. قواعد تلك العلوم تحكم لاقدرة العرف في استثمار تلك العلوم. كبار من العلماء يشتبهون بين الامرين.

كيف يسير أن العرف يحمل قواعد علوم اللغة في إرتكازه وهي قواعد وعلوم لامتناهية؟ يمكن أن يكون شيء لامتناهي في ارتكاز الإنسان لكن هو لايستثمره بنحو لامتناهي، مثل ما أشار اليه القرآن الكريم: «الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان» أول ما يقول هو علم القرآن و بعده خلق الانسان . سورة الرحمن عروس القرآن يعني فيها جمال أفعال الله. في الرتبة الثالثة علمه البيان. هذا البيان شيء معجز يعني لامتناهي. هذا اللامتناهي في أي لغة من لغات البشر هذه عطية و كرامة من الله بالإنسان أو الملك أو كل ذي عقل حتی الجن لامثل الإنسان، الانسان يتميز. فإذاً علوم و قواعد علوم اللغة التي يحملها العرف جيلا بعد جيل لامتناهية و الذي يستثمره تمام الإستثمار القدرة الربانية في القرآن فلذلك أعجز عنه البشر. معجزة القرآن في البلاغة هي أن القرآن إستخدم لامتنهايا بإستثمار اللامتناهي يعجز عنه البشر. لكن كل من البشر يغوص أكثر فأكثر يستخرج من هذا النظام اللامتناهي أكثر من غيره ولايصل إلی قدرة المعصوم.

فإذا معنی أن الظهور عرفي ليس قدرة العرف و إلا قدرة الفقهاء علی الإستنباط تختلف عن قدرة الرواة. إذاً استظهار الفقهاء ليس بحجة؟ طبعا حجة. فيه تفاوت .قدرة الرواة علی الإستظهار أكثر من عوام الناس عوام الناس أيضا طبقات. بعض الطبقة أمية في هذا المجال. قدرة العرف ليست ميزانا و لاقدرة العلماء، الميزان نفس قواعد اللغة. عند شخص قدرة علی إستثمار الموازين سواء لغوية أو القواعد الأصولية أو الفقهية أكثر من غيره. بحسب كل باب. العلوم كلها أيضا هكذا. علوم الفيزياء علوم الكيمياء، لم هذا النابغة يتفرد؟ يستثمر قواعد العلوم لإستكشاف المجهولات بقدرة أكثر من غيره. من الخطأ الكبير أن نظن أن علوم اللغة تختلف عن العلوم الأخرى. إن علم اللغة المحكم فيه ليس هو العرف، بل العلم المخزون عن إرتكاز العرف ذلك المحكم لا أن العرف وقدرة العرف هي المحكمة. فرق بينهما وإنما أركّز علی هذا المطلب لأن كبار الأعلام غفلوا عن هذا المطلب مع ذلك رواد الفحول ما غفلوا عن هذا المطلب. هذا ناموس باب الظهور. إذا لم نتقنه لانلتفت اليه.

و للبحث تتمة ان شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo