< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، القول المختار في مقتضی القاعدة و ادلته. الدليل السادس و السابع و الثامن

تتمة الدليل السادس

كنا في سياق الأدلة الكثيرة المتكاثرة الدالة علی هذا القول و هو أن مقتضی القاعدة هو أن الجمع مهما أمكن أولی من الطرح، فوصل بنا المقام إلی هذا الوجه؛ التصرف في الدلالة عند دوران الأمر بين الدليل اللفظي و الدليل اللبي.

الدليل اللفظي مقدم علی الدليل اللبي و الدلالة الإستعمالية أو المدلول الإستعمالي و الدلالة و المدلول التفهيمي و الدلالة والمدلول الجدي دلالات لبية و ليست دلالات لفظية فهذه الدلالات اللبية عند دوران الأمر بين التصرف فيها أو التصرف في الدلالة التصورية من الواضح انه يتعين التصرف في الدلالة اللبية و ليس التصرف في الدلالة اللفظية، لأن الصدور يأمن صدور الألفاظ ليس إلا، فالدلالة التصورية و اللفظية التكوينية عبارة أخری عن الصدور أو الطريق فالتصرف في نفس الدلالة التصورية و هي الدلالة اللفظية أو الصدور يكون بلحاظ الألفاظ التصورية، فإذا دار الأمر بين التصرف في الدلالة التصورية أو التصرف في الدلالة الإستعمالية و التفهيمية و الجدية من الواضح انه يتعين التصرف في الدلالة اللبية و ليس التصرف في الدلالة اللفظية. هذا علی مقتضی القاعدة. فكيف أن مقتضی القاعدة هو التساقط؟ فالصحيح أن مقتضی القاعدة ليس التساقط بل الصحيح هو التصرف والتأويل في الدلالة اللبية. لأن الدلالة اللبية لبية و أي شيئ يقف أمامها مانعا يضيقه لا أنه يوسعها.

فائدة صناعية

هذه فائدة صناعية علمية لاباس أن أذكرها. و هي أن الدلالة الإستعمالية لبية و الدلالة التفهيمية أكثر لبية و خفية و الدلالة الجدية اكثر خفاءا و أكثر لبيا، مما يدل علی أن التصرف في الدلالة الجدية أسهل من التصرف في الدلالة التفهيمية و التفهيمية أسهل من التصرف في الدلالة الإستعمالية، لأن التصورية منضبطة بالألفاظ ونظام الألفاظ و هلم جرا، كذلك الاستعمالية و في التفهيمية قواعد وقوانين علم البلاغة. ما بين منطقة الإستعمالية و التفهيمية يأتي علم البلاغة وبين التصورية و الإستعمالية علم النحو وعلم الإشتقاق و مفردات اللغة. نفس علوم الادب تتوضع في هذه المواضع. أما في مرحلة مفردات العلوم التصورية و مفردات علوم اللغة بين التصورية و الإستعمالية يبدأ دور علم النحو و الصرف و بين الإستعمالية و التفهيمية يبدأ دور علم البلاغة و بعد ذلك من الإستعمالية و التفهيمية إلی أن يصل إلی الجدية يبدأ دور علم الأصول و العلوم الدينية الأخرى.

نرجع؛ إذاً بينهم مراتب أولا و يجب أن تراعی و من جهة أخری الدلالة اللفظية مقدمة علی الدلالة اللبية، فكيف يسير مقتضی القاعدة هو التساقط؟ أصلا لاوجه صناعيا له بل متقضی القاعدة هو التصرف في الدلالة الجدية و التفهيمية أو الإستعمالية لاأن مقتضی القاعدة هو التساقط يعني إسقاط الدلالة التصورية. هذا خلاف القواعد التي هم بنوها يعني بالنسبة إلی الميرزا الناييني و مابعده أو من قبله ممن قال بهذا القول وهو نادر و قليل.

الدليل السابع: في الحقيقة ببين أن المشكلة هي التناقض و التعارض، مع أن المشكلة ليست مشكلة بل المشكلة تستثمر كفائدة قبل أن تستثمر كمشكلة. بهذا التقريب: ان نفس التنافي قرينة تصورية أو الإستعمالية أو ما شئت فعبر نفسه قرينة علی أن تتصرف في الدلالة التفهيمية أو الجدية لا أنها تصبح معيقة عن الحجية. فيه أحد القرائن المحتفة بما هي الحجة، نفس التنافي أحد القرائن.

لايشكل في التنافي في الدلالة التصورية بأنه موجب لتساقط الحجج بل هو موجب للقرينة بالدلالة في الحجج. شبيه العلم الإجمالي الموجود عند تكلم متكلم بعدة كلمات و عندك علم إجمالي بمراد معين عنده، لاريب أن هذا العلم الإجمالي قرنية إجمالية حاكمة علی الخطابات التفصيلية في الموارد المتعددة التي يذكرها.

كيف العلم الإجمالي هكذا، هكذا في المقام، في المقام أن نفس التنافي والتناقض ليس هو السبب للإسقاط و التساقط بل بالعكس هو قرينة جدية أو قرينة تفهيمية علی أن مراد المتكلم ليس علی طبق الدلالة التصورية المتدافعة مادام هو ملتفتا و أدل دليل علی ذلك موارد عديدة و هي موجودة في أبواب الفقه من أن الإمام يتكلم بقضيتين لاسالبة كلية و موجبة جزئية متناقضة -نقيض السالبة الكلية هو الموجبة الجزئية و نقيض الموجبة الكلية السالبة الجزئية- بل في موارد عديدة الإمام عليه السلام لكي يمتحن فهم هذا الفقيه و هذا الراوي يدلي سالبة كلية و يدلي موجبة كلية مع أنهما أبين بالتباين. موارد عديدة ذكرها صاحب الوسائل في نفس أبواب صفات القاضي من الباب الخامس إلی الباب الثاني عشر باب عقده صاحب الوسائل لهذا النموذج أن الإمام في مجلس واحد أمام راوٍ أو رواة يمتحن مدی فهمهم و خبرتهم في الإستنباط فيدلي بوجوه متعددة حتی زرارة. زرارة لم يقبلها ربما في بدايات تربيته بيد الإمام عليه السلام فقال الإمام عليه السلام: أين انت يازرارة؟ أما وجدتي قلت له كذا؟ هذه قرينة. في المرتبة الأولية سالبة كلية و موجبة كلية لكن بالتدبر و التمعن يوجد القرائن.

إذاً القاء الكلام المتنافي تصورا معهود عند الائمة عليهم السلام و مع ذلك ليس المراد الجدي علی طبقه فإذاً التنافي بدل أن يفرض و يدعی أنه موجب للتساقط بالعكس هو قرينة بينة سارخة علی أن المراد الجدي شيء آخر و علی أن المراد التفهيمي فيه تقويم لا أنه موجب للتساقط. ليس ممتنعا أن يتكلم و هم مرات و عشرات أمام كبار تلاميذهم لاصغار تلاميذهم عندهم هذا الدأب . بالتالي ليس هذا شيئا متنافيا.

المقصود أن هذه الموارد ليس فيها التناقض مع أن كلا الكلامين صادقان و هذا يحمل علی جهة و الآخر يحمل علی جهة أخری، هذا في كلام غير المعصوم فكيف في كلام المعصوم؟ فإذاً أصل التنافي والتناقض بدل أن يكون عزمة و فرصة يكون نداء من المتكلم علی أن تكون الدلالة الاستعمالية أو التفهيمي أو الجدية ليست علی طبق التصورية. إذاً أصل التنافي هو الموجب للفحص والتفتيش عن قرينة اتكأ عليه المتكلم في ايصال المراد الجدي وأنه لايوصل المراد الجدي بمجرد الدلالة التصورية والإستعمالية. فما أكثر هذا في الأبواب و شيء معروف لديهم.

لاحظوا هذه الشواهد كلها شواهد علی مقتضی القاعدة الأولية يعني لو كنا نحن و الأدلة العامة علی حجية الحجج من دون الأدلة المعالجة و يجيء في الأدلة المعالجة الموضوعية إلی ماشاءالله شواهد ربما عشرين قرينة توصل. الآن نحن فقط في الأدلة علی مقتضی القاعدة الأولية و الأدلة العامة. التساقط خلاف الصناعة ومقتضی القاعدة.

الدليل الثامن: من الأخطاء الشائعة الصناعية الموجودة عند المعاصرين علی خلاف مبنی طبقات قرون علماء الامامية خطأ يؤدي إلی القول بالتساقط و بخلافه شيء صحيح يؤدي إلی القول بالجمع.

الخطأ الموجود في النظرة الصناعية التي فيها غفلة في هذا القرن الأخير ولو الخطأ لابمعنی أنهم يصرون عليه لكنه خطأ غفلوي هو أننا نتعامل مع كيان حجية الخبر الواحد أنها حجة واحدة. أن الخبر الواحد حجة واحدة هذا خطأ صناعي كبير جدا.

الخبر الواحد فيه إحدی عشر حجية في الطبقة الواحدة، مثلا كليني عن علی بن إبراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة ستة طبقات و ست أخبار طولية. في بحث حجية الخبر الواحد الشيخ الانصاري بحث هذا البحث توالد الخبر من الخبر. شبهة الدور والتسلسل في الرسائل و الكفاية. هناك جواب يذكروه أنها بالدقة ستة أخبار طولية و ليس خبرا واحدا، تسمی خبرا واحدا إلی أن يصل إلی المحمد بن مسلم عن الباقر و الصادق عليهما السلام. هذا الخبر الأخير و كل طبقة أخری فيه إحدی عشر حجية مركبة و ليست حجية واحدة. المأنوس لدی الأذهان حجية الصدور و حجية الدلالة و حجية جهة الدلالة. هذه الثلاث تقسيم إجمالي، مرارا و كرارا كررنا إحدی عشر حجية موجودة مركبة، مجموعية تكون حجة.

إذاً إذا كان إحدی عشر حجية موجودة في البين طريقة التعامل معها تختلف عن أن تقول أنها حجة واحدة و مقتضی القاعدة هو تساقط يعني إسقاط حجية الصدور، ما الموجب لتعيين السقوط أو التعارض أو التناقض في حجية الصدور؟ وترك بقية الحجج علی حالها مادام حجيت الخبر الواحد ليست واحدة؟

السيد الخويي رحمه الله مع احترامنا العظيم له و مديونية الحوزة العلمية له، في مبانيه الرجالية و نقاشاته العلمي يتعامل مع الحجة انها الحجة الواحدة و لايقبل التراكم وجبر السند و جبر الدلالة. هذه النظرة لحجية الخبر الواحد نظرة خاطئة صناعية غفلة صناعية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo